الشام مربط النظام العالمي عبر العصور

syria-akhir-azzaman
الجهات الاربع – الشام في آخر الزمان

الجهات الأربع في أحاديث آخر الزمان

(4) الشام – مربط النظام العالمي عبر العصور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل أكثر من 4000 سنة ، أمر الله سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام
أن يغادر أرض العراق و أن يهاجر إلى الشام
وكانت تلك الهجرة هي طوق النجاة الإلهي لخليل الرحمن
الذي اصطحب معه في هجرة النجاة إلى ارض الشام ابن أخيه النبي لوط عليه السلام
“ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ”
/ الانبياء ، آية 71 /ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الله سبحانه و تعالى وصف الشام في تلك الآية بأنها الأرض التي بارك فيها للعالمين .
فرب الأرض قد بارك في الشام لكل بني البشر
و ليس فقط للعرب ، أو الكورد ، أو السريان
فالشـام ليست ملكية خاصة
الشام هي أرض يشبه وضعها وضع أراضي الأوقاف
هي وقف إنساني
بل هي وطن صغير يختزن في داخله تاريخ الإنسان ، كما تختزن البذرة سجلا كاملا للجينات الوراثية للنبات
الشام هي بذرة هذا الكوكب .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الله الحكيم اصطفى من مخلوقاته آدم ، ليكون هذا المخلوق الطيني و بذرته البشرية ، الخلفاء في الأرض
و قال للملائكة ” إني أعلم ما لا تعلمون”
و اصطفى من بني آدم سيدنا محمد – النبي العربي الأمي – ليكون حامل الرسالة الأخيرة و العالمية
ليس لقومه فحسب ، وليس لزمانه فحسب ، بل هي رسالة عالمية لكل بني الإنسان ، في كل زمان ، وفي كل مكان ، حتى نهاية الأكوان .
و اصطفى من المدن ، مكة المكرمة ، أم القرى القابعة في وادي غير ذي زرع ، لتكون قبلة المسلمين في صلاتهم وحجهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و اصطفى من بقاع الأرض المترامية الشام لتكون الأرض التي بارك فيها للعالمين ،
و لتكون مسرح الأحداث في آخر الزمان
و شاطئ الأمان حيث ترسو سفينة النجاة من هلكة العرب
و هي أرض المحشر و المنشر ، و عقر دار الإسلام
والمكان الذي ستوضع فيه الأسس لعودة الخلافة الراشدة العالمية على منهاج النبوة

و الى الشام حث الرسول عليه الصلاة و السلام الأجناد المجندة بالجهاد لأنه فيها سيكون فسطاط المسلمين يوم الملحمة ، والإيمان عندما تقع الفتن في الشام ، وهي خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده ، وهي الترمومتر الذي يقيس درجة الخير المتبقية في الأمة ، وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم
وفي الشام توجد الطائفة المنصورة القوامة على أمر الله و الظاهرة إلى يوم القيامة على الحق ، و التي لا يضرها من خذلها

و في آخر آخر الزمان سينزوي كل عنصر إلى أصله و تكون بقية الماء و المؤمنين في الشام
الله سبحانه و تعالى اصطفى الشام لتقوم بهذه الأدوار العظيمة في آخر الزمان و حماها بدرع ملائكي
و هو – سبحانه و تعالى – يعلم ما لا تعلمون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لماذا الشام ، ولماذا اهل الشام ؟
الحديث طويل و متشعب ، ولكن لنبدأ بالتاريخ و الجغرافيا
فالشام – بموقعها الجغرافي و قيمتها التاريخية و الحضارية – كانت و لا زالت مربط النظام العالمي عبر العصور ،
ومن يسيطر عليها تكون له الكلمة العليا في سياسة العالم

و هذا يفسر لماذا يصر العالم اليوم على التآمر على ثورة الشعب السوري و تثبيت النظام النصيري الخائن في مكانه
و لماذا يستمر الظلم على الشعب الفلسطيني منذ قرن
و الرسول عليه الصلاة و السلام كان يعلم أن الشام هي مربط النظام العالمي عبر العصور
لأن الأرض ما بعد تحرير الشام لن تكون كما كانت قبلها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الإسلام كانت الشام ساحة للتجاذب بين القوى و الإمبراطوريات الكبرى في العالم القديم
آشوريين ، حثيين ، فراعنة ، فرس ، يونان ، رومان ، و بيزنطيين
و السيطرة عليها كان يعني انك الرقم واحد في الساحة العالمية آنذاك
و قد شهدت الشام كذلك في فترات تاريخية متقطعة نشوء ممالك محلية ، كانت كذلك الرقم واحد على صعيد العالم ولا سيما على الصعيد الحضاري

