طول آدم والإنسان، ومنحنى نقصانه مع الزمان
طول آدم والإنسان، ومنحنى نقصانه مع الزمان |
The Height of Adam, the Decline of Human Height, and Answering Adnan Ibrahim
مقدمـــــــة
كان عمر آدم عليه السلام ألف سنة، وعمر نوح عليه السلام يزيد عن 950 سنة.
وكانت أعمار ذريتهما من بعدهما تقدر بمئات السنين وعلى مدارعمر البشرية
الذي قدرناه في دراستنا السابقة “ عُمْر البشرية، ومنحنى نقصان عُمْر الإنسان! ” بمئات الآلاف من السنين (520 ألف – 2.7 مليون)، وعلى نحو ما رأينا في منحنى نقصان عمر الإنسان. فالسؤال الآتي يفرض نفسه:
إن ما نشاهده من عدم تحمل بدن الإنسان المعاصر إلا قليلاً من السنوات
المعدودة وراء المئة في أقصى ما يتحمله بفعل الشيخوخة، أمرٌ لا يمكن الفكاك
منه. بمعنى أنه من المستحيل – على ما تؤكده الشواهد – أن يكون الإنسان
الأول ذا عمر يتجاوز المئات من السنين، ويصل إلى الألف في بواكيره، ثم يكون
بدنه مماثل لبدنه الحالي. وتُفضي هذه الاستحالة إلى ضرورة أن يواكب طول
عمر الإنسان الأول بدناً يتحمل هذه الحياة الطويلة.
ويتسق
هذا التوقع كل الإتساق مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال
فيه أن طول آدم كان ستون ذراعا في السماء. كما يتسق أيضاً مع الدراسات
الحديثة التي تربط بين عمر الكائنات الحية وأحجامها، وأن الأكبر حجماً منها
أطول عمرا، وأن الأطول عمراً لا بد وأن يكون ذا حجم أكبر يدعم طول العمر،
ويتحدّى موانع البقاء لفترات زمنية أبعد كثيراً مما نألفه. بمعنى أن كِبر
الحجم أصبح لازمة من لوازم طول العمر، وطول عمر الإنسان الأول – كما هو
معلوم – قد استمد يقينه من يقين النص القرآني.
ما تؤدي إليه استنباطاتنا من طول عمر الإنسان الأول – كما نص على ذلك
القرآن يقيناً – وطول بدن آدم – كما نص عليه القرآن ترجيحا من جهة، والحديث
النبوي (في أضعف الأقوال) من جهة اخرى- والعلاقة بين تناقص كل من العمر
والطول مع الزمن. وهذا هو المسار النقلي الاستنباطي
ما تشير إليه الدراسات الحديثة من علاقة بين الأعمار القصوى life spans
للكائنات الحية المختلفة، وأحجام أبدانها عند البلوغ. ثم ما يلحق بذلك مما
سجله التاريخ من شهود عيان وحفريات. وهذا هو المسار الرصدي الاستدلالي.
سَلِمَت آليات الاستنباط والاستدلال، فلا بد أن يتقاطع المساران في ما
يحقق الرجحان، بعد استفراغ الوسع في معرفة الحق وتمييزه من الباطل في
المسألة.
معالجتنا للمسألة بالمسار النقلي الاستنباطي، وحيثما تعرض لنا مواقف تتطلب
استحضار معلومات واقعية، سنعمد إلى مواجهتها بما تحمله من أدلة رصدية
استدلالية، فتتقاطع الأدلة من كلا المسارين بما يهذب آليات الاستنباط
والاستدلال في كليهما إذا سلمت المصادر بنوعيها.
كيف استنبطنا دالة تغير عمر الإنسان، منذ آدم عليه السلام. وكيف أن نقصان
العمر كان حَتْماً محتوماً خطاه الإنسان وما يزال، وحتى ينتهي وجود البشرية
على الأرض، حتى وإن تطلب الأمر تنقيح صورة الدالة التي حصلنا عليها، والذي
سيكون عندئذ اختلافاً في الدرجة وليس اختلافاً في وجاهة التفسير، إلا منْ
عاند النص الإلهي، والذي سيخرج بالضرورة من دائرة الحوار العلمي الذي نحن
بصدده، والذي يقتصر على المؤمنين بوجود إعمال النص الإلهي في كل مسألة تعرض
لنا. غير أنه بمقدور مَنْ وراء ذلك – إن شاء – أن يعتبر ما نؤمن به عندنا
فَرَضيات علمية عنده، فيختبرها إن شاء بما يلزم عنها، ولن نمانعه في
مداخلاته في مسائلنا إن التزم بعدم التحكم والمصادرة، أو الانتقاص
والمكابرة.
اعتماد النص القرآني كمصدر أول في المسألة وما يحمله من درجة اليقين،
سيلحقه تأويل عدد من الآيات في شأن قوم عاد، وعلى نحو ما سنراه لاحقاً، ثم
يأتي الحديث النبوي الشهير (القائل بأن طول آدم كان ستون ذراعاً)، والمروي
في الصحيحين، والذي يفضي بالضرورة – بعد سلامة متنه – إلى نقصان طول
الإنسان عبر نفس التتابع الزمني الذي قطعه العمر في تناقصه.
رغم
أن القرآن لم ينص صراحة على طول آدم، إلا أن عدداً من الآيات قد استلزم
هذا الطول المفرط له ولأبنائه الأقرب إليه فالأقرب. وذلك على الترتيب
التالي بحسب تقدير قوة هذا الاستلزام:
ومنه أن مُكث نوح عليه السلام في قومه أكثر من 950 سنة يستلزم أنه كان ذا
بدن يتحمل هذا العمر، وذلك باعتبار أن هذا العمر المديد لم يكن معجزة خاصة
بنوح، بل أنه خصيصة في الخلق بدأت في آدم وتتالت في أبنائه، وأن تناقص
العمر كان بتقدير الله عز وجل مع الزمان.
عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) تَنْزِعُ
النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20)“(القمر)، وقال سبحانه: “سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ (أي: الريح) سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7)”(الحاقة). ومعلوم أن قوم عاد كانوا أول الأقوام التي أتت بعد الطوفان، كما يُفهم من قول الله تعالى “وَاذْكُرُوا (المخاطَبين هم عاد قوم هود) إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ “(الأعراف:69)،
وأن بين نوح وآدم عشرة قرون إنسانية كما جاء في الحديث. والشاهد هنا أن
وصف عاد – حين نزل بهم عذاب الله تعالى- بأنهم “ أَعْجَازُ نَخْلٍ ” لا يستقيم مع أجساد البشر المعهودة لنا الآن. فالنخل التام النمو في الصحاري شبه الاستوائية subtropical deserts والتي منها المنطقة العربية، – وخاصة من نوع(1) Phoenix. dactylifera – يصل في أقصى أطواله إلى ما بين 60 و 80 قدما، أي ما بين 18 إلى 24 متراً وربما أزيد(2).
وهذه الأطوال تستقيم تماماً مع طول آدم البالغ 28 متراً (60 ذراعا) وبما
يُعبِّر عن تناقص الطول بين آدم وعاد. ومن ثم يكون من فوائد الآيات هنا أن
أطوال قوم عاد كانت بهذه الأبعاد الشبيهة بأبعاد النخل.
مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا
حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ “(المائدة:22)،
قال الطبري في تفسيره: “سموهم”جبّارين لأنهم كانوا لشدة بطشهم وعظيم
خلقهم، فيما ذُكِر لنا، قد قهروا سائر الأمم غيرهم.”، وهي أوصاف تسير جنباً
إلى جنب مع وصف آخر لقوم عاد جاء في كتاب الله تعالى هو “ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ “(الشعراء:130). وهذه الأوصاف تميز الأقدمين عن المتأخرين في البنية الجسدية ومن ثم القوة، لذا نقرأ أيضاً في كتاب الله تعالى “ أَوَلَمْ
يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ
وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا “(الروم:9).
أن التمييز هنا واجب بين “الجبارين” الذين تكلم عنهم قوم موسى، وكانوا
يُسمُّون في الأدبيات التاريخية بـ “العماليق”، وكانوا يقطنون بعض الأماكن
العربية(3) وربما أماكن أخرى لا نعلمها، هذا من جهة، وبين قوم
عاد من جهة ثانية. فقوم عاد كانوا تالين لنوح عليه السلام، ومن ثم كانت
أعمارهم قريبة من عمر نوح أو أقل نسبياً، وقد شبَّهت الآيات هيئهم بهيئة
النخل لطول خِلقتهم. أما الذين وصفهم قوم موسى بالجبارين، أي العماليق، فهم
معاصرون لموسى عليه السلام، والغالب أنهم من ذرية أقوام إنسانية كبيرة
الأجسام، غير أنها كبيرة بالنسبة للإنسان المعاصر فقط ولا يقارنون بقوم
عاد، الذين كانوا بعيدين عنهم كثيراً، ومن أمثلة العماليق “جالوت”(4)Goliath، وقد جاء عنه في كتاب الله قوله تعالى “فَلَمَّا
فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ
فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ
مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا
قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ
قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَبِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ
قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ
الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوالِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ
قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا
وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ
اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُجَالُوتَ …(251)“(البقرة)، ومن المؤكد أن طالوت(5) King Saul–
وهو الملك الذي ملكه الله على بني إسرائيل قبل داوود كما جاء بالآيات
الكريمات أعلى، وأنه كان طويلاً، وربما أن لهذه الصفة ارتباطٌ باسمه
“طالوت” من حيث أن له اشتقاقاً من “الطول”، فقد قال الله تعالى فيه “وَقَالَ
لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا
قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ
بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ
اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) “(البقرة).
حديث النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم أنه قال: [خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا. قال: اذهب فسلم على أولئك
نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال:
السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من
يدخل الجنة على صورته فلم يزل ينقص الخلق حتى الآن] (متفق عليه – أي على صحته في مسلم والبخاري).
الحديث يُعَيِّن قدر طول آدم تعييناً تاماً. وهو صحيح سنداً بلا مراء. ولا
يمكن الطعن فيه إلا من جهة المتن. ولا يمكن أن يهتز الحديث إلا بأدلة
دامغة وتستند إلى أدلة حسية عينية. فإذا داخل تلك الأدلة المُشكِّكة
الاحتمال سقطت. لأن الحديث يبقى صحيحاً ولو بأقل احتمال. ولا ينتفي مدلول
متنه إلا بسيادة دليل النفي.
بالاعتبار في هذا الحديث أنه يعين النسبة بين طول آدم وما نعهد من طول
الإنسان، وهي 60 ذراعاً إلى 3.8 ذراعاً. أي 16 ضعفاً تقريباً، (الذراع = 24
أصبعاً = 46 سم). وهذه النسبة هي هي النسبة بين طول عمر آدم، أي 1000 سنة،
و65 سنة هجرية، (وهي طول العمر المتوسط لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما
جاء في حديث آخر). وعلى ذلك تكون النسبة الأخيرة 1000/63.1 = 16 تقريباً.
تحليل العلاقة بين تناقص العمر وتناقص الطول، منذ آدم وحتى أمة محمد صلى الله عليه وسلم:
بالملاحظة أن آدم كان عمره 1000 سنة وطوله 28 متراً تقريباً، وأن الإنسان
المعاصر (مثلهم مثل أمة محمد صلى الله عليه وسلم) عمره 65 سنة وطوله
(المتوسط على مستوى العالم) 1.62 متر. ولا يمكن إهمال الارتباط بين طول
العمر وطول الجسم. وكونهما مرتبطان.
الارتباط بين العمر وطول الجسم (المستخرج من المصادر الشرعية) يقول بأن
هذا الارتباط (شبه) تام. وقد توخينا الحذر من القول بأنه تام، إتاحة لفرصة
دخول هامش من الحرية لما قد يستجد من معلومات.
وبالتعويض في (1) نحصل على:
التناقص ينبغي لها أن تكون دالة طبيعية، ووصلنا إلى أنها دالة أسية. فإذا
غذينا العلاقة السابقة (2) بالمعادلتين (4)، (5) في تلك الدراسة، ونعيد
كتابتهما هنا:
على دالتين شبيهتين ولكن لطول الإنسان (بحديها الأدنى والأقصى) مثلما كان
لعمر البشرية حدان يمثلان الحد الأدنى والأقصى، ونتذكر أننا لم نستطع القطع
بموقع الدالة الحقيقية بينهما. وسوف تكون هذه الدالة المعبرة عن الطول
أيضاً طبيعية أسية، ولن تختلف عن دالة طول العمر إلا بمقدار ثابت التناسب.
وعندئذ سوف تعطينا الحدود الدنيا والقصوى لما يمكن أن تنحصر بينهما الدالة
الحقيقية المعبرة عن تغير طول الإنسان مع الزمن.
بالملاحظة هنا أنه في حالة تطابق هبوط الدالتين: العمر والطول، مع الزمن
سوياً، وأنهما – من ثم – لا يختلفان عن بعضهما إلا بمقدار الثابت المجرد،
فالطول الذي يكافي عمراً قدره 65 سنة هجرية، أو 63.1 سنة ميلادية هو 1.756
متراً. (هذا بافتراض أن الذراع هو الذراع المصري القديم أو الشرعي حسب
المذهب الحنفي، والمساوي لـ 46.2 سم.)
الآن نظرة على ما قالته أدبيات الدراسات الأحيائية عن علاقة حجم الجسم
بطول العمر في الكائنات الحية عامة والثديية خاصة (كما هو مُشاهد في بيئتنا
المعاصرة):
هذا وقد أثبتت الدراسات الإحصائية العديدة هذه الملاحظة الأولية، فجاءت النتائج(7) لتؤكد
العلاقة الطردية بين حجم الجسم وطول العمر(حياة الإنسان life span) كما في
شكل (3)، غير أن نوع التصنيف الحيواني كان عاملاً مميزاً :
الأدلة الإحصائية القائمة على القياسات المعملية، ونُدرة من يطعن فيه أو
غيابه. وتبرر هذه العلاقة الطردية بين العمر وحجم الجسم أن يكون آدم ونوح
اللذان تخطى عمرهما 950 سنة، ذوا أحجام عملاقة في أبدانهما، وأن التشكيك في
هذ الأحجام يُعدُّ تشكيكاً في طول العمر من حيث لا يدري المتشكك، ومن ثم،
تشكيكاً غير مباشر في الدلالة الصريحة للنص القرآني.
سعت إلى البحث عن وجود حد أعلى لوزن الكائن الحي المتحرك تفرضه القيود
الفيزيائية، والظروف البيئية: ونؤجل مناقشة هذا النوع للجزء التالي من
الدراسة، والذي نطلع فيه على الطعون المُشككة في إمكانية وجود كائن حي
عملاق كآدم، وذلك لأسباب فسيولوجية خاصة بوظائف الأعضاء، تحد من اطراد
قدراتها دون خصائص هذا الكائن، بحسب ظن المتشككين. إلا أن الدراسات لا تؤيد
هذا التشكيك.
طعن “عدنان إبراهيم” في حديث طول آدم عليه السلام:
أن عدنان إبراهيم قد أستدل بطول آدم (ذو الستين ذراعا)، في تبرير تنقل آدم
في الأرض على نطاق واسع بفضل هذا الطول، ومن ثم سعة خطوة مشيه على الأرض
وبُعد المسافات التي أمكن له أن يقطعها، وذلك في خطبة بعنوان (أصل البشرية 2
– الدقائق:7-9):
ابن حجر (العسقلاني) استشكل شيئاً بخصوص هذا الحديث .. قال: هذا الحديث
بظاهره يخالف ما عُرف ورُئِيَ من آثار الأقوام البائدة كمساكن ثمود – عقلية
علمية هنا .. – وأبنية لهم في الحجر وغيره .. قال: واضح من مساكنهم ومن
آثارهم أنهم لم يكونوا أعظم منا، ولا أطول منا، (مثل ما نقول الآن:
المومياءات المصرية في طولنا وأحياناً أقصر قليلاً منا … من آلاف السنين)
و(يقول الحافظ ابن حجر) أنه من مساكن ثمود، أنهم كانوا في مثل قاماتنا،
على أن المسافة (الزمنية) بينهم وبين أبيهم آدم أدنى من المسافة التي بينهم
وبيننا (… عقلية علمية، ثم قال الحفظ ابن حجر:)، ولم يقع لي إلى الآن ما
يزيل هذا الإشكال. “(10).
نعم، استشكل ابن حجر في فتح الباري على حديث طول آدم، ورغم أن ابن حجر
نفسه لم يكن هو من أثار الاستشكال، بل كان “ابن التين” (عبدالواحد السفاقسي
المالكي)، كما أشار ابن حجر نفسه في كلامه، إلا أن ابن حجر لم يستطع إزالة
الإشكال، واعترف أنه قد استعصى عليه.
تحليل الاستشكال كما جاء أعلى، وكما عُدنا إليه في فتح الباري، وجدنا أنه
سيظل قائما مع بقاء المعلومات الآتية مُصَدقَّة جميعاً:
صدقت هذه المعلومات جميعاً، فالجمع بينها ممتنع، فلا يمكن أن يكون آدم
ستون ذراعاً ويكون من بنيه في أقل من 20 قرناً “إنسانياً” فقط بعد آدم (10
قرون بين آدم ونوح، ومثلهم بين نوح وعاد كي يتهيأ من تعداد الناس ما يبلغون
به أمة مثل أمة عاد)، ثم يكون طولهم مثل طولنا، ونحن الذين بيننا وبين آدم
قروناً كثيرة، كما قال الله تعالى “ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا“(الفرقان:38)،
وكنّا قد قدرنا في دراستنا السابقة أن عمر البشرية يُقدر بمئات الآلاف من
السنين (أكثر من 500 ألف وأقل من مليونين وسبعمائة ألف)
من المقبول أن تقع أطوال ثمود في منزلة بين آدم وبيننا. أما وأن أبنيتهم
تقول أن أصحابها في مثل طولنا، فهذا مستحيل. وعليه لا يمكن أن تصح هذه
المعلومات جميعاً. وهذا هو الإشكال الذي استعصى على ابن حجر تفكيكه، وتفنيد
شيئاً منه فيذوب معه الإشكال.
بالملاحظ هنا أن التصريح بالإشكال الذي أثاره الحديث لا يعني رده، بل يعني
طلب علاج الإشكال. ولأن ابن حجر لم يستطع علاج الإشكال توقّف. ويشبه موقفه
هنا موقف إبراهيم عليه السلام، في عدم استيعابه كيفية إحياء الله تعالى
للموتى. مما جعله يطلب من ربه سبحانه وتعالى أن يزيل الإشكال من نفسه بأن
يُريه كيف يحي الموتى. فأزال الله سبحانه الإشكال بأن جعله يستيقن من أن
الطير التى أماتها إبراهيم بيديه وباعد بين أبعاضها، قد أحييت بندائه هو
لها. فزال من نفسه الإشكال وانمحى.
بتحليل المعلومات الثلاث، لنرى هل هي جميعاً على نفس قوة الترجيح، ومن ثم
يبقى الإشكال، وهو الأمر الذي فعله ابن حجر، أم أن هناك ترجيحاً يُعلي أو
يُضعف من حديث طول آدم في مقارنته مع المعلومتين (1) و (2).
ورغم أنه لم يبين سبب عدم تشككه في هذا، وجدنا أنه ربما استشهدت نفسه لذلك
بما جاء في كتاب الله تعالى من قبيل قوله تعالى على لسان نبيه صالح لقومه
ثمود: “وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ“(الأعراف:69)،
ومعلوم أن نوح عليه السلام كان قريباً من آدم، وبينهما عشرة قرون
“إنسانية” فقط، وأن قوم عاد جاءوا بعد قوم نوح مباشرة مصداقاً لقوله تعالى “وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ“(الأعراف:69). وأيضاً لقوله تعالى “أَلَمْ
يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ
وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ “(إبراهيم:9)،
فكأن الآية قد جمعت البشرية جميعاً في ما ذكرت، فجمعت الأقوام المتتالية؛
نوح وعاد وثمود، ثم من بعدهم، فكأنه ليس هناك بين نوح وعاد وثمود أقوام
أخرى، فتكون ثمود تالية لعاد(11). وعلى هذا يكون عدم تشكك ابن حَجَر في موقع ثمود من آدم وأنها أقرب إليه، مُبَرَّر كل التبرير، ولا غبار عليه.
كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ
آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ
الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
(83)“(الحِجر)، ولم نعهد في التاريخ من خالف المفسرين في قولهم أن
أصحاب الحجر هم ثمود، وليس في الحجر مساكن منحوتة في الجبال إلا المساكن
المعهودة التي أشار إليها ابن حَجَر (شكل (4)).
قال أن مدائن صالح (وهو الاسم الشائع حديثاً للمساكن التي تُنسب إلى ثمود)
ليس المقصود من اسمها الحديث في نشأته – في القرن الثامن الهجري- نبي الله
صالح، بل إن “صالح” هنا من بني العباس بن عبدالمطـلب، أما قبل ذلك فقد كان يُطلق عليها مسمى الحِجْر.
الأثريين والمؤرخين من أرجع بناء و/أو سُكنى هذه المدائن إلى الأنباط، وأن
منطقة الحِجْر كانت عاصمتهم الثانية – لأهميتها فى طريق التجارة القديم –
بعد عاصمتهم “البتراء” بالأردن حالياً. كما أنها كانت معمورة قبلهم
باللحيانيين وقبلهم بالديدانيين، وقيل أن قبلهم المعينيين. وهناك من ادعى
أن ثمود كانوا في مواقع أخرى غير الحجر، مثل جبل القهر التابع لمحافظة
الريث في منطقة جازان من الجزيرة العربية شمال اليمن، ومثل موقع يسمى
«الدحقة» نسبة إلى دحقة الناقة وتقع في حي شعبي وسط مدينة صلالة بعمان، وأن
“الناقة” حائرة في مبركها وبئرها ومحلبها بين أماكن عدة، كما أوردت ذلك
جريدة عكاظ السعودية في تحقيق لها عن ذلك(13).
القول في أبنية ثمود في الحِجْر، أنها قابلة للتشكيك بدرجة لا تقل في أحسن
أحوالها عن احتمالات التشكيك في نسبة حديث طول آدم إلى النبي صلى الله
عليه وسلم. ومما يزيد من التشكك في أن الأبنية الراهنة تعود إلى ثمود أنه
حسب التأريخ الذي توصلنا إليه في دراستنا السابقة عن عمر البشرية “عمر
البشرية، ومنحنى نقصان عمر الإنسان”، أنه لا بد وأن يكون قد مضى على ثمود
قريباً مما مضى على آدم عليه السلام، لأن الفرق بين زمنيهما أقل من 20 ألف
سنة، وحيث أننا قدّرنا لآدم عليه السلام 520 ألف سنة كحدِّ أدنى، فيكون زمن
ثمود قد مر عليه 500 ألف سنة. وهذه الأبنية التي بالحِجْر لا يبدو عليها
هذا الزمن الطويل، والذي لا بد وأن يترك عليها أثاراً واضحة من عوامل
التعرية الشديدة. لذا فإن كانت هذه الأبنية لثمود فلا بد وأن تكون قد تعرضت
لتعديلات جمة من الحضارات التي تتالت عليها عبر هذا التاريخ الطويل، ويشمل
ذلك فتحات الأبواب، وربما الواجهات ذاتها! والنتيجة أن الاحتجاج بهذه
الأبنية ليس من القوة بما يكفي وحده لرد حديث طول آدم ذو الستين ذراعا. –
ونفس الشيء يقال على أبنية الفراعنة وأجسادهم التي احتج بها عدنان إبراهيم
في نفس السياق حين قال: (المومياءات المصرية في طولنا وأحياناً أقصر قليلاً منا … من آلاف السنين)
لأن المسألة لم تعد تقاس بآلاف السنين، بل بمئات الآلاف من السنين. ولو
كنا مكان “ابن حَجَر”، لكُنَّا قد استقوينا بالحديث وتشككنا في صحة نَسَب
هذه الأبنية بفتحات أبوابها إلى ثمود قوم صالح عليه وعلى نبينا الصلاة
والسلام، لا العكس. .. إلا أن هناك أثر أخير حول ناقة صالح جدير بأخذه
بالاعتبار، نورده الآن.
الله بن عمر رضي الله عنهما جاء متنه كالآتي: [أن الناس نزلوا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر فاستقوا من بئرها واعتجنوا به،
فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها وأن
يعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة]
وقال ابن حجر في فتح الباري: [تضمنت هذه الرواية زيادة على الروايات
الماضية (يقصد الأخرى) وسئل شيخنا الإمام البلقيني من أين علمت تلك البئر
(أي أنها للناقة دون الأخرى التي نهى عنها) فقال بالتواتر .. انتهى. والذي
يظهر أن النبي صلى الله عليه و سلم علمها بالوحي.]
هذا الحديث – إذا سلم متنه بما فيه من أمر النبي صلى الله عليه وسلم
بالاستقاء من البئر التي كانت تردها الناقة – أقوى الأدلة على أن الحِجْر
هو موطن قوم صالح عليه السلام. وفي أحسن الأقوال، لا يدل ذلك إلا على أن
هذا الموطن هو لثمود، وتلك البئر هي بئر ناقة صالح. وليس في ذلك دليل على
أن الآثار المرئية من أبنية هي هي ما تركه الثموديون كما كانت في أيامهم.
ويتقوى ذلك بما دللنا عليه بطول الزمن الذي مر بعد ثمود. فلا يَمتنع أن
تكون الأقوام التي سكنته لاحقاً (الأنباط – اللحيانيين – الديدانيين –
المعينيين …!!!) قد أعادت بناء ما تركه الثموديون بما يناسب حاجاتهم.
خاصة وأن “أصحاب الحِجْر” الذين ذكرهم القرآن قد يكونوا من تلك الأقوام
اللاحقة، إن لم يكونوا الثمودييين أنفسهم، وهذا لا دليل على بطلانه، ومعلوم
أنهم أيضاً كانوا ينحتون الجبال كما نص القرآن على ذلك، فالأمر فيه
مُتَّسع من التأويل، ويحتمل قبول حديث طول آدم بما لا يتعارض مع أصول هذه
الروايات. ومعلوم أن الجمع بين النصوص أولى من ضربها ببعض.
(ب) يعود
هذا الإشكال من جهة أخرى إلى توهم قرب المسافة الزمنية بين آدم وبيننا،
والتي كان للإسرائيليات دورٌ فيها في تقديرها بأنها حوالي 7000 سنة. فإذا
كانت ثمود في منتصف هذه الفترة، وأطوالهم مثلنا، فحتماً هناك إشكال.
ويشبه
هذا الإشكال إشكال بُعد النجوم على الأرض ولكن من جهة المسافات وليس
الأزمان. إذا لو كانت الأرض تتحرك، والنجوم قريبة كما كان يُظن قديماً،
لوجب أن نرى النجوم وقد تبدلت المسافات بينها بسبب ظاهرة (اختلاف المنظر
parallax)، ولكننا لا نرى مواقع النجوم تتغير، فاستبعد القدماء، من ثمَّ،
حركة الأرض لهذا السبب. والحقيقة أن النجوم بعيدة جداً جداً، ولهذا، فهي
تختلف في مناظرها بالفعل بسبب حركة الأرض، ولكن لكونها سحيقة في بعدها،
فهذا الاختلاف معدوم لحاستنا البصرية (وإن كانت الأرصاد الحديثة تراه
بوضوح). وكذلك زمن آدم عليه السلام، … فلأنه أبعد كثيراً كثيراً من بضعة
آلاف سنة (مئات الآلاف من السنين)، فالذين عاشوا قبل بضعة آلاف سنة لم
يختلفوا عنا في الطول بشكل يمكن ملاحظته (راجع منحنى تناقص الطول).
عدنان إبراهيم، فقد خطى في خطبته “مشكلتي مع البخاري” خطوة أبعد من
استشكال “ابن حَجَر” في شرحه على البخاري، بعدما مهد بما نقله عنه طريق
طعنه في حديث طول آدم، وقطع قطعاً باتاً بأن الإشكال لا يمكن أن يسقط إلا
برد حديث الستين ذراعا. ومن ثم قطع بأنه حديث باطل. وهو حكم استلزم منه
تصديقه الكامل للمقدمتين الأولتين (الأولى التي تقول بـ أن منزلة ثمود
الزمنية أقرب لآدم من أمة محمد صلى الله عليهما وسلم، وهذه لا نختلف معه
عليها، والثانية القائلة بـ أن أبنية الحِجر بهيئتها لثمود، وهذه التي لا
نرى مُوجباً لها).
فقط على ما توفر من مقدمات لابن حجر. بل أنه قد جمع من المعلومات الجديدة
التي رجَّحت عنده استشكال عين الحديث من أبواب أخرى، وقد كشف عنها بنفس
الخطبة ببيان واضح دون أي مواربه، فلنسمعه يسرد تلك المعلومات الجديدة وكيف
أنه ارتأى أنها من القوة بما تُلزمه برد الحديث والحكم ببطلانه.
الآن كيف سأشكل على هذا الحديث من باب آخر بطريقة علمية. هذا الحديث لو
سمعه أي عالم متمرس في علم الأحياء، سيردُّه مباشرة، ويقول: أنتم قوم
تهرفون بما لا تعرفون. تعرفون لماذا؟ سأوضح هذا. .. . (هناك) قانون في علم
الأحياء (يقول) الزيادة في وزن الجسم الحي المخلوق، تتناسب طردياً مع مكعب
… الزيادة في أبعاده الخطية، … ولكن الزيادة التي يكتسبها الجسم؛
الهيكل، بالذات الهيكل العظمي – مقطع العظم – لمقاومة الثقل والوزن تتناسب
تتناسب مع مربع الزيادة في أبعاده الخطية؛ بمعنى … آدم خلقه الله وطوله
ستون ذراعاً … في المتوسط – بين الذراع الشرعية والذراع الهاشمية – 30
متراً، يعني تقريباً أزيد منا بنحو 20 مرة. الآن، (إذا) ضوعف حجمه عشرين
ضعفاً عنا – في الأبعاد الخطية، أي الطول – كم سيتضاعف وزنه؟ التناسب هنا
مع المكعب، فسنقول: 20 * 20 * 20 أي 8000 مرة!!! (و) هيكله العظمي، كم
سيتضاعف كي يحتمل هذا الثقل الزائد؟ (لاحظ أنه) مع المربع وليس مع المكعب،
(أي) 20*20، أي 400 مرة!
مرة والوزن 8000 مرة، حتماً يقول لك أي عالم في البيولوجي: مستحيل أن
يُخلق هذا الخلق على الكوكب الأرضي، لماذا؟ – لأنه سينهار مباشرةً تحت ثقله
ووزنه!!! بالقانون. .. يستكمل … تابع لاحقاً“
ومنها الأجسام، كل الأجسام، حية كانت أو ميتة. أوليس الكلام مُنصبّاً على
حجم آدم عليه السلام، فهيئة آدم بالنسبة لهيئة الإنسان اليوم هو تضخم في
الصورة المجسمة. أي أننا لو أعدنا الخط الزمني من الحاضر إلى الماضي حتى
نصل إلى زمن آدم، لكان هذا الانتقال ليس إلا تضخماً لحجم الإنسان من طوله
الحالي (3 أو 3.8 أذرع) إلى (60 ذراعا)، ويقال مثل ذلك في العرض والسَمك.
أن الطول إذا زاد بنسبة (ل) فإن الحجم لا بد أن يزداد بنسبة (ل * ل * ل)،
وهذا لا خلاف عليه، حيث أننا إذا كان لدينا متوازي مستطيلات أبعاده (طول،
عرض، ارتفاع) = (2،3،5)
كانت ل = 20 ضعفاً – كما قال فيما يخص آدم- فالحجم سيزداد (20*20*20) =
8000 مرة. وحيث أن الوزن هو ضرب الحجم في الكثافة، فلا بد أن الوزن المتضخم
سيكون 8000 مرة قدر الوزن الأول لأنه افترض أن الكثافة ثابتة لغياب الداعي
إلى التشكك فيها.
غير صحيح في قَصْر القانون على الجسم الحي المخلوق، فالقانون صحيح لأي
نظام، وأشهرها الأجسام المكانية، طالما أنه قابلاً للتضخم أو التقلص، حتى
أن ذلك يشمل ما وراء الأجسام الميتة والحية، ومنها أنظمة شبكات الحواسيب،
بل والبرمجيات والمعلومات، بل والخدمات العامة لدولة من الدول يتضخم تعداد
سكانها أو يتقلص، ومن ثم في التخطيط الحضري، بل وحجم الشركات والمؤسسات
والجمعيات والاتحادات ….. وتكاد لا تنتهي القائمة من هذه الأنظمة الخاضعة
لهذا القانون.
أن هذا القانون ليس صلباً جامداً كما قيل من أن نتاجه يكون بمجرد تكعيب
الطول أو تربيعه حسبما تتعلق الصفة المطلوبة بثلاثة أبعاد أو بعدين. فهذا
التكعيب والتربيع يكون فقط في أبسط أنواع التضخم، ويسمى بالتضخم المتجانس isometric scaling، وهو حالة خاصة ونادرة! أما القانون الأصوب، وبالأخص في تطبيقاته في علم الأحياء فهو الأعم، ويُسمّى التضخم غير المتجانسallometric scaling، أي التي تتضخم أبعاده المختلفة بنسب مختلفة.
والقانون يقول في أبسط معانيه أنه مع تزايد أبعاد الجسم يكون معدل الزيادة
في حجمه أسرع كثيراً من معدل الزيادة في مسطحاته. ولهذه الملاحظة تبعيات
هامة، خاصة في علم الهندسة الميكانيكية والميكانيكا الحيوية biomechanics.
أن هذه الأفكار التبسيطية في مسألة أحجام الأحياء والعلاقة بين صغيرها
وكبيرها وردت أول ما وردت في مقال بعنوان: “حول أنسب الأحجام في الكائن
الحي”(15) On Being the Right Size في مارس سنة 1926 لصاحبها جون هالدين(16) J. B. S. Haldane، وذلك ضمن كتاب يضم مجموعة مقالات له. وقد نشر بعنوان “العوالم المحتملة ومقالات أخرى” Possible Worlds and Other Essays. وكان غرض المقال بيان أن الأنظمة الحيوية في الكائن الحي تتعين بحجمه في المكان؛ صغيراً كان أو كبيرا.
سيتضاعف وزن آدم؟ التناسب هنا مع المكعب: 20 * 20 * 20 أي 8000 مرة!!! (و)
هيكله العظمي، كم سيتضاعف كي يحتمل هذا الثقل الزائد؟ (لاحظ أنه) مع
المربع وليس مع المكعب، (أي) 20*20، أي 400 مرة! … 400 مرة والوزن 8000
مرة، حتماً يقول لك أي عالم في البيولوجي: مستحيل أن يُخلق هذا الخلق على
الكوكب الأرضي، لماذا؟ – لأنه سينهار مباشرةً تحت ثقله ووزنه!!! بالقانون.]
نتساءل لاستجلاء المسألة: إذا كان هذا الكائن العملاق الافتراضي (آدم ذو
الستين ذراعاً طولاً) سينهار – بحسب عدنان إبراهيم – بسبب تضخمه فقط بهذه
النسب، فلا بد أن ينهار كل كائن يتعرض لنفس معدلات التضخم!
نعلم أن من الكائنات ما يوجد منه أنواع بينها من النسب الحجمية ما يقارب
نسبة العشرين ضعفاً في الاستطالة وأحياناً يزيد عن ذلك، ومن ثم مضاعفة
الوزن قريب من عدة آلاف ومضاعفة المساحات المقطعية لعدة مئات. وفي شكل (6)
مثال لسلاحف بينها هذه النسب وما زالت على قيد الحياة(17).
ويدلنا مثال السلاحف في شكل () على دلالتين: الأولى أن هناك نسبة في الطول
تزيد عن 20 ضعف، مثل تلك التي أرهبت عدنان إبراهيم، ولكنها لم تستدع
بالضرورة أن يتزايد الحجم بنسبة التكعيب، والمساحات بنسبة التربيع. حيث أن
نسبة الطول = 180/ 8= 22.5 ضعفاً، ونسبة الوزن = 400000/ 130 = 3077 ضعفاً.
ولو طبقاً قانون التكعيب لكانت نسب الأوزان = (22.5)3 = 11390. وكم هو الفرق شاسعاً بين 3000 و 11000. والسبب أن عدنان إبراهيم قد قيد نفسه بالتضخم المتجانسisometric scaling. وهو أمر نادر الحدوث، والغالب على علاقة الكائنات الحية إذا اختلفت أحجامها أن تتبع قانون التضخم أو التقلص اللامتجانس allometric scaling،
وفيه تتعدل النسب جميعاً بما يوافق وظائف الأعضاء في آدائها الأمثل.
فالعلاقة ليست تكبير وتصغير ساذج كما نفعل نحن بكاميراتنا وأجهزة الحاسوب (zoom out/in)، بل بالحجم الأمثل لعضو الكائن الحي الذي يتفق مع غيره من الأعضاء في انسياب العضو لأداء وظائفه بأعلى قيمة وظيفية.
أن نتخيل أحد تلك السلاحف الرقطاء الصغيرة، من جنوب أفريقيا، وقد أخذ حظأ
من العلم، وجاءه خبر صادق بأن الأرض التي يعيشون عليها، بها سلاحف أخرى تصل
في طولها عن 22.5 ضعف ما هو وقبيلته من طول، فقام خطيباً في السلاحف يرعد
ويتوعد بإسم العلم ويقول: لو أن هذا صحيحاً لكانت في أوزانها تصل إلى
(22.5)3، أي إلى 11390 ضعف ما نحن عليه، ومستحيل أن يتحمل هيكل عظمي هذا الوزن. ومن قال هذا فلا بد أنه يهرف بما لا يعلم!!!!
ما سبق، لا يلزمنا أن تكون نسب أعضاء آدم إلى بعضها كما هي عليه للإنسان
المعاصر. ويظهر من شكل (7) النسب المعيارية لجسم الإنسان الآن(18)، وفيها يُنسب طