طالبات في مكتب الدكتور
ابراهيم السكران

دعاة الاختلاط في كتاباتهم يشيرون دوماً إلى أن البيئة الأكاديمية بيئة علمية راقية تسيطر عليها الغايات المعرفية والعلاقات الراقية، وليست بيئة للانحراف الجنسي، وأن فقهاء ودعاة أهل السنة يعانون من نقص تصور فادح للواقع الأكاديمي الغربي، ولايزالون يتوهمون أن الناس في الجامعات الغربية ينزو بعضهم على بعض ويتسافدون في الممرات، وهذا كله من خرافات العقلية السلفية، فالمجتمع الأكاديمي الغربي يحظى بتقاليد بحثية وانضباط أخلاقي عالي، وليست الأمور كما يتصورها علماء أهل السنة، وهذا الخلل لديهم هو أحد أهم الأسباب في كونهم يمانعون الاختلاط الأكاديمي، والإنسان عدو مايجهل.

هذه الصورة السابقة صورة يكررها كثيراً الاختلاطيون، فما مدى دقة هذه الصورة ياترى؟ وهل فعلاً أن البيئة الأكاديمية الغربية بيئة راقية لاتعاني من مشكلات العلاقات الجنسية غير المشروعة؟ وهل نجحت تشريعات منع التحرش في إنهاء المشكلة؟

لايمكن الإجابة على هذا السؤال إلا بالاطلاع على الدراسات العلمية الرصينة وتقارير السجلات القضائية ذات الصلة، فدعونا نحاول الاقتراب من هذه المعطيات لنرى مدى الدقة في هذه اللوحة المثالية التي يرسمها الاختلاطيون.

الحقيقة أنه من الصعوبات التي واجهتها في تفكيك هذه الصورة التي يحكيها الاختلاطيون أنني حين أسوق الأرقام والإحصائيات فإن القارئ أو المحاور الذي يناقش في هذه القضية يظل متشككاً حول المدى المقصود في هذه الاحصائيات والأرقام؟ فهمها نقلت للقارئ من نتائج الدراسات المسحية فإنه يظل يتساءل: إلى أي مدى تصل الأمور بالضبط؟ يعني ماذا يقصدون بكون طالبة معينة تعرضت لتحرش، أو كون طالبة معينة أقامت علاقة غير مشروعة مع دكتورها؟

ولذلك فإنني سأرجئ الأرقام والاحصائيات، وسأحاول أن أنقل صوراً حية من واقع السجلات القضائية والقرارات ذات الصلة، فالأرقام الإحصائية المجردة برغم كونها أداة كمية رئيسية في القياس والبرهنة، إلا أنها من وجهة نظري تظل أداة جافة وغير قادرة على نقل الواقع في حيويته ومداه الفعلي، وقد لمست ذلك بنفسي شخصياً، فمهما زودت القارئ بالاحصائيات فستظل الصورة معتمة نوعاً ما، ولذلك فضلت هاهنا أن أنتخب عينة من “الوقائع” التي عرضتها التقارير القانونية والدراسات المختصة، سواءً كانت حالات قضائية منظورة لدى المحاكم الغربية، أو كانت خبرات عملية قدمها الباحثون الغربيون أنفسهم، وبعد أن ننتهي من عرض نماذج من هذه “الوقائع” سأنتقل إلى عرض بعض الإحصائيات والمعالجات والقراءات التي قدمها المختصون في هذا الحقل.

وحين نستعرض الدراسات ذات الصلة نجدها تذكر وقائع مهولة من واقع العلاقات غير المشروعة في النطاقات المختلطة مثل (الشركة والفندق والشرطة والجيش والمستشفى والمحاكم ومصلحة السجون الخ) ولكني في هذه الورقة سأستبعد كل هذه المعلومات، وسأخصص الحديث حول (البيئة الأكاديمية والتعليمية) فقط، لأنني لاحظت أن الاختلاطيين يركزون دوماً على القول بأن البيئة الأكاديمية بيئة معرفية والعلاقة بين أفرادها علاقة علمية راقية تنشد الحقيقة ويستبعد جداً أن تنحدر إلى علاقات جنسية غير مشروعة، فلننظر الآن مامدى دقة هذا التوصيف للمجتمع الأكاديمي الغربي، فمن الوقائع مثلاً:

-من المعروف أن جامعة بيركلي (كاليفورنيا) توضع دوماً في قائمة الجامعات العريقة في الولايات المتحدة، وأما (كلية الحقوق) فيها فعميدها هو بروفيسور القانون “جون دوير”، وهو -أيضاً- أستاذ زائر في الجامعة الأولى بأمريكا وهي جامعة (هارفارد)، وله عدة كتب قانونية معروفة ككتابه عن (قانون الملكية) وكتبه الأخرى عن (قوانين البيئة)، بالإضافة إلى أبحاث متخصصة في الدوريات القانونية، وأحد الدعاوى المرفوعة في هذه الجامعة عام 2003م كانت دعوى من أحد طالبات كلية القانون ضد هذا العميد المرموق علمياً، وجاء في موجز القضية مايلي:
(ادعت الطالبة بأنها كانت خارجة من الحانة في المساء، وأن البروفيسور “دوير” عرض عليها أن يوصلها بسيارته إلى شقتها، فذهبت معه، ولما وصلت شقتها كانت مرهقة ونامت مباشرة، وأثناء الليل استيقظت فوجدت البروفيسور يعتدي على جسدها جنسياً في فراشها. وأما البروفيسور “دوير” فأقر بالجزء الأول من الدعوى، لكنه ادعى أمران، الأول: أن العلاقة الجنسية في شقة الطالبة كانت علاقة رضائية وأن الطالبة كانت مطاوِعة، والثاني: أن العلاقة لم تصل إلى مستوى الاتصال الجنسي الكامل).
وقد عرضت هذة القضية في كثير من الدراسات القانونية ذات الصلة، انظر على سبيل المثال:
R. Lee, Organization as a Gendered Entity, Colum. J. Gender & L., 2006, p.656

-وفي جامعة (أركانساس) كانت أحد القضايا التي نظرتها محكمة الاستئناف الأمريكية عام (2007م) ، وكانت أطراف القضية هي: الطالبة كوكس، والبروفيسور مارك كوري، وهو المشرف على برنامج الأدب المقارن في كلية الفنون والعلوم بجامعة أركانساس، وهو محرر الكتاب المتميز (السياسة في الأدب الألماني) وهو كتاب جيد يستكشف المضمون السياسي في الإنتاج الأدبي الألماني، وله بحث آخر مشهور عن تقاليد التغيير الصوتي في فن الإذاعة الألمانية، ودراسة أخرى عن الخيال الأدبي الألماني المعاصر وعلاقته ببعض المعطيات الثقافية الأمريكية، وبحوث أخرى في نفس الحقل.
وقد رفعت الطالبة كوكس دعوى قضائية تتصل بهذا البروفيسور مارك كوري، وتتلخص الوقائع كما جاء في موجز القضية كالتالي:
(ادعت الطالبة كوكس أن مرشدها الأكاديمي البروفيسور مارك كوري دعاها إلى منزله لإتمام بعض المتطلبات البحثية، وبعد العشاء بدأ البورفيسور كوري في مفاتحة جنسية، وقبّل الطالبة كوكس، ثم بدأ في تجريد ملابسها، واستلقى معها على فراشه، وطلب منها القيام بعلاقة جنسية ولكنها رفضت ذلك. ولاحقاً حاول البروفيسور كوري الاتصال بالطالبة كوكس حيث انتهى الأمر إلى لقاءين مؤلمين كما تقول المدعية، وحينما أبلغت الطالبة مسؤولين رسميين في الجامعة تم إخبارها –أيضاً- بأن البروفيسور سبق أن مارس هذا السلوك مع طالبات أخريات في الماضي. وفي نفس الفترة تقدم إلى المسؤولين في الجامعة والد إحدى الطالبات وادعى أن ابنته، وطالبات أخريات هن على الأقل أربع طالبات؛ تعرضن لتحرش جنسي من قبل البروفيسور مارك كوري. والدعوى الأصلية رفعتها الطالبة كوكس ضد إدارة الجامعة مدعية تساهلها في نشوء هذه العلاقات).
انظر تفصيل القضية:
Cox v. Sugg, 484 F.3d 1062 (8th Cir. 2007)

-وفي كلية نيويورك للمعالجة بتقويم العظام (NYCOM) كانت أحد القضايا التي نظرتها المحكمة العليا الأمريكية عام (2000م)، وأطراف القضية هم: الطالبة “كراندل” وهي متدربة في الكلية المذكورة، والبروفيسور المشرف عليها وهو متخصص في “طب القلب”، وتتلخص الوقائع كما جاء في موجز القضية كما يلي:
(أن الطالبة كراندل كانت في فترة التدريب بالكلية المذكورة، وبينما كانت في مكتب البروفيسور المشرف عليها خارج حرم الكلية لإتمام بعض متطلبات البرنامج، لاحظت الطالبة أن البروفيسور يحاول أن يضغط بعضوه الجنسي على يدها، وزارها مرةً في شقتها وحاول تقبيلها، وكانت الدعوى الأصلية مرفوعة ضد الكلية لمسؤوليتها عن نشوء هذه العلاقات، ولكن الكلية دفعت بأن هذه التصرفات وقعت خارج نطاق حرم الكلية).
انظر تفصيل القضية:
Crandell v. New York College of Osteopathic Medicine ., 87 F Supp. (2000)

-وفي كلية أوكلاهوما الشمالية، كانت أحد الدعاوى التي نظرتها محكمة الاستئناف الأمريكية عام 2006م، وأطراف القضية هم: الطالبة “كالي إسكيو” ، والبروفيسور “ريتشارد فينتون”، وهو عضو هيئة التدريس في الكلية. وتتلخص الوقائع كما جاء في موجز القضية كالتالي:
(ادعت الطالبة أنها سجلت في مادتين يدرسهما “فينتون”، وأنه بعد فترة أخذ يتصرف إزاءها ببعض التصرفات الجنسية حين كانت في مكتبه بالكلية، منها أن أخذ يدلّي نهديها، وكان يرمي تعليقات كثيرة حول حجم صدرها، ويحدق باتجاه ملابسها الداخلية ويتأوه، ولكنها اعترفت أنها قامت ببعض التصرفات رضائياً كاستلقائها على أرضية مكتبه. ثم اتصل والد الطالبة بالكلية وصار مهتماً بالأمر، وكانت الاجراءات تقتضي سرية القضية في هذه المرحلة، لكن تسرب خبر الدعوى لفنتون، فذهب تلك الليلة لغرفتها في الكلية لكنه لم يجدها لأنها ذهبت لبيت والديها بعد أن علمت أنه علم بخبر الدعوى، وطلبت الطالبة من بعض زملائها الشهادة لدى المحكمة، وذكر أحد الشهود أنه رأى الطالبة تُظهِر للبروفيسور وشماً في جسدها يتطلب أن ترفع بعض ملابسها، وقد اعترف “فنتون” ببعض الوقائع وأنكر بعضها الآخر. وادعي “فينتون” –أيضاً- أن كل اتصال حصل مع الطالبة كان رضائياً وبمطاوعتها. وأقرت إدارة الكلية أنها كانت على علم ببعض التحرشات التي وقعت من “فنتون” في سنوات سابقة ومنها مواعدة بعض الطالبات).
انظر تفصيل القضية:
Escue v. Northern Oklahoma College, 450 F.3d 1146, 1154 (10th Cir. 2006)

-وفي كلية كومبتون في لوس انجلوس، كانت أحد القضايا التي نظرها القضاء الأمريكي، وأطراف القضية هم: عضو هيئة التدريس في الكلية “ستوبفيلد” ، وإحدى الطالبات، وتتلخص الوقائع كما جاء في موجز القضية كالتالي:
(في منطقة مظلمة من الطريق وجد رجل الأمن سيارة متوقفة، وحين أضاء مصباحه باتجاهها، وجد فيها ستوبفيلد مع إحدى الطالبات، وكانا عاريين من ملابسهما، وحاول ستوبفيلد الهروب، إلا أن الشرطة أمسكت به، وقد أدين باعتباره انتهاك لقانون حظر العلاقة الجنسية بين الاستاذ والطالب).
انظر تفصيل القضية:
Board of Trustees v. Stubblefield, 16 Cal. App. (1971)

-في مدرسة (نورث جوينت) في ولاية جورجيا في الولايات المتحدة، كانت أحد القضايا التي نظرتها المحكمة العليا الأمريكية عام 1992م ، وأطراف القضية هم: الطالبة فرانكلين، وهي في الصف العاشر (عمرها16 سنة) والأستاذ “أندرو هيل” وهو أحد أساتذة المدرسة، وتتلخص الوقائع كما جاء في موجز القضية كالتالي:
(بدأ الأستاذ “هيل” في البداية بمحادثة الطالبة فرانكلين بموضوعات جنسية، ثم قبّلها على فمها مرة في منطقة المواقف، ثم صار يذهب إلى فصلها ويستأذن الأستاذ بأخذ الطالبة ويذهب بها إلى مكتبه الخاص في المدرسة، وفي مكتبه الخاص بالمدرسة أقام معها اتصالاً جنسياً كاملاً، وحدث هذا ثلاث مرات خلال سنة، وادعت الطالبة أن إدارة المدرسة على الرغم من أنها واعية بما يحدث من الاستاذ هيل من تحرش بالطالبات إلا أنها لم تتخذ أية إجراء).
انظر تفصيل القضية:
Franklin v. Gwinnett Pub. Sch., 503 U.S. 60 (1992)

ومن الخبرات الشخصية التي دونها الأكاديميون الغربيون ماكتبته البروفيسورة الشهيرة “جين جالوب”، وهي حالياً دكتورة الأدب الانجليزي والمقارن في جامعة (ميلوكي) في الولايات المتحدة، وأغلب عملها يتركز حول نظرية التحليل النفسي لجاك لاكان، تقول البورفيسورة جالوب في كتابها الذي روت فيه بعض تجاربها الشخصية في هذا السياق:
(في السنة الأخيرة من دراستي كانت السنة التي كنت أكتب فيها أطروحتي، خلال ذلك نمت مع بروفيسورين، وكانا عضوين في لجنة المناقشة، وكانا لقاءين جنسيين منفصلين، لكنهما كانا في نفس الأسبوع، وكلاهما لم يتطورا إلى مستوى العلاقة المستمرة، لكنها كانت مايسمى “العلاقة العابرة” )
j.Gallop, Feminist Accused, 1998, p.41-42

وفي ورقة نشرتها في دورية (التعليم القانوني) البروفيسورة كارولاين فورل، وهي دكتورة القانون في جامعة أوريجون، قرأت فيها تلخيصاً جيداً لأحد الدراسات في مجال أكاديمي مشابه، تقول الدكتورة كارولاين:
(في دراسة أجراها الباحثان روبرت جليسر، و جوزيف ثورب، خصصاها لدراسة حالة الطالبات المتدربات في (علم النفس العيادي) وقد استلما الإجابات من نصف عضوات قسم النفس العيادي التابع لرابطة علم النفس الأمريكية، أبانت الدراسة أنه قررت 31% من الفتيات المتدربات أنهن تلقين تفضيلات من المدربين النفسيين، سواءً قبل أو خلال العلاقة المهنية، بينما قررت 17% من الفتيات المتدربات أنهن أقمن اتصالاً جنسياً حميماً، والذي تم تعريفه في الدراسة على أنه إما تصال جنسي كامل أو مجرد لمس مباشر للعضو الجنسي، مع واحد على الأقل من المدربين النفسيين خلال فترة التدريب).
انظر:
C.Forell, What’s Wrong with Faculty-Student Sex, Journal of Legal Education,1997, p.

وفي دراسة مسحية أخرى في أعرق جامعة في العالم وهي جامعة هارفارد، وقد تمت بإشراف رسمي من الجامعة ذاتها، وهذه الدراسة تعتبر اليوم واحدة من الوثائق التاريخية التي ضمت إلى مدونة الوثائق التاريخية في قضية التحرش الجنسي في أمريكا، وقد أظهرت الدراسة أن 49% من البروفيسورات النساء المؤقتات، و 32% من البروفيسورات النساء المعينات رسمياً، و 41% من طالبات الدراسات العليا، و 34% من طالبات البكالوريوس؛ سبق أن تعرضن لتحرش جنسي من شخص في مركز سلطة على الأقل لمرة واحدة خلال فترة بقائها في جامعة هارفارد.
انظر:
L.Stein, Sexual Harassment in America, 1999, p.212

هذه طائفة موجزة من الوقائع والاحصائيات، ولايمكن الإطالة بأكثر من ذلك، وهذه النماذج كافية للإشارة إلى خلل التصور لدى الاختلاطيين عن واقع البيئة الأكاديمية والتعليمية الغربية.

ومن المهم أن نلاحظ هاهنا أنه مع كل ماوضعت النظم الغربية من قوانين لمنع التحرش، ومنع علاقات استغلال النفوذ، ومع شدة فعاليتها التنفيذية لأنظمتها وقوانينها؛ فإن ذلك كله لم يمنع المشكلة من كونها لاتزال متفاقمة، بسبب كون المجتمع الغربي لايزال مصراً على الاختلاط، فهو يهيج الأسباب ويحاول عرقلة النتائج بالقوانين، وهذه مناقضة لطبيعة الأمور.

والحقيقة أنني حين أقرأ وأطالع مثل هذه التقارير والقضايا والأرقام لا أستغرب بتاتاً مايجري، بل إنني سأستغرب فعلاً إن لم يقع ذلك، ففي المرحلة الثانوية وفي مرحلة البكالوريوس تكون الفتاة في عمر الزهور، وتأتي بكامل زينتها يومياً، بل وتمارس الألعاب الرياضية في نادي المدرسة والجامعة بملابس غير محتشمة، كل ذلك أمام رجال في عمر الفتوة وقوة الغريزة، فكيف يستبعد أن لاتقع مثل هذه الأمور، ولذلك فإن الدكتورة (باتريكيا) وهي متخصصة في قانون الأسرة ولها ورقة تاريخية معروفة عن الوساطة في الطلاق في السياق القانوني الأمريكي، هذه الدكتورة سبق أن طرحت ورقة مبكرة ومتميزة في دورية (القانون والتعليم) وكانت بعنوان (المضامين القانونية للعلاقة الجنسية بين الأستاذ والطالب) وفي هذه الورقة طرحت الدكتور باتريكيا ملاحظة مؤلمة حول إشكالية تعرض الأستاذ في التعليم الأمريكي إلى ضغط الإثارة الهائل حيث تقول الدكتورة باتريكيا:
(سلوك الأستاذ سيكون معذوراً بسبب احتياجاته الجنسية العالية واستجابته الطبيعية حين يواجه في الفصل فتيات بصدور مكشوفة وبنطال مشدود).
انظر:
P.Winks, Journal of Law & Education, (1982), p.438

والقضايا التي تتحدث عنها التقارير تدور حول ثلاثة مستويات: المستوى الأول هو (الاغتصاب)، وهو الإكراه التام على القيام بكامل العملية، وهذا أقل المستويات شيوعاً، والمستوى الثاني هو (التحرش الجنسي) وهو عرض عدواني للقيام بالعملية، والمستوى الثالث هو (العلاقات شبه الرضائية) وهي العلاقة التي تكون في حالة تفاوت السلطة (مثل علاقة البروفيسور-الطالبة)، أو في علاقة تكون عرضة لاستغلال وضع الثقة والائتمان المفترض بين الطرفين (مثل علاقة الطبيب-المريضة).

والحقيقة أن فلاسفة ومفكري الحركة النسوية طوروا نماذج تحليلية مبهرة في دراسة العلاقة بين (السلطة) و (الجنس)، فمن المعلوم أن الجامعة والمدرسة والشركة والمؤسسات الحكومية أنها كلها تنشئ “علاقات سلطة” بين (البروفيسور-الطالبة)، أو (الأستاذ-التلميذة)، أو (المدير-الموظفة)، أو (الطيار-المضيفة)، أو (الطبيب-المريضة)، أو (المحامي-العميلة)، (مدير الفندق-موظفة الاستقبال)، وعلاقات السلطة هذه تفتح احتمالات واسعة في محاباة الطرف الأقوى للطرف الأضعف من أجل مصلحة جنسية أو تفضيلات جنسية يقدمها الطرف الأضعف في صورة شبه رضائية تتم تحت غطاء المودة المهنية والارتياح المتبادل والحميمية البريئة، أو يصورها الطرف الأقوى باعتبارها مجرد تطورات للعلاقة غير مخططة مسبقاً.

على أية حال.. من كان جاهلاً من الاختلاطيين بأن هذه هي واقع الحال في البيئات المختلطة في المجتمع الغربي، فعليه أن يراجع نفسه عاجلاً، ومن كان يعلم من الاختلاطيين بأن هذا هو واقع الاختلاط الغربي، ومع ذلك أراد لمجتمعنا المسلم أن يخوض ذات التجربة الفواحشية، فليعلم أنه لن يفلت من بين يدي الله الذي قال سبحانه:
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور:19].

وأما من لايزال مكابراً فلا عليه إلا أن يتأمل قليلاً، فبالله عليكم حين تزور الطالبة مشرفها على البحث في مكتبه الخاص بشكل دوري متكرر، ويشعران بارتياح متبادل تتخلله بعض الطرافة أحياناً، فإن من يستبعد أن تتطور هذه العلاقة إلى أمور غير مقبولة شرعاً فهو أول من يعلم أنه كاذب في نفسه، وكفى بالقول سقوطاً أن قائله يعلم في دخيلة نفسه عدم صدقه.

ابوعمر
ابراهيم السكران

من موقع صحيفة حرف الإلكترونية

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × خمسة =