سجال بين فهد العجلان ونواف القديمي حول الخلاف الفقهي

 فهد العجلان / نواف القديمي

فهد العجلان

يهوّن بعض الإخوان من بعض الأحكام الشرعية لوجود خلاف فقهي فيها، ودائماً ما يكون هذا مبرراً للتقليل من جهود أهل العلم والفضل في العناية بأمرها.

لا أدري .. لو جاء أحد فهوّن من قضايا البيعة والاختيار والشورى ونحوها بدعوى الخلاف الفقهي – فيما فيه خلاف- ومال فيها إلى بعض الآراء الفقهية التي لا تخفى في هذه المسائل .. هل يكون (حاله) هنا .. كحا…ل من يختار الأقوال الفقهية .. أم لا ؟

نواف القديمي

سيكون حاله يا صديقي كحال من يرى أن قتل عشرة آلاف عالم ومثقف هو أمر مشروع بحجة جواز قتل المبتدع .. حينها سنقول له: هذه المسألة مرعبة لأن فيها تسويغ لسفك الدم الحرام وانتهاك الأنفس المعصومة ، وهو فعل من كبائر الذنوب التي عظّمت الشريعة من جرم انتهاكها.

فهل يتساوى عندك الخلاف بين مسألتي (من يرى جواز كشف الوجه) بمن يرى (جواز قتل المبتدع)؟

بالنسبة لي ا… لأمر يختلف تماماً بين مسألتين .. ما يدور في الإطار الشخصي دون التعدي على الآخرين (جواز كشف الوجه / اللحية / الموسيقى المجردة “أي دون فحش في القول / ….الخ) وهنا نقول القاعدة التي قررتها المذاهب الأربعة (لا إنكار في مسائل الخلاف).

ومسألة أن الخلاف يُفضي إلى التعدي على الناس وظلمهم وسفك الدماء المعصومة ، عندئذٍ يكون الخلاف هنا في مواجهة قطيات الشريعة الواضحة المُحكمة .. الشريعة أجازت النطق بالكفر من أجل حفظ الجسد الشخصي (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) ، فكيف يكون الأمر حين تُفضي المسألة إلى الظلم والتعدي على آلاف الأجساد بسجنها أو ظلمها أو سفك دمائها.

وأنا أود لو أستنير برأيك يا صديقي..
هل ترى أن (مجرد وجود خلاف في مسألة) هو يعني مشروعية الإنكار على من أخذ برأيي لا نتفق معه فيه؟

عندها يجوز لنا أن نُنكر على من يرى جواز كشف الوجه والأخذ من اللحية (باعتبار وجود من يرى عدم الجواز) .. ويجوز أن نُنكر على من يرى جواز تعليم البنات في مدارس حكومية (باعتبار أن ثمة من يرى حرمة ذلك) ، ويجوز أن نُنكر على من يرى جواز أن تقص المرأة شعرها (باعتبار أن هناك من يرى حرمة ذلك)؟

أفتونا مأجورين 🙂

فهد العجلان

أهلا بأبي أحمد.

لو نحصر النقاش في هذه الجزئية حتى نستطيع ان نتفاهم بشكل محدد.

ولا أرى معنى لإحضار مجزرة (10000… ‪) عالم هذه التي ترددها دائماً، لأنها من قبيل لازم المذهب وقد علمتنا كثيراً أنها ليست من قول المذهب، كما أنّها متعلقة بالمصلحة فإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فلا يوجد مجنون -فضلاً عن فقيه -يجيز مثل هذا ، إلا أنّ دللتني على واحد قال بها، وهي مع كلّ هذا رأي فقهي مخالف لرأي جماهير الفقهاء، فلا أرى معنى لحماستك الشديدة في التشبت به وكأنّه من الأصول المفصلية.

نعود لمسألتنا:

ذكرتَ أن الفرق يمكن في (الجانب الشخصي) و (الجانب المتعدي)

فمعناه: أنّ الخلاف حين يكون شخصياً فلا إنكار فيه، وحين يتعدّى ففيه إنكار.

– وأنا أسأل : هل العبرة بكونه (متعدياً) أو غير (متعدّي).

أو لأنه (مخالف للنص) أو غير (مخالف).

لأنّك ذكرت أنه يخالف قطعيات الشرعية، وهذه يعني أنه يخالف النصّ، وبالتالي فحتى كثير من المسائل الشخصية هي مخالفة للنص الشرعي ولا فرق، وما فيه تعدّي منه أحكام قطعية وظنيّة كما ان المسائل الشخصية فيه أحكام قطعية وظنية،

وهذا اعتبار (للنصّ) في الحكم، وهذا ما أريد تقريره، فالعبرة بالنصّ الشرعي لا فرق بين القضايا الشخصية ولا المتعدية ولا الحقوقية، مع تقدير قوّة النص وقوّة الخلاف فيه ومصلحة الحكم .. بلا شكّ أنها معتبرة، لكنّ لا يصح أن يكون (الخلاف) بحد ذاته سبباً لإيقاف العمل بالنص.

– ثمّ إن وصف التعدي هذا مبني على رأيك في المسألة، وهو يخالفك ، لأنه يرى أنّ فعله ليس تعدياً بل شرع وفقه في الدين،

وإلا .. فمن حقّ بعض المعاصرين أن ينكروا على الصحابة قيامهم بجهاد الطلب لأن فيه تعدّ على الناس، وينكروا الحدود الشرعية لأن فيها تعد، وينكروا حدّ الردّة لأن فيه قتل وسفك للدم، وينكروا منع شرب الخمر والزنا والربا لأن فيه تعدّي على الآخرين .. الخ.

فوصف التعدّي وصف مناسب في الفكر المدني المعاصر لأنه يعتبر التعدي على الآخرين بحد ذاته جريمة غير مقبولة، وأما في الشريعة فهو راجع إلى النصّ، فما أجازته الشريعة فليس بتعدي.

– وإذا كان الخلاف سائغاً ويستنكر الاهتمام به في قضايا معينة لوجود الخلاف الفقهي .. فمنّ حقّ من له رأي آخر في الشورى والبيعة والاختيار والسمع والطاعة وهو يتبع فقهاء كبار وأسلاف متقدمين هم أشهر وأكبر وأقوى من المخالفين في الموسيقى ونحوها .. فمن حقّهم أن يتعامل معهم على أنه خلاف فقهي ولا ينكر عليهم ويتحمل الصدر لكلامهم ويعاملون كرأي فقهي.

فحتى على وصف التعدي وغير التعدي، فهو لم يعتدي على أحد ولم يكسر ظهر أحد، له رأي معين وله دلائله وسلفه .. فلماذا يعامل مخالف النصوص الاولى وكأنه ما فعل شيئاً أصلاً ,, ويعامل الثاني بطريقة اخرى لا تخفاك.

نورت الحيطة 🙂

نواف القديمي

أهلاً بك يا مولانا 🙂

أعرف أن حديثي عن قتل الآلاف بحجة (تجويز قتل المُبتدع) هو من قبيل التصعيد .. ولكنه فعل غير مُستبعد بالكلية (وإن كان ليس بهذا العدد الكبير) .. كما فعلت دولة العراق الإسلامية التي أدارتها القاعدة .. وكما فعل المجاهدون في الصومال حين قتلوا أشخاصاً لبيعهم أشرطة فيديو استناداً إلى أنهم (مفسدون في الأرض) ، وهي نفس القاعدة التي يستند… ‪ إليها من يرى جواز قتل المبتدع!

🙂 🙂 بعدين يا خوي أنتو نشبتوا لي نشبة ـ حين كنا نتحدث عن الديمقراطية ـ بوجوب أن أجيب على مسألة ما إذا وصل حزب شيوعي للحكم في السعودية!! ، وأزعم أنني في (أشواق الحرية) أجبت بشكل واضح وصريح عن هذه المسألة .. يعني الشيوعية التي سقطت في روسيا ، وتهاوت في أوروبا الشرقية ، أنا مُطالب أن أجيب على فرضية اختيار الشعب المسلم لها في السعودية!! 🙂 ، ولم ترى في ذلك تصعيداً غير مقبول! .. ولكنك الآن ترى في سؤالي ـ الوارد حصوله عملياً ، بل وحصل مرات وإن لم يكن بهذا العدد الضخم ـ هو نوع من التصعيد غير المقبول!!

عموماً هذه مماحكة صغيرة قبل البدء 🙂 .. وخلنا نقلب الصفحة.

أنت انتقدت عليّ أنني قسمت مسألة الإنكار على المُخالف بين (المُتعدي) و (غير المُتعدي) .. وذكرت أنت أن الفيصل بين المسألتين يجب أن تكون (مخالفة النص).

أولاً / لا أدري إن كان يجدر هنا التأكيد على البدهيات .. مثل أنني حين أتحدث عن (التعدي) ، فأنا أتحدث عن تعدٍ مخالف للنص .. لا عمّا هو من أحكام الشريعة .. وإلا لعُد القصاص الشرعي (تعدياً) ، وجلد شارب الخمر (تعدياً) وما إلا ذلك!! .. وهي مسألة كنت أظنها أوضح من زحمة طريق خريص في وقت الظهر 🙂
طبعاً (التعدي المخالف للنص) المقصود هنا هو الفعل المادي المباشر ، أي بالإمكان قياسه وضبطه.

ثانياً / أنا هنا أتساءل: أليس كل من كان له قول في مسألة خلافية ، هو يرى بالضرورة أن مخالفه هو (مخالف للنص)؟!
يعني ، إذا كان الضابط عندك هو (مخالفة النص) .. فهذا يعني أنك ترى (جواز الإنكار في كل مسائل الخلاف / أي الإنكار في مسائل كشف الوجه ، والأخذ من اللحية ، وجواز تعليم البنات في مدارس حكومية ، وجواز أن تقص المرأة شعرها …الخ) .. باعتبار أن كل المخالفين في هذه المسائل ـ طبعاً عند من يقولون بها ـ هم مخالفون لدلالات النص الشرعي!!

باختصار شديد ..

أنا أوضحت الحدود الفاصلة في رأيي بين (المسائل الخلافية التي يجوز فيها الإنكار) و (المسائل الخلافية التي لا يجوز فيها الإنكار) .. وقلت أنها ترتبط بالفرق بين كون الخلاف في (شأن شخصي) أو في (شأن متعدي على حقوق الآخرين) .. وبررت هذا التفريق بأنه التعدي يتضاد مع قطعيات الشريعة وأصولها الكبرى.

حسناً .. قد تختلف معي في هذا التقسيم .. وقد تجد عليه بعض المداخل .. لكننا ـ باعتبارنا في فضاء الفيس بوك ـ لسنا بصدد الوصول إلى اتفاق ، بقدر ما نهدف ـ أو أهدف أنا على الأقل ـ إلى استيضاح رأيك في المسألة ، حتى لو كنت أختلف معك حولها.

لذلك أعود وأتمنى يا مولانا أن تجيبني على سؤالي ، وسأعيد صياغة السؤال بشكل أكثر وضوحاً:

1- هل أنت مع جواز الإنكار في (كل) مسائل الخلاف؟
عندئذٍ يجوز لنا أن نُنكر على من يرى جواز كشف الوجه ، والأخذ من اللحية ، وجواز تعليم البنات في مدارس حكومية ، وجواز أن تقص المرأة شعرها …الخ.

2- أم أنت مع عدم جواز الإنكار في (كل) مسائل الخلاف؟
وهذا يعني عدم جواز الإنكار على من يقتل آلاف المبتدعة ، ويسجن آلاف المُعارضين السياسيين ، وينهب أموال الملايين عبر الإقطاع …الخ.

3- أم أنك ترى أن هناك (مسائل خلافية يجوز فيها الإنكار) ، وأن هناك (مسائل خلافية لا يجوز فيها الإنكار) .. وهذا يعيدنا إلى النقطة الأولى والسؤال الأول: هلا أوضحت لي ضابطك في المسألة؟

لكن أكرر .. أرجو ألا تقول لي أن ضابطك هو (مخالفة النص) .. لأن لكل مجتهد في المسائل الخلافية قراءته للنص الشرعي وفق مناهج الاستدلال ودلالات الألفاظ المقررة في أصول الفقه.

لذا .. إن كان ضابطك هو (مخالفة النص) .. فهذا سيوصلك حتماً إلى نتيجة مفادها : (جواز الإنكار في كل مسائل الخلاف) .. باعتبار بداهة أن كل من يُقرر مسألة فقهية هو يرى أن المخالفين له في هذه المسألة هم مخالفون للنص الشرعي ودلالاته.

تحياتي لك أيها الرفيق 🙂
فهد العجلان

إذن .. سأركّز هنا على النقطة المحددة للتساؤل في أعلى الصفحة .. ثمّ نفتح سجل الهوامش .. )

التساؤل المحوري هنا: عن من له رأي في الشورى والبيعة والاختيار مبني على رأي فقهي في المسائل الخلافية المشهورة هنا .. لماذا لا يكون حاله كحال المخالف في الاختلاط وبقية المسائل الشخصية.

ذكرت يا صاحبي أن الفرق في (التعدّي المخالف للنصّ) و (عدم التعدّي)….

طيب .. أي تعدّي فعله هذا الرجل .. هو يميل لآراء فقهية في النظام السياسي والبيعة والشورى .. ما سفك دماً ولا كسر ظهراً وما اعتدى على أحد.

فلماذا تعيش الخلافات الفقهية في المسائل الشخصية في الظلّ .. وهذا المسكين مرمي تحت لهيب الشمس 🙂
فهد العجلان

هات دفتر الهوامش .. بدعة قديمية 🙂

الذي حصل في الديمقراطية كالتالي:

أنت تشرح للناس أن الحكم في الإسلام يقوم على رأي الأكثرية فهي التي تقرر الحكم للاسلام أم عدمه….

فمعناه ومفهومه ببساطة وبدون تدقيق في اللوازم أن الأكثرية لما ترفض الإسلام فإن الإسلام لا يحكم، وبالتالي فالحكم في النظام للأكثريةلا الإسلام والشريعة.

هذا مختصر مطولات الحوار في الموضوع، فهي مطالبة لتوضيح القول وشرح معناه.

وأما ما تصنعه هنا في مسألة المبتدع .. فأنت تلزم القائل بما لا يلزمه لا شرعاً ولا عقلا، فهو يقول: أنا أجيز قتل المبتدع إذا لم يكف شره إلا بالقتل .. فهي قضية معلقة بالمصلحة، وبالتالي فحين تقول له أنت تفتي بقتل ألف أو ألفين فهو تجنٍ عليه ، لأنه يقول يجوز أن تقول لي هذا لو أنني قلت يجوز قتل المبتدع مطلقاً بلا قيد لمصلحة ولا شيء ، وأما إن كان الأمر متعلقاً بوصف وحال فلا يجوز أن تلزمه بخلاف قوله.

والقضية يا صديقي ليست في المبتدع .. كل ما لا يمكن كف شره إلا بالقتل فيجري فيه الخلاف كالمبتدع، فالقضية ليست في ذات البدعة بل في الشر الذي لا يمكن كفه.

فلا تتعودها 🙂

وأما حصرك للإنكار في التعدي المخالف للنص.

فمعناه .. أنه يجوز للبعض المعاصرين أن ينكروا على الفقهاء قولهم بقتل المرتد لأن فيه تعد وهو مخالف للنص في نظرهم، ولا يجوز للفقهاء ان ينكروا عليه لأن قولهم بعدم قتل المرتد ليس فيه تعدي.

ويجوز للشيعة أن ينكروا علينا منعنا للمتعة -وفيها خلاف فقهي- لأن فيها مخالفة للنص وفيه تعدي، ولا يجوز لنا أن ننكر عليه المتعة لأنه ليس فيه تعدي.

ويجوز للمرابين في عصرنا أن ينكروا على العلماء فتواهم في تحريم الربا لأن فيه تعد عليهم، ولا يجوز للمشايخ أن ينكروا عليهم لأن رباهم بالرضا وبلا تعدي.

وبالتالي .. فالوصف المؤثر عندك يا صاحبي هو (التعدّي) وأما النص فهو حاضر بشكل تبعي.

وأما عن سؤالك:

فالعبرة بظاهر النص، ومن الطبيعي أن يكون ثم اختلاف في تحديد هل ثم نص أم لا، وهذا بدهي في كل القضايا لأنه من قبيل تحقيق المناط،

وقد لا يكون قوله صواباً، لكن هذا لا يضرّ لأن الاجتهاد في تحقيق المناط من موارد العذر والاجتهاد والتأويل .. فنحن نتفق على تعظيم النصّ والإنكار على من يخالفه .. وحين نختلف فيكون نزاعنا في تحديد من الأحقّ بالنصّ ولا يكون الأمر أنّ فيه خلافاً ويكفي.

كما انّك هنا لما ذكرت التعدي المخالف للنص، فالحكم بمخالفته للنصّ كذلك مما تختلف فيه الأفهام.

وفقت للخير ..

نواف القديمي
‪..

سأجيبك يا صديقي على كل أسئلتك .. ولكن أتمنى فقط أن تجيب على أسئلتي بشكل واضح ومباشر .. وأتمنى فقط ألا تتعامل ـ وحاشاك ـ مثل البعض الذي يبدو كما لو كان مدرساً في مدرسة متوسطة ، مهمته أن يسأل فقط ، ومهمة الطلاب أن يُجيبون .. أما هو فليس لأحد الحق في أن يسأله!!

سأضع فقرات مداخلتك الأخيرة هنا ، وأجيبك عن كل واحدة:…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تساؤل فهد العجلان:

التساؤل المحوري هنا: عن من له رأي في الشورى والبيعة والاختيار مبني على رأي فقهي في المسائل الخلافية المشهورة هنا .. لماذا لا يكون حاله كحال المخالف في الاختلاط وبقية المسائل الشخصية.

يجيب نواف القديمي:

رأيي أن من له رأي في الشورى والبيعة والاختيار مبنيٌ على رأي فقهي في المسائل الخلافية المشهورة (فإن حاله متوافق تماماً من حيث الأصل) مع حال المخالف في الاختلاط وبقية المسائل الشخصية.

أي .. ليس هناك خلاف من حيث الأصل بين المسألتين.

لذا ..
كما تنكر (أنت يا فهد العجلان) على من يرى جواز سماع الموسيقى.
أنكر (أنا نواف القديمي) على من ينتهك العدل ويسجن 5000 سجين (سلفي) دون محاكمات ، وينهب أموال الأمة.

فكلانا نشترك في أصل الإنكار على مسائل خلافية.

لكن .. ليراجع كلاً منا حجم المسألة التي يُنكر عليها بميزان الشريعة .. فانظر أنتَ لحجم منكر (الظلم وغياب العدل) في الشريعة .. وسأنظر أنا لحجم منكر (سماع الموسيقى) في الشريعة .. لنعرف أي المنكرين أعظم عند الله وأولى بالإنكار.

وبعدها ليراجع كلٌ منا نفسه ويسألها : هل مستوى الإنكار لديّ يوازي حجم الانتهاك الشرعي وعظمه عند الله .. أم أنني أنكر على (الأهون ذنباً بميزان الشريعة) ـ وهذا من حقك ـ وأسكت عن (الأعظم جرماً بميزان الشريعة)!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في موضوع قتل المبتدع قال فهد العجلان:

وأما ما تصنعه هنا في مسألة المبتدع .. فأنت تلزم القائل بما لا يلزمه لا شرعاً ولا عقلا، فهو يقول: أنا أجيز قتل المبتدع إذا لم يكف شره إلا بالقتل .. فهي قضية معلقة بالمصلحة، وبالتالي فحين تقول له أنت تفتي بقتل ألف أو ألفين فهو تجنٍ عليه ، لأنه يقول يجوز أن تقول لي هذا لو أنني قلت يجوز قتل المبتدع مطلقاً بلا قيد لمصلحة ولا شيء ، وأما إن كان الأمر متعلقاً بوصف وحال فلا يجوز أن تلزمه بخلاف قوله.

قال نواف القديمي:

أنت تقول: لا أجيز قتل المبتدع إلا إذا لم يُكَف شره إلا بالقتل.

وأنا أقول أنني أسألك في ذات القيد الذي وضعته .. فأنت تُثبت أصل (قتل المبتدع) ، وتقيِّده بقيد لم يقل به أحد من السلف ـ على الأقل ابن تيمية لا يشترطه ـ ، ألا وهو (ألا يُكَف شره إلا بالقتل).

ووفق توصيفك هذا وقيدك أسألك:

لو استجاب الله دعوات الصالحين ، وهدى الملك عبدالله لتطبيق الشريعة بكل دقائقها ، ثم قام الملك عبدالله وجلب (الأشعري عبدالحميد المبارك) و (الصوفي عبدالله فدعق) و (الشيعي حسن الصفار) و (الي مدري وش يطلع حسن فرحان المالكي) .. وقال الملك عبدالله: هؤلاء مُبتدعة ، وقد أقمتُ عليهم الحجة ، ولكنهم رفضوا الرضوخ للحق ، وأصروا على نشر بِدَعهم ، وأنني اجتهدت في الأمر ، ورأيت أنه لا يُمكن كف شر هؤلاء إلا بالقتل .. ثم قام بجز رقابهم وقتلهم جميعاً.

فما موقفك الشرعي يا فهد العجلان مما فعله الملك؟

أنت باعتبارك تثبت أصل (جواز قتل المبتدع الداعي للبدعة) ، وتجعل مدار ذلك على (المصلحة) ، وتقيد هذا الفعل بـ (ألا يُكف شره إلا بالقتل) .. فبرأيي أنك أمام فعل الملك ستكون بإحدى حالتين:

الأولى: أن ترى أنه أقام حكم الله فيهم ، وأن فعله صحيح وشرعي.
الثاني: أن ترى أنه أخطأ في تقدير (المصلحة) ، ولكنه مُجتهد مأجور.

فهل رأيك يخرج عن هذين الأمرين؟!

رغم أنني أشك في أنك ستُجيب إجابة واضحة 🙂 .. وأظنك ـ كما فعل الآخرون ـ ستبحث عن مخارج أخرى لتحيد عن الإجابة .. وربما ستكون إجابتك كلها في دائرة إطار (تقدير المصلحة) في هذا الفعل .. فتقول أنه لا مصلحة في هذا الفعل ، وأن هناك أولويات يجب أن تقوم الدولة بها لنشر مذهب السلف قبل أن يُحاسب المخالفون …الخ ، وسواها من أمور تقع في (منطقة تقدير المصلحة).
لكنك ستبقى أمام حقيقة واضحة .. هي أن غاية ما تستطيع أن تقوله لمن (اختلف معك في تقدير المصلحة) ، وقتل هؤلاء ، أنه أخطأ ، ولكنه (مُجتهد مأجور).

وأتمنى أن أكون مخطئاً في ظني ، وأن أسمع منك إجابة واضحة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع

نواف القديمي

أما في موضوع (تحديد ضابط) للإنكار على المخالف .. الذي قلتُ أنا أن ضابطه هو (التعدي).

فقد قال فهد العجلان:…

وأما حصرك للإنكار في التعدي المخالف للنص.
فمعناه .. أنه يجوز للبعض المعاصرين أن ينكروا على الفقهاء قولهم بقتل المرتد لأن فيه تعد وهو مخالف للنص في نظرهم، ولا يجوز للفقهاء ان ينكروا عليه لأن قولهم بعدم قتل المرتد ليس فيه تعدي.
ويجوز للشيعة أن ينكروا علينا منعنا للمتعة -وفيها خلاف فقهي- لأن فيها مخالفة للنص وفيه تعدي، ولا يجوز لنا أن ننكر عليه المتعة لأنه ليس فيه تعدي.
ويجوز للمرابين في عصرنا أن ينكروا على العلماء فتواهم في تحريم الربا لأن فيه تعد عليهم، ولا يجوز للمشايخ أن ينكروا عليهم لأن رباهم بالرضا وبلا تعدي.
وبالتالي .. فالوصف المؤثر عندك يا صاحبي هو (التعدّي) وأما النص فهو حاضر بشكل تبعي.

قال نواف القديمي:

أما مسألة حد الردة ، فمن لا يرى شرعية قتل المرتد ، لكونه يُضعِّف الحديث أو يؤوله أو يربطه بمفارقة الجماعة ، أو أي حجة من الحجج التي يقول بها من يرون عدم مشروعية حد الردة .. فلهؤلاء الحق في الإنكار على من يرون (مشروعية الحد) .. كما أنه يحق لمن يرى (وجوب حد الردة) الحق في الإنكار على من يرى (عدم مشروعية الحد).

أما الشيعة في مسألة المتعة .. فلو كان زواج المتعة خلافاً فقهياً عند أهل السنة وفق أصولهم في الاستدلال .. فهو حينئذٍ خلافٌ في مسألة غير مُتعدية .. أي أن من يفعلها ويرى جوازها هو لا يتعدى بذلك على الآخرين .. أما إن كانت مسألة (زواج المتعة) ليست في أصلها خلافاً فقهياً عند أهل السنة ، بل تحريمها محل اتفاق .. فهي إذن خارج محل النزاع ابتداءً.

أما مسألة الربا والمُرابين .. فوالله اني قلّبتها من كل جانب ولم أفهمها!!
إذا كان الربا (مُحرماً بالإجماع وبنصوص مُحكمة) و (كبيرة من كبائر الذنوب بنص القران) .. فلا أدري ما موضع إيراده في نقاشٍ حول مسألة (الإنكار في مسائل الخلاف)!!
وإلا كان الأولى أن تورد أيضاً (القصاص الشرعي) و (حد شارب الخمر) و (حد الزنا) …الخ وكلها مسائل (التعدي) فيها أكثر وضوحاً من الربا إذا كان الحديث حول (مجرد مسألة التعدي) حتى لو ناقضت محكمات الشريعة .. لا حول مسألة (التعدي) في مسائل الخلاف!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما عن سؤالي لك .. فقد قال فهد العجلان:

فالعبرة بظاهر النص، ومن الطبيعي أن يكون ثم اختلاف في تحديد هل ثم نص أم لا، وهذا بدهي في كل القضايا لأنه من قبيل تحقيق المناط،
وقد لا يكون قوله صواباً، لكن هذا لا يضرّ لأن الاجتهاد في تحقيق المناط من موارد العذر والاجتهاد والتأويل .. فنحن نتفق على تعظيم النصّ والإنكار على من يخالفه .. وحين نختلف فيكون نزاعنا في تحديد من الأحقّ بالنصّ ولا يكون الأمر أنّ فيه خلافاً ويكفي.
كما انّك هنا لما ذكرت التعدي المخالف للنص، فالحكم بمخالفته للنصّ كذلك مما تختلف فيه الأفهام.

وأقول:

لا أدري أين إجابتك على سؤالي في هذا الكلام!!

كلامك هذا تتحدث فيه عن الاجتهاد والعذر والتأويل وتعظيم النص وما إلى ذلك .. ولكن ليس فيه إجابة عن تساؤلي!

تساؤلي أحسبه واضح .. وسأعيده عليك هنا .. علّك تجيب صاحبك بوضوح عن هذه المسألة:

سؤالي هو:

ـ هل أنت مع جواز الإنكار في (كل) مسائل الخلاف؟
عندئذٍ يجوز لنا أن نُنكر على من يرى جواز كشف الوجه ، والأخذ من اللحية ، وجواز تعليم البنات في مدارس حكومية ، وجواز أن تقص المرأة شعرها …الخ.

ـ أم أنت مع عدم جواز الإنكار في (كل) مسائل الخلاف؟
وهذا يعني عدم جواز الإنكار على من يقتل آلاف المبتدعة ، ويسجن آلاف المُعارضين السياسيين ، وينهب أموال الملايين عبر الإقطاع …الخ.

ـ أم أنك ترى أن هناك (مسائل خلافية يجوز فيها الإنكار) ، وأن هناك (مسائل خلافية لا يجوز فيها الإنكار) .. وهذا يعيدنا إلى النقطة الأولى والسؤال الأول: هلا أوضحت لي (ضابطك) في هذه المسألة؟

وأرجو ألا تقول لي أن ضابطك هو (مخالفة النص) .. لأن لكل مجتهد في المسائل الخلافية قراءته للنص الشرعي وفق مناهج الاستدلال ودلالات الألفاظ المقررة في أصول الفقه.

لذا .. إن كان ضابطك هو (مخالفة النص) .. فهذا سيوصلك حتماً إلى نتيجة مفادها : (جواز الإنكار في كل مسائل الخلاف) .. باعتبار بداهة أن كل من يُقرر مسألة فقهية هو يرى أن المخالفين له في هذه المسألة هم مخالفون للنص الشرعي ودلالاته.

فما هو (الضابط) عندك لـ (ما يجوز الإنكار فيه وما لا يجوز في مسائل الخلاف)؟

هل أجد عندك جواباً شافياً يا صديقي؟ 🙂
فهد العجلان

أهلا أبا أحمد.

أطمئن يا صديقي .. سأجيبك عن جميع الأسئلة التي طرحتها .. وسأضعها كل جواب تحت كل سؤال حتى يطمئن قلبك ..

لكن اسمح قبل هذا أن (أفلتر) الموضوع قليلاً .. وأخرج بحوارنا من سياسة الفوضى الخلاقة :)…

فالموضوع الأساسي الذي فتح من أجله الحوار لا زال هامشياً في هذا الحوار .. ولم ينل منك إلا إشارة يسيرة على استحياء .. في مقابل الخوض في قضايا جانبية وإلزامات وتساؤلات .. مشروعة ومن حقك أن تطرحها وسأجيبك عنها .. لكن تحرّك المسائل بهذه الطريقة يجعلنا نتحدث كثيراً ولا نقول شيئاً.

الموضوع الأساسي:

عن الخلافات الفقهية المتعلقة بالشورى والبيعة والاختيار .. حين يختار بعض الناس الأراء الفقهية في هذا الباب .. هل يكون حاله كحال الخلافات الفقهية في الأبواب الأخرى .. وهل يحقّ له أو لغيره أن يهون من أمر هذه المسائل بدعوى الخلاف الفقهي كما يقال في الخلاف في الموسيقى والاختلاط وغيرها.

وكان الإشارة الوحيدة لهذا السؤال المحوري ما جاء في كلام أبي أحمد من قوله:

( كما تنكر (أنت يا فهد العجلان) على من يرى جواز سماع الموسيقى.
أنكر (أنا نواف القديمي) على من ينتهك العدل ويسجن 5000 سجين (سلفي) دون محاكمات ، وينهب أموال الأمة.)

يؤسفني أن أقول إنه جواب بعيد تماماً عن الموضوع.

فالحديث ليس عن الإنكار في المسائل السياسية أو في المسائل الأخرى.

السؤال عمن يختار آراء فقهية في الجانب السياسي هل يتعامل معه كما يتعامل مع من يختار آراء فقهية في الأبواب الأخرى.

بصورة أوضح:

فلان من الناس يميل إلى أن الشورى غير واجبة .. وأنها غير ملزمة .. وأنّه لا يجوز الإنكار العلني على ولي الأمر .. وأن الغلبة خيار شرعي صحيح .. الخ هذه المسائل الفقهية التي له فيها فقهاء ومذاهب .. هل سيعامل من يقول بهذه المسائل كما يعامل من يقول بجواز الموسيقى والاختلاط من جهة أنها جميعاً مسائل فقه؟

هذا هو السؤال السطحي البسيط الذي كان واضحاً من أول الأمر وقد ضاع بين أغبرة هذا الحوار.

ثمّ ها هنا شيء غير مفهوم.

أنت تتحدث عن إنكار على من يسجن ويقتل وينهب أموال الدولة.

فما علاقة هذه المسألة بالخلاف الفقهي؟

هذا كلّ ما في الأمر .. وهو ما ترى سؤال بسيط وعلى قدّ الحال 🙂

يتبع

فهد العجلان

وهذه أسئلتك:

السؤال الأول: عن رأيي في الإنكار في مسائل الخلاف.

قد ذكرت لك أن رأيي هو الإنكار في مسائل الخلاف في المسائل التي يكون ثمّ نص ظاهر في محلّ النزاع، وليس معنى أن يكون الإنكار في جميع مسائل الخلاف، لأن مسائل الخلاف ليست كلها لها نصوص في محل النزاع، بل أكثر مسائل الخلاف ليس فيها نصّ ظاهر في الموضوع….

فليس كل مخالف يملك نصاُ .. لأن النص هو دليل ظاهر في محلّ النزاع، بمعنى أن يكون لديه آية أو حديثاً صحيحاً صريحاً في الموضوع وهذا قليل في المسائل الخلافية.

وهذه القضية أعني الإنكار في مسائل الخلاف من موارد النزاع عند الفقهاء قديماً وحديثاً، وثم أربعة اتجاهات أساسية في الموضوع، منهم من لا ينكر في مسائل الخلاف مطلقاً، ومنهم ينكر في المسائل إن كان ثمّ نص، ومنهم من ينكر في المسائل الخلافية إذا كان مستندها ضعيفاً ومنهم من ينكر في المسائل الخلافية إذا ترتب عليها مفسدة ظاهرة.

فهذه أربع اتجاهات .. ولكلّ اتجاه أدلته وبراهينه .. وهي مسألة فقهية قابلة للأخذ والردّ .. والقول بالإنكار حين يكون ثم نص هو الأقوى والأقرب للدلالة، وهو حاضر لدى بقية الاتجاهات بدليل أنهم يتفقون على أن حكم القاضي حين يخالف النصّ فإنه ينقض ..

طبعاً : حديث الفقهاء عن المخالف إن كان مجتهداً في المسالة أو متبعاً لعالم ومقلداً له .. أما من يأخذ المسائل الخلافية بالهوى والترخص فبالاتفاق أنه ينكر عليه.

هذا كلّ ما لديّ في الموضوع، ولا أظنّي سأسلم من تهمة عدم الجواب 🙂

فهد العجلان

السؤال الثاني: عن قتل المبتدع، ولديك أسئلة مركبة في الموضوع وسأدقق حتى لا يفلت منها شيئا.

أولاً: ما زلت أستغرب من حماستك الشديدة لهذه القضية وكأنها أصل من أصول السلفية أو قاعدة من أركان النظر والاجتهاد .. هي في النهاية مسألة فقهية لبعض الفقهاء على خلاف رأي الأكثر .. فلو صحّ إلزاماتك لكان دليلاً على ضعف القول ورجحان القول الآخر بعدم جواز القتل .. … فكان ماذا؟

يعني .. سلمت لك بأن إلزاماتك صحيحة وقوية .. فالقول ضعيف .. فما الذي يترتب عليه؟

سنقول هو قول فقهي مخطئ مخالف للدليل .. وانتهى الموضوع.. فما أدري ما سر هذا الإلحاح في المطالبة به بمناسبة وبدون مناسبة.

الشيء الآخر .. أنا لم أقل بصحة هذا القول وإنما أردت أن أوضح لك مقصودهم .. بل الذي أميل إليه أنه لا حاجة إليه أصلاً لأن كف شر المبتدع ممكن بوسائل كثيرة هي دون القتل بكثير فلا حاجة لإراقة دم مسلم ..

لكن من المهم أن نفهم هذا القول على حقيقته فهو يشترط المصلحة وكف الشر.

تقول : من أين لي ضابط كف الشر.

هذا من بدهيات المسألة يا صديقي، حتى وإن لم يذكره ابن تيمية .. فالشيخ يتحدث عن مسألة فقهية هي هكذا .. يقتل إن لم يكف شره أو لا يقتل .. ولا يوجد لدى الفقهاء -حسب علمي- شيء اسمه قتل المبتدع لأنه مبتدع . يعني المرتد الكافر لا يقتل إلا بعد الاستتابة فهل تراهم سيقتلون المبتدع مباشرة!

تقول : ماذا لو حصل ذلك في هذا العصر بحيث لم يمكن كف شره إلا بالقتل؟

إذا لم يمكن إلا ذلك فنعم من يرى بهذا القول سيحكم بقتله، لكنها صورة لن تحصل، لأنه يمكن أن يكف شر بدعته بوسائل كثيرة ولن يحتاج إلى القتل، وبالتالي فالوصف الذي وضعه صاحب القول غير موجود مع تقدم وسائل العصر

فما دام يمكن كف شره فلن يصلوا به إلى القتل .. تقول فإن لم يحصل .. فالجواب هذه صورة خيالية .. كيف لا يمكن كف شره بالسجن أو بالإقامة الجبرية .. الخ

تقول: هل يكون من يفعل هذا مأجوراً ومجتهداً؟

حين يرتبط الموضوع بالمصلحة فليس معنى هذا أن يكون الأمر على مزاج الحاكم فإن أصاب وإلا فهو مجتهد .. ليست الصورة بهذه الكيفية يا صديقي .. إن لم يلتزم الحاكم بما وضعه الفقهاء من شرط فهو مخطئ ومنحرف ومفسد ولا شكّ .. وهذه المسألة ليست خاصة بهذه المسألة فحتى في كافة الأحكام الشرعية التي تتعلق بالمصلحة أو باختيار الحاكم لا يكون هذا بالمزاج والاختيار .. إذا لم يكن ثم مصلحة أو كانت بزعم كاذب فهو آثم.

تقول لي أيها القارئ: لم يبق شيء من الأسئلة.

الله يسمع منك 🙂

نواف القديمي

تحية للجميع 🙂

وآسف لأنني لم أنتبه لتعليقك يا صديقي إلا قبل قليل.

طيب يا مولانا .. سأحاول لملمة الموضوع في مداخلة سريعة وأخيرة .. حتى يتضح ما أقصده تماماً .. وبعدها ليبقى لكلٍ منا رأيه الذي يدين الله به.

تقول:

الموضوع الأساسي: عن الخلافات الفقهية المتعلقة بالشورى والبيعة والاختيار .. حين يختار بعض الناس الأراء الفقهية في هذا الباب .. هل يكون حاله كحال الخلافات الفقهية في الأبواب الأخرى .. وهل يحقّ له أو لغيره أن يهون من أمر هذه المسائل بدعوى الخلاف الفقهي كما يقال في الخلاف في الموسيقى والاختلاط وغيرها.
وكان الإشارة الوحيدة لهذا السؤال المحوري ما جاء في كلام أبي أحمد من قوله:
كما تنكر (أنت يا فهد العجلان) على من يرى جواز سماع الموسيقى.
أنكر (أنا نواف القديمي) على من ينتهك العدل ويسجن 5000 سجين (سلفي) دون محاكمات ، وينهب أموال الأمة.
يؤسفني أن أقول إنه جواب بعيد تماماً عن الموضوع.
فالحديث ليس عن الإنكار في المسائل السياسية أو في المسائل الأخرى.
السؤال عمن يختار آراء فقهية في الجانب السياسي هل يتعامل معه كما يتعامل مع من يختار آراء فقهية في الأبواب الأخرى.
بصورة أوضح:
فلان من الناس يميل إلى أن الشورى غير واجبة .. وأنها غير ملزمة .. وأنّه لا يجوز الإنكار العلني على ولي الأمر .. وأن الغلبة خيار شرعي صحيح .. الخ هذه المسائل الفقهية التي له فيها فقهاء ومذاهب .. هل سيعامل من يقول بهذه المسائل كما يعامل من يقول بجواز الموسيقى والاختلاط من جهة أنها جميعاً مسائل فقه؟

أقول:

أولاً / أنت تسأل: هل يكون حاله كحال الخلافات الفقهية في الأبواب الأخرى؟

وقد قلت لك: في الأصل نعم ، ما لم يكن في الأمر تعدياً على الآخرين .. وقد تحدثنا في موضوع (التعدي) بما يكفي.

أي .. أنا أكرر دائماً : أن هناك (علماء وطلبة علم) يدينون الله بآراء فقهية في الموضوع السياسي ، هذه الآراء برأيي تُسهم في تكريس الاستبداد وظلم الحكّام .. ولكن من خلال متابعة حالهم وإنتاجهم وسيرتهم يظهر بوضوح أنهم علماء أو طلبة علم (صادقون) ، غير معنيين برضا السلطة ولا مُمالأتها ، بل هم يُنكرون عليها بعض أفعالها بالأسلوب الذي يرونه شرعياً (بالسر مثلاً) .. ولكن قناعتهم الشرعية المحضة هي التي تحكم رؤيتهم في الموضوع السياسي.

وفي هذه الحالة .. نكون نحن وهؤلاء في (خلاف فقهي) ، فنتحاور معهم حول أدلتهم ونصوصهم ، ونبين لهم التبعات العملية لآرائهم (طبعاً لا أقصد شخصي المتواضع بل من يملك الأهلية الشرعية لذلك) .. وندخل معهم في نقاش شرعي حول منطقة الخلاف .. ولكن نحترم فيهم تدينهم ورضوخهم للنص الشرعي واستقلالهم.

وفي الجانب الآخر: هناك علماء وطلبة علم يظهر بوضوح أن موقفهم من القضايا السياسية هو موقف (انتهازي ومصلحي) ، طبعاً لا يقين في ذلك ، ولكن الشواهد العديدة ، مثل الثروات الفاحشة من عطايا السلطان ، السكوت عن كل أخطاء الدولة ومظالمها بل وتبريرها حتى لو كانت تخالف الأصول السلفية المتفق عليها لمجرد موافقة (إرادة الدولة) .. وسوى ذلك من قرائن.
عندها يكون الخلاف مع هؤلاء (شرعي) و (أخلاقي).

هذا هو رأيي باختصار..

الأمر الآخر في ذات المسألة ..

أنت سألت السؤال التالي: هل يكون حاله كحال الخلافات الفقهية في الأبواب الأخرى؟

ولكنك في الوقت ذاته لم تُجب على سؤالك ولم نعرف رأيك في المسألة.

السؤال لك يا صديقي:
هل من اختلف معك مثلاً في جواز كشف المرأة لوجهها أو جواز الموسيقى ، هل تعتبر حاله كحال من أفتى بـ جواز قتل المسلمين استناداً إلى فتوى (التترس)؟ ، ومن أفتى بـ أن من حق الدولة أن تسجن لعشرات السنين من يقوم بمُناصحة الأمراء والمسؤولين علناً أمام الناس بحجة أنه يُثير الفتن على ولاة الأمر؟

يعني سؤالي باختصار .. هل تتعامل أنت مع المسألتين باعتبار أن مُخالفك فيهما له رأيه الشرعي المعتبر الذي لا تثريب عليه فيه؟ .. أم أنك تعتبر هاتين المسألتين (التترس ، والسجن) هما مجرد مسألتين خلافيتين ، تماماً كما هو الخلاف حول كشف الوجه والموسيقى؟

أم أنك ترى أن هاتين المسألتين (التترس ، والسجن) فيهما نقض لأصول شرعية محكمة .. وهو ما يستدعي (مقداراً من الإنكار) أكثر بكثير من الإنكار في مسألتي (كشف الوجه ، والموسيقى).

هلا أوضحت لي رأيك في سؤالك يا أستاذي الكريم؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع

نواف القديمي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورغبة بمزيد من التوضيح في ذات المسألة .. أسألك:…

هل ترى أن ثمة فرق في (مستوى الإنكار) ، بحسب المسألة المطروحة ومدى مخالفتها للشريعة؟

أي .. هل هناك مسائل تستحق (درجة أعلى من الإنكار) مقارنة بمسائل أخرى؟
أم أن الإنكار يكون بـ (درجة واحدة) في كل المسائل؟

وإذا كان ثمة (درجات مُختلفة للإنكار) بحسب المسألة المطروحة .. فهل المعيار هنا هو: حجم مخالفة هذا (المنكر) لقطعيات الشريعة ومُحكماتها .. أم ما هو المعيار بالضبط؟

أي .. هل مسألة الإنكار بالنسبة لك تتساوى بين: من يسفك الدم الحرام ، وينهب أموال الأمة ، ويسجن الأبرياء (أي انتهك عشرات النصوص التي تؤكد على محورية العدل والقسط وحرمة الدم الحرام) .. مع الإنكار على : من يرى جواز سماع الموسيقى وجواز كشف المرأة لوجهها (وهما مسألتان الدليل فيهما فيه أخذ ورد ، كما أنهما مسألتان ليس فيهما تعدٍ على آخرين).

وإذا كنتَ ترى فرقاً في مستويات الإنكار بين الصورتين السابقتين .. فهل أنت ـ يا فهد العجلان ـ تمارس الإنكار بحسب (حجم المنكر ومدى مُخالفته لمُحكمات الشريعة)؟ .. أم أنك أحياناً تجتهد بإنكار منكرات (هي أهون بميزان الشرع) ، وتسكت عن منكرات (هي أضخم وأكبر بميزان الشرع)؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأيضاً في موضوع الإنكار في مسائل الخلاف .. قال فهد العجلان:

قد ذكرت لك أن رأيي هو الإنكار في مسائل الخلاف في المسائل التي يكون ثمّ نص ظاهر في محلّ النزاع، وليس معنى أن يكون الإنكار في جميع مسائل الخلاف، لأن مسائل الخلاف ليست كلها لها نصوص في محل النزاع، بل أكثر مسائل الخلاف ليس فيها نصّ ظاهر في الموضوع .. فليس كل مخالف يملك نصاُ .. لأن النص هو دليل ظاهر في محلّ النزاع، بمعنى أن يكون لديه آية أو حديثاً صحيحاً صريحاً في الموضوع وهذا قليل في المسائل الخلافية.

وأقول:

أنت تقول أن الإنكار لا يكون إلا في حال وجود (نص ظاهر) .. وفي حال لم يوجد النص الظاهر ، فالأصل هو عدم الإنكار .. أو هذا ما فهمته منك.

وأنا أقول ـ بتقديري البسيط والمحدود ـ أن غالب مسائل الخلاف الفقهي هي تتكئ على (نص) ـ وقد نختلف في معيار “الظاهر” ـ .. وهذا يعني أن الأصل وفق تعريفك هو الإنكار على كل من خالف ـ في تقديرنا ـ نصاً من القرآن أو السنة.

طيب .. لأضرب مثالاً..
أنت يا فهد العجلان كتبت في مسائل خلافية مثل:
ـ جواز الموسيقى.
ـ لزوم إغلاق المحلات في أوقات الصلاة.
ـ وجوب تغطية المرأة لوجهها.

وهي منكرات ـ في حال اعتبرناها كذلك ـ هينة بميزان الشريعة:
ـ فالموسيقى مسألة خلافية .. وثمة خلاف بين الطرفين على (النص) .. فمن يرى التحريم يرى وضوح (نص التحريم) ، والمُحلل يرى عدم الاحتجاج بالنص (لتضعيفه ، أو تأوليه) ، وفي نفس الوقت يرى أن ثمة (نصاً آخر) يؤكد الجواز .. كما أن المسألة هي من الشأن الشخصي المحض الذي ليس فيه تعدٍ أو إيذاء للآخرين.
ـ وإغلاق المحلات في وقت الصلاة هي ـ بالاتفاق ـ مسألة ليس فيها نص ، ولم ترد عن السلف .. بل إن القول بإغلاق المحلات في وقت الصلاة هو من المصالح المُرسلة ومن السياسة الشرعية التقديرية.
ـ وأما مسألة تغطية المرأة لوجهها في من أشهر المسائل الخلافية ، وجمهور العلماء على الجواز.

أقصد..
أن جميع هذه المسائل هي من المسائل (الهينة في الشريعة) ، ومع ذلك أنت كتبت في إنكارها .. في الوقت الذي لم أجد لك ـ وربما أكون مخطئاً في متابعتي ـ شيئاً يتحدث عن العدل ورفع الظلم ووقف نهب المال العام (لا أقصد هذه المنكرات تحديداً بل أقصد عموم المُنكرات السياسية التي تُقضي إلى غياب العدل وظلم الناس) ، مع أنها مُنكرات كبيرة ومُتعدية وضحاياها مئات الآلاف من المسلمين ، وهناك اتفاق على ضخامة تأكيد الشريعة على حُرمتها ومخالفتها لمُحكمات الكتاب والسنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع

نواف القديمي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي مسألة قتل المبتدع .. قال فهد العجلان:…

ما زلت أستغرب من حماستك الشديدة لهذه القضية وكأنها أصل من أصول السلفية أو قاعدة من أركان النظر والاجتهاد .. هي في النهاية مسألة فقهية لبعض الفقهاء على خلاف رأي الأكثر .. فلو صحّ إلزاماتك لكان دليلاً على ضعف القول ورجحان القول الآخر بعدم جواز القتل .. فكان ماذا؟

وأقول:

أولا / لتعلم يا صديقي أنني لم أكتب مقالاً واحداً حول موضوع (قتل المُبتدع) .. وإنما لم يتجاوز ما فعلته هو أن طرحتُ سؤالاً على الأصدقاء وطلبة العلم في صفحتي بالفيس بوك ـ وهي مكان مغلق وخاص ـ وكان هدفي استيضاح الرأي الفقهي في المسألة .. فأين وجدت الحماسة التي تتحدث عنها ؟!!

ثانياً / أنت ترى أن مسألة (قتل المبتدع) هي مجرد مسألة فقهية هينة لا مبرر لإثارتها .. وفي هذا الأمر أنا أختلف معك تماماً في تهوينك من شأن هذه المسألة .. بل فهي مسألة كبيرة وخطيرة .. لأن ما ينتج عنها ليس أن (يسمع أحدٌ الموسيقى) ، أو أن (تكشف امرأة لوجهها) أو أن (لا تغلق المحلات وقت الصلاة) ، وكلها مسائل أنت كتبت عنها .. بل ينتج عنها (سفك الدم الحرام المعصوم) .. وهذا الفعل من أعظم المنكرات في الشريعة.

ثم أنت لا ترى مبرراً لطرح مسألة فقهية كـ (قتل المبتدع) .. وأنا أتفق معك في أن (قتل المتبدع) هي مجرد (مسائل فقهية) ، ولكنني أزعم أنها من أكبر الأبواب المُشرعة لسفك الدم الحرام المعصوم ، وانتهاك مُحكمات الشريعة.
تماماً كما جرى التهوين من مسألة (قتال الطائفة الممتنعة) ، حتى صارت (دستوراً) للحركات الجهادية التي قامت بقتل آلاف الأبرياء.
وتماماً كما جرى التهوين من مسألة (العذر بالجهل) ومسألة (قيام الحجة وفهم الحجة) التي أفضت إلى تكفير المسلمين وتجويز قتلهم.
وتماماً كما جرى التهوين من مسألة (جواز التترّس) التي صارت بوابة لسفك الدم الحرام.

قد تقول لي: وهل أنا أو أنت ممن يملكون النفوذ والقرار ، بحيث إذا قمنا برفض مسألة (قتل المبتدع) ، فإنها ستنتهي حينئذٍ؟!

وأقول لك: لا بالطبع .. بل نحن مجرد باحثان يتناقشات حول مسألة .. تماماً كما ناقشتَ أنتَ مسائل أهون منها (الموسيقى / كشف الوجه / إغلاق المحلات) .. وأنت تعلم أنك في كل هذه المسائل لا تملك القرار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي مسألة قتل المبتدع ..
خلاصة قولك في المسألة أنها مسألة تتعلق بـ (المصلحة) ، ومقيدة بـ (كف الشر).

وحين سألتك سؤالاً هو التالي:

لو استجاب الله دعوات الصالحين ، وهدى الملك عبدالله لتطبيق الشريعة بكل دقائقها ، ثم قام الملك عبدالله وجلب (الأشعري عبدالحميد المبارك) و (الصوفي عبدالله فدعق) و (الشيعي حسن الصفار) و (الي مدري وش يطلع حسن فرحان المالكي) .. وقال الملك عبدالله: هؤلاء مُبتدعة ، وقد أقمتُ عليهم الحجة ، ولكنهم رفضوا الرضوخ للحق ، وأصروا على نشر بِدَعهم ، وأنني اجتهدت في الأمر ، ورأيت أنه لا يُمكن كف شر هؤلاء إلا بالقتل .. ثم قام بجز رقابهم وقتلهم جميعاً.
فما موقفك الشرعي يا فهد العجلان مما فعله الملك؟

فما كان لك من جواب سوى أن قلت يا فهد الهجلان: (أنها صورة لن تحصل / أنها صورة خيالية)!!

وقد قلت لك سابقاً : بل هي صورة مُحتملة ، وقد فعلتها دولة العراق الإسلامية التي أدارتها القاعدة ، وفعلها المُقاتلون في الصومال ، ويمكن أن يفعلها أي حاكم.

وعند ذلك لم تجد يا مولانا سوى (الحيدة) عن الجواب .. والتحول من (الإجابة عن الواقعة المُفترضة) ، إلى (محاولة نفي إمكانية حصولها)!!

وكان مما قلته يا فهد العجلان:
حين يرتبط الموضوع بالمصلحة فليس معنى هذا أن يكون الأمر على مزاج الحاكم فإن أصاب وإلا فهو مجتهد .. ليست الصورة بهذه الكيفية يا صديقي .. إن لم يلتزم الحاكم بما وضعه الفقهاء من شرط فهو مخطئ ومنحرف ومفسد ولا شكّ.

وأقول:
وماذا لو لم يقتل الحاكم هؤلاء المبتدعة إلا بعد أن استشار بعض الفقهاء ـ وهل يَعدم الحاكم هكذا فقهاء!! ـ ، وأشاروا له بجواز القتل .. ففعل ذلك.
ثم أتاك هذا الحاكم وقال لك: يا فهد العجلان ، أنا رأيت أن (المصلحة) تقتضي قتل هؤلاء المبتدعة ، وقدّرتُ أنه لا يمكن كف شرهم إلا بالقتل ، وسألت بعض الفقهاء فوافقوني على ذلك ، وبناء عليه قمتُ بقتلهم .. فماذا تنقم عليّ يا فهد العجلان؟! ، فما أنا ـ وفق أصولك ـ إلا مُجتهد مأجور ، سواء وافقتني في تقدير القتل أم لم توافقني.

فبماذا ترد يا صديقي على هذا الحاكم المُجتهد المسكين؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رغم أنني ممن يرون أن (الفيس بوك) ليس مكاناً للنقاشات المُطولة .. ولكنني ـ كالعادة 🙂 ـ أتورط في الحوار دون قصد 🙂

أنا ممتن لك يا مولانا على هذا الحوار المُفيد والمُمتع .. ومدين بالشكر لك ولكل الإخوة المُتابعين.

والسلام عليكم.

فهد العجلان

مرحباً بك.

مع كلّ هذه المطوّلات التي وضحتها ما زلت لم أجب علي أي سؤال منها!

بل قد زادت الأسئلة عما قبل .. !… …

لا أدري قد أكون واهماً في زعم الإجابة عليها تفصيلاً مملاً .. وليس بالضرورة أن يأتي الجواب على وفق الخيارات المحددة في السؤال .. وربّما سنوات التدريس عوّدتني أن أسأل فنسيت طريقة الإجابة عن الأسئلة 🙂

أعجبني حقيقة جوابك المحدد والواضح عن سؤال المنشور .. فالمسائل الفقهية في النظام السياسي تعامل كبقية المسائل الفقهية.

أقدّر مثل هذا الجواب .. وهذا يعني أن يكون المخالف في هذه الأبواب مهما كان خطؤه .. فهو مقدّر .. وفي سعة من أمره .. يحترم شخصه وقوله كما يحترم أي خلاف فقهي آخر .. هذا إذا كان مخطئاً مخالفاً للدليل.

وهذا يعني اتفاقاً على نبذ أساليب التحقير والاستخفاف والتهوين من الآراء الفقهية في هذا الباب .. واللمز في أصحابها .. فضلاً عن اتهامهم وشتمهم بالتهم الرخيصة ..

وأما الإنكار في هذه الأبواب .. فهو باب عظيم من أبواب الخير والاحتساب والأجر والمثوبة عند الله .. لا ينكر منزلتها من يخاف الله .. وكلّ من سلك هذا الباب فحقّه الدعم والتأييد والموازرة ..

وكلّها أبواب مشروعة للخير .. وكل من سلك باباً يرى نفسه فيه ويظنّ أنه ينفع فيه أو لأنه عجز عن غيره فهو مثاب ومأجور … (أقول هذا ليس دفاعاً عن شخصي وموقفي فأنا مقصّر على كلّ حال ولم أفتح هذا النقاش لأدافع عن نفسي أو أرفع من قدرها ولا لأضع من قدر أحد فالقضية ليست شخصية).

وأزعم .. أن كلّ محتسب في الأبواب السياسية لن يجد إلا الدعم والثناء والدعاء والذكر الحسن .. ولن يتنازع فيه اثنان ..

وما يحصل من نزاع أن الاصلاح السياسي أصبح عند كثيرين طلاء يسير تحكه قليلاً لتجد تحته التهاون بالأحكام الشرعية والطعن في العلماء والتهوين من منهج السلف والانحراف في التصورات الشرعية .. فالقضية أن كثيراً مما هو موجود ليس متجهاً إلى الإصلاح الحقيقي الواضح بقدر ما هو عيب للآخرين لأنهم لم يقوموا بهذا الواجب ..

نفع الله بك

من الفايسبوك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين + 2 =