كالفينيقيون الذين كان تأثيرهم الحضاري و العلمي و التجاري أهم بكثير من قوتهم العسكرية
و الآراميون الذين تحدث بلغتهم السيد المسيح و أحدثوا عولمة ثقافية و لغوية في المشرق كله في القرون الأولى قبل الميلاد و بعده
ومملكة سليمان الذي آتاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، و بدأ ملكه من الشام وفيها انتهى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بعد الإسلام كانت الشام الإقليم الأول الذي حرره المسلمون بعد الجزيرة العربية ، ودخول الشام في الحقبة الإسلامية وتسلم عمر بن الخطاب بنفسه مفاتيح القدس ، جعل من المسلمين القوى الأولى على مستوى العالم لعدة قرون ، وعندما كانت تخرج من يد المسلمين لفترات (قصيرة ) بالنسبة لعمر الدهر كما في الحملات الصليبية ، ثم الإجتياح المغولي

لا تلبث أن تعود إلى حضن الاسلام بعد ان يعود المسلمون إلى دينهم و يحرروها ، وكانت القوى الصاعدة الإسلامية تعزز زعامتها للعالم الإسلامي بتحرير الشام ، كالدولة الأيوبية ، فالمماليك ، فالعثمانيين .
و استمر الوضع هكذا حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما صارت الدولة العثمانية الرجل المريض و تداعت عليها الأمم الجائعة ، و كانت الشام من نصيب القوتين العظميين في ذلك الوقت بريطانيا و فرنسا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بخروج الشام من الملك العاض بعدما اندلعت فتنة السراء -او ما يسمى بالثورة العربية الكبرى- و التي كان دخنها من تحت قدمي الشريف حسين الذي تبرأ منه رسول الله صلى الله عليه و سلم
دخلت الشام المقسمة في الحكم الجبري ، ونصب على ولاياتها الجديدة حكام قساة يصفهم الرسول بأنهم كورك على ضلع ، و يتكادمون على السلطة تكادم الحمير

و قد كافئ المستعمر الخونة الذين ساعدوه على انهيار الدولة العثمانية من الاقليات التي كانت تعيش في الشام
فقد كان هناك توزيع ، او (تقسيم) ادوار للجوقة التي أدارها السيناريست الفرنسي بيكو و المخرج الانكليزي سايكس
و بعد دخول الجنرال البريطاني ادموند اللنبي القدس بمعاونة قوات الشريف حسين من بوابة حيفا
قال كلمته الشهيرة

the wars of the crusades are now complete

” لقد اكتملت الحروب الصليبية الآن”

اما الجنرال الفرنسي غورو فقد دخل بقوات فرنسية إلى ما يسمى اليوم بـ سوريا و تطوع في القوات الفرنسية الكثير من موارنة جبل لبنان و النصيريين العلويين في جبال الساحل السوري
وبعد معركة ميسلون احتلت فرنسا عاصمة الشام دمشق
و التي ما أن وصلها الجنرال غورو حتى توجه إلى قبر صلاح الدين الأيوبي ، و وضع قدمه على القبر و قال الكلمة الشهيرة التي وثقتها كتب التاريخ

” ها قد عدنا يا صلاح الدين “

“nous avons revenir “ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد اشترك في اللعبة القذرة الموارنة ( وهم عرق خليط من التزاوج بين السريان المستعربين الذين تمردوا على الكنيسة السريانية الارثوذكسية الام و دانوا بالتبعية لروما الكاثوليكية مع بقايا المستوطنين الفرنجة بعد الحملات الصليبية )
و كذلك يهود الدونمة الذين تغطوا بالقومية التركية وحافظوا على معتقداتهم اليهودية الحاقدة و كان منهم مصطفى كمال اتارتورك

و النصيريين العلويين وهم من من الديانات الباطنية الأشد كفرا و شرا و انحطاطا أخلاقيا في العالم
و انضم إليهم الشريف حسين كغطاء عربي و إسلامي ، وتحالف معه بعض الأعراب -البدو – الأشد كفرا و نفاقا و الأجدر الا يقيموا حدود ما انزل الله
و بعد خروج الشام من المظلة العثمانية تم تقسيم هذا الاقليم و حذف كلمة (الشام) من التداول وتم تغييبها في مجاهل التاريخ

وتقاسمت الأقليات المتآمرة السيطرة على اجزاء الجسد الشامي بعد أن هيأهم المستعمر للقيام بالدور الجديد
و كوفئ العملاء السابقون الذين ساهموا في تأجيج فتنة السراء بأن وضعوا في حكم الكيانات الجديدة التي اخترعوها في الشام بما يضمن الاستمرار بالخطة ..
فسلّم الإنكليز فلسطين إلى المستوطنين اليهود

و قامت فرنسا بإعطاء الموارنة الكيان الذي كانوا يحلمون به منذ أن قضى صلاح الدين الأيوبي على مستعمرة أجدادهم ، و اقتطع هذا الكيان أيضا على حساب الشام و سمي على اسم أحد جبالها … لبنان
و عمل هؤلاء (القوميون العرب أيام الدولة العثمانية ) على طمس معالم لبنان العربية والإسلامية ، و على فرنسته ، و نشر القيم الأخلاقية الأوربية ونمط الحياة الغربي ، و الإباحية

و لا تزال المارونية السياسية تدير لبنان ، و أيضا تدير ثقافيا – وبالقوة الناعمة – بقية العالم العربي كما يشتهي الحلف الصهيوني ( اليهودي – المسيحي ) حتى الآن.
و من يتأمل اليوم وضع المجتمع اللبناني من الناحية الأخلاقية و الدينية و الثقافية سيقول بلا شك أن لبنان بحاجة إلى فتح إسلامي جديد …

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهاشميون أيضا أخذوا حصتهم من الوطن الشامي ، فاخترعت لهم دولة على اسم احد انهار الشام (وهو نهر الأردن )
و وضعوا هناك ورسمت حدود دولتهم بهذا الشكل وهذا الموقع الجغرافي كي يقوموا بدور تأمين الحدود الشرقية الطويلة جدا لإسرائيل ، وهي أطول حدود بين إسرائيل و جيرانها العرب
و أيضا كي يلعب الأردن دور قاطع الطريق في حال حدث خطأ غير متوقع في الخطة ، أو في حال خرج احد اللاعبين عن النص المكتوب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و بقيت سوريا و هي اكبر أقاليم الشام ، فقامت فرنسا بتقسيمها إلى 5 دويلات طائفية:
دولة حلب ، دولة دمشق ، دولة النصيريين في اللاذقية ، دولة الدروز في السويداء ، و الدولة الخامسة هي دولة اسكندرون ثم قامت فرنسا بإعطاء تركيا العلمانية بقيادة أتاتورك دولة اسكندرون (هاتاي حاليا) ، لتجعل منه بطلا في أعين الأتراك .
لكن ليس هذا هو السبب الوحيد ، فلواء اسكندرون تقع فيه سهل العمق (أو الأعماق التي ذكرها الرسول في معرض حديثه عن الملحمة ) وعاصمته مدينة إنطاكية التاريخية ، وهي المقر التاريخي للكرسي البطرياركي للكنيسة السريانية انتقاما من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية التي تحالفت مع المسلمين ضد الحملات الصليبية ، على عكس الموارنة الكاثوليك

*** و الكنيسة السريانية هي كنيسة مشرقية مستقلة لا تتبع لبابا الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في القسطنطينية ، ولا تتبع أيضا لبابا الكنيسة الغربية الكاثوليكية في روما
و مقرها الجديد حاليا هو في دمشق ، ولغتها الكنسية هي لغة السيد المسيح ****

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بقي في الشام 4 ولايات أو دويلات صغيرة
أحبط الحلبيون و الدمشقيون خطة التقسيم الفرنسية ، و انضمت إليهم دويلة الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرش .
و بعد أن فشلت فرنسا في مشروع تقسيم سوريا (أو ما تبقى منها) وجدت الحل البديل في الطائفة النصيرية التي كانت تتركز في جبال الساحل و نسبتها حوالي 6 -8% من عدد السكان في ذلك الوقت
فأطلقت عليهم اسما جديدا هو العلويين وهو اسم يُـسهّل عملية تسللهم إلى الإسلام من البوابة الشيعية
و فتحت لهم أبواب التطوع في الجيش و الشرطة و القضاء
و اطلقت يد النصيريين في نهب و افساد سوريا
و كان دورهم الأكثر بطشا و قذارة و وحشية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و استمر الوضع هكذا خلال الحرب الباردة حيث تقاسم قطبي العالم النفوذ على الشام.
و اليوم القوة الصاعدة الجديدة -اسرائيل- هي التي تحكم الشام
لأننا اليوم في آخر الزمان ، و تحديدا في المرحلة الإنتقالية التي يستشرس فيها الحكم الجبري ، وينتفض انتفاضة الموت قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، في الفترة التي تعلو فيها اسرائيل علوا كبيرا لذلك فنحن نعلم و كذلك كل من يصدق النبي محمد (عليه الصلاة و السلام) يعلم أن ما بعد الحكم الجبري هو خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة ، وان تلك الخلافة ستنزل الارض المقدسة و تحرر القدس وتتخذها عاصمة لها

إسرائيل الصهيونية التي تعلو علوا كبيرا اليوم و تدير العالم عن طريق اللوبي الصهيوني الذي يسيطر على الدول الكبرى في العالم هي من يثبت النظام النصيري -الحليف القديم – في سوريا
و يثبت بقية كلاب الحراسة في الاقاليم المحتلة
فليست فلسطين فقط هي المحتلة ، وإنما سوريا محتلة ، و الأردن محتل ، و لبنان محتل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكن ما هي الادوار التي ستلعبها الشام في آخر الزمان ، وكيف ستغير وجه العالم ، من سيسكنها في المستقبل ، وهل ستتوحد ام سيزداد تقسيمها

ومن سيوحدها ، السفياني ام المهدي ؟

و كيف صور لنا الرسول عليه الصلاة و السلام الشام في المستقبل؟ــــــــــــــــــــــــــــــــــ نـور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للحديث بقية

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 − ثلاثة =