التلاعب في النصوص والتنزيلات على الواقع ( السفياني و اليماني نموذجا )

SayedHouthi
التلاعب في النصوص والتنزيلات على الواقع ( السفياني و اليماني نموذجا )

 

هكذا يتم التلاعب في النصوص والتنزيلات على الواقع نناقش هنا  ( السفياني و اليماني نموذجا )

 

تنزيل الشخصيات المذكورة في الآثار الضعيفة على شخصيات معاصرة .

اعتمد بعض المؤلفين على بعض الآثار الضعيفة والمقطوعة المذكورة في كتاب الفتن لنعيم بن حماد (_ ) والتي تحكي أو تذكر شخصيات معينة وقاموا بإسقاطها على شخصيات معاصرة ؛ فقد تميز كتاب الفتن لنعيم بالإكثار من تعيين الشخصيات كالأبقع واليماني والخراساني والكِندي والأصهب والمنصور ، وشعيب بن صالح والحارث ، والسفياني والاصطخري وأويس ، وغيرهم من الشخصيات ، ويلحظ على المؤلفين المعاصرين أنهم أنزلوا كل هذه الشخصيات على حوادث معاصرة وبنوع من التعسف الواضح ، ومنهجية تفتقد إلى أبسط قواعد البحث العلمي ، من ذلك الأمثلة التالية :  

المثال الأول : مايرز والرجل الكندي :

 من ذلك ما ذكره أمين جمال الدين في كتابه « هرمجدون » حيث ساق المؤلف أثراً موقوفاً عن كعب الأحبار وأسقطه على ريتشارد مايرز رئيس الأركان الأمريكي الأعرج ، والنص كما ساقه « علامة خروج المهدي ألوية تقبل من المغرب عليها رجل أعرج من كِندَة . »
يقول المؤلف بعد هذا النص : «  فلما رأيت الجنرال ( ريشارد ما يرز ) يقبل على عكازين ليعلن للشعب الأمريكي بدء عمليات القوات المشتركة الجوية والبرية والبحرية ضد أفغانستان ، قلت : الله أكبر صدقت يا رسول الله . » ([1])  

 
 و إسقاط الأثر وإنزاله على شخص معين بهذا الطريقة باطل من عدة وجوه منها ما يلي :

أ- ما دخل رسول الله r في هذا الأثر  المقطوع الوارد عن كعب الأحبار ، أم هو شكل من أشكال التدليس على القراء ، فالأثر السابق لا علاقة له برسول الله r أبداً .

 ب- ما دخل مايرز الأمريكي بهذا الرجل الذي يخرج من قبيلة كندة – بكسر الكاف – ، القبيلة العربية المشهورة ، وقد ورد ذكر أسماء كثير من هذه القبائل في علامات الساعة كقبيلة مضر وكلب ودوس وغيرها ، ولا أعلم هل هو التعلق بأي قشة ليسقط المؤلف  النص  على ما يشاء ، فالأثر يتكلم عن رجل من قبيلة كندة أعرج ، وكِندة غير كندا التي نعرفها ، ومايرز أمريكي وليس كندي ولعل العرج هو العلة الضابطة لإسقاط المؤلف النص عليه .

المثال الثاني : صدام حسين والسفياني .

من ذلك ما أنزله فاروق الدسوقي من آثار ليدلل على أن المقصود بها هو صدام حسين من ذلك قوله   : « جاء لقبه – أي السفياني – في الآثار بأنه ( الأزهر بن الكلبية ) إشارة إلى علو نجمه وازدهار سيرته بتحرير القدس . » ([2])  

ويقصد بذلك صدام حسين ، وقد تأول كلمة الأزهر بأن المراد بها علو نجم صدام حسين وازدهار سيرته بتحرير القدس ، ولا علاقة بين الأزهر الذي يعتبر وصفاً للون البشرة وما تأوله هذا الرجل . ولو رجعنا للأثر الذي اجتزأ منه هذه الفكرة نجد أن مرجعه في ذلك لنعيم بن حماد  فيما يرويه عن كعب أنه قال: « يملك حمل امرأة اسمه عبد الله بن يزيد وهو الأزهر ابن الكلبية أو الزهري بن الكلبية المشوه السفياني »  ([3])  والنص السابق  صريح في كون اسم السفياني عبد الله ، والغريب أنه انتقى من الأثر هذا الوصف فقط ، وترك منه كون السفياني يحكم تسعة أشهر فقط مع أن صدام حسين حكم 35 سنة ، وترك أيضاً ما صرح به الأثر من أن اسمه عبد الله .

هذان مثالان يبرزان مدى المزاجية والهوى المهيمن على أصحاب هذه التأويلات ، وهي إنزال الآثار على شخصيات معينة  بطريقة تعسفية لا تمت للبحث العلمي بصلة ، ومن تتبع أكثر المؤلفات التجارية المعاصرة يجدها تعج بهذا النوع التعسفي في التنزيل على شخصيات العصر ، فالأبقع الرئيس المصري أو الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات  ، والسفياني صدام أو الملك حسين ، وأصحاب الرايات السود طالبان ، وأريس المذكور في بعض الآثار هو رئيس أريتريا ، والمهدي تايواني أو سويدي وهو دبلوماسي يأتي من البلاد الاسكندنافية ، والمنصور أو اليماني هو بدر الدين الحوثي . ([4])

مقالات محمد المبيض

————
(_ ) نعيم  : هو بن حماد بن معاوية بن همام بن سلمة بن مالك الخزاعي ، يكنى بأبي عبد الله المروزي الفارضي ، وسبب كنيته بالفارضي ؛ لأنه كان أعلم زمانه في علم المواريث ( علم الفرائض ) ، توفى سنة 228 ، طلب الحديث بالعراق والحجاز ، وكان فقيهاً متعصباً للسنة شديداً على أهل الرأي يقال أنه أول من جمع المسند  ،  نزل مصر ، فلم يزل فيها ، حتى وقع كغيره من العلماء ضحية لفتنة خلق القرآن التي افتعلها المعتزلة في الدولة العباسية ومات في سجنه رحمه الله ، وقد اتفق العلماء على صلاحه ،  أما  بخصوص روايته للحديث فقد ضعفه الدارقطني والنسائي والذهبي وابن حجر ، وعللوا جهة تضعيفه لكونه كثير الخطأ والأوهام .ووثقه البخاري وأحمد بن حنبل  وابن معين والعجلي ، ولعل القول الوسط في نعيم بخصوص الجرح والتعديل ما قاله ابن حجر بأنه : صدوق يخطئ كثيراً . ولنعيم بن حماد كتاب الفتن = =وهو من أول الكتب المتخصصة في الفتن والملاحم ، وهذا الكتاب على أهميته إلا أنه مليء بالأحاديث الموضوعة وفيه كثير من الأحاديث المقطوعة والموقوفة وأكثرها في درجة الضعيف والضعيف جداً ويحوى آثاراً كثيرة عن أهل الكتاب والإسرائيليات ، ومما لا يمكن التثبت منه من الروايات ، وهذا الكتاب بالرغم من صحة نسبته لنعيم إلا أن النسخ المتداولة حالياً طبعت من مخطوطات كلها من طريق راوي واحد للكتاب وهو عبد الرحمن بن حاتم المرادي ، وهذا الرجل تُكلم فيه ، وقيل في حقه : صدوق إلا أنه كان غالياً في التشيع ، ويتميز كتاب الفتن بكثرة الشخصيات والواقعات المذكورة فيه ؛ لذا كان المجال الخصب لكثير من المؤلفين المعاصرين وتأويلاتهم المتنوعة  . [ انظر : ابن حجر : مقدمة فتح الباري ( 470) ؛  البستوي : المهدي المنتظر ( 120 وما بعدها ) ؛ ابن حجر :تقريب التهذيب ( 2/305) ]

([1])  جمال أمين :  هرمجدون ( 36)
([2])  الدسوقي : البيان النبوي ( 32 )
([3]) أخرجه نعيم  برقم 808 ،  والأثر ضعيف فيه جابر الجعفي     [  الفتن  (  279 ) ]  
([4])  انظر عبد الحكيم : الحرب العالمية الثالثة قادمة ( 28) ؛ داود : المفاجأة ( 361 وما بعدها )

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 2 =