أيهما أحفظ للشريعة : أن تكون مرهونة بالحاكم الفرد أم بإرادة الشعب ؟؟؟

chewayqi almaliki
أيهما أحفظ للشريعة : أن تكون مرهونة بالحاكم الفرد أم
بإرادة الشعب ؟؟؟
 

أيهما أحفظ للشريعة : أن تكون مرهونة بالحاكم الفرد أم بإرادة الشعب ؟؟؟, المقالات, مقالات بندر الشويقي, مقالات عبد الله المالكي,سيادة الامة قبل تطبيق الشريعة

 

بندر الشويقي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
حياك الله أخي عبدالله، واسمح لي أن أتطفل على نقاشك هذا بما يأتي:
أولاً:
رأيت هنا في النقاش لبساً بين جانبين: (سلطة التنفيذ)، و (سلطة التشريع).
فحين نتحدث عن سلطة التنفيذ فأنا أوافقك على أن من الخطأ المقابلة …بين
(حاكمية الشعب، وبين حاكمية الشرع)، كما أن من الخطأ -أيضاً- المقابلة بين
(حاكمية الفرد، وحاكمية الشرع).
أما حين نتحدث عن (التشريع) فإن المقابلة هنا بين (حاكمية الشرع، وحاكمية
الشعب)، أو بين (حاكمية الفرد، وحاكمية الشرع)، مقابلة صحيحة لا إشكال
فيها. فكل شريعة أو قانون لا بد لها من مصدر أعلى ترجع إليه. وعند هذه
النقطة بالذات يقع التباين بين الدولة المسلمة والدولة الخارجة عن شريعة
الإسلام. سواء كانت هذه الدولة الخارجة ديمقراطية (تجعل الشعب مصدر السلطات
كلها)، أو دولة يحكمها فرد يجعل هواه مصدر السلطان كلها.
فبقطع النظر عن إمكانية أو عدم إمكانية (رفض المسلمين لشريعة الإسلام)، فإن
المقابلة بين قانون اكتسب شرعيته من (نص قرآني أو نص نبوي)، وبين قانون
(اكتسب شريعته من أغلبية برلمانية تمثل أكثر الشعب) مقابلة صحيحة لا إشكال
فيها.
ثانياً: رأيتك تسأل وتقول: ( هل الأنبياء جاءوا إلى الناس لكي ينقلبوا
عليهم ويخطفوا منهم السلطة ويكرهونهم على دين الله .. أم جاؤوا دعاة مبشرين
ومنذرين ثم الناس إذا آمنوا برسالتهم أقاموا الدولة على منهاج النبوة ..).
وسؤالك
هذا -أيها الفاضل- يجيبك عنه نبيك -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (بعثت
بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده)، فحين يكون المسلمون في قوة
ومنعة وقدرة فهم مأمورون بإخضاع أرض الله لشرع الله. وهذا معنى قوله تعالى
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله). فالمقصود هنا أخضاع
الناس لشرع الله، وليس إجبارهم على الدخول في دين الإسلام.
وقد كان هذا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده ، فهم حين
فتحوا الفتوح أخضعوا البلاد للشرع، ولم يلتفتوا لنسبة المسلمين في تلك
البلاد ، أقلية كانوا أم أكثرية. ولو علق الأمر حينذاك بالأكثرية، لانتظر
الصحابة تطبيق شرع الله حتى يقنع أهل البلاد المفتوحة ويدخلوا دين الإسلام.
لكن هناك فرق بين الحديث عن مسلمين لهم دولة وشوكة وقولة -كما هو الحال
فيما مضى-، وبين الحديث عن أقلية مستضعفة في مجتمع كافر، بالكاد تأمن على
نفسها، فهؤلاء لا يسألون أصلاً عن تحكيم الشرع في تلك البلاد.
ثالثاً: دعني أسألك هذا السؤال حتى يتضح حرف المسألة التي تطرحها:
ما
رأيك لو أن حاكماً فرداً متنفذاً له قوة ومنعة وجيش وأنصار يحكم بلداً فيها
مسلمون (سنة، وشيعة)، ونصارى، ويهود، و وثنيون. وباستطاعة هذا الحاكم أن
يجري على الجميع شرع الله دون خشية أحدٍ.
فلو فعل هذا: هل يكون متعدياً على حقوق هؤلاء؟؟ وهل يكون مخالفاً لهدي الأنبياء؟
وهل ستقول له : 
لا يجوز لك الحكمُ بالشرع حتى تتحقق لك أكثرية مؤيدة؟؟
لا تقل لي هذا سؤال افتراضي، فإن أردت مثالاً حياً أعطيتك أيها الفاضل.
واسلم لأخيك ومحبك الذي آثر أن يكون أول تعليق له في الفيسبوك معلقاً على حائطك.
عبدالله المالكي
أهلا بالشيخ بندر .. نورت الصفحة .. وشكرا لمرورك الكريم ..
أولا يا شيخ بندر بصفتي مسلم وموحد فالقانون لا يكتسب شرعيته عندي من خلال
غالبية المجتمع إنما من خلال الكتاب والسنة والإجماع .. هذه عقيدتي ..
وخلافنا ليس هنا .. خلافنا كيف نجسد هذا القا…نون الذي اكتسب شرعيته – من
الكتاب والسنة والإجماع – في أرض الواقع : عن طريق الأمة أم عن طريق الحاكم
الفرد الذي اغتصب حق الأمة في امتثال الشريعة وأصبح هو الذي يحدد ما هي
الشريعة ؟ .. أيهما أضمن وأبعد عن الهوى والتحريف والعبث .. الأمة بمجموعها
أم الحاكم الفرد .. هذا هو سؤالي منذ فتحت هذا الموضوع ..
أما مسألة الجهاد والغاية منها .. فهذا موضوع آخر .. لا بأس عندي في
مناقشته .. ولكن بعد أن تتكرم وتتفضل بالإجابة عن سؤالي الأول الذي استفتحت
به هذا النقاش .. أيها أضمن وأحفظ للشريعة : أن يكون تطبيقها مرهونا
بإرادة الحاكم الفرد المستبد أم بإرادة مجموع الأمة المسلمة .. هذا هو
سؤالي بكل بساطة ؟
أما الغاية من الجهاد ؟
هل هو من أجل فرض شرع الله على الناس أم من أجل إزالة العوائق أمامهم حتى يسمعوا كلام الله ؟ ..
هل الجهاد من أجل إكراه الناس على الدين .. أو من أجل (حتى لا تكون فتنة) ؟ .. وما المقصود بالفتنة هنا ؟
هل
جهاد الطلب والذي كان يسميه بعض العلماء بجهاد الدعوة .. هل من أجل قسر
الناس على الشرع أم من أجل دعوتهم إلى الشرع .. عبر إزالة العوائق والموانع
التي تمنعهم من أن يسمعوا كلام الله ..
إذا كان جهاد الطلب من أجل إكراه الناس على شرع الله .. فلماذا كان تخيير
الأمم الكافرة بين الإيمان ومن ثّمَّ الدخول في أمة الإسلام .. أو بقائهم
على دينهم وعلى شرعهم مع دفع الجزية عن يد وهم صاغرون .. صاغرون أي خاضعون
لهيمنة دولة الإسلام من الناحية السياسة لا من الناحية الدينية أو
التشريعية .. لأنه لا يجوز إكراه الناس على الدين أو الشرع .. إنما فقط أن
تبقى دولة الإسلام هي المهيمنة وهي الأعلى حتى تكون كلمة الله هي العليا ..
هل هذه هي الغاية من جهاد الطلب ..
هذا محل بحث ونقاش وليس لدي أي مانع في بحثه معك أخي بندر .. وأعتبرها
والله فرصة ثمينة حتى أستفيد منك ويستفيد الأخوة من نقاشنا .. ولكن هذه
المسالة ليس مقام بحثها هنا .. البحث هنا : هو السؤال الذي طرحته منذ
البداية ؟
ما هو الأضمن والأصلح في حفظ الشريعة : أن تكون مرهونة بيد
الحاكم الفرد المستبد أم بيد الأمة المسلمة ؟ هذا هو السؤال الذي طرحته أنا
وأنتظر منك التفضل بالجواب حتى أستفيد ..
كذلك سؤالك عن دولة يحكمها حاكم مسلم مستبد قوي له جيشه وأنصاره ..
والمسلمون في هذه الدولة أقلية .. أقلية أمام أكثرية كافرة .. هل يحكمهم
بشرع الله أم يتنازل بالحكم لهم ؟
حتى هذا المثال يا صديقي – الاستثنائي ولا أقول الافتراضي – هو حالة
استثنائية لها حكمها الخاص ولا يصح أن نجعلها أصلا .. وقد تحكمها المصلحة
الشرعية .. ثم ليس بالضرورة أن تكون المصلحة الشرعية في قهر الناس على
الشرع ويكون حكم الإسلام مهدد بالانقلاب والثورة من قبل الأكثرية في أي
لحظة .. بل المصلحة الشرعية أحيانا هو دعوة الناس إلى الإسلام .. ويكون أهل
الإسلام هم الأكثرية .. لأنه لا يمكن .. لا يمكن أبدا أن يستمر ويدوم حكم
المسلمين على الأكثرية غير المسلمة .. فأين المصلحة الشرعية ؟
.. ثم ليس
من الشرع أن يحمل الحاكم المسلم المستبد الأكثرية الكافرة في دولته على
شرع الله .. إنما الواجب عليه أن يعدل بينهم وأن يحمي حقوقهم ويوفر لها
الفضاء الحر لكي يدينوا بديانتهم في معابدهم ويتحاكموا إلى شريعتهم
وقوانينهم .. يحميهم كما قال الفقهاء وهم يشركون بالله ويشربون الخمر
ويأكلون الخنزير .. وصدقني الأكثرية الكافرة لا تريد أكثر من هذا ..
ثم هل الحكم هنا .. بيد فرد مستبد لا يسلم من الهوى والظلم والطغيان أو بيد
الأقلية المؤمنة .. شورى بينهم .. ثمة فرق هنا .. لأن الأمر إن كان شورى
بين المؤمنين فحينها سيسود العدل والرحمة بين الرعية أي كانت ديانتهم
وطوائفهم .. وإذا ساد العدل والرحمة بين الرعية فحينها لن يبقى المسلمون
أقلية .. بل سيتحولون إلى أكثرية كما تقول شواهد التاريخ ..
الخلاصة هذا مثال استثنائي وله اعتبارات كثيرة تدخل عليه وتؤثر فيه .. ذكرت
لك بعضها .. وبالتالي ليس لدي فيه أي إشكال .. فله حكمه الخاص المبني على
المصلحة الشرعية ..
على أية حال .. ليس جيدا ولا من المناسب أن نفتح النقاش حول هذه المواضيع
المتشعبة .. إلا إذا أقفلنا الجواب عن السؤال الأساسي الذي تم طرحه ابتداء
..
ما هو الأضمن والأحفظ والأبقى للشريعة .. أن تكون مرهونة بيد الحاكم الفرد
المستبد .. أم بيد الأمة المسلمة بمجموعها ؟ لنقفل الإجابة عن هذا السؤال
.. ولنفتح بعدها كل المسائل التي تريد يا صديقي ..
واسلم لأخيك وحبيبك .. الذي ما زال يحتفظ في قلبه لك مودة خاصة وخالصة .. وسيبقى ..
بندر الشويقي
ياك الله –أخي عبدالله-. وأشكر لك ما تفضلت به.
لا أوافقك على أن تلك الصورة التي أوردتها عليك صورة استثنائية، بل هي صورة
تكررت كثيراً في التاريخ القديم والحديث. بل إني أزعم أن كل دعوةٍ إصلاحية
ناشئة ستواجه مثل هذه الصورة التي تقول إنها استثنا…ئية. فمن بداية (فتح
مكة) حين حطم النبي –صلى الله عليه وسلم- أوثان قريش (وهم أكثرية البلد)،
وإلى دعوة (ابن عبدالوهاب) حين كان يغزو الناس ويقسرهم على ترك مظاهر الشرك
بقطع النظر عن كونهم أقلية أو أكثرية. ودونك استفتاء السودان القادم على
استقلال الجنوب (فهل الحكومة هناك ملزمة شرعاً بالنزول عند رأي الأكثرية
النصرانية لو استطاعت رفض هذا الرأي).
سؤالي دائماً هو: هل كون صاحب
السلطة ذا أقلية يعني أنه لا مشروعية لتصرفاته. وهل صاحب الأكثرية يكون
دائماً صاحب المشروعية؟ هنا النقطة المفصلية في تحرير الفارق الشاسع بين
(ملة التوحيد)، وملة (إرادة الأكثرية).
أخي الفاضل…انظر معي لهاتين العبارتين لتدرك ما أعنيه. ففي تعليقك قبل
الأخير قلت: “لا يمكن أن استخدم العنف والقوة إلا في حال المشروعية التي
تجيز لي استخدام تلك القوة .. من خلال القانون الذي يمثل إرادة الأغلبية ..
حينها سأستخدم العنف والإجبار بسلطة القانون التي تمثل إرادة المجتمع”.
هذه
الجملة تعني –أيها الفاضل- أنها لا شرعية لأي قانونٍ: سماوي أو أرضي، إلا
إذا كان يمثل إرادة المجتمع. فحاول الجمع بين هذا وبين قولك لاحقاً: “بصفتي
مسلم وموحد فالقانون لا يكتسب شرعيته عندي من خلال غالبية المجتمع إنما من
خلال الكتاب والسنة والإجماع .. هذه عقيدتي”.
أخي الكريم…هل تلحظ الآن الخلل في الكلام الأول الذي كتبته وأنت تسترسل مع
التصور (الديمقراطي)، ثم رجعت ونقضته حين كتبت بصفتك مسلماً موحداً.
اختر لنا الآن أي العقيدتين…حتى يتحدد مسار نقاشنا…فبصفتك مسلماً مؤمناً موحداً…هلا أجبتنا عن هذه النقطة:
هل شرعية القانون في الدولة المسلمة تستند للكتاب والسنة؟
أم أن شرعية القانون في الدولة المسلمة تستندُ لرأي الأغلبية؟
أم
أنه لا بد من الأمرين معاً، فلا يكون للكتاب والسنة شرعيةً إلا إذا مثلا
رأي الأغلبية. وتذكر أن هذا القول الأخير هو عينه القول الثاني.
هذه الأسئلة –أيها الفاضل- ليست افتراضات جدلية، ولا مماحكات لفظية. هي
أسئلة تمس قاعدة الإيمان المبني على التسليم والانقياد والخضوع لأمر الله
ونهيه.
فقبل الحديث عمن سيطبق (الشرع) ابحث لنا أولاً: ما هو الشرع؟؟ فهنا يكمن
الإشكال الحقيقي عند المندفعين في تبني الفكرة الديمقراطية، فهم يتفقون على
أن المشروعية محصورة في (إرادة الأغلبية) بقطع النظر عن نتيجة هذه
الإرادة.
يبقى بعد هذا التنبيه لأمر: فمن الخطأ البالغ ما ذكرته من أن الكفار إذا
دفعوا الجزية، فإنهم يخضعون لدين الإسلام من الناحية السياسية دون
التشريعية والسياسية.
أبداً أخي…بل حتى من الناحية التشريعية، هم خاضعون
لدين الإسلام. نعم شرع الله أعطاهم الحق في التحاكم لمن يرتضون في
خصوماتهم. وأباح لهم استثناءاتٍ من جنس شرب الخمرة وممارسة عباداتهم. لكن
هم مع ذلك خاضعون لشريعة الإسلام، فلا يجوز لهم بناء الكنائس، والزاني منهم
يجلد أو يرجم، والسارق يقطع، وليس لهم دعوة المسلمين لدينهم، في حين يجب
على المسلمين دعوتهم للإسلام. ومن نكح منهم مسلمة قتل. والخصومة التي تقع
بين أحد منهم وبين أحد من المسلمين مردها للقضاء الشرعي الإسلامي….إلى آخر
أحكام كثيرة هم مجبورون على الخضوع لها ولا خيار لهم فيها لغير شريعة
الإسلام. فكيف تقول: إنهم لا يخضعون للتشريع الإسلامي.
تأمل هذا، وسترى أنك تخرق الإجماع حين تنساق وراء تلك التفسيرات العصرية المحدثة لغاية الجهاد ومقصوده.
أما سؤالك: عمن هو أحفظ للشرع…فهو سؤال فيه إجمال بالغ يجعل أي جواب عنه
محكوماً عليه بالخطأ سلفاً…فأخبرنا عن أي شعبٍ تتحدث؟ وفي أي ظرفٍ تتحدث؟
وعن أي حاكم تتحدث؟ وكيف ستتوصل إلى قراءة إرادة الشعب؟ وهل ستدخل معك أهل
الفسوق وأهل الأهواء المخالفة للشرع وأنت تقرأ إرادة الشعب؟ بل هل ستدخل
معك أهل الكفر الصريح في قراءتك لإرادة الشعب؟ هذه الأسئلة وغيرها كثير
تحتاج للجواب عنها قبل طرح سؤال مجمل حمال أوجه.
عبدالله المالكي
أهلا بك مرة أخرى أخي بندر ..
أؤكد لك مرة أخرى .. أن وجود حاكم مسلم يحكم أغلبية كافرة هي ظاهرة
استثنائية .. أؤكد لك .. ولكن لا أريد أن أدخل في نقاش عريض في هذه الجزئية
..
ثانيا : قولك بأن في كلامي خلل .. أخشى بأن الخلل قد يكون في فهمك لكلامي
ي…ا صديقي .. حاول أن تقرأ كلامي بتأني وتأمل وتعمق وأريحية وبعيدا عن أي
تصورات مسبقة .. أتصور بأنه سيزول ذلك الخلل الذي طرأ عليك ..
حين قلت لك بأني لا استخدم القوة والعنف في البلد الذي انتمي إليه إلا إذا
كان استخدام القوة والعنف مشروعا من خلال القانون وإلا سيكون ذلك انقلابا
على سلطة الأغلبية وبالتالي الفوضى والدمار .. فأنا أتكلم هنا عن مشروعية
استخدام العنف والقوة لا مشروعية الشريعة ..
وحين قلت لك .. بأن مشروعية الشريعة عندي لا تحصل إلا من خلال النص
والإجماع لا من خلال الأغلبية .. فأنا أتكلم هنا عن مشروعية الشريعة .. عن
تحديد مراد الله تعالى .. أين هو ؟ وكيف نحدده ؟ .. لا تحدده عندي الأغلبية
.. إنما الكتاب والسنة والإجماع .. فأنا هنا أتكلم عن مشروعية الشريعة لا
مشروعية استخدام العنف والقوة .. ولا يلزم من مشروعية الشرعية مشروعية
استخدام القوة والعنف .. مشروعية استخدام العنف والقوة لها اعتبارات مختلفة
عن اعتبارات مشروعية الشريعة ..
لا أرى في كلامي هذا يا صديقي أي خلل ..
ولكن بعيدا عن هذا النقاش المتشعب .. اتركنا منه بالله عليك .. وأجبني عن
سؤالي الذي طرحته لك .. حتى نستفيد ويكون نقاشنا موضوعيا وليس جدليا سجاليا
..
أعيد للمرة الألف .. أيهما أحفظ وأبقى وأضمن للشريعة في تصورك .. أن يكون تطبيقها مرهونا بالحاكم الفرد أم بإرادة الشعب ..
تقول حدد لي من هو الشعب .. وما هي الآليات والطرائق ..
لن أشعب الحوار .. ولن افرض لك فرضيات ذهنية ثم ندخل في أودية سحيقة في الجدال معها .. خلي هذا في وقت لاحق ..
أنا أتكلم عن واقع المجتمعات المسلمة الآن ..
شعب مسلم .. وحاكم مستبد مسلم .. هذه الحالة بالذات .. أيهما أحفظ وأبقى
وأضمن للشريعة أن يكون تطبيقها مرهونا بالحاكم الفرد المستبد أم بإرادة
الأمة المسلمة .. جاوبني بالله عليك ..
أيهما أحفظ وأضمن للشريعة عندك .. بغض النظر الآن عن الآليات التي تسأل
عنها .. حدد الآن الأصل ثم بعد ذلك نتكلم عن الآليات والإشكاليات التي
تذكرها ؟
وحتى أريحك .. أنت قدم الآليات والوسائل التنفيذية التي تجعلك مطمئن وقرير العين .. وخذ راحتك في هذا ..
المهم .. حدد لنا : الأمة المسلمة .. أم الحاكم المسلم المستبد ؟
أرجوك جاوبني ولا تحيد يا صديقي بندر .. تراني أحبك .. وسأبقى أحبك ..
بندر الشويقي
أحبك الرحمن كما أحببت أخاك الذي يكن لك أطناناً من المودة ينوء بحملها أولو العصبة ،،،، رغم لقائنا العابر.
أيها الفاضل…ليست المسألة حيدة ، فأخوك من أكره الناس للحيدة في مقام
المباحثة. لكن ما أراه أمامي أنك تطرح سؤالاً مطاطاً بدا لك أنه محرج …لمن
يرفض الأنموذج الديمقراطي، فذلك توهمت أني والإخوة نتحايد الجواب عنه.
ما أريد شرحه: أنه لا يوجد جواب مطلق عن سؤالك الذي تطرحه، ففي أحيانٍ يكون
حكم (الفرد) خيراً للناس، وفي أحيانٍ أخرى تكون إرادة (الشعب) خيراً لهم
–هذا إن كان هناك شيء اسمه إرادة الشعب-.
أنت الآن أردت أن تزيل اللبس عن سؤالك، فقلت: (إنك تتحدث عن واقع المجتمعات
المسلمة الآن). فهل تتوقع أن إرادة الأغلبية في السعودية، مثل إرادة
الأغلبية في لبنان؟ وهل تتوقع أن إرادة الأغلبية في مصر، مثل إرادة
الأغلبية في إيران؟ وهل تتوقع أن حكم فرد مثل زين العابدين بن علي، يطابق
حكم فرد مثل الملا عمر (من جهة حفظ الشريعة).
أخي الفاضل…هذه الثنائيات التي تستعملها ليست دقيقة. ومن يجيبك بأحد الخيارين، لابد أن يخطئ في جوابه.
لك أن تعتبر هذا الكلام حيدةً وهروباً، فهذه قناعتي كتبتها لك. ولست أملك
–بعد هذا- المزيد من الشرح والبيان. لكني دعني الآن أعود لمسألة المشروعية.
فهي التي تعنيني من هذه المباحثة كلها. وإن كنت أراك لا تعيرها الكثير من
الاهتمام. فمن أكبر الإشكالات التي أراها تبرز دائماً في كلام المتعلقين
بالأنموذج الديمقراطي تحاشيهم الجواب عن سؤال: المشروعية.
فمع أني عقلي القاصر عاجز عن فهم حديثك المبهم عن الفرق بين (مشروعية
الشريعة) وبين (مشروعية استخدام العنف والقوة). إلا أني سأطرح عليك سؤالاً
يوضح الإشكال:
أنت تقول: إن وجود حاكم مسلم يحكم غالبية كافرة ظاهرة استنثائية.
سوف أسلم بهذه المقدمة جدلاً –وإن كنت لا وافق عليها-، لكني أفهم من كلامك الآن أنها صورة استثنائية، وليس صورة خيالية مفترضة…
حسناً أخبرنا الآن:
هذه الحالة الاستثنائية، ما حكمها شرعاً؟
وبعبارة أوضح: هذا الحاكم إذا كان أمره نافذاً وسلطته مستقرة، هل يجب عليه
أن يحكم رعيته بشريعة الإسلام دون التفاتٍ لرأي الأغلبية؟ أم أنه بفعله هذا
يكون –في رأيك- ظالماً جائراً مستبداً مغتصباً للسلطة؟!
عبدالله المالكي
أهلا حبيبي الشيخ بندر مرة أخرى .. وأهلا بك مرات ومرات .. ولك مثل أطنانك حبا .. أطنانا وأطنانا ..
أولا يا شيخ بندر أنا أنزهك عن تقصد وتعمد الحيدة في الجواب أثناء
المباحثات العلمية .. صدقني أنت عندي أجل من ذلك .. ولكن ليس بالضرورة أن
يقع الب……احث في الحيدة عن وعي وتقصد .. الذي أراه بأنك وقعت في الحيدة
بدون أن تشعر .. هذا ما أراه ..
فسؤالي منذ البداية كان واضحا وسهلا بل ومحددا .. أمة / وحاكم مغتصب ..
أيهما أحفظ للشريعة .. أن يكون تطبيقها مرهونا بإرادة الأمة أم بإرادة
الحاكم المغتصب المستبد ..
قلت أنت بأن السؤال عام ويحتمل احتمالات كثيرة ..
حسنا تنزلت معك .. وحددت لك السؤال بشكل أدق .. وقلت لك : شعب مسلم / وحاكم
مغتصب مستبد مسلم .. أيهما أحفظ وأضمن وأبقى للشرعية في مثل هذه الحالة ..
ومع ذلك حدت يا صديقي مرة أخرى واعتبرت السؤال ما زالا عاما ومطاطا ..
يا سبحان الله .. أقول لك : شعب مسلم / وحاكم مغتصب مستبد مسلم .. وما زال
الأمر مشكل عندك يا شيخ بندر .. لا تستطيع أن تختار أحدهما .. إذن من يطبق
الشريعة ؟ ملائكة ينزلون من السماء .. أم ننتظر الدبابة الأمريكية ؟
لا شعب ولا حاكم .. يعني تبقى الشريعة معلقة ؟
يا شيخ بندر أليست الأمة بمجموعها مكلفة بالشريعة .. لماذا ننزع عنها هذا
التكليف يا صديقي .. لماذا نتردد في إعادة التكليف إليها بعد أن نزع منها
بالقوة .. لماذا ؟
كل هذا خوف من الديمقراطية .. يا أخي تذهب الديمقراطية إلى الجحيم .. يهمني
الآن الحقائق الشرعية لا المسميات .. إذا كان اسم الديمقراطية مشكل عندك
سأرمي به في البحر حتى يطمئن قلبك وتستقر نفسك .. مع أن اسم الديمقراطية
عندي لا يمثل أي حساسية أو مشكلة منهجية .. ولكن إذا كانت الديمقراطية تمثل
عندك كل هذه الحساسية إلى الدرجة التي أصبحنا حتى نتردد في إثبات حق الأمة
في تطبيق شريعة ربها .. إلى هذا الدرجة .. ونرضى بتشريع الحاكم الفرد ..
خوفا ألا نقع في شباك الديمقراطية ..
هنا أشعر بأن المشكلة كبيرة ..
المشكلة لم تعد الآن في الخوف من كون الأمة قد تعرض عن الإسلام بالكلية
وترفضه .. مع أن هذا الاحتمال إذا كان ورادا فهو أقرب بكثير إلى الحاكم
الفرد من الأمة المعصومة بمحموعها ..
لكن لم يعد الآن الخوف من هذا ..
لأني تجاوزت معك يا شيخ بندر كل الفرضيات الذهنية وقلت لك : أمة مسلمة ..
مسلمة .. مسلمة .. ومع ذلك ما زلت تتردد في منحها الحق في تطبيق الشريعة ..
يا أخي مسلمة الله يرضى عليك ..
طيب يا شيخ بندر لا بأس ..
سأتنزل معك إلى آخر نقطة ..
نحن هنا في السعودية .. أريد رأيك ..
أيهما أحفظ وأضمن وأبقى للشريعة .. أن يكون تطبيقها مرهونا بيد الملك أم بيد الشعب السعودي ..
وتأمل .. أنا هنا لا أتكلم عن مشروعية سلطة الملك .. أتكلم بالتحديد أين
المصلحة الشرعية .. أين المقاصد الشرعية .. أين الشرع .. أين مصلحة الحاكم
والمحكوم ؟ أن تبقى الشريعة مرهونة بسلطة الملك أم مرهونة بإرادة الشعب
السعودي ؟
أظن أنه ليس ثمة تحديد أدق من ذلك ؟
هيا بالله أجبني الله يرضى عليك .. ولا تحيد ..
مع أنني قلت لك بأني أنزهك عن تقصد الحيدة .. ولكن أراك تمارسها دون أن تشعر ..
وأما الأسئلة التي تفضلت بها فدلي حولها مزيد من الكلام .. ولكن ليس من الصحيح أن نتجاوز السؤال الرئيسي ونتشعب في الحوار ..
لنحسم الآن الجواب عن هذا السؤال ..
واسلم لحبيبك أيها الجميل ..
بندر الشويقي
أخي وحبيب قلبي عبدالله …
الآن جاء دوري لأدعوك إلى قراءة كلامي بروية ورفقٍ وأناة.
فأين رأيتني –سامحك الله- أحيدُ أو أتردد في “إثبات حق الأمة في تطبيق شريعة ربها”؟؟

قلت لك بصريح العبارة: هناك صور وحالات تكون إرادة الأغلبية خيراً للناس، وفي صورٍ وحالاتٍ أخرى يكون حكم الفرد المستبد خيراً لهم.
فأين الحيدةُ أو التردد في مثل هذا الجواب؟
وهل التفصيل –أيها الأريب- يعني عندك التردد؟!
وقولك إنك (تقصد وتعني شعباً مسلماً) لا أثر له ولن يغير من جوابي. فهذا
التفصيل الذي أقرره ينطبق حتى على المجتمعات المسلمة. ففي صورٍ كثيرةٍ يكون
حكم الفرد المستبد، خيراً لأهل البلد المسلم من حكم الأغلبية. لكن بريق
وضغط الأنموذج الديمقراطي (الذي ألقيته آنفاً في الجحيم) يحول دون رؤية هذه
الحقيقة رغم وضوحها.
لو أنك –أيها المبارك- وفقت لدخول المسألة من بابها، لتركت العزف على وتر
(الحيدة)، وسألتني عن تلك الحالات التي أزعم أن حكم الفرد خير وأحفظ
للشريعة من حكم الأغلبية. فإن لم أعطك جواباً فاحكم عليَّ عندها بالتهرب
والحيدة.
دونك مملكة البحرين على حدود بلدك.
هناك أغلبية رافضية في البلد منظمة سياسياً.
وهناك أقلية وحكومة سنية.
فما رأيك؟
أيهما الأحفظ للشريعة هناك؟
وهل لو استشارك ملك البحرين، ستقول له: دع الحكم للأكثرية الممثلة لإرادة الأمة؟؟
تأمل في هذا لتعرف لماذا أرفض إعطاءك جواباً مفتوحاً عن سؤالك التجريدي.
أخي عبدالله …. أيها الأريب اللبيب.
انظر لجوابي المفصل عن سؤالك العائم.
ثم انظر لسؤالي المحدد الواضح الذي تأبى الجواب عنه.
ومع ذلك، فأنا الذي أحيد عن الجواب.
فإلى الله أشكو ظلم من أحب.
فإن كنت تصر على الإعراض عما سألتك عنه ، فلن أقول: إنك تحيد. بل سأقول: لعل لك عذرك، أو لعلك تريد التأمل والتدبر…فليكن لك ما تريد.
أما بالنسبة لي، فلن أدع سؤالك عن الحالة السعودية دون جوابٍ، وبخاصة أنك
تقول: إنك تنزلت فيه معي إلى آخر نقطة…فأشكر لك –هذا التنزل-، وأعدك أن
أفصل رأيي و وجهة نظري في الحالة السعودية في تعليقي التالي بإذن الله.
واسلم لأخيك ومحبك.
عبدالله المالكي
أولا قبل أي شيء ..أود أن أقول بأني أشعر بارتياح حين أناقش عاقلا أديبا
ديَناً طالب علم متمكن مثل الشيخ بندر .. بغض النظر عما أراه من حيدة غير
مقصودة يمارسها أخي بندر وهو يرفضها ولا يسلم بها ولكني أراها أمامي كما
أرى شاشة اللابتوب التي أمامي ….. ربما قد أكون غير ضابط لمعنى الحيدة
ومفهوما وكيف تكون .. ربما معرفتي بأصول المناظرة والجدل متواضعة وسطحية ..
ربما .. لكن في النهاية هذا ما أراه أمامي ..

الذي أراه حيدة عن الجواب نحو تفصيلات وتفريعات واستثناءات عن الأصل لم
أعنيها بسؤالي .. سؤالي كان عن الأصل .. ما هو الأصل : الأمة المسلمة / أم
الحاكم الفرد المستبد المغتصب ..
والتفصيل في مثل هذه الحالة ليس جوابا يا صديقي لأني اسالك عن الأصل وأن
تذكر الحالات الاستثنائية.. والحالة استثنائية فيها رضوخ للأمر الواقع وليس
فيها تأصيلا للمبدأ الموضوعي من حيث هو ..
أعيد .. التفصيل ليس جوابا حين أسألك عن الأصل ..
ثم لا أدري أين التعميم في سؤالي .. حين أصف الأمة بأنها مسلمة فهذا تحديد
واضح كان يجب عليك حينها أن تحكم على هذه الأمة المسلمة .. أن تحكم عليها
من حيث الأصل بغض النظر عن السعودية وعن البحرين وعن لبنان وعن جزر القمر
وجزر الوق واق .. بغض النظر عن هذه التفصيلات والصور التاريخية أو المعاصرة
..أريدك أن تحكم على الأمة المسلمة من حيث الأصل هل هي مكلفة بتطبيق
الشريعة أم لا .. وبالتالي هل يجب أن نمنحها الحرية حتى يتحقق لها التكليف
الشرعي ويتحقق لها مبدأ الاستخلاف ومبدأ الشهود ومبدأ الخيرية .. أم
نستعبدها ونكرهها بتشريع الاستبداد من خلال شريع حكم الفرد .. لا يمكن أن
تتحقق لها هذه المبادئ الكبري وهي أمة مستلبة ومستبدة ومكرهة لا إرادة لها
..
طرحت سؤالا محددا وواضحا على حبيبي بندر : شعب مسلم / وحاكم مغتصب مسلم .. وما زال يراه سؤالا مطاطا وعاما ..
لكن بغض النظر عن هذه الحيدة التي ما زلت أراها رأي العين وما زال أخي بندر
ينكرها .. أقول بغض النظر عن هذا .. وبغض النظر عن أي شيء آخر .. فإني
سعيد جدا بمناقشتك حبيبي وقلبي بندر .. ولتعلم يا صديقي بأني استفيد من هذا
النقاش أكثر منك .. فربما قد يكون لدى الإنسان فكرة تحتاج إلى مراجعة إلى
تأمل إلى كشف بعض الثغرات ومحاولة سدها .. فالنقاش مع العقلاء يساعد كثيرا
على هذا .. وأتمنى أن يكون هذا نفس الشعور لدي أخي بندر .. وأن نكون
مستعدين لمراجعة كل قناعاتنا وأفكارنا دون تعصب ودون تحسس أو مشاعر نفسية
لا علاقة بموضوعية العلم ..
أما تعليقي فأولاً أريد أن أؤكد على قضية مسلمة ومحكمة حتى لا تضيع مع زحمة النقاش وهي :
أن تعظيم الشريعة ووجوب الامتثال لها هي من صميم عقيدة المسلم وهي مقتضى
التوحيد .. فكل مؤمن يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يجب عليه
أن يعتقد هذا الاعتقاد .. بغض النظر عن رأي الأقلية أو الأغلبية .. حتى ولو
كان المؤمن وحيدا في بلده أو مجتمعه فإن الاعتقاد بأن الشريعة هي الحاكمة
عليه وعلى المجتمع الذي ينتمي إليه هو اعتقاد واجب لازم قطعي .. وترك ذلك
أو الإعراض عنه قادح في إيمانه .. والنصوص القطعية المحكمة في ذلك كثيرة
ومشهورة .. ليس فقط مجرد الاعتقاد .. بل يجب عليه أن يعلن إنكاره لكل ما
خالف الشريعة حتى ولو تبنته الأغلبية .. ليس فقط أن ينكر بلسانه .. بل يجب
عليه أن يسعى بجوارحه إلى أن يغير ذلك المنكر وفق الوسائل المتاحة في بلده
..
هذه المسلمة لا بد من بيانها حتى لا يأتي مستعجل ومندفع – حاشاك أخي بندر
فلستَ معنيا بهذا الكلام – ويقول بأن شرعية الشريعة عند هؤلاء الديمقراطيين
الإصلاحيين مرهونة برأي الأغلبية .. شرعية الامتثال بالشريعة قائمة عندي
بالنص والإجماع وليس من خلال الأغلبية .. هذه عقيدة راسخة في قلبي لا أستمد
مشروعيتها من رأي الأغلبية بل من خلال إيماني بالوحي الذي أنزل على محمد
عليه صلوات ربي وسلامه .. كما استمدها من إيماني بأن هذه الشريعة الربانية
هي أعدل الشرائع وأرحم الشرائع ليس لأهل الإسلام بل لكافة البشرية بمللهم
وطوائفهم ..
أرجو أن تكون هذه المسلمة واضحة ..
هذه المسلمة المحكمة هي الشرعية السياسية في الإسلام التي يجب أن يسّلم بها كل مسلم ..
أما السياسية الشرعية .. وهي مسألة إمكانية تطبيق هذا الشريعة في أرض الواقع .. فهي محل نقاشنا ..
تلك الشريعة التي آمنا بها وسلمنا بها وامتثلنا لها .. من المسؤول والمكلف عن تطبيقها ؟
وحين تطبق هذه الشريعة .. أيهما أبقى وأحفظ لها من التحريف والعبث والهوى
.. أن يكون تطبيقها مرهونا بإرادة الحاكم الفرد المستبد المغتصب أم بيد
الأمة المسلمة المؤمنة الموحدة ..
من المكلف هنا بتطبيق الشريعة ؟
هل هو الحاكم المستبد المغتصب دون الأمة .. أم الأمة بمجموعها (الحاكم والمحكوم) ..
هنا محل النقاش ..
ولهذا أتمنى أن يحمل نقاشي مع أخي بندر حول هذه المنطقة (الخضراء) .. ولا يذهب به البعض إلى مناطق (حمراء) .. لم أذهب إليها ..
إذن نقاشنا من المسؤول عن تطبيق الشريعة ؟
لا يمكن أن نقول – يا شيخ بندر – الشريعة حاكمة ثم نسكت .. لا يصح .. هذه
دعوى المحكمة الأولى من الخوارج حين رفعوا شعار (لا حكم إلا لله) في وجه
علي بن أبي طالب والصحابة رضي الله عنهم أجمعين حين حكموا الرجال .. فرد
عليهم الصحابة بأن الرجال هم الذين يحكمون بالقرآن وليس القرآن هو الذي يقم
حكما بين المتخاصمين ..
نعم (لا حكم إلا لله) كشرعية سياسية .. ولكن (من يطبقها ؟) هذه هي السياسة الشرعية ..
عبدالله المالكي
مشكلتك يا حبيبي بندر أنك لا تفرق بين الشرعية السياسية كمبادئ وبين السياسية الشرعية كواقع ..

الشريعة لا تمشي في الأسواق ولا تأكل الطعام .. الشريعة مبادئ وقيم .. والناس ممتحنون ومكلفون بتطبيقها ..
فمن يطبقها ؟

كرؤية سياسية عندك .. من المسؤول عن تطبيقها كأصل بغض النظر عن الاستثناءات والتفريعات والصور التاريخية أو المعاصرة ؟
ما هو الأصل عندك وفق ما تعرفه من نصوص الشريعة وعمل الصحابة ؟ قبل أن نذهب إلى صورة معينة تاريخية أو معاصرة هنا أو هناك ؟
لم تجبني يا صديقي بندر عن هذا الأصل سوى بذكر تفصيلات واستثناءات وصور معينة .. وما زال السؤال مفتوحا ؟
حينها تنزلت معك إلى صور معينة ؟ إلى الحالة السعودية ؟ مع أن الصحيح أن
نحدد الأصل ثم ننطلق بعد ذلك إلى أي صورة تراها .. ونحدد لها الحكم الخاص
بها وفق الاعتبارات المصلحية الشرعية .. لكن لا بد أولا من تحديد الأصل ..
من تحديد الرؤية السياسة الشرعية .. حتى نكون واضحين مع العالم ..
اضطررت أن أتنزل معك وأحدد لك صورة معينة وهي الحالة السعودية .. حتى ننطلق منها في تحديد الأصل ؟
ولكن للأسف حدت عن الجواب مرة أخرى وذهبت إلى حالة البحرين وسألتني عنها ؟
حينها سأحيد مثلك للأسف .. وسأذكر لك صورا كصورك .. وسنسبح في بحار الصور والأمثلة .. والأصل غائب ..
حالة المسلمين ببريطانيا ؟ ما الواجب الشرعي عليهم ؟ أن يدعوا الناس إلى
الإسلام كما هي وصية النبي صلى الله عليه لمعاذ بن جبل حين أرسله لأهل
اليمن فقال له : (فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن
هم أطاعوا لذلك) تأمل معي هم (فإن أطاعوا لذلك) أي إذا آمنوا وامتثلوا
للإسلام .. حينها (فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة
فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من
أغنيائهم فترد في فقرائهم) الحديث ..
لم يذهب معاذ رضي الله عنه إلى
اليمن لكي يؤسس تنظيما سريا ليحدث انقلابا ويخطف السلطة ثم يكره الناس على
تطبيق الشريعة قسرا .. وإنما ذهب داعية مبشرا ونذيرا .. ذهب بمبدأ (فإن
أطاعوا لذلك) .. ولهذا آمن أهل اليمن ودخلت البلاد في سلطة المسلمين ..
هل
هذا هو الواجب الشرعي على المسلمين البريطانيين تجاه مجتمعهم الكافر .. أن
يقوموا بدعوتهم إلى الإسلام فإنْ هم آمنوا .. فحينها بناء على منطق
التاريخ ومنطق السنن الاجتماعية سيكون الإسلام هو دستورهم ومنهج حياتهم ..
وسـتأتي حينها الدولة والسلطة على يدي هذا المجتمع المسلم ..
أم أن الواجب الشرعي على المسلمين في بريطانيا تجاه مجتمعهم هو أن يؤسسوا
تنظيما سريا بهدف إلى الانقلاب على ذلك المجتمع وخطف السلطة منه .. ثم سلب
الحريات العامة التي يتمتع بها وفرض الشريعة عليه فرضا .. لأن فرض الشريعة
على المجتمعات الإنسانية بحسب قولك يا شيخ بندر واجب شرعي على كل مسلم بغض
النظر هل جاء ذلك عن إيمان وقناعة من المجتمع (= فإن هم أطاعوا لذلك) أو
جاء قسرا وإكراها من خلال الفرد .. لا يهم .. المهم تطبيق الشريعة حتى ولو
لم يطيعوا لذلك ..
أين منهج الأنبياء بالله عليك يا حبيبي بندر ؟
إن اخترت الخيار الثاني .. فسأسلك أين خيارك هذا من سيرة النبي صلى الله
عليه وسلم .. هل بدأ دعوته في مكة بتنظيم سري لإحداث انقلاب على دار الندوة
ومن ثم فرض الإسلام عليهم بالقوة والعنف .. أم بدأ دعوته بتبشير الناس
وإنذارهم حتى يؤمنوا ..
ثم أسألك .. متى بدأ مشروع الدولة ؟ أليس في المدينة ؟ وكيف تحققت الدولة هناك ؟
هل بإرسال مصعب بن عمير حتى يؤسس تنظيما سريا لكي يحدث انقلابا على المجتمع
المدني ويفرض عليهم سلطة الإسلام .. أم بدعوة مصعب بن عمير للناس فلما
آمنوا بايعوا ..
كيف أخذ النبي صلى الله عليه وسلم شرعية السلطة .. أليس ببيعة النقباء .. الذين كانوا يعبرون عمن خلفهم من أهل المدينة ..
على أية حال .. هذه تساؤلات أمام صورة من الصورة الموجودة في الواقع .. وهي
صورة الأقلية المسلمة في مجتمع غير مسلم .. لا تقول بأن هذه الأقلية
مستضعفة .. هذا لا يؤثر .. أنت لن تطالبهم بأن يخرجوا الآن وهم ضعاف
ويحدثوا الانقلاب .. ولكن يجب عليك أن تطالبهم – وفق قناعاتك – بأن يبدؤوا
في إعداد أنفسهم جيدا ويؤسسوا خلايا وتنظيمات سريا .. حتى تتهيأ لهم فرصة
الانقلاب على الأكثرية وفرض الشريعة عليهم بالقوة والعنف ..
هذه صورة مثلا .. وسنسبح في بحار الصور ..
عبدالله المالكي
ربما هذه الصورة وهذا المثال لأقلية مسلمة بين غالبية كافرة .. ولكن يلزمك
فيه – وفق قناعتك – أن تختار الخيار الثاني .. وهو التفكير والإعداد
للانقلاب وخطف السلطة .. وليس الدعوة إلى الإسلام .. الدعوة إلى الإسلام
ستكون عندك مجرد تكتيكا حركيا لتح…قيق الإستراتيجية الكبرى .. وهي الانقلاب
وخطف السلطة .. وليس إدخال الناس في دين أفواجا ..
ولكن ما دام أن نقاشنا حول مجتمع مسلم يحكمه حاكم مسلم مستبد اغتصب السلطة .. فبين يديك حبيب بندر صورتين اثنتين قارن بينهما ..

الصورة الأولى : ولاية عثمان بن عفان رضي الله عنه .. والتي استحقها عبر
إرادة الأمة .. حتى أن عبدالرحمن بن عوف كان يستشير النساء في خدرهن وفي
الطرقات ..
والصورة الثانية : ولاية عبدالملك بن مروان .. والتي اغتصبها بسيفه وقوته واستبداده ..
أيهما كان الأحسن والأخير للإسلام .. أيهما كان أحفظ للشريعة ..
الولاية التي جاءت عبر إرادة الأمة وكانت لها الولاية على الشريعة تحتسب
فيها على الإمام .. أم الولاية التي جاءت بالقوة والقهر والاستبداد
والشريعة تحت ولايته وإرادته ..
علما بأن عبدالملك بن مروان رحمه الله قبل أن يغتصب السلطة كان من أعبد
الناس وأزهد الناس ولكن حين اغتصب السلطة دون الأمة وجرد الأمة عن ولايتها
على الشريعة .. لم يسلم من الهوى والتبديل وحصل له ما حصل .. غفر الله له
.. ولو أنه تولى السلطة كما تولى الخلفاء الراشدون عبر إرادة الأمة
والولاية الشرعية بيدها .. لما استطاع أن يبدل ويغير ..
هذه صور معينة ذكرتها لك حبيبي بندر مقابل الصورة التي ذكرتها عن حالة
البحرين .. علما بأن صوري التي ذكرتها لك انطلقت فيها من الأصل المستقر
عندي ابتداء .. وهو أصل (فإن هم أطاعوا لذلك) ..
فاصل (فإن أطاعوا لذلك) هو أصل في السياسة الشرعية .. بخلاف الشرعية
السياسية .. الشرعية السياسية قائمة على وجوب تطبيق الشريعة الربانية
والسعي إلى ذلك .. ولكن كيف ؟ كيف ؟ .. هنا تأتي السياسية الشرعية .. والتي
تنطلق من مبدأ الدعوة إلى الإسلام .. (= فإن هم أطاعوا لذلك) ..
بخلاف الانقلاب وخطف السلطة من الأكثرية وفرض الشريعة عليهم بالإكراه .. فليس هذا أصل في السياسية الشرعية ..
انظر يا صديقي بندر كيف نحن ننتقل من صورة إلى صورة ونحن لم نحدد بعدْ ما
هو الأصل الشرعي : الأمة المسلمة أم الحاكم المستبد المغتصب ..
لهذا كنت ألح وأصر عليك أن نحدد ما هو الأصل الشرعي .. قبل أن نتحاور عن
صورة تاريخية أو معاصرة من هنا أو هناك .. وقبل أن ندخل في تفصيلات أو
استثناءات قد تحكمها اعتبارات خارجية تصرفها عن الأصل أحيانا ..
والاستثناءات كما تعلم لا تؤثر في القاعدة ولا تخرم ثبات الأصل إذا كان ذلك
الاستثناء لاعتبارات شرعية أخرى ..
على أية حال انتظر جوابك عن الأصل الشرعي في رؤيتك السياسية : أيهما أحفظ
وأبقى للشريعة أن يبقى تطبيقها مرهونا بيد الأمة المسلمة أم بيد الحاكم
الفرد المستبد .. .. وإذا أبيت وحدت مرة أخرى حبيبي بندر .. فلا أقل من أن
تجاوبني عن الحالة السعودية ..
أما سؤالك عن دولة يحكمها حاكم مسلم مستبد الأكثرية فيها من الكفار ..
سأجيبك عن ذلك .. من عيوني يا شيخ بندر .. ولكن بعد أن تحدد لي ما هو الأصل
عندك ..
عبدالله المالكي
ثمة كلام كثير حول مسائل أثرتها حبيبي بندر لا أريد أن أخوض فيه ويتشعب الحديث .. من ذلك :

1) مسألة السودان .. وجنوبه الآن .. هو مثال لي وليس لك يا صديقي .. مثال
صارخ يدلك على أن الحكومة المسلمة المستبدة المتفردة بالسلطة لا تستطيع أن
تفرض سلطان…ها على أغلبية كافرة مهما طال الزمن إذا لم تدخل تلك الأغلبية
في الإسلام كما حصل في زمن الفتوح .. وقد اعترف بذلك أكبر قيادات العمل
الإسلام السياسي في السودان حيث ذكر أنهم كانوا مشغولين بتثبت السلطة في
الجنوب على حساب دعوتهم للإسلام وفرض العدالة والحقوق بينهم .. حينها
تمسكوا بهويتهم وتعصبوا لها .. وحينها عملوا جاهدين في التحرر والانقلاب
على السلطة .. وحينها دخلت السلطة في معارك طاحنة واستنزاف دائم لقوتها حتى
تثبت سلطتها بالقوة والعنف .. ولكن ما هي النهاية ؟ النهاية ما تراه يا
شيخ بندر ؟ الإقليم على وشك الانفصال .. والله أعلم ماذا سيكون حالة
الأقلية المسلمة هناك .. ؟
2) مثال البحرين .. مثال غريب جدا .. كيف ترى بأن النظام السياسي في
البحرين يمثل السنة فعلا .. يمثل رؤيتهم وعقيدتهم وقيمهم ومبادئهم .. يا
أخي هل رحت إلى البحرين ورأيت بنفسك كيف الشريعة تطبق هناك .. والله مشكلة
.. نعم الجمعيات والتنظيمات السنية هناك تمثل السنة بلا شك ؟ لكن النظام
السياسي هل يمثل السنة ؟ نظام يسعى بإلحاح لمد يده لإسرائيل .. نظام يسمح
لأمور مزعجة ومقرفة استحي ذكرها هنا .. نظام ماذا أقول عنه لكن يكفي أنه
ليس أسوأ من غيره من بقية الأنظمة العربية القائمة .. كيف تضرب به مثلا يا
شيخ بندر على النظام الإسلامي الذي يطبق الشريعة على الأكثرية الرافضة
للشريعة .. أي شريعة يطبقها هذا النظام ؟ ما لقيت إلا النظام السياسي في
البحرين .. هل هذا النظام يمثل السنة مقابل الشيعة ؟
إذا كانت تزعجك
مسألة الشيعة هناك وميلهم نحو النزعة الصفوية الإيرانية .. وهي تزعجنا كلنا
.. فقد أخبرك البحريني الأصيل الأستاذ عمار كيف يمكن حلها ومواجهتها ..
ليس حلها بمزيد من الاستبداد والقهر .. وإنما بفرض العدالة والحقوق ..
3) تقول (سلطة الشعب لا وجود لها في الشرع .. بل لا وجود لها تحت أديم
السماء) .. حسنا .. أما تحت أديم السماء فهذا إنكار لما هو معلوم ومشاهد ..
ولكن لا إشكال سأناقشك حولها لاحقا إن أردت .. أما عدم وجودها في الشرع ..
فالشريعة يا صديقي بندر أتت بمبدأ (ولاية الأمة) قبل أن تأتي الديمقراطية
بمبدأ (سلطة الشعب) وهذان المبدءان لا يختلفان .. على الأقل فيما أفهم
وأتصور .. فإذا كانا مختلفين عندك .. فلا بأس .. ارمي بالديمقراطية وبـ
(سلطة الشعب) عرض البحر يا صديقي .. وتكلم معي عن مبدأ (ولاية الأمة) ..
ولايتها على الشرع وعلى الحاكم .. وعلى نفسها .. تكلم معي حول هذا المبدأ
.. وأما كون هذا المبدأ هو ذات مبدأ (سلطة الشعب) فاتركه لاحقا .. خلينا
الآن نثبت مبدأ (ولاية الأمة) اللي قاعد أنت تحيد عنه يا صديقي بندر ..
4) تقول بأن (بريق وضغط الأنموذج الديمقراطي يحول دون رؤية هذه الحقيقة) ..
أستطيع أن أجاريك حبيبي بندر وأقول (فوبيا وبعبع الأنموذج الديمقراطي يحول
دون اعترافك بولاية الأمة في تطبيق الشرع) أخشى حبيبي بندر بأن حساسيتك من
الديمقراطية تدفعك إلى تجاوز الحقائق الشرعية .. كـ (ولاية الأمة) ..
فعندما شعرت بأن هذه الحقيقية الشرعية تتقاطع مع مبدأ (سلطة الشعب) ..
حينها ترددت في إثباتها .. وذهبت للصورة والتفصيلات ..
ومع ذلك كما قلت لك .. لنتجاوز الديمقراطية الآن .. ولنحرر الحقائق الشرعية
كما هي في ذاتها .. بعيدا عن (بريق الديمقراطية) كما تتهمني بذلك وبعيدا
عن (فوبيا الديمقراطية) كما سأتهمك بذلك .. وبعدها نذهب إلى الديمقراطية
ونرى هل تتوافق مع الشريعة أم لا ؟
بندر الشويقي
أخانا وحبيبنا عبد الله.
حاولت طوال اليوم –دون جدوى- أن أقتطع وقتاً
لكتابة ما وعدتك به حول الحالة السعودية. وكنت أحسبك ستنتظر جوابي عما
سألتني عنه. لكني رأيتك الآن فتحت أبواباً وكتبت تعليقاتٍ جديدة ملبسة
تجعلني أؤجل ((مؤقتاً)) الجواب عن سؤالك…. ((ولن يطول هذا التأجيل بإذن
الله)).
وسوف أصدقك –كعادتي مع من أود- وأقول: إني بعد قراءتي كلامك الأخير حمدت
الله كثيراً على التزامي بما تسميه (حيدة)، فلقد تبين الآن أني كنت مصيباً
حين رفضت إعطاءك جواباً مطلقاً عن سؤالك العائم المجمل. فمن الواضح الآن
أنك غيرت مسار سؤالك، فصرت تفسره بطريقة مختلفة تماماً …. وهذه طبيعة
السؤال المجمل الذي يمكن تقليبه على أكثر من وجهٍ.
فسؤال البارحة: كان له معنى…والليلة أصبح له معنى آخر!
أنت في البداية طرحت سؤالاً: (أيهما أحفظ للشريعة: أن تكون مرهونة بالحاكم الفرد أم بإرادة الشعب؟).
قلت لك: سؤالك فيه إجمالٌ.
فأجبتنا بأنك : تتكلم عن ((واقع المجتمعات المسلمة الآن)).
إن لم تكن نسيت كلامك هذا، فأعد قراءة تعليقات الثلاث الأخيرة حيث أعلنت
لنا الآن أنك حين طرحت سؤالك إنما كنت تسأل عن الأصل، وليس عن مجتمعاتٍ
معينة لها ظروفها المختلفة التي نتعامل معها حسب الاعتبارات المصلحية.
فهل تلحظ الآن كيف يتلون السؤال المجمل؟
ليلة البارحة كنت تقول: إنك تتساءل عن واقع المجتمعات المسلمة الآن.
لكن تعليقك الأخير يقول: إنك تسأل عن الأصل. بل رأيتك ترسم لنا منهجية في
الحوار، فذكرت أن ((الصحيح أن نتحدث عن الأصل، ثم ننطلق بعد ذلك إلى أي
صورة، ونحدد لها الحكم الخاص بها، وفق الاعتبارات المصلحية الشرعية))
بل زدت في التمليح والظرف، فقلت “كنت ألح وأصر عليك أن نحدد ما هو الأصل
الشرعي، قبل أن نتحاور عن صورة تاريخية أو معاصرة من هنا أو هناك”.
تأمل –يا صاحبي- كيف يتقلب السؤال المجمل حسب مسار الحوار ومتطلبات الجدل.
فاثبت لنا الآن على رأي…هل سؤالك عن الأصل، أو عما يناسب المجتمعات المسلمة الآن.
هناك فرق كبير –أيها الألمعي- بين الحديث عن الأصل الذي جاءت به الشريعة،
والذي يفترض أن يسير عليه المسلمون في حال القدرة عليه. وبين الحديث عن
المجتمعات المسلمة الحالية حيث لا توجد سوى خياراتٍ محدودة نبحث فيها عن
الخيار الأقل سوءاً. فإرادة (الحاكم المستبد) أو ما تسميه أنت (إرادة
الشعب) كلها عندي خيارات سيئة. أما أيهما الأسوأ فهنا يأتي التفصيل بحسب
الأحوال والاعتبارات المصلحية والتي تجعلنا في كثير من الأحيان نفضل بقاء
حكم الفرد على الخيار الآخر الأسوأ.
وقد ضربت لك مثالاً بواقع دولة البحرين، حيث الأكثرية الرافضية والحكومية
السنية، ولكم تملكني العجب حين رأيت تعليقك على هذا المثال، فلقد استبان لي
أن هناك مشكلة مزعجة في طريقة تفسيرك لكلامي.
رأيتك تتساءل: كيف يرى بندر أن النظام السياسي في البحرين يمثل السنة في
رؤيتهم وعقيدتهم وقيمهم ومبادئهم. بل زدتَ على هذا فذكرت أني ذكرت البحرين
مثالاً على النظام الإسلامي الذي يطبق الشريعة على الأكثرية الرافضة
للشريعة!!
حبيبي عبدالله –عافاك الله من داء العجلة-…..أنت كمن يشتمني ويبصق في وجهي،
حين تفسر كلامي بهذه الطريقة. ومتى رأيتني أقول نصف هذا الكلام، فاحكم على
عقلي بالزوال وعلى ديني بالتلف الكامل.
يا أخي الكريم…حين أصف لك حكومة البحرين بأنها سنية ، فمعنى هذا أنها ليست
شيعية رافضية فقط لا غير. وأن هواها مع الأقلية السنية.. فهل صعب عليك فهم
هذا؟ وهل وصف النظام البحريني بالسني يعني أنه يمثل أهل السنة في عقيدتهم
وقيمهم ومبادئهم، وأنه يطبق الشريعة على الأكثرية؟ أنا لا أعتقد أصلاً
بوجود نظامٍ على وجه الأرض يمثل أهل السنة في قيمهم ومبادئهم وقيمهم…لا في
البحرين ولا غير البحرين.
فأسأل الله أن يحفظ لي عقلك وفهمك عن مثل هذه الزلات المؤذية.
ما أردته –وكنت أحسبه في غنى عن الشرح-:
أن بقاء النظام البحريني الحالي على ما فيه من بلاء، أحفظ للشريعة من التنازل عن البلد للأكثرية الرافضية المدعومة من الخارج.
فإن كان لك رأي في هذا فاطرحه…لكن رجاء لا تعد لشتيمتي بتفسيراتك الشاطحة لكلامي.
للحديث بقية بإذن الله.
بندر الشويقي
هنا مشكلة أخرى كارثية في تفسير الكلام وفهمه…
انظر أخي عبدالله إلى أول تعليق لي هنا، وستجدني أقول بالحرف الواحد:
“هناك فرق بين الحديث عن مسلمين لهم دولة وشوكة وقوة –كما هو الحال فيما
مضى-، وبين الحديث عن أقلية مستضعفة في مجتمع كافر، بالكاد تأمن على نفسها،
فهؤلاء لا يسألون عن تحكيم الشريعة أصلاً”.
هذا الكلام –أيها الصاحب- تجده في أول تعليق لي في الأعلى. فأنا أقول لك من
البداية إن الأقلية المسلمة في المجتمع الكافر غير مسؤولة عن تحكيم
الشريعة ولا مطالبة بذلك.
هذا ما قلته من البداية.
ومع ذلك انظر إلى ما كتبته وأطلت في شرحه عن المسلمين في بريطانيا، وأنهم
وفق قولي مطالبون بأن يؤسسوا تنظيماتٍ سرية حتى تتهيأ لهم فرصة الانقلاب
على الأكثرية وفرض الشريعة عليهم بالقوة!!!
ثم شرعت وسرحت وبسطت في شرح هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وتحدثت
عن مصعب بن عمير في المدينة. وأطلت الحديث في شيء لا علاقة لها بما نحن
فيه.
ومع ذلك كله…أنا الذي أحيد عن موضع البحث.
يا عبدالله أصلحك الله ، هل قرأت كلامي جيداً.
أحدثك عمن يملك الدولة والسلطة والولاية المستقرة … وتحدثني عن الأقلية
المسلمة في بريطانيا. التي يلزمها الشويقي بتأسيس تنظيمات سرية للانقلاب
على الحكومة البريطانية!!
على كل حالٍ أنا أحمد الله أنك صديق وفي ، ولست ضابط مباحث. فلو اجتمع لك هذا الفهم، مع رتبة في السلك الامني، لكنت الآن وراء الشمس.
ركز معي قليلاً…أيها الفاضل.
بندر الشويقي
وهذا فهم وتفسير كارثي ثالث لعبارات العبد الضعيف:
أخي وحبيبي عبدالله….
قلت في تعليقي أعلاه على جاري الكريم محمد العبد الكريم:
…”لا وجود في شريعة الإسلام لشيء اسمه (إرادة الشعب)، بل لا وجود لهذا الشيء تحت أديم السماء”.
هذه عبارتي التي أثارت حفيظتك…فلننظر ماذا فعلت بها، وكيف فسرتها:
ذكرت –بورك فيك- أن ما قلته يعد إنكار لما هو معلوم مشاهد.
و أن الشريعة أتت بمبدأ (ولاية الأمة) قبل أن تأتي الديمقراطية بمبدأ (سلطة الشعب).
ثم تحدثت عن (ولاية الأمة) في تطبيق الشرع، وأن بندر الشويقي يتردد في إثبات ذلك!
عبدالله يا صاحبي…ترفق….ففي العجلة الندامة والملامة.
لم أنكر قط (ولاية الأمة) في تطبيق الشرع، وإنما الذي أنكرته: وجود شيء
اسمه (إرادة الشعب)، فإن كنت ترى أن الكلمتين متساويتان فلا تلزمني بفهمك
فضلاً ورجاءً.
لكن اسمح لي أن أشرح لك ما الذي أعنيه حين قلت إنه لا وجود تحت أديم السماء
لشيء اسمه (إرادة الشعب)…وسوف أبين لك: لماذا قلت إن هذا تعبير مضلل.
وحتى لا تقول إن هذه حيدة…فتذكر دائماً أنك أنت من طرح هذه المسائل أجمع.
في حين كنت أريد أن أناقش الحالة السعودية التي طالتبني بالحديث عنها. ومع
ذلك فأنا لم أزل عند وعدي لك قريباً بإذن الله.
تأمل أخي في الآتي:
حين يتنافس أربعة على السلطة، فيحصلون على النسب الآتية:
(27%) …(23%)….(22%) … (28%).
دعنا نفسر هذه النتيجة:
فالفائز بالانتخابات هو الأخير الذي حصل على نسبة (28%) من الأصوات.
ومعنى هذا أن الذين يرفضونه يشكلون نسبة (72%) من الشعب.
ومع ذلك سوف يقال إن هذا الفائز يمثل (إرادة الشعب)!!
فهل هذا تعبير دقيق عن الواقع … أم أنه تعبير مضلل؟
وحتى لو حصل الفائز على نسبة (60%) أو أكثر. فهل يصلح أن نتجاهل رأي أكثر من ثلث الشعب، ثم نقول: إن هذا الفائز يمثل (إرادة الشعب).
تلك النظم السياسية الوضعية –أيها الأريب-، تفتقر دائماً للسند الإلهي.
فلذلك كانت ولم تزل تبحث عن سند آخر للمشروعية. والسؤال الذي ظلت تعانيه
هو:
العقول والآراء تتفاوت…فمن الذي يملك حق فرض نظامه على الآخرين؟
وهل كون فئتك أكثر من فئة غيرك مما يعطيك الحق في فرض نظامك على الفئة الأقل؟
وبأي حق تتحكم الأكثرية في خيار الأقلية؟
وما الفرق بين استبداد الفرد واستبداد الأكثرية حين تصادر خيار الأقلية؟
وإذا حرمنا وجرمنا الفرد الذي يصادر رأي الشعب، فلماذا نبيح للأكثرية أن تصادر رأي جزء كبير من الشعب؟؟
هذه الأسئلة المحرجة هي التي أنجبت خرافة اسمها (إرادة الشعب).
وبهذا الشعار الوهمي الخداع ، صار هناك مبرر لمصادرة رأي الأقلية…فلا خيار لأحد أمام (إرادة الشعب).
فهل فهمت ما أعنيه بأنه لا وجود لشيء اسمه (إرادة الشعب).
هذه النقطة أطرحها علها تحرك الماء الراكد .. على حد تعبير الهجلة.
وللحديث بقية بإذن الله…
بندر الشويقي
تحدثت –أخي- عن مثال دولة السودان. وقلت إنه “مثال صارخ يدل على أن الحكومة
المسلمة المستبدة المتفردة بالسلطة لا تستطيع أن تفرض سلطانها على أغلبية
كافرة مهما طال الزمن إذا لم تدخل تلك الأغلبية في الإسلام كما حصل في زمن
الفتوح”. ونقلت عن أكبر ق…يادات العمل الإسلامي هناك اعترافه بأنهم تشاغلوا
بتثبيت السلطة في الجنوب على حساب الدعوة للإسلام.
في كلامك هذا –أيها الحبيب- تبرز من جديد معضلة فرض التناقضات والمقابلة
بين أمرين لا تناقض بينهما…فأنت تطرح المسألة بهذا الطريقة: فإما أن نحكم
الكفار الذين تحت أيدينا بالشرع، وإما أن نتشاغل بدعوتهم.
بالإمكان أن تفرض نظام دولتك المسلمة (إن استطعت) على من تحت يدك من أهل
الكفر، ولا يعني هذا أن تعرض عن دعوتهم للإسلام. والنظام السوداني اعتنى
بجانب على حساب جانب، فمن هنا جاء الخطأ.
على أني لم أفهم قولك: (كما حدث زمن الفتوح) هل تعني بهذا أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- وصحابته لم يكونوا يحكمون بلداً بشرع الله، حتى يدخل أهلها
في الإسلام؟ إن كان هذا مرادك فأثبته لي لأتوقف عنده، فخير الهدي هدي محمد
صلى الله عليه وسلم.
بل الذي أزعمه وأدعوك لاتباعه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته حين
فتحوا البلاد أخضوعها لشريعة الإسلام، دون التفاتٍ لرضا أهلها أو سخطهم.
لكنهم مع ذلك دعوا إلى الإسلام، فاجتمع نفوذ السلطة، مع نفوذ الحجة، فأثمر
ذلك انتشار الإسلام في الخافقين.
هذا هدي محمد (صلى الله عليه وسلم) وصحابته وهو خير الهدي وأكمله. ولن تجد
بيئة أنسب للدعوة للإسلام، من بيئة يحكم فيها دينُ الإسلام بعدله وسماحته
وسمو تشريعاته.
على أني لم أورد لك المثال السوداني لتحدثني عن أخطائه التي تعرفها وأعرفها.
لكني ذكرته لك فقط مثالاً من أمثلة كثيرة وفيرة على صورة الحاكم المسلم
الذي يرعى أكثرية كافرة. وكان سؤالي: هل الحكومة السودانية ملزمة ((شرعاً))
بالنزول عند رغبة سكان الأقليم الجنوبي، وإعطائهم استقلالهم؟ ولو رفض
النظامُ اختيارهم الاستقلال، هل تكون بهذا آثماً منتهكاً لحقهم في
الاختيار….(هذا كله على فرض أنها تملك الخيار).
هكذا كان السؤال الذي تركت جوابه، وذهبت تحدثني عن خطأ الحكومة السودانية حين أهملت الدعوة، وتشاغلت بتثبيت السلطة.
عمار العباسي
شيخ بندر.. قلت: “يا أخي الكريم…حين أصف لك حكومة البحرين بأنها سنية ،
فمعنى هذا أنها ليست شيعية رافضية فقط لا غير. وأن هواها مع الأقلية
السنية.. فهل صعب عليك فهم هذا؟”
ليس هذا موضوع الحوار عموما.. لكن ما ذكرته من أن هواها مع الأقلية، غير صح…يح.. هواها مع شخوص من فيها فقط!!
بل وقع الظلم على السنة لعله أكثر!!
فلا هواها مع الأقلية ولا هم يحزنون..
النقطة الأخرى، تقسيم النسب التي ذكرت ليس هو المعمول به على الأقل في الانتخابات عندنا في البحرين..
وهذه الطريقة بالامكان إبداع حلول كثيرة لها..
مثال فقط للحل المعمول لدينا، عندما لا يحصل أي مرشح على 50% +صوت واحد، يتم إقامة جولة انتخابية ثانية بين أعلى نسبتين..
بالتالي يكون أغلب الشعب قام بعملية الاختيار..
بندر الشويقي
أبداً …أخي…حكومتك حتى في ظلمها لأهل السنة، هي تدرك أنهم سندها وظهرها
سواء في الداخل أو الخارج. ولعلك تدرك سعيها مؤخراً لتجنيس سنيين من خارج
البلد لمعادلة الأكثرية الشيعية.
وإن قدر وذهبت هذه الحكومة، وخلفتها حكومة أصحاب العمائم أذناب إيرا…ن، فسوف تدرك حينذاك أي شر كان مدفوعاً عنك.
أما بالنسبة للحل الذي تذكره، فأنا أعلم أن من الدول من يشترط نسباً معينة
مرتفعة لتحقيق الفوز…لكن حتى هذه النسب لا يمكن أن تكون معبرة عن إرادة
الأمة…. فعد لما كتبته في الأعلى، فقد ذكرت هناك أنه حتى لو حصل المرشح على
(60%) أو أكثر فلا يصلح أن يقال هذه (إرادة الأمة)…هي فقط إرادة جزء من
الأمة.
فحين تتحدث عن (الأمة) فلا يمكن أن تتجاهل نسبة (40%) منها.
ولو أدخلت معك في الحسبة من لم يعجبه أي من المرشحين، فأعرض عن الانتخابات
كلها، ولم يصوت أصلاً، فسوف تكتشف في النهاية أن ذاك الفائز إنما يمثل
أقلية بالنسبة لمجموع الأمة التي نتحدث عن إرادتها.
بندر الشويقي
أرجع لأخي وصاحبي عبدالله. وأقول:
ذكرتَ –أيها المفضال- أنك تريد أن تؤكد على قضية “مسلمة ومحكمة وهي أن
تعظيم الشريعة من صميم عقيدة المسلم، وهي مقتضى التوحيد….”. وأن “على
المسلم أن ينكر ما خالفها في مجتمعه بيده وجوارحه وفق الوسائل المتاحة في
…بلد”.
هذا الكلام –أيها الفاضل- مع جماله وروعته إلا أنه من مثلك يشبه الحديث عن
كون السماء فوق الأرض، أي أنه حديث عن بدهية يدركها ويتفق عليها الجميع.
موضع الإشكال الذي ظل الإخوة يطرحونه عليك لا يتعلق بامتثال الفرد المسلم
للشريعة، ولا عن واجبه تجاه ما يخالفها. لكنهم يسألونك عن واجب الحاكم
المسلم….الحاكم المتنفذ وليس الفرد المسكين.
هل الحاكم مأمور بداهة بالحكم بشريعة الله أو أنه مأمور بذلك حيث تكون
أكثرية شعبه ترغب ذلك؟ ولو تجاهل رغبة الأكثرية وحكم بشرع الله، هل يكون
معتدياً منتهكاً لحق الأكثرية في الاختيار؟
هذا سؤالنا الذي ظللنا نطاردك به حتى حفيت أقدامنا من الركض وراءك.
نحن –أيها المفضال- لا نتباحث في امتثال فرد لشرع الله. وإنما نتحدث عن
امتثال دولة ونظامٍ. فهل امتثال هذه الدولة للشرع موقوف على رغبة أكثرية
شعبها.
هذا ما سألناك عنه تحديداً.
لك أن تعتبر هذا سؤالاً عن حالية استثنائية ولن نوافقك على ذلك، لكن هذه
الحالة الاستثنائية لا بد لها من حكم، فإن أحببت أن تجيب وتبين لنا هذا
الحكم، وإلا فلا فائدة من الحديث العام عن وجوب امتثال الفرد للشريعة.
مع أني أرى سياقات كلامك في تعليقاتك السابقة كلها تتجه إلى أن إخضاع الناس
لحكم الله ورسوله يعد انتهاكاً وظلماً واعتداءاً ما لم ترض بذلك أكثريتهم.
وأن نبذ حكم الله ورسوله استجابة لرغبة الأكثرية هو مقتضى العدل وحفظ
الحقوق المأمور به شرعاً….هذا ما رأيتك تومي إليه وتأبي التصريح به. وهذه
النقطة بالذات هي التي حملتني على الدخول هنا.
وبالمناسبة: فلست أنا من أقحم هذه المسألة، فليس لك أن تقول إني أناقش
شيئاً لم تذكره، بل إني لم أدخل طرفاً في هذا الجدل إلا بعدما رأيتك تلمح
لهذا المعنى…فاقرأ تعليقاتك قبل دخولي هنا وسترى ذلك.
أنت –أيها الحبيب- تقدس رأي الأغلبية، ولا ترى شيئاً يعلو عليه، حتى وإن
كان شرع رب البرية. وحسب إيماءاتك في الأعلى، فأنت ترى أن التشريعات
الإلهية غير ملزمة للدولة ما لم تبصم عليها الأغلبية…لكنك تتحاشى التصريح
بهذا لسبب أعجز عن فهمه. فمرة تعتذر بأننا نتحدث عن صورة استثنائية، ومرةً
تنتقل إلى بريطانيا لتحدثنا عن خطورة القفز على السلطة هناك.
هذا ما فهمته من إيماءاتك. أما بالنسبة لي، فلست أدعوك إلا إلى هدي النبي
صلى الله عليه وسلم وصحابته. فإن رأيتهم يوماً نظروا لأقلية أو أكثرية فيما
يتعلق بشرع الله والتزام الدولة به، فقل بذلك وضع كلام بندر تحت قدمك…أما
إن رأيتهم قاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا فوق رقاب أهل الكفر قلوا أو
كثروا. فاعلم أن الفلاح كله هناك.
بندر الشويقي
هذه تعليقاتي على ما ذكرته أخي عبدالله.
ونأتي الآن للحديث عما سألت وألححت عليه.
فأخبرني الآن على أي شيء استقر رأيك؟
…هل تريد أن نتحدث عن الأصل الشرعي النظري.
أو تريد أن نتجاوز ذلك للبحث في الحال السعودية.
أخوك طوع أمرك…فقده يمنة أو يسرة وسوف يمضي معك حيث تشاء.
منصور الهجلة Mansour Alhajlah
أدخل في الحوار قليلا
من المفروغ منه التأكيد على أن هذه المواضيع هي
مجال بحث وجدل إنساني وشرعي لا يوجد فيها القول الفصل المطابق للحق بالكلية
وإنما هو اجتهاد يسعى فيه المجتهد وضع التصور المثالي للدولة المسلمة
العادلة المحققة للقيم الإنسانية وا…لإسلامية بحيث تكون الأقرب لشريعة
العدل
يبدو لي أن النقاش تركز على كلمة الشعب، وليس لكلمة إرادة، بل ومعنى -ألـ – وأن المراد بها العموم
وذكر الأخ بندر أنها خرافة، وهو كلام صحيح ولا يختلف فيه زعماء نظرية الديمقراطية ولا نقادها، ولا يوجد شيء اسمه إرادة كل الشعب
لذا من واقع نقاشات كثيرة وجدت أن الوقت يضيع في موضوع الأقلية والأكثرية
وتحكيم كل الشعب وبعض الشعب، ومخاوف ضياع الشريعة من إحالتها لإراتهم؟
والذي أراه مهما: هو نقاش القيم والأخلاق والأحكام الشرعية ما هي؟ وكيف
نصيغ ثوابتها ومتغيراتها ومستجداتها وكيف تكون إطارا دستوريا للمسلمين؟ وهل
النظام الإداري للدولة يعارض هذه القيم والأحكام؟ أو هو صادر منها محقق
لها؟
ولا يختلف أحد في أن النظام كان ديمقراطيا أو ملكيا يكون صلاحه النسبي
مرتبط بصلاح شعبه فكلما غلبت إرادة الخير كان الوضع أمثل، مع أن النظام
الملكي لا يختلف أحد في وجود نواقصه التي ليس أقلها استئثار أقلية بالسلطة
والنفوذ والمال.
ويقوم صلاح نظام الدولة على تربية الشعب، ولا شك أن الديمقراطية لو كانت
واردة على تربية جيدة للشعوب كانت أصلح لهم، من النظام الملكي.
أعتقد أن
شعوبنا تحتاج لتربية على الديمقراطية ليس لأجل تطبيق الشرع وخلافهم على
تطبيق الشرع ولكن لأجل عدم تربيتهم على الحق والمصلحة العامة والصدق
والأمانة لأجل الوطن والدولة، وذلك كما في ديمقراطية الكويت ولبنان؟!
ربما يكون الخلاف في وضعنا الحالي بثقافة مجتمعنا الحالية يناسبه الاستبداد الفاسد أو الديمقراطية الفاسدة؟!
وأعود لكلمة إرادة –من وجهة نظري- هي أهم من عموم وخصوص كلمة “شعب” لأن الإرادة تعني أمورا
الأول: ارتباط النظام بالبعد القومي والأخلاقي والديني للأمة
الثاني:
ارتباط النظام بالإرادة الإنسانية المرتبطة بالحرية التي تتوسل بميزان
الخلق وليست مربوطة بالإرادة الطبيعية المرتبطة بالطبيعة التي تتوسل بميزان
القوة، والشريعة ارتبطت بعدم الإكراه، كما ارتبطت بالتربية والخلق، كما في
المفردات القرآنية (ربانيون) (أرباب) ، التي تعني القيام على القيم
العلمية والعملية دراسة الطبيعة بما فيها علوم الإنسان، ودراسة الوحي (علوم
الشريعة).
الثالث: ارتباط الإرادة بأمرين هما الفطرة والتربية كما أشرت ، فالفطرة
تقوم على المشترك الإنساني وأساس القيم الإنسانية المشتركة، والتربية تقوم
على التوجيه والزيادة من خلال التربية الدينية والخلقية الثابتة والمتجددة
والمتغيرة حسب تطور علوم الاجتماع والأخلاق والتربية الدينية
الرابع: أن الشرع ربط الحكم والتحكيم بالإرادة وليس بشيء فوق الإرادة
قوله تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا
بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ
يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ” الآية
والمطلوب أن تكون إرادتهم للتحاكم إلى الله ورسوله وليس لغيرهما، وهذا واجب وأصل من أصول الإسلام
لا شك أن السؤال المجرد للأخ عبد الله المالكي كان نظريا ومجردا، لذا يلتفت
البعض إلى وجود أمثلة قد تمثل إرادة الشعب فيها جحيما لوضع الدولة حيث قد
يكون بقاء الاستبداد فيها أرحم، والواقع في مثل هكذا أمثلة نعود إلى أن
مفهوم إرادة الشعب أصبح التعامل معه على مستويين:
المستوى الأولى: هو
المستوى الطبيعي القائم على ميزان القوة، وهو ميزان الأرقام (أغلبية
وأكثرية) وهذا الموضوع ما انتقدته على بعض الإخوة من الإصلاحيين، في ما
يسمى بالديمقراطية المجردة، وهذا يقول به فريق من الفلاسفة الغربيين، ممن
يقولون بالعودة للحق الطبيعي.
المستوى الثاني: وهو ما تمثله نظرة
الشريعة المستوى الأخلاقي والقيمي، القائم على ميزان الخلق والقيمة، وهو
ميزان (التربية)، ونظام الديمقراطي يقوم على أن يكون حالة متوسطة بين أن
يرتكز قبل تطبيقه على وجود الأرضية الخلقية والقيمية للمجتمع في مصالح دينه
ودنياه، وفي أن تكون الديمقراطية مؤسسة على بناء المؤسسات التربوية
والتعليمية المراقبة على استمرارية ونجاح عملية ركائز القيم في المجتمع
القيم الدينية والدنيوية.
لذا فالمرجع هو إرادة الشعب ليس كآلية نتعامل معها كأرقام (أقلية وأكثرية) بل إرادة قائمة على فطرة سليمة وتربية سليمة
خيارات أنظمة الحكم دائما ليست بين المثالي والأفضل والأقل أفضلية، بل بين الأسوأ وأقل سوءا
لذا من المهم أن يكون محور النقاش حول هذا المستوى الفلسفي الذي هو البحث
عن هدي القرآن وهدي محمد صلى الله عليه وسلم في فرض أحكام الشريعة وقيمها
وملاحظة تلك التربية التي منها ما كانت قائمة على تربية تدريجية في تحقيق
مقاصد القيم، وفتح باب وسائل تحقيق القيم للأمة، فمثلا نظام التدريج في
تحكيم الشريعة من التخفيف للتشديد هذا نظام تربوي وأسلوب تربوي، وكذلك نظام
المحاسبة وكيفية المراقبة وفصل للسلطات، وإحياء المجموعات المراقبة
لمصالحها كلها وسائل فتح الشرع تحقيقها تحت إطار قيمة العدل والحق.
منصور الهجلة Mansour Alhajlah
لذا من المهم أن يكون محور النقاش حول هذا المستوى الفلسفي الذي هو البحث
عن هدي القرآن وهدي محمد صلى الله عليه وسلم في فرض أحكام الشريعة وقيمها
وملاحظة كيفية تحقيق تلك التربية التي منها ما كانت قائمة على تربية
تدريجية في تحقيق مقاصد القيم الإ…نسانية والدينية، وملاحظة كيفية معالجة
هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في فتح باب الوسائل لتحقيق تلك القيم
على الأمة الممتدة زمانا ومكانا، تاريخا وجغرافيا، من ذلك ملاحظة نظام
التدريج في تحكيم الشريعة من التخفيف للتشديد أليس هو نظام تربوي وأسلوب
تربوي مراعى في الحكم مع أنه ارتبط بالمضمون وليس بالوسيلة، وكذلك ملاحظة
تطبيقات الصحابة من أبي بكر الذي أسس ارتباط الدولة الإسلامية بالقيم
(التوحيد، العدل) وليس مربوطة بالشخص (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات،
ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) ومضمونه ارتباط الدولة بالنظام
القيمي القائم على حرية العلاقة بالمطلق الكامل العادل المستحق وحده
للعبادة من قضايا التوحيد إلى قضايا الخوف والرجاء الصغيرة، وكذلك الوسائل
التي طورها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الدواوين ونظام عصبة العمال،
كلها تفتح المجال لكل ما يرتبط بوسائل تحقيق قيم العدل (بالأمثل والأقرب
الغير منتهي) من ذلك: نظام المحاسبة وكيفية المراقبة وفصل للسلطات، وإحياء
المجموعات من المجتمع نفسه في المراقبة لمصالحها.
أما البحث في المستوى الفقهي فأعتقد أنه يتركز في أمرين:
الأمر الأول:
هل هدي النبي صلى الله عليه وسلم ارتبط بتحقيق القيم على الواقع وفتح باب
الوسائل للاجتهاد أو فرض الأنظمة والوسائل وتكرار تطبيقها على المجتمعات
الإنسانية (لكون الإسلام دين كوني)
وبصيغة أوضح: هل نظام الحكم وأسلوب إدارته منصوص عليه، أو هو اجتهادي مفتوح؟
الأمر الثاني:
إن لم نحيل لإرادة الناس فإلى ماذا نحيل؟ هل للشريعة إرادة مستقلة أم الناس
هم أهل الشريعة والمريدون لها؟ هل الشريعة مرادة أو مريدة؟ هل هي جامدة من
الحركة لها قيامها الذاتي أو هي متجددة وهي ما نريده وفقا لما تنص عليه
النصوص الشرعية ومقاصد الشريعة؟ من القائمون على الشرع هل هم أصحاب الفرض
الكفائي (علماء الدين) أو أصحاب الفرض العيني (المسلمون)؟
والله أعلم وأحكم
عبدالله المالكي
يا ليل ما أطولك .. أهلا بالشيخ بندر ..
والله يا حبي لو أردت أن أتابعك في كل جزئية من كلامك سنخرج عن أصل المسألة ..
ولا أخفيك ثمة جمل في كلامك أزعجتني .. وهي تدل فعلا عن سوء فهم منك لكلامي
.. مثل ما تتهمني أنت بسوء الفهم مني لكلامك .. مع أنني… مستغرب فعلا أين
سوء فهمي لكلامك ..تصدق بأني رجعت مرة أخرى إلى كلامك مرة أخرى وفتشت
وحاولت أن أجد فيه سوء الفهم الذي حصل مني .. فلم أجد إلا حروفا تطابق ما
فهمته منك .. حاولت أن أقلبها يمنة ويسرة ولم أجد إلا ما تدل على ما فهمته
منك .. ربما الإشكال في فهمي .. ربما .. وربما أن حروفك فعلا تدل على ما
فهمته منك ولكن حين شعرت بأن معاني تلك الحروف ولوازمها تؤول إلى إشكاليات
خطيرة .. أتيت واتهمتني في فهمي المزعج والمؤذي لك ..
أعتذر لك يا صديقي على إزعاجك وإذائك .. وأرجو منك أن تسامحني .. ولكن هذه
حروفك .. ولا أعلم مقاصدك إلا من خلالها .. وليس من خلال (تشي) و (تنبئ)
كما تقول .. فهذه لا تغني شيئا ..
حبيبي بندر .. بهذه المنهجية سيطول الحوار بدون فائدة .. وسيمل الإخوة ..
فمرة تفتح مسائل جانبية هنا وهناك .. ومرة تأتي بصور من هنا وهناك .. ومرة
تتهمني في فهمي لكلامك .. وتريد مني أن أدخل معك في نقاش حول هذه التفاصيل
.. وهكذا في تشعبات تخرجنا عن أصل المسألة .. وقتها المتابعون لهذا النقاش
راح يغنون : يا ليل ما أطولك .. عاد ما أدري بمعازف وإلا بدون معازف ..
قلت لك يا بندر .. ثمة نقاط جانبية أثرتها أنت لا أحب أن أدخل الآن في نقاش
معك حولها حتى لا يتشعب الحديث ونخرج عن أصل المسألة .. ليس لأني لن
أناقشك حولها .. بلى لو أردت .. ولكن ليس الآن .. ليس الآن يا صديقي ..
إنما في تعليقي الأخير أردت فقط أن أعلق كحاشية على تلك النقاط الجانبية
التي أثرتها .. شعرت بأنه ليس من الذوق أن أترك تساؤلاتك الجانبية .. كقضية
الديمقراطية ومبدأ سلطة الشعب ومثال البحرين والسودان ونحو ذلك ..
لكن بصراحة ولا تزعل مني قضية النسب التي طرحتها 23% و 27% و 28% .. تدل
فعلا بأنك – لا مؤاخذة يا صديقي – لا تفهم من الديمقراطية إلا ما تذيعه لك
قناة الجزيرة وقناة العربية .. واضح يا صديقي بأنك لم تجهد نفسك في قراءة
الأنظمة والسياقات الديمقراطية المطبقة في العالم .. واضح بأنك لا تتابع
الجدل الفلسفي والقانوني حول آليات الديمقراطية وحول إشكاليات هذه النسب
وكيفية الوصول إلى أقرب وسيلة لتحقيق إرادة الشعب بشكل سلمي وحضاري ومدني
دون عنف أو قتال .. واضح بأنك بعيد عن هذه الأجواء النقاشية .. على الأقل
من خلال سؤالك .. طبعا سبب ذلك معروف .. لأنك غير مهتم أصلا .. غير مهتم
بإشكالية الواقع السياسي الذي تعيشه الأمة الآن وكيفية الخروج من عنق
الزجاجة .. ثمة أوليات عندك مقدمة على ذلك .. لا بأس هذا توجهك لا يعنيني
الآن ..
لا أدعي هنا بأني أفهم الديمقراطية أحسن منك وأنت لا تفهمها .. لا .. لا .. لن أدعي ذلك .. وحاشا أن أدعي ذلك ..
ولكن فعلا سؤالك (يشي) و (ينبيء) عن فهمك العجيب للديمقراطية ..
يكفي دليلا فقط على أن لديك ضبابية حول فهم الديمقراطية هو خلطك العجيب بين
(إرادة الشعب) و (سلطة الشعب) .. فأنت قلت سابقا : ليس هناك شيء اسمه
(سلطة الشعب) تحت أديم السماء .. ثم جئت تتحدث عن كيفية التحقق من إرادة
الشعب .. كذلك خلطك بين التصويت على السلطة التنفيذية والتصويت على الدستور
.. وكذلك خلطك بين الكتل والأحزاب ..
على أية حال .. أجَلْ موضوع الديمقراطية الله يرضى عليك يا بندر .. سؤالي
لم يتطرق للديمقراطية .. ولك مني وعد أن أفتح معك حلقة النقاش حولها في
الفيس بوك إذا أردت .. ولكن خلينا الآن في أمر الشريعة .. أين الشريعة وأنا
اخوك .. أين تتحقق مصلحة الشريعة .. أين هي مقاصد الشرع .. أن تكون مرهونة
بالأمة أم بالواحد .. أين الأحسن والأفضل والأضمن والأحفظ ..
أين ؟ الله يرضى عليك .. حدد لي الأصل هنا .. وبعدها سنأخذ جوازاتنا ونذهب
إلى أي دولة تحب وندرس حالتها بالتحديد .. المهم لا تجعلني في فضاء بلا أصل
بلا أرضية انطلق منها ..
أيهما أحفظ للشريعة .. أيهما أحفظ .. الأحفظ والأصلح يا حبي ويا قلبي .. أن
يكون تطبيقها مرهونا بالشعب/ أم بالفرد .. وإذا كان لديك حساسية من كلمة
(الشعب) فلا بأس .. خليها (الأمة) .. وإذا كان كلمة (الأمة) عامة ومطاطة
عندك .. فلا بأس الأمة المسلمة .. المهم حدد لي يا صديقي ما هو الأصل عندك
.. وبعدين نروح للصورة والأمثلة والمسائل الجانبية .. المهم حدد لي الأصل
..
لا تقل على حسب .. إن كان وإن كان .. هذا ليس جوبا في تحديد الأصل .. حدد
الأصل أولا ثم إذا ذهبنا إلى الصورة والأمثلة حينها سأقول معك : على حسب إن
كان وإن كان .. أما الأصل من الناحية النظرية فينبغي أن تحدده .. بغض
النظر عن الصور والأمثلة .
عبدالله المالكي
حتى أسهل عليك الجواب حبيبي بندر ..
أنت إما أن تقول :
الأصل .. هو أن الشريعة يكون تطبيقها مرهونا بإرادة
الحاكم .. إلا في حالات معينة استثنائية تكون مرهونة بإرادة الأمة .. لكن
الأصل هو الحاكم الفرد .. وأما الأمة فحالة استثنائية .. وهي إذا كانت
…الأمة خالية من الشيعة والأشاعرة والصوفية ومن جماعة الإخوان ومن جماعة
التبليغ ومن الإصلاحيين ومن التنويريين إلخ .. إذا كانت الأمة خالية تماما
من هذه التعددية المزعجة والمقلقلة لك .. حينها ستكون لها الولاية في تطبيق
الشريعة .. أما وهي كذلك فالأصل أن يكون تطبيق الشريعة مرهونا بالحاكم
الفرد المستبد ..
وإما أن تقول :
الأصل .. هو أن الشريعة يكون تطبيقها مرهونا بالأمة ..
لأن الولاية الشرعية لها .. وليس لأي فرد كائنا من كان الحق في أن يستأثر
دونها بهذه الولاية .. إلا في حالات استثنائية محددة يمكن أن تكون الولاية
فيها للحاكم الفرد .. ولكن يبقى الأصل أن الولاية للأمة .. هي المكلفة
بتطبيق الشريعة أمام الله ..
هذه هي الإجابة المنهجية يا شيخ بندر .. حدد ما هو الأصل عندك .. ثم بعد ذلك نذهب للصور والحالات الاستثنائية ..
حاشية : والله يكفينا شرَ الحواشي :
تعرف يا بندر ايش إشكاليتك فيما يبدو لي .. أقول فيما يبدو لي .. أنه ليس
لديك رؤية سياسية محددة في إصلاح الواقع .. أقول رؤية .. رؤية .. ولا أقول
نظام سياسي ولا آليات ولا برامج .. فهذه لا أنا ولا أنت مطالبون بتحديدها
الآن والسؤال عنها الآن ترف .. هي تأتي في وقتها .. الآن نحن مطالبون
بتحديد الرؤية .. الرؤية الشرعية في إصلاح واقعنا السياسي .. ما هي يا
صديقي .. الناس ينتظرون منا رؤية شرعية لإصلاح الواقع السياسي .. ونحن
مازلنا نقول (لا حكم إلا لله) .. (الشريعة هي الحاكمة) .. (المرجعية الكتاب
والسنة) .. هذه يا صديقي مبادئ .. ولكن ما الرؤية الشرعية في تحقيق وتجسيد
هذه المبادئ .. أن تكون بإرادة الشعب أم بإرادة الفرد .. أووه .. لا .. لا
.. هذه ديمقراطية أعوذ بالله .. تبا للديمقراطية .. أعيد الصياغة .. أن
تكون بإرادة الأمة أم بإرادة الفرد .. ممممم ربما (إرادة) برضو فيها مشكلة
.. حسنا لتكن الصياغة كالتالي : أن تكون الشريعة تحت ولاية الأمة أو تحت
ولاية الفرد المستبد المغتصب .. أيهما أحفظ وأضمن للشريعة .. أظن أن هذه
الصياغة مريحة لك ..
يا رب ..
طبعا أنت بالخيار .. إما أن تبدأ بالإجابة عن الحالة السعودية ومن ثم ننطلق
للأصل الذي بنيت عليه .. وإما أن تحدد الأصل النظري ثم تنزل إلى الحالة
السعودية أنت بالخيار ..
أنتظر إجابتك يا حبي ويا قلبي .. تراني أحبك يا شيخ بندر .. ولا تزعل مني
أرجوك .. وإذا ضايقك كلمة أو جملة مع حدة النقاش .. فهذه قبلة على خدك
المزهر .. المهم أن تبتسم ..
مودتي .
عبدالله المالكي
على فكرة .. سؤالك عن دولة كافرة يحكمها حاكم مسلم .. لم أنساه .. ولم أحد
عنه .. سأجيبك .. من عيوني .. ولكن بعد أن تحدد لي الأصل ..
عبدالله المالكي

يا بندر ربي يحفظك .. أنا برضو الذي أحيد ..

حسنا .. لا بأس ..
سألتك أولا يا صديقي عن شعب/ وحاكم فرد .. أيهما أحفظ للشريعة ..

قلت فيه عموم ..
قلت طيب .. لا بأس ..
أمة مسلمة/ حاكم فرد مستبد مغتصب مسلم ..
أيهما أحفظ للشريعة .. أريد الأصل .. أريد المبدأ عندك ..
وما كنت والله أتوقع أنك راح تحيد ايضاً .. اي والله .. لا أخفيك أني تفاجأت ..
تفاجأت حين تقول : برضو فيه عموم والسؤال مطاط .. لأن المجتمعات المسلمة
فيها طوائف ومذاهب وجماعات وأحزاب .. وهذا مشكل عندك حتى ولو كانوا مسلمين
..
مع أني لا أقر لك هنا بالعموم .. ولكن حتى أمسك حاجة معاك ثم أبني عليها
ذكرت لك الحالة السعودية .. حتى أنطلق من خلالها في فهم الأصل الذي عندك ..
ايش اسوي أبغى أمسك حاجة ..
مع أن الحالة السعودية ليست مقصودة لذاتها عندي ولهذا لم أشر إليها في سؤالي الأول .. ولكن لكي أفهم ما هو الأصل عندك ..
تراك يا بندر أنت اللي تقود الحوار مو أنا .. أنا مسكين أطارد وراك .. أبغى
أمسك حاجة .. الأسئلة أنا قاعد أعيد صياغتها كل مرة واقربها لك قدر
الإمكان حتى تجيب ..
على أية حال .. قلت لك في ردي الأخير أنت بين خيارين ..
إما أن تجيب – من حيث المبدأ – ما هو الأصل عندك .. ولاية الأمة المسلمة أم
ولاية الحاكم الفرد المغتصب المستبد .. وما هو الأحفظ لها .. نظريا ..
وإما أن تجيب على الحالة السعودية .. ثم ننطلق إلى معرفة الأصل الذي عندك والذي بنيت عليه إجابتك على الحالة السعودية ..
ودمت بود .
عبدالله المالكي
أما مسألة (إرادة الشعب) و (سلطة الشعب) فهذا خطأ مني غير مقصود .. أعتذر إليك ..

ولكن ترى كلامك عن النسب كان عن (السلطة) وتحديد (المرشح) .. ثم أشكلت عليك
تلك النسب المتقاربة في الوصول إلى معرفة (إرادة الشعب) ..
(إرادة الشعب) يا صديقي ليست مطلوب…ة في تحديد المرشح .. والديمقراطية لا
تطلب ذلك أبدا .. (إرادة الشعب) هي احتكامهم إلى الطريق التي يتحدد من خلال
المرشح .. هنا تتحقق (إرادة الشعب) وليس في تحديد من هو (المرشح)
عثمان رضي الله عنه استحق السلطة دون علي رضي الله ليس بإرادة جميع الصحابة
.. بل كبار الصحابة كانوا مع اختيار (علي) ولكن حين كانت النسبة الأكثرية
لصالح (عثمان) استحق السلطة .. ورضي الجميع بذلك .. وكان وصول عثمان للسلطة
تعبيرا عن (إرادة الصحابة) .. لا تعبيرا عن إرادتهم له شخصيا فبعضهم كان
يريد عليا .. وإنما تعبيرا عن إرادتهم في الطريقة التي وصل بها .. ولهذا
بايعوه واستقرت له الولاية ولم يعارض مؤيدي علي رضي الله عنه ..
علي أية حال .. هذه قضية متعلقة بالديمقراطية .. لنؤجل البحث حولها لاحقا ..ولنتفرغ لمسالتنا الأصلية ..
بندر الشويقي
 
حياك الله أخي عبدالله.

ويا نهار ما أطولك….
وأعانك الله على سوء فهم الشويقي وبلادته، وكثرة حيدته عن أسئلتك الدقيقة
المحررة، وضعف اطلاعه على ما كتب عن الديمقراطية، وعدم امتلاكه أي رؤية
إصلاحية، وعن اعتقاده بأن الحكومة البحرينية تمثل أهل السنة…… في قيمهم
ومبادئهم وعقيدتهم، وعن تقريره أن على الأقلية المسلمة في بريطانيا أن تشكل
تنظيمات سرية للانقضاض على الحكم، وعن تردده في إثبات ولاية الأمة في حفظ
الشريعة….إلخ.
أعانك الله على ذلك كله. فاصبر ، واحتسب الأجر -أيها العزيز- فأنت مأجور في
ذلك. وإذا لم يصبر العالم على الجاهل وسيء الفهم، فمن سيصبر إذن؟
وقد أعحبني أنك لم تدع أنك أفهم من الشويقي للديمقراطية، فمع أنه -كما
تقول- لا يعرف عنها إلا ما تذيعه الجزيرة والعربية… إلا أنك لم تدع أنك
أفهم وأعلم منه، وحاشاك من ذلك، وهل يليق بك ذلك…..(يا حبي لك على ها
التواضع).
يا أخي تلك النسب التي أوردتها مثال لتقريب الإشكال في خرافة (إرادة
الشعب)، ولتحريك المياة الراكدة (كما يقول الهجلة)، ارفع النسب أو انقصها
بحسب اطلاعاتك الواسعة العميقة المكثفة على ما كتب عن الديمقراطية وعن
واقعها وفلسفاتها ودقائقها ظاهرها وباطنها. وستجد النتيجة ماثلة دائماً
أمامك…: لا يوجد حقيقة لشيء اسمه (إرادة شعب).
على أني أتساءل: إن كان مر بك -أثناء مسحك الشامل لما كتب عن الديمقراطية-
أحد قال: إن (رادة الشعب اسم لا حقيقة له). فقد رأيتك فوجئت بذلك وصدمت منه
لما رأيتني أذكره، مع أن هذا الإشكال معروف مشهور عند من كتبوا في تحرير
الفكرة. والوقوف على ما كتب في ذلك سهل متيسر، لا يحتاج إلى متابعة قناة
الجزيرة ولا العربية.
آآآآآآه….عذراً….نسيت أنك لا تريد البحث في (الديمقراطية)، وأنك تريد البحث فقط في (إرادة الشعب)!!!!
……………………………..
دعني أقل لك شيئاً…أيها الحبيب.
أخوك يترك لك زمام قيادة هذا الحوار…
وقد وقفنا الآن أمام مسارين:
فإما البحث في الحالة السعودية وفق حسابات المصالح والمفاسد.
وإما البحث في التنظير الشرعي الفقهي بعيداً عن تعقيدات الواقع.
فاحسم الآن أمرك… وأرحنا من ترددك بين المسارين…فالخيار متروك لك.
فمع كثرة حديثك عن (حيدة) الشويقي عن موضع البحث، فلا تنتظر مني أن أختار أحد المسارين…بل الخيار متروك لك أنت.
ومتى اخترت مساراً للحوار، فالتزم به، ولا تخلطه بالمسار الأول.
حدد خيارك، وسأكتب لك ما عندي دفعة واحدةً بإذن الله.
هل تريد أكثر من هذا؟
……………………………..
هنا مطالبة بالاعتذار والتفسير:
قلت في الأعلى تعليقا على د. محمد العبدالكريم:
(لا وجود في شريعة الإسلام لشيء اسمه (إرادة الشعب) بل لا وجود حقيقياً لهذا الشيء تحت أديم السماء)
فحرفت عبارتي: ونقلتها في تعليقك هكذا:
تقول: (سلطة الشعب لا وجود لها في الشرع .. بل لا وجود لها تحت أديم السماء)
فأنا أتحدث عن (إرادة الشعب)، وأنت تنقل كلامي وتضعه بين قوسين، وتضع كلمة (سلطة) بدل إرادة.
ثم صرت تناقشني بناء على نقلك المحرف.
وقد أغضيت عن هذا التحريف، ولم أتوقف عنده. وقلت: لعله تصرف غير مقصود.
لكن الإشكال أنك الآن عدت لتلبلسني جنايك، وصرت تتحدث عن الشويقي الذي يخلط بين (إرادة الشعب) و(سلطة الشعب).
أعد قراءة كلامي مع د. محمد، وستعرف من الذي يخلط أصلحك الله. وسوف أنتظر منك اعتذاراً وتفسيراً لتحريفك عبارتي. .
لي عودة بإذن الله….
عبدالله المالكي
يا بندر ربي يحفظك .. أنا برضو الذي أحيد ..
حسنا .. لا بأس ..
سألتك أولا يا صديقي عن شعب/ وحاكم فرد .. أيهما أحفظ للشريعة ..
……
قلت فيه عموم ..
قلت طيب .. لا بأس ..
أمة مسلمة/ حاكم فرد مستبد مغتصب مسلم ..
أيهما أحفظ للشريعة .. أريد الأصل .. أريد المبدأ عندك ..
وما كنت والله أتوقع أنك راح تحيد ايضاً .. اي والله .. لا أخفيك أني تفاجأت ..
تفاجأت حين تقول : برضو فيه عموم والسؤال مطاط .. لأن المجتمعات المسلمة
فيها طوائف ومذاهب وجماعات وأحزاب .. وهذا مشكل عندك حتى ولو كانوا مسلمين
..
مع أني لا أقر لك هنا بالعموم .. ولكن حتى أمسك حاجة معاك ثم أبني عليها
ذكرت لك الحالة السعودية .. حتى أنطلق من خلالها في فهم الأصل الذي عندك ..
ايش اسوي أبغى أمسك حاجة ..
مع أن الحالة السعودية ليست مقصودة لذاتها عندي ولهذا لم أشر إليها في سؤالي الأول .. ولكن لكي أفهم ما هو الأصل عندك ..
تراك يا بندر أنت اللي تقود الحوار مو أنا .. أنا مسكين أطارد وراك .. أبغى
أمسك حاجة .. الأسئلة أنا قاعد أعيد صياغتها كل مرة واقربها لك قدر
الإمكان حتى تجيب ..
على أية حال .. قلت لك في ردي الأخير أنت بين خيارين ..
إما أن تجيب – من حيث المبدأ – ما هو الأصل عندك .. ولاية الأمة المسلمة أم
ولاية الحاكم الفرد المغتصب المستبد .. وما هو الأحفظ لها .. نظريا ..
وإما أن تجيب على الحالة السعودية .. ثم ننطلق إلى معرفة الأصل الذي عندك والذي بنيت عليه إجابتك على الحالة السعودية ..
ودمت بود .
عبدالله المالكي
أما مسألة (إرادة الشعب) و (سلطة الشعب) فهذا خطأ مني غير مقصود .. أعتذر إليك ..
ولكن ترى كلامك عن النسب كان عن (السلطة) وتحديد (المرشح) .. ثم أشكلت عليك
تلك النسب المتقاربة في الوصول إلى معرفة (إرادة الشعب) ..
(إرادة الشعب) يا صديقي ليست مطلوب……ة في تحديد المرشح .. والديمقراطية لا
تطلب ذلك أبدا .. (إرادة الشعب) هي احتكامهم إلى الطريق التي يتحدد من خلال
المرشح .. هنا تتحقق (إرادة الشعب) وليس في تحديد من هو (المرشح) ..
عثمان رضي الله عنه استحق السلطة دون علي رضي الله ليس بإرادة جميع الصحابة
.. بل بعض كبار الصحابة كانوا مع اختيار (علي) ولكن حين كانت النسبة
الأكثرية لصالح (عثمان) استحق السلطة .. ورضي الجميع بذلك .. وكان وصول
عثمان للسلطة تعبيرا عن (إرادة الصحابة) .. لا تعبيرا عن إرادتهم له شخصيا
فبعضهم كان يريد عليا .. وإنما تعبيرا عن إرادتهم في الطريقة التي وصل بها
.. ولهذا بايعوه واستقرت له الولاية ولم يعارض مؤيدي علي رضي الله عنه ..
علي أية حال .. هذه قضية متعلقة بالديمقراطية .. لنؤجل البحث حولها لاحقا ..
ولتنفرغ لمناقشة مسالتنا الأصلية ..
  • بندر الشويقي
    حبيبنا ، أيها الخبير بخفايا الفلسفة الديمقراطية وغير الديمقراطية:
    كلامك
    الأخير عن (إرادة) الشعب –ولا مؤاخذة- مضحك بالنسبة لي. لكن لا بأس،
    فلدينا الآن مكسب جيد بعد هذا المشوار…فقد أخذنا منك الآن شهادةً بأن تعيين
    الرئيس وتحديده واختياره في ا…لنظم الديمقراطية لا يعبر عن (إرادة الشعب)،
    كما أن القوانين والتشريعات التي تسن في النظم الديمقراطية لا تعبر هي
    الأخرى عن (إرادة الشعب).مكسب جيد…فلندع الديمقراطية الآن جانباً…ولنعد
    لسؤالك الذي تقول: إني أحيد عنه. وحيث لم تختر لنا مسار الحوار، فسأبدأ بما
    تفضله، وهو البحث في الأصل الشرعي المفترض وجوده، بعيداً عن تعقيدات
    التنزيل على الواقع.

    ————-
    أولاً –أخي العزيز- أنت طرحت سؤالك بهذه الصيغة:
    “أيهما أحفظ للشريعة .. أن تكون مرهونة بالحاكم الفرد، أم بإرادة الشعب؟”.
    وكنت في مناقشاتك للإخوة تضطرب بين معنيين لهذا السؤال:
    فمرةً تفسر سؤالك وتقول: إنك تعني: “من الذي يختار الشريعة كمرجعية”.
    “من الذي يملك حق القرار في تطبيقها من عدم تطبيقها”.
    ومرةً تفسر وتقول إنك تعني: “من الذي يطبق الشريعة؟”.
    “من المسؤول والمكلف عن تطبيقها”.
    أخي وحبيبي….هذه عباراتك سقتها بألفاظها بين قوسين، وإن لم يكن التعبير خانك، فأنت هنا تتردد بين معنيين اثنين:
    – “من الذي يختار الشريعة كمرجعية؟”. ….(وهذا يسمى تشريع).
    – “من الذي يطبق الشريعة”….وهذا يتعلق بـ (القضاء، والتنفيذ).
    فانظر –أيها الألمعي- إلى هذا الخلط…
    فمع خبرتك الواسعة، ومع سعة اطلاعك على الفلسفات والنظم، ومع أنك لا تقتصر
    –مثل غيرك- على التلقي من قناة العربية والجزيرة، ومع أن رؤيتك التي تطرحها
    –كما تقول- “ليست وليدة يوم وليلة، وإنما وليدة مخاض طويل من البحث
    والنظر”…مع هذا كله، فأنت لم تحسن صياغة سؤالك بطريقة صحيحة. فظللت طوال
    نقاشك تتردد بين معنيين دون تمييز بينهما.
    هناك فرق كبير معلومٌ بين تشريع واختيار النظم والقوانين والمرجعية
    الدستورية، وبين القضاء بها وتنفيذها. لكن كلامك جاء مذبذباً بين المعنيين.
    كنت سأسلك -قبل الجواب-: أي المعنيين تقصد؟
    لكني تذكرت أنك تعتبر مثل
    هذه الأسئلة حيدةً وهروباً من الإجابة. فأنت –أيها العزيز- تملك قناعة
    كاملة بأن أسئلتك محررة بدقة بالغة لا يستشكلها إلا هالك!
    لأجل هذا…لن أطلب منك تفصيلاً، ولن أطلب منك أن تثبت على أحد المعنيين….بل سأجيبك عنهما معاً بإذن الله.
  • بندر الشويقي

    فإذا أخذنا المعنى الثاني…فسوف يكون معنى سؤالك هكذا:أيهما أحفظ للشريعة؟
    أن يكون إصدار الأحكام القضائية، وتنفيذها على المحكومين منوطاً بالحاكم،
    أو أن يتولى الشعب إصدار الأحكام القضائية وتنفيذها على الناس؟

    بالطبع…هذا السؤال لا يمكن أن يطرحه… عاقل…فإصدار الأحكام القضائية، وتنفيذها على الناس لا يمكن أن يكون موكولاً للشعب بأية حالٍ.
    نعم للناس دور في اختيار حاكمهم (على تفصيل قد نختلف فيه)، ولهم حق إنكار
    ما يخالف الشرع، بل وخلع حاكمهم بالقوة -إن استطاعوا- متى نبذ الشرائع
    وأعلن الكفر الصراح. لكن هذا كله لا يعني أنهم هم الذين يطبقون الشرع.
    قد يقول أخي عبدالله إنه لا يمكن أن يقصد هذا المعنى، وأنه إنما قصد المعنى
    الثاني، وهو (من يملك الحق في اختيار مرجعية الشرع). لكن الإشكال أن هذا
    المعنى الثاني أسوأ وأبعد من المعنى الأول…كما سأشرحه فيما يأتي.
  • بندر الشويقي

    إذا أخذنا المعنى الأول لسؤال حبيبنا عبدالله. فسيكون سؤاله على هذا النحو:أيهما الأحفظ للشريعة:
    أن يكون الحاكم الفرد هو من يقرر اختيارها مرجعية يلتزم به هو وشعبه.
    أو أن يأتي القرارُ من الناس، فيكونوا هم من يختار مرجعية الشرع؟

    هذا
    السؤال حين يصدر من مسلم موحد طالب علم، فهو يعبر عن نكبة وكارثة علمية
    وإيمانية حقيقية. فمثل هذا التساؤل إنما يكون له معنى حين نتحدث عن النظم
    البشرية الوضعية التي لا تكتسب صفة اللزوم حتى يختارها صاحب الصلاحية،
    فتتحول حينئذٍ إلى قانون ملزمٍ للناس.

    لكن حين يكون الكلام عن الشريعة الإسلامية في دولة حاكمها وشعبها مسلمون،
    فإن هذا السؤال غير واردٍ إطلاقاً. فلا الحاكم ولا شعبه يملكون صلاحية
    الاختيار حين يتعلق الأمر بمرجعية الشريعة. لأن من يرفض ذلك من حاكم أو
    محكومٍ، فإنه يفقد شرعيته، بل يفترض أنه سيفقد شرعية حياته أيضاً.
    الإقرار بمرجعية الشريعة مادة ثابتة في دستور الدولة المسلمة كتبها الحاكم
    أو لم يكتبها، وافق عليها الشعب أو لم يوافق عليها. لأنها مادة كتبها
    الرحمن بحبر لا يمحى قبل أن توجد الدولة نفسها. والحاكم الذي يكتب في
    دستوره خلاف ذلك، فهو كمن يكتب قرار استقالته، بل قرار إباحة دمه.
    وفي ظل الدولة المسلمة، فإن كل قرار أو قانون مخالف للشرع يصدره (حاكم فرد،
    أو مجلس تشريعي، أو أغلبية شعبية) فهو قانون غير دستوري، لا يلزم أحداً من
    الناس. ولا يسوغ للقاضي أن يحكم بموجبه، ولا يحل للسلطة التنفيذية إلزام
    الناس به….بل يجب على الجميع عصيان ذلك القانون، وعصيانهم هذا تصرف قانوني
    دستوري سليم مائة بالمائة.
    فالذي يسأل: (من الذي يملك حق تحديد الشريعة كمرجعية للدولة المسلمة: الشعب
    أو الحاكم الفرد؟) مثل من يسأل: (من الذي يملك حق تحريم الزنا في الدولة
    المسلمة: الشعب أو الحاكم؟) أو : (من الذي يملك حق تحريم شرب الخمرة: الشعب
    أو الحاكم؟).
    فهذه الأسئلة كلها جوابها جواب بدهي واحد : (لا أحد يملك ذلك، فذاك شأن
    مفروغ منه). ومن زعم أن بشراً (فرداً، أو جماعةً) يملك تغيير هذا في قانون
    الدولة المسلمة، فحكمه في دين الله معلوم…وأنا على يقين أن أخي عبدالله لا
    يقول بهذا. لكنه يقيناً تكلم بشيء لم يدرك مآلاته.
    وإني إذ أكتب هذا الكلام ، فإن قلبي يعتصر ألماً وحسرةً ، فنحن هنا أمام
    صورة فيها عبرة وعظة، إذ إن هذا التساؤل لا يصدر إلا من قلب وعقلٍ تشرب
    صاحبه –مع فضله وسابقته- المسلك العلماني في التعاطي مع التشريعات
    والقوانين.
    فالذي يطرح هذا التساؤل يتصور الدولة المسلمة في تشريعاتها كالدولة
    العلمانية، تتعامل مع فضاء مفتوح من التشريعات، تختار منها ما تشاء، وتنبذ
    ما تشاء. وإنما الإشكال فقط فيمن يملك صلاحية الاختيار أو الرفض.
    اللهم غفرانك..

  • عبدالله المالكي

    كما ظننت يا بندر .. لم تجب على سؤالي ..قرأت ردك كاملا .. ولم أجد الإجابة
    على سؤالي .. لا على الأصل النظري .. ولا على الحالة السعودية ..

    قرأت ردك بالتفصيل .. فتشت بين الحروف وما خلفها وما فوقها وما تحتها ..
    أبحث عن إجابة على سؤالي الذي أصبح م…ملا : أيهما أبقى للشريعة وأحفظ لها
    من التحريف والتزوير والعبث والاستغلال أن تبقى تحت ولاية الأمة المعصومة
    بجموعها أو تحت ولاية الفرد الواحد المستبد .. ما هو الأصل في الشريعة : أن
    يبقى قرار تطبيقها : بيد الأمة المسلمة أو بيد الحاكم الفرد المستبد
    المغتصب ..
    لم أجد الإجابة يا صديقي .. وتوقعت ذلك ..
    ولا أخفيك أيها الحبيب .. أني شككت في فهمي .. شككت فعلا .. معقول إلى هذه
    اللحظة ولا يستطيع بندر أن يجيب على هذا السؤال .. ربما قد أجاب فعلا وأنا
    لا أشعر .. ربما قد تكون العلة في فهمي .. ربما المشكلة في سؤالي .. هذا
    السؤال الذي فهمه الجميع وعجز أن يفهمه بندر .. ذهبت واتصلت ببعض الثقات من
    طلاب العلم الذي يتابعون هذ النقاش وسألتهم : هل ترون بأن بندر أجاب على
    سؤالي ؟ فكان الذهول أيضاً ظاهر على محياهم .. لم نجد أي جواب على سؤالك يا
    أبا هشام ..
    إذن ما الذي وجدته في إجابة أخي بندر ؟
    لم أجد سوى التأكيد .. بأن تطبيق الشريعة أمر لازم على المجتمع المسلم ..
    فقط .. هذا الذي وجدته .. وكأني لم أقدم له التأكيد على هذه المسلمة منذ
    البداية !
    نعم الشريعة لازمة على الحاكم والمحكوم .. نعم ليس للمسلمين خيار في جعل
    الشريعة مرجعية لهم من عدمه .. نعم ليس لهم خيار ما دام أنهم يشهدون ألا
    إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. ليس لهم خيار يا بندر .. ليس لهم خيار
    .. هذا قضية إيمانية مسلمة ثبتها لك منذ البداية .. تأتي الآن وتعيدها مرة
    أخرى ..
    هل هذا محل نقاشنا .. أن تطبيق الشريعة أمر لازم على المجتمع المسلم ؟ ..
    نعم الشريعة حاكمة على المجتمع المسلم ما دام أنه مسلم .. ولكن ..
    من يملك القرار (من له الإرادة والقدرة) في جعل الشريعة مرجعية في الحياة ؟ ..
    من ؟ من يا بندر ؟
    الناس أم ملائكة ينزلون من السماء ؟
    الناس .. أم جبريل عليه السلام ؟
    أم المهدي المنتظر ؟ أم عيسى عليه السلام حين ينزل ؟ أم ننتظر العسكري حتى يخرج من سردابه ؟
    الشريعة يا بندر لا تأكل الطعام ولا تمشي في الأسواق .. الشريعة ليس لها لسان تنطق به ..
    الشريعة لا يطبقها في الواقع إلا رجال .. رجال آمنوا بها ..
    وحين نقول بأن الشريعة لا يطبقها في الواقع ولا يملك القرار في جعلها
    مرجعية إلا الناس الذين آمنوا بها وصدقوا بها .. حينها نسأل .. ما هو
    الأبقى والأحفظ للشريعة من التحريف والعبث :
    أن يكون قرار تطبيقها بيد
    الناس الذين آمنوا بها أم بيد واحد منهم .. بيد الأمة بمجموعها أم بيد
    الحاكم الفرد المستبد المغتصب .. أيها أحفظ .. أيهما أضمن ؟
  • عبدالله المالكي

    لم أجد الإجابة يا صديقي بندر .. وللأسف !إنما الذي وجدته التأكيد : بأن الشريعة هي الحاكمة .. وهي لازمة على المجتمع المسلم ..

    يا حبيبي لم أناقشك في هذا المبدأ .. لم أناقشك من يحل الحلال ويحرم الحرام
    .. الحلال ما أحله الله ولا أنتظر فيه رأي الأ…غلبية .. والحرام ما حرمه
    الله ولا أنتظر فيه رأي الأغلبية .. لم أناقشك في أمر الشريعة أيها الحبيب
    .. لم أناقشك في أن الشريعة مرجعية للدولة المسلمة ودستورا لها ..
    إنما أناقشك :
    من يجعلها مرجعية للدولة ودستورا لها ؟
    من يجسد هذا الشريعة في أرض الواقع ؟
    من ؟ من ؟
    أليس الناس ؟ الناس الذي آمنوا بها ؟ ..
    لم أجد في كلامك أي إجابة يا صديقي .. وتوقعت ذلك ..
    حبيبي بندر ..
    حينما اتهمتني بالعلمانية للأسف .. وكان اتهاما جارحا
    وباطلا وفيه من البغي ما الله به عليم .. هل يصح لي أن أتماهى معك وأتهمك
    بفكر الخوارج وأقول: إن منطقك هو منطق المحكمة الأولى من الخوارج .. حين
    رفعوا في وجه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار (لا حكم إلا لله)
    (لا حكم إلا للقرآن) .. لأن الصحابة أرادوا أن يطبقوا حكم الله وأن يحكموا
    بالقرآن .. وإذا لم يحكموا بالقرآن فلن يأت القرآن بنفسه ويمشي على قدمين
    ثم يجلس على أريكة لكي يفصل بين علي ومعاوية ..
    هل يمكن أن أتهمك بهذا كما اتهمتني بكل جرأة ؟
    لا تخشى .. لن أتهمك بالحرورية يا صديقي .. لن أتهمك .. لأني أعرفك .
  • عبدالله المالكي

    حبيبي بندر ..
    من حق أي قارئ أو متابع يتساءل .. لم تركت الإجابة على
    السؤال .. وذهبت – للأسف – تشتت النقاش هنا وهناك .. وتبحث في التعليقات
    السابقة وتتكلف في التفتيش بين الحروف لكي تصطاد أي تناقض وهمي (وأؤكد بأنه
    وهمي وسأناقش هذا بعد قليل) حتى …تطبل عليه ..انشغلت بهذا يا بندر ..
    وأثرت الغبار هنا وهناك .. وتركت أصل المسألة .. تركتها حتى لا تعترف وتقر
    بأن الأمة المسلمة لها الولاية الشرعية : الولاية الشرعية في اختيار الحاكم
    .. والولاية الشرعية في اتخاذ قرار تطبيق الشرعية .. تركت الإقرار بأن
    الأمة التي تملك الولاية على الشرع .. وليس الحاكم الفرد المستبد المغتصب
    الذي لن يطبقها في الغالب إلا إذا لم تتعارض مع مصالحه ..

    تركت ذلك كله يا بندر وذهبت تخبرني بأني متناقض في بعض عباراتي .. كنت
    أنتظر منك جوابا حول الأصل النظري لك .. أو حول الحالة السعودية .. وخيرتك
    أن تبدأ أحدهما ..
    وإذا بي أتفاجأ في إجابتك .. لا هذا ولا هذا ..
    حينها أدركت يا بندر بأنك لن تقر بهذا المبدأ الشرعي الأصيل ..
    نعم .. أستبعد أن تقرَ بذلك – يا صديقي الحبيب – لأني أشعر بأنك واقع فعلا تحت ضغط فوبيا الأنموذج الديمقراطي ..
    فوبيا مبدأ (سلطة الشعب) ضاغط عليك – يا بندر – بشكل رهيب دفعك إلى أن
    تتهرب من الإقرار بمبدأ (ولاية الأمة) على نفسها وولايتها في اختيار من
    يحكمها وولايتها في تطبيق الشريعة ..
    مع أني قلت لك مرارا .. إذا كان مبدأ (سلطة الشعب) مزعجك ومقلقك إلى هذا
    الحد .. فارم به في البحر .. ولكن إياك أن تقع في تحريف الشريعة بسببه ..
    لا ينظر إليك الآخرون – يا بندر – بأنك تدس مبادئ الشريعة وتخفيها وتعبث
    بها حتى لا تتقاطع مع الأنموذج الديمقراطي – وحاشاك إن شاء الله – ولكن لا
    ينظر إليك الناس يا بندر وأن تظهر أمامهم بهذه الصورة ..
    يا أخي لتتقاطع الشريعة مع الديمقراطية في هذا المبدأ .. ما المشكلة .. ما
    دام أن هذا هو الشرع .. ما المشكلة .. تجربة إنسانية قامت على مبدأ .. هذا
    المبدأ مسبوق في الشريعة .. ما المشكلة .. كل هذا خوفا من الأنموذج
    الديمقراطي ..
    ها تظهر فعلا الكارثة الشرعية .. من طالب علم موحد مثلك ..
    لهذا كنت منذ البداية حريص على أن أخفف عليك ضغط الأنموذج الديمقراطي ..
    فأرحتك منه .. وقلت لك .. تأمل في السؤال بعيدا عن الأنموذج الديمقراطي ..
    تأمل في السؤال الذي طرحته بعيدا عن ضغط الأنموذج الديمقراطي ؟
    تأمل في السؤال جيدا .. السؤال الذي فهمه الكثير ممن يتابعنا ؟ إلا أنت يا صديقي لا تريد أن تفهمه !
    حتى شيخ الإسلام ابن تيمية فهم السؤال يا بندر .. فهم السؤال بدون تحسس ولا
    ريبة ولا توجس وأنت لم تفهم السؤال بعد .. حين قال له الرافضي : أن الإمام
    يجب أن يكون حافظا للشرع لانقطاع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم
    وقصور الكتاب والسنة عن تفاصيل الأحكام الجزئية الواقعة إلى يوم القيامة
    فلا بد من إمام منصوب من الله تعالى معصوم من الزلل والخطأ لئلا يترك بعض
    الأحكام أو يزيد فيها عمدا أو سهوا وغير علي لم يكن كذلك بالإجماع ..
    فرد ابن تيمية : “أنا لا نسلم أنه (أي الإمام) يجب أن يكون حافظا للشرع بل
    يجب أن تكون الأمة حافظة للشرع وحفظ الشرع يحصل بمجموع الأمة كما يحصل
    بالواحد، بل الشرع إذا نقله أهل التواتر كان خيرا من أن ينقله واحد منهم”
    منهاج السنة 6/325 .
    وإن كان حفظ الشرع قد يحصل بالواحد .. وهذا أمر ممكن وليس مستحيلا .. كما
    حصل مع عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه .. إلا أن الأحسن والأحفظ والأبقى
    والأخير للشرع أن يكون بمجموع الأمة ؟!!
    ولهذا قال :
    “بل الشرع إذا نقله أهل التواتر كان خيرا من أن ينقله واحد منهم” .
    وتنبه هنا .. إلى أن الرافضي يقرر ويؤصل للحاكم الفرد في حفظ الشريعة
    والقيام بمصالح الأمة – وهي نفس فكرتك يا بندر حينما فصلت – لكن ابن تيمية
    لم يقبل هذا التأصيل ولم يناقش في الشريعة التي يحكم بها .. هل هي صحيحة أم
    لا .. بل نازع ابن تيمية في أصل النظرية التي قدمها الرافضي .. وهي إسناد
    إقامة الشريعة للفرد .. فقرر ابن تيمية من الشريعة تقوم بها الأمة بمجموعها
    وجوبا ولزاما عليها .. وجعل ذلك خيرا من قيام الفرد بها حتى وإن كان ذلك
    ممكنا أو كانت شريعته صحيحة ..فلم يفصل ابن تيمية أو يصحح كلام الرافضي إذا
    كان الشريعة صحيحة قائمة .. بل رفض المبدأ من أصله وقدّم الأمة وجعله
    واجبا عليها ..
    وقوله : خير تساوي الأحفظ والأبقى والأصلح التي ندعوا إليها .
  • عبدالله المالكي

    ما زال السؤال مفتوحا .. للأسف ..مع أنني سهلت لك الجواب حبيبي بندر ..
    قدمت لك جوابا من عندي .. ولا يبقى لك إلا أن تمضي عليه بتوقيعك .. قلت لك
    :

    إما أن تجيب بأن الأصل في الشريعة أن يكون تطبيقها مرهونا بيد الحاكم الفرد
    المستبد المغتصب .. وفي حا…لات استثنائية يكون تطبيقها مرهونا بيد الأمة
    .. إذا توفرت لها مواصفات معينة ..
    وإما أن تجيب بأن الأصل في الشريعة أن يكون تطبيقها مرهونا بيد الأمة
    المسلمة .. وفي حالات استثنائية يكون تطبيقها مرهونا بيد الحاكم الفرد ..
    إذا توفرت في الحاكم مواصفات معينة ..
    لماذا ندعوا لبيان الأصل ؟
    1) حتى نرجع إليه عند التنازع الاختلاف .. أو عند الشك في قدرة الفرد على
    إقامة الشريعة .. فالأصل حينها هو اليقين الذي لا يزول بالشك .. وهو الأمة
    بمجموعها ..
    2) نتمسك بالأصل حتى نطالب الناقل عنه بالدليل .. فالأصل قيام الأمة
    بواجبها .. ومن قال إن الفرد – في حالة معينة – قادر على القيام بالشريعة
    فعليه بيان الدليل وإثبات الضمانة الموجبة للعدول عن الأصل ..
    أما أن تقول كما أسلفت في إجابتك .. بأنه لا حاكم ولا محكوم .. أو كما قلت
    بالحرف : “فلا الحاكم ولا شعبه يملكون صلاحية الاختيار حين يتعلق الأمر
    بمرجعية الشريعة” ..
    إذن من يملك الصلاحية ؟
    الجن ؟
    أم كائنات فضائية ؟
    من يملك الصلاحية يا بندر ؟
    نعم .. الإقرار بمرجعية الشريعة كما تقول أنت بالحرف: “مادة ثابتة في دستور
    الدولة المسلمة كتبها الحاكم أو لم يكتبها، وافق عليها الشعب أو لم يوافق
    عليها. لأنها مادة كتبها الرحمن بحبر لا يمحى قبل أن توجد الدولة نفسها” ..
    جميل .. رائع هذا ليس محل إشكالنا .. بل الإشكال في ذلك كفر ..
    إنما إشكالنا .. هذه “المادة التي كتبها الرحمن بحبر لا يمحى قبل أن توجد الدولة نفسها” .. عبر من تتحقق يا صديقي ؟ ..
    عبر من ؟
    أليس عبر الناس الذين آمنوا بها ؟
    وهؤلاء الناس الذين آمنوا بها وقرروا بإرادتهم المطلقة أن يمتثلوا لها ..
    أليس الأبقى والأحفظ لهذه الشريعة أن تكون تحت ولايتهم بمجموعهم .. أم
    يستفرد أحدهم بالولاية عليها ..
    أيهما أحفظ يا بندر ؟
    هذا هو السؤال يا صديقي الذي أصبح مملا من كثرة التكرار والشرح والتوضيح .. وأنت تأبى إلا أن تحيد عنه .
  • عبدالله المالكي

    هذا التعليق افردته للقضايا الهامشية والجانبية التي أثارها أخي بندر في
    جوابه والتي انشغل بها وحاد عن أصل المسألة .. أفردت هذا التعليق حتى لا
    يشغب على أصل المسألة .. فمن يهمه أصل المسألة فلا يقرأ هذا التعليق ..
    لأنه لن يفده بشيء حول المسالة ….. إنما كتبته لبعض القراء القلائل الذين
    تهمهم هذه القضايا الهامشية والتي تذكر دائما في سياق الصراع والغلبة لا في
    سياق البحث الحق .. منها :1) ما قال أخي بندر “أخذنا منك الآن شهادةً بأن
    تعيين الرئيس وتحديده واختياره في النظم الديمقراطية لا يعبر عن (إرادة
    الشعب)، كما أن القوانين والتشريعات التي تسن في النظم الديمقراطية لا تعبر
    هي الأخرى عن (إرادة الشعب)” ..

    هذا ما فهمه بندر من كلامي .. حسنا .. لنستمع ما قلته أنا بالضبط .. قلت :
    “(إرادة الشعب) يا صديقي ليست مطلوبة في تحديد المرشح .. والديمقراطية لا
    تطلب ذلك أبدا .. (إرادة الشعب) هي احتكامهم إلى الطريق التي يتحدد من خلال
    المرشح .. هنا تتحقق (إرادة الشعب) وليس في تحديد من هو (المرشح)” ..
    فهل أنا قلت بأن تعيين الرئيس وتحديده (واختيار النظم طبعا هذه الزيادة من
    كيسه هو) في النظم الديمقراطية لا يعبر عن (إرادة الشعب) .. أم قلت بأن
    الديمقراطية لا تطلب (تحقيق) (إرادة الشعب) ؟ ما الفرق بينهما ؟
    الفرق بينهما .. أن ما تم اختياره من قبل أغلبية الشعب وإن لم يعبّر عن
    تحقيق (إرادتهم) بصورة إجماعية وكلية .. إلا أنه يعبر عن (إرادتهم) يعبر عن
    (إرادة الشعب) ولو لم تتحقق تلك الإرادة على وجه الإجماع .. فليس من شرط
    التعبير عن (إرادة الشعب) أن تتحقق تلك (الإرادة) بالصورة الكلية الإجماعية
    .. ليس شرطا .. وهذا لا يقول به أحد من العقلاء فضلاء عن فلاسفة
    الديمقراطية ..
    فالتعبير عن (إرادة الشعب) يحصل من خلال الاتفاق على الوسيلة والطريقة
    والآلية التي تحاكم إليها الجميع للوصل إلى تحديد المرشح أو تحديد القرار
    .. لا من خلال اتفاقهم جميعا على ذلك المرشح أو ذلك القرار .. فإذا تم
    اختيار مرشح ما أو قرار ما بأغلبية الشعب .. فكل الشعب حينها يسلمون
    ويذعنون لهذه النتيجة .. وبالتالي يكون ذلك تعبيرا عن (إرادة الشعب) من جهة
    الطريقة التي اتفقوا على التحاكم إليها لا من جهة إجماعهم على ذلك المرشح
    المعين ..
    وهذا المعمول به عند كافة العقلاء .. فكثير من المؤسسات والمجالس حين يؤخذ
    رأي الأغلبية فهو في النهاية يعبر عن رأي ذلك المجلس وتلك المؤسسة ولو لم
    يتحقق إجماع كل الإرادات .. نتائج التصويت في الأعراف الإنسانية لا تطلب
    ذلك أبدا فضلا عن الديمقراطية .. ولكن نتيجة التصويت في نهاية المطاف تعبر
    عن رأي تلك الجهة ..
    وضربت مثلا توضيحا بولاية عثمان رضي الله عنه .. فولايته كانت بإجماع
    الصحابة .. مع أن بعضهم اختاروا عليا .. ولكن لأنهم ارتضوا أن يتحاكموا إلى
    مبدأ التصويت .. قبلوا حينها جميعا بنتيجة التصويت .. وبالتالي رضوا
    بولاية عثمان .. وكانت ولايته تعبيرا عن إرادتهم ..
    هذا ما لم يفهمه أخي وحبيبي بندر .. مع أن شيخ الإسلام ابن تيمية فهم هذا
    الأمر من قبل أن تظهر الديمقراطية .. حين قال : “الإجماع المعتبر في
    الإمامة لا يضر فيه تخلُّف الواحد والاثنين والطائفة القليلة، فإنه لو
    اعتُبِر لم يكد ينعقد إجماع على إمامة” . (منهاج السنة 4/231) .. فسمى ذلك
    (إجماعا) رحمه الله مع تخلف الواحد والاثنين والطائفة القليلة ..
    الغريب أن حبيبي بندر يقول هذا الكلام وقبلها كان يشتكي من سوء فهمي لكلامه
    .. بل إن حبيبي بندر زاد من كيسه مكسبا آخر نسبه إلي وهو شهادتي “أن
    القوانين والتشريعات التي تسن في النظم الديمقراطية لا تعبر هي الأخرى عن
    (إرادة الشعب)” . لا أدري من أين أتى بهذا الشهادة .. تعليقاتي السابقة بين
    يديه ..
    على أية حال لن أطالبه بالاعتذار كما طالبني هو .. لأني لست مشغولا بهذا
    الأمور الجانبية والهامشية .. إنما الذي يشغلني هو أصل المسألة التي تركها
    حبيبي بندر وجلس يشغل نفسه بهذه القضايا الهامشية ..
    2) ثمة أمر هامشي وجانبي أثاره أخي وحبيبي بندر .. وهو أنه يتصور بأني
    مضطرب في طرحي للسؤال .. وهذا وهم منه .. وأعذره على ذلك الوهم .. لأنه
    وجدني أطرح السؤال أكثر من صيغة .. فظن أن هذا اضطراب في طرح السؤال .. ولم
    يشعر حبيبي بندر بأن مضمون سؤالي كان متسقا من أول ما بدأت إلى آخر ما
    طرحت .. سوى الاختلاف في صيغ السؤال ..
    وتنويع صيغ السؤال أمر طبيعي ومنهجي وتربوي لأجل تقريب السؤال وإيضاحه
    للمتلقي .. خصوصا إذا كان المتلقي لديه إشكالات تمنعه من فهم السؤال ..
    فلما رآني حبيبي بندر أنوع له صيغ السؤال .. شعر بأن ثمة اضطراب في السؤال
    .. ولو أنه أخذ الصيغ بمجموعها ما شعر بذلك الشعور ..
    فلا أظن أحدا من المتابعين فهم من سؤالي (من يطبق الشريعة) أنه القضاء
    وسلطة التنفيذ .. أي أن الشعب يجلس بكامله على منصة القضاء ويصدر الأحكام
    القضائية والتنفيذية .. لم يفهم أحد سؤالي بهذا المعنى العجيب .. وذلك
    لوجود أسئلتي الأخرى الكثيرة المتكررة : (من الذي يختار الشريعة كمرجعية)
    .. والتي تدل على أن القصود من الذي يملك حق القرار في تطبيق الشيعة من
    عدمه ..
    الغريب أن أخي بندر هو نفسه نفى هذا المعنى المضحك ..
    إذن لماذا ساقه وهو يعرف مقصودي من السؤال ؟ .. أليس الانشغال المهووس
    بالبحث عن أي إشارة تدل على التناقض ولو كانت وهمية وترك أصل المسألة .
  • عبدالله المالكي

    والآن .. بعد كل هذا النقاش .. والذي لم أظفر منه جوابا من أخي بندر .. لا
    عن الأصل عنده .. ولا عن الحالة السعودية .. إنما جاء ليؤكد مسلمة إيمانية
    ليست هي محل النقاش ..إلا أن الأمر المحزن والمؤلم والمحبط .. حين يقول عني
    أخي بندر : “فنحن هنا أم……ام صورة فيها عبرة وعظة، إذ إن هذا التساؤل لا
    يصدر إلا من قلب وعقلٍ تشرب صاحبه – مع فضله وسابقته – المسلك العلماني في
    التعاطي مع التشريعات والقوانين” ..

    سبحان .. جعلتني يا بندر عبرة وعظة ..
    ألا يمكنني يا صديقي أن أستخدم هذه البكائية وأقلبها عليك .. وأجعلك أنت
    أيضاً عبرة وعظة للتشدد والغلو والتطرف والانحراف في فهم الشريعة ..
    ألا يمكنني أن أجعلك عبرة للحيدة والتلاعب والمراوغة والتشغيب على كل فكرة إصلاحية شرعية يراد منها إصلاح واقع البلاد والعباد ..
    ألا يمكنني أن أجعلك عبرة وعظة للفارغين الذين ليس لديهم رؤية أو مشروع إصلاحي يقدمونه للناس سوى التشغيب على الآخرين ..
    ألا يمكنني أن أقوم بذلك ؟!!
    بلى يمكنني .. ومن أسهل ما أقوم به .. ولكن لا تخف يا صديقي .. لن أستحدم
    هذا الأسلوب .. لأنه ليس من أخلاقي ولا من منهجيتي أن أستخدم مثل هذه
    الأساليب مع محاوري ..
    الباقعة والفاضحة والكارثة هنا .. أنك يا بندر جعلتني عبرة وعظة للذين تشربت عقولهم وقلوبهم للمسلك العلماني !!
    يا الله ..
    بعد كل المقدمات والمسلمات الإيمانية والمحكمات العقائدية التي قدمتها في
    تعليقاتي السابقة .. وأكدت عليها .. صرت الآن – عندك يا بندر – ممن تشرب
    عقله وقلبه المسلك العلماني ..
    المسلك العلماني يا بندر ؟!! ..
    لا وايش .. تشرب قلبه وعقله .. يا ساتر .. وايش عاد بقى للشريعة في قلبي
    وعقلي .. وليس عقلي فقط .. ربما قد تكون شبه .. لكن حتى قلبي .. يعني أنني
    محب للعلمانية ..
    اللهم إني أبرأ إليك مما قذفني به أخي بندر ..
    وسأترك للأخوة المتابعين في أن يفصلوا بيني وبين أخي بندر .. إما أن يتراجع
    عن هذا القذف .. وإلإ فإن النقاش لم يعد له أي داع بعد هذا القذف المؤلم
    ..
    خصوصا أنني لم أظفر بجواب منه على سؤالي بعد كل هذا العناء من النقاش
    والبحث .. سوى هذه التهمة .. أنني ممن تشرب عقله وقلبه المسلك العلماني ..
    فقط لأني قلت : ايها أحفظ للشريعة .. أن تكون مرهونة بيد الحاكم المستبد
    أم بإرادة الشعب ؟
    يا أخي قل بأني مخطئ .. جاهل .. متسرع .. مندفع .. سطحي .. مسكين .. أهبل
    .. أي شيء .. لم تجد إلا المسلك العلماني .. وقد تشربه عقلي وقلبي ..
    الله المستعان .
  • عبد الوهاب آل غظيف

    يا أستاذ عبد الله : لا تقل إن الشيخ بندر لم يجب ، بل قل إنه لم يجب بالجواب الذي ترتضيه !
    وما
    دمت تستعين بآراء طلبة العلم الذين اتصلت بهم وأخبروك أنه لم يجب ، فمن
    مقتضى الموضوعية أن تحضر آراء المتابعين للحوار ، لتكون أولى وأجدى من آراء
    من اتص…لت بهم .
    فهذا مؤيدك ومتبني وجهة نظرك ( عمار العباسي ) فهم
    جواب الشيخ بندر ، وقال : أعتقد أن الشيخ بندر نسف الشورى كلها في تفصيله
    السابق .وبالطبع فهو أمر فظيع أن يكون مفهوم الشورى مقتصرا على ( الشورى في
    أصل تطبيق الشريعة ) الذي هو مفهوم الديمقراطية الغربي الذي لم يعرفه
    المسلمون ولم يبحثوه أصلا ، لأن مقتضى الإسلام أن نكون في مرحلة متجاوزة
    لسؤال : هل نطبق الشرع أم لا ؟ فضلا عن رهن الجواب بحاكم أو بشعب .

    هكذا أجاب الشيخ ، وفهمنا جميعا ، فلا داعي – رحمك الله – للاستمرار في المطالبة بالجواب .
    أما قصة القذف ، فأراه تهويل لا يقل عن التهويل السابق في المطالبة بالجواب
    حتى بعد حضوره ، لأن من حق محاورك أن يصف الفكرة بكونها علمانية أو
    إسلامية ، ومن حقك أن تصف الفكرة بكونها خارجية أو داخلية .. المهم أن يكون
    وصفا موضوعيا يخدم الحوار ويخدم الموضوع .. والشيخ لم يتهمك أنك علماني
    أبدا حتى تطالبه بالاعتذار !
    بقي يا أستاذنا ، أنني ألحظ أنك لا تفرق بين قرار تطبيق الشريعة وبين مهمة التطبيق .
    وأتمنى
    منك التواضع قليلا لتفرق بينهما ، على الأقل لأن محاورك يفرق بينهما ، فلا
    تجعل موقفه من قرار التطبيق هو الموقف من التطبيق ذاته !
    والذي فهمته من جوابات الشيخ بندر ، وبإمكانه أن يصحح هذا الفهم :
    * أنه يعد ( قرار تطبيق الشريعة ) ليس مطروحا للناس لا شعب ولا حاكم ، وأن
    مقتضى كوننا مسلمين هو أننا تجاوزنا سؤال : هل نطبق أولا نطبق .
    * أنه يعد إنفاذ الشرع وإمضائه في الدولة الإسلامية من مهمة القضاة .
    * أنه يثبت للمسلمين كلهم حق الرقابة على الشرع وإنفاذه ، فيمتنعون عن
    إنفاذ المخالفة الشرعية بل ويملكون حق الخروج على الدولة إذا رأوا كفرا
    بواحا ( وهنا يتوافق كلامه مع كلام ابن تيمية الذي نقلته من المنهاج )
    كلها جوابات رأيناها ورآها القراء ، ألأجل أنه يرفض الديمقراطية الكافرة تجعله لم يجب ؟ !
    مع شكر الجميع .
  • عبدالله المالكي

    ال غظيف : حبيبي وقلبي .. طلبة العلم الذين سألتهم هم من المتابعين للحوار
    مثلك .. ولكي تطمئن .. ليسوا ممن يصنفهم الناس بأنهم تنويريون أو إصلاحيون
    .. هم طلبة علم كبار مستقلين راسخين .. وأنت تعرفهم وتثني عليهم دائما ..
    وما سألتهم إلا من أجل أن …أطمئن لفهمي … فربما أجاب بندر وأنا لا أشعر ..
    فلم أجد منهم إلا الإجابة التي ذكرت .. بل وجدت منهم الذهول ..

    أما قولك بأن شيخك لم يقذفني شخصيا .. فيا ليت .. ولكن ارجع إلى كلامه
    واقرأه بأمانة وتجرد وإنصاف .. واحكم حكما سيسألك الله عنه يوم القيامة ..
    لا ينفعك لا بندر ولا عبدالله المالكي ..
    بندر لم يصف السؤال .. وإنما وصف صاحب السؤال .. والفرق بينهما واضح كوضوح
    الشمس .. نعم لو قال هذا السؤال سؤال علماني .. لكان الأمر هينا .. وليس
    بالضرورة أن يشمل هذا الحكم صاحب السؤال .. نحن طلاب علم ونفهم يا
    عبدالوهاب ..
    أما أن يقول شيخك .. نحن أمام عبرة وعظة .. إذن المسألة تتعلق بشخصي وليس
    بالسؤال .. فالسؤال ليس له حالة حتى تكون له عبرة وعظة .. وإنما حالة صاحب
    السؤال ..
    ثم يقول بالحرف : “هذا التساؤل لا يصدر إلا من قلب وعقلٍ تشرب صاحبه – مع
    فضله وسابقته – المسلك العلماني في التعاطي مع التشريعات والقوانين” ..
    هل السؤال له قلب وعقل يا عبدالوهاب حتى يتشرب المسلك العلماني ؟ أم صاحب السؤال ..
    ثم هل السؤال له فضل وسابقه ..
    يا عبدالوهاب أرجوك كن متجردا ومنصفا .. وانصر شيخك ظالما أو مظلوما ..
    ظالما أن تمسكه عن الظلم وتعظه وتذكره بالله .. لا أن تجشعه وتبرر له ..
    أما ما تفضلت به يا حبي من كلام حول أصل المسألة .. فراجع كلامي مع شيخك
    واقرأه بتأمل وتجرد وبعيد عن أي تعصب أو أي مسبقات ذهنية .. حينها ستنكشف
    لك بإذن الله هذه الإشكالات التي لديك ..
    وتقبل مودتي يا غالي ..
  • بندر الشويقي

    أخي عبدالله.
    تقول: إنك لن تتهمني برأي الحرورية.
    وأنا أقول: إذا رأيت شواهد ذلك في كلامي ،،، فلا تتردد طرفة عين.

    فهذا التوصيف توصيف وحكم علمي، وليس شتيمة مجردة. ومن المقبول ورود مثل هذه
    الأحكام في مقام الجدل العلمي. فمتى رأيت شواهد مذهب الحروريةفي كلامي
    فتفضل واحكم، ودع القراء يقدرون مدى فهمك لرأي الحرورية.
    وبالنسبة لي، فإن رأيت في كلامك ما يوافق المسلك العلماني في التعاطي مع
    القوانين والتشريعات، فسوف أذكر ذلك، وليحكم القراء على صدق التوصيف من
    عدمه.
    ……..
    أما الآن، فعندي لك نقطتان اثنتان: (نصيحة) ،،، و(طلب).
    أما (النصيحة):
    فاحذر كل الحذر حين تنقل من (بعض الرفاق) كلاماً لابن
    تيمية أو غير ابن تيمية. فهم في الغالب غير متخصصين، وفهمهم لكلام الشيخ
    غالباً ما يأتي مغلوطاً (من جنبها)، وفي أحيان كثيرة يكون محرفاً تحريفاً
    متعمداً. فحاذر -دائماً- أن تتورط في النقل عنهم.
    أنت نقلت عن ابن تيمية كلاماً فهمت منه أنه يقرر أن الأمة هي المخولة للحكم
    بالشريعة. فراجع نص ابن تيمية في مصدره الأصلي (منهاج السنة 6/457)، وسوف
    يصيبك الخجل والكسوف والخسوف الكلي على استشهادك به.
    ابن تيمية في النص الذي نقلته يتحدث مع رافضي يعتقد بعصمة اثني عشر إماماً،
    ويقول لا بد أن يوجد في كل عصرٍ إمام معصوم من الخطأ، حتى تتلقى عنه الأمة
    دينها فيتحقق بذلك حفظ الشريعة به. لأن الشريعة –في رأي الرافضي- تضيع إن
    لم يكن في الأمة إمام معصوم من الخطأ يعلمها دينها.
    وابن تيمية يرد عليه ويقول:
    لسنا في حاجة إلى إمامٍ معصوم من الخطأ، فالأمة تنقل الشريعة عن نبيها جيلاً بعد جيلاً، ويحصل حفظ الشريعة بالنقل المتواتر.
    فكما ترى: الكلام كله عن نقل الشريعة بمعنى روايتها وحفظها.
    هذا معنى كلام ابن تيمية عن كون الأمة حافظة للشريعة. فجئت أنت ونقلت لنا
    كلامه على أنه يقرر أن الحكم بالشريعة موكولٌ إلى الشعب!!!!!
    احذر دائماً -يا صديقي- أن تعتمد في النقل على غير فقيه. وبخاصةٍ حين يقول لك إنه (إصلاحي!!).
    هذا أمر.
    …………………
    الأمر الثاني:
    مع أن من المفترض فيمن يرفع شعار (إصلاحيين) أن يكون عادلاً أميناً ،،، غير
    أن من الأشياء المزعجة التي تصادفني كثيراً في مجادلة (بعض الرفاق) بروز
    ظاهرة تحريف كلام مخالفهم، بطريقة توقع المرء في الحيرة، وتجعله يتساءل عما
    إذا كان من شروط الإصلاح تعمد التزوير والاختلاق….وعلى طريقتك سأضيف هنا
    عبارة: (وحاشاك من ذلك).
    اقرأ عبارتي بالأعلى حين قلت بهذا النص:
    “نعم. للناس دور في اختيار
    حاكمهم (على تفصيل قد نختلف فيه). ولهم حق إنكار ما يخالف الشرع، بل وخلع
    حاكمهم بالقوة –إن استطاعوا- متى نبذ الشرائع وأعلن الكفر الصراح. لكن هذا
    لا يعني أنهم هم الذين يطبقون الشرع”.
    هذا نص عبارتي. وفيه التأكيد على دور الأمة في اختيار من يحكمها.
    لكنك جئت الآن لتقول:
    “فوبيا مبدأ (سلطة الشعب) ضاغط عليك –يا بندر-
    بشكل رهيبٍ، جعلك تتهرب من الإقرار بمبدأ (والية الأمة) على نفسها، و
    ولايتها في اختيار من يحكمها، و ولايتها في تطبيق الشريعة”.
    أخي وصاحبي…
    ولاية الأمة على نفسها وحقها في تطبيق الشريعة ما زلنا نتباحث فيهما، وسوف أعذرك إن لم تكن فهمت كلامي إلى الآن، وسأشرح لك حتى تفهم.
    وأما حق الأمة في اختيار من يحكمها فكلامي في ذلك مكتوب أمامك بحروف يبصرها
    الأعشى، ويفهمها البليد. والذي أعتقده وأدين الله به أن هذه المسألة من
    مسائل الإجماع الظاهر، الذي لا يجادل فيه إلا جاهلٌ أو معاندٌ ، أو (حاكم
    مستبدٌ).
    فمن أين نسبت لي التردد في ذلك؟
    أنا الآن أطالبك بأحد أمرين، استمراري معك مرهون بهما:
    -إما أن تنقل من كلامي ما يفيد التردد في إثبات حق الأمة في اختيار من يحكمها.
    -وإما أن تسحب كلامك هذا وتعتذر عما نسبته لي.
    بانتظارك….
  • بندر الشويقي

    بسم الله ،،، والحمدلله.
    وخير الكلام ما بدئ بذكر الله.

    أخي عبدالله ،،، أعدت فجر هذا اليوم قراءة هذه المباحثة من أولها … فوجدت
    منحى الجدل يتصاعد بصورة سوف تفسده ، إن لم تكن أفسدته بالفعل. ولن أبرئ
    نفسي من الإسهام في ذلك. ولعل من الخير لي ولك التوقف عند هذا الحد وتأجيل
    البحث إلى وقت آخر. وإن كنت أتمنى لو أتيح المجال لتحرير المسألة بطريقة
    أفضل، من أجل الانتقال إلى التنزيل على الواقع.
    ولتعلم –أخي- أني أفكر جدياً منذ أشهر في المرور بك وزيارتك ببيتك. ولن
    أجاملك حين أقول: إني بعد لقائنا العابر، لمست معدنك الطيب الذي يغري ويشجع
    على المزيد من التواصل. ولولا عارض بات يحبسني عن كثرة السفر والتنقل،
    لأمضيت هذه العزيمة ،،، ولعل الله ييسر ذلك قريباً.
    وفي خاتمة هذه المجاذبات ، دعني ألخص لك وجهة نظري في نقاط، آمل أن تقرأها
    بروية في هذا اليوم المبارك، أو في أي وقت آخر بعد زوال الضغط النفسي
    لأجواء الجدل.
    – – – – – – – – – – – – –
    أولاً أخي الكريم:
    -مسألة حق المسلمين في اختيار من يحكمهم ليست محل خلافنا. بل لا أعرف أحداً
    يجادل في هذا أو ينكره من حيث الأصل. وأخوك يؤمن أن تلك المسألة من مسائل
    الإجماع الظاهر التي لا يجادل فيها إلا جاهل أو معاند أو (حاكم مستبد)، أو
    ذيل حاكم.
    -ثانياً: حق المسلمين لا ينتهي عند اختيار من يحكمهم، بل من المفترض أنه
    يمتد لممارسة الرقابة عليه في تطبيقه لشرع الله، ولهم –إن قدروا- حق خلعه
    عن منصبه، بل وخلعه عن الحياة الدنيا متى نبذ شريعة الإسلام وراء ظهره
    واختار الكفر الصراح.
    -ثالثاً: هذا كله من حيث الأصل. بعيداً عن تعقيدات الواقع الذي فرض وضعاً آخر يتعامل معه وفق حسابات المصالح الشرعية لأهل الإسلام.
    -رابعاً: إن كنت تعني بسؤالك حق التولية والعزل إجمالاً، وكان هذا معنى
    قولك: (إن الشعب هو الحافظ للشريعة، وهو الذي يملك حق تطبيقها)، فخذ توقيع
    أخيك على ذلك…فليس هذا مما يختلف فيه الناس اليوم. بل السؤال عنه بمنزلة
    السؤال عن حكم الصلاة والصيام.
    -خامساً: إن كان هذا معنى سؤالك، فمن الخطأ البالغ التعبير عن تلك المفاهيم
    بأن الشعب هو (من يختار الشريعة مرجعية عليا للدولة المسلمة). ففي الدولة
    المسلمة يفترض أن الحاكم يمارس دوراً تنفيذياً في الحكم بالشريعة، والناس
    يمارسون دوراً رقابياً عليه. والذي يمارس دوراً رقابياً لا يصلح أن يقال:
    إنه هو من يختار الشريعة مرجعية للدولة. فالناس في الدولة المسلمة يمارسون
    دوراً رقابياً على تطبيق خيار مفروغ منه يفترض ألا يخرج عنه حاكمهم.
    يتبع…..
  • بندر الشويقي

    -سادساً: حين تسأل (من الذي يملك الصلاحية)، و(من الذي يملك الحق) في
    اختيار الشريعة مرجعية للدولة المسلمة (الشعب/ أو الحاكم)؟ فأنت في سؤالك
    هذا تقرر ضمنياً مقدمة تقول: إن ثمة معادلة لها طرفان (شعب)، و(حاكم). وأن
    أحد هذين الطرفين له صلاحية ملزمة للطرف الآخر. فمتى اختار صاحب الصلاحية
    الحكم بالشريعة، فعلى الطرف الآخر أن يذعن وينفذ. ومتى اختار نبذ الشريعة
    فعلى الطرف الآخر –أيضاً- أن يذعن وينفذ. إذ من البدهي أن الذي يملك صلاحية
    الاختيار يفترض أن بيده صلاحية الرفض والقبول. وإلا لم يكن هناك معنى
    للحديث عن (الاختيار).

    -سابعاً: حين تقول (إن مرجعية الشريعة للدولة مسلَّمة إيمانية مفروغ منها)،
    ثم ترجع لتسأل: (من الذي يملك حق اختيار الشريعة مرجعية للدولة المسلمة)،
    فأنت هنا تقع في تناقض ظاهر. فهذه المسلمة الإيمانية مادة دستورية لها صفة
    الإلزام القانوني، وليست قناعة إيمانية قلبية مجردة. فلا يسوغ القولُ بأن
    جهة ما تملك صلاحية اختيار الشريعة مرجعية عليا للدولة، إلا إذا كانت تلك
    الجهة نفسها تملك حق اختيار شريعة أخرى.
    -ثامناً: نعم يسوغ لك السؤال: عمن يملك حق القضاء بالشريعة بين الناس، ومن
    الذي يملك تنفيذ الأحكام القضائية بين الناس، فهذا هو معنى تطبيق الشريعة.
    ففي هذا المقام يصلح أن يقال: إن الشريعة ليست كائنات حية، وأنها تحتاج إلى
    بشر يطبقونها على الأرض. أما عند الحديث عن اختيار مرجعية عليا ومهيمنة،
    فشريعة الإسلام ليست بحاجة لأن تكون كائناً حياً كي تصبح مرجعية ملزمة
    للدولة المسلمة. فالذي يختار هنا ليس الشعب، ولا الحاكم، ولا كائنات
    فضائية. وإنما هو الواحد القهار الذي اختار لنا فقال: (وما كان لمؤمن ولا
    مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
    يتبع ….
  • بندر الشويقي

    تاسعاً: حتى تتضح الصورة أكثر: تفكر في هذا السؤال:

    فأنت تقرر أن الشعب هو من يملك حق اختيار الشريعة مرجعية للدولة. فلو سألتك: هل يملك الشعب (حق رفض مرجعية الشريعة)؟…
    لا تقل لي: لن يرفض الشعب المسلم ذلك. فأنا أحدثك نظرياً وقانونياً…هل
    يملك…… الشعب الحق في رفض مرجعية الشرع؟؟ فإن كان لا يملك حق الرفض، فمعنى
    هذا أنه لا يملك حق الاختيار أصلاً.
    وحتى يسهل عليك تصور ذلك:
    انقل نفسك للقرن الأول، وتخيل نفسك تعيش بداية
    عصر أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، حين ارتدت العرب ولم يثبت على الإسلام
    إلا الأقلية (المدينة، مكة، بعض البحرين).
    فسواء قلنا: إن الصديق قاتلهم لردتهم، أو لتمردهم على الدولة. فلو خضعوا
    لسلطان دولة أبي بكر، لكن رفضوا أن يحكمهم الصديق بشريعة الإسلامِ…هل لهم
    الحق في المطالبة بذلك؟
    وهل يملكون مثل هذه الصلاحية باعتبارهم أكثرية؟
    وهل على الصديق أن يطيعهم باعتباره صار ممثلاً للأقلية، فيترك حكمهم
    بالشريعة، ويتوجه لدعوتهم وتثقيفهم حتى يتحصل على أكثرية مؤيدةٍ، أو أن
    واجبه مادام قادراً أن يلزمهم بالخضوع لحكم شريعة الإسلام؟
    …………………….
    -عاشراً: بالنسبة لقصة اتهامك بالعلمانية، فكلامي -عافاك الله- لم يكن
    مطلقاً، بل كان عن خصوص مسلكك في التعامل مع القوانين والتشريعات. فالذي
    قلته إن سؤالك: لا يصدر إلا عن عقل وقلب تشرب المسلك العلماني في التعامل
    مع التشريعات والقوانين.
    فإن كانت هذه العبارة آذتك وجرحتك –ولا بد أن تكون كذلك-، فالتمس لأخيك
    عذره، فهو إنما يعبر عن قناعة علمية لا بد من ذكرها، وليس المقام هنا مقام
    سباب أو شتائم مجردة. واعتبر هذا من جنس قول المصطفى (صلى الله عليه وسلم)
    لأبي ذر: (إنك امرؤ فيك جاهلية).
    النهج العلماني –أيها الحبيب- يفترض أن القوانين والتشريعات لا يجوز أن
    تكتسب صفة اللزوم لمجرد استنادها إلى مصدر إلهي مهيمن. بل لا بد قبل ذلك أن
    يقرها بشرٌ (فرداً كان أو جماعةً). فالقانون والتشريع في الدولة العلمانية
    يكتسب شرعيته من إقرار الدولة له. أما في الدولة المسلمة، فشرعية الدولة
    معلقة بالتزامها بشريعة الإسلام، وليس العكس.
    فارجع الآن لسؤالك: (من الذي يملك الحق في تحديد الشريعة الإسلامية مرجعية للدولة؟).
    انظر لسؤالك هذا، ثم أخبرني من أي القاعدتين ينطلق، وعلي أي التصورين بني.
    عندها ستفهم معنى كونه سؤالاً لا يصدر إلا من عقل وقلب تشرب المسلك
    العلماني في التعاطي مع التشريعات.
    أما قصة العبرة والعظة، فلكي تعلم ويعلم طالبو الحق أن القصة ليس قصة
    (إصلاحيين) و(محافظين)…بل القصة قصة مفاهيم وانحرافات تسربت للعقول والقلوب
    على غفلة من أهلها. فصارت تلك المفاهيم المنحرفة تحمل شعار (إصلاح!).
    وفي الختام ، أسأل الله أن يبصرنا جميعاً بمواقع رضاه ، وأن يجنبنا مواضع
    سخطه ، وأن يكفينا شر أنفسنا ، ويهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.
    وآمل من أخي عبدالله المعذرة إن كان في أي من تعليقاتي تجاوزاً في حقه.
    وأستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.

 

++

حين يتنافس أربعة على السلطة، فيحصلون على النسب الآتية:
(27%) …(23%)….(22%) … (28%).

دعنا نفسر هذه النتيجة:
فالفائز بالانتخابات هو الأخير الذي حصل على نسبة (28%) من الأصوات.
ومعنى هذا أن الذين يرفضونه يشكلون نسبة (72%) من الشعب.
ومع ذلك سوف يقال إن هذا الفائز يمثل (إرادة الشعب)!!
فهل هذا تعبير دقيق عن الواقع … أم أنه تعبير مضلل؟
وحتى لو حصل الفائز على نسبة (60%) أو أكثر. فهل يصلح أن نتجاهل رأي أكثر من ثلث الشعب، ثم نقول: إن هذا الفائز يمثل (إرادة الشعب).
تلك النظم السياسية الوضعية –أيها
الأريب-، تفتقر دائماً للسند الإلهي. فلذلك كانت ولم تزل تبحث عن سند آخر
للمشروعية. والسؤال الذي ظلت تعانيه هو:
العقول والآراء تتفاوت…فمن الذي يملك حق فرض نظامه على الآخرين؟
وهل كون فئتك أكثر من فئة غيرك مما يعطيك الحق في فرض نظامك على الفئة الأقل؟
وبأي حق تتحكم الأكثرية في خيار الأقلية؟
وما الفرق بين استبداد الفرد واستبداد الأكثرية حين تصادر خيار الأقلية؟
وإذا حرمنا وجرمنا الفرد الذي يصادر رأي الشعب، فلماذا نبيح للأكثرية أن تصادر رأي جزء كبير من الشعب؟؟
هذه الأسئلة المحرجة هي التي أنجبت خرافة اسمها (إرادة الشعب).
وبهذا الشعار الوهمي الخداع ، صار هناك مبرر لمصادرة رأي الأقلية…فلا خيار لأحد أمام (إرادة الشعب).
فهل فهمت ما أعنيه بأنه لا وجود لشيء اسمه (إرادة الشعب)؟ 

 

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + إحدى عشر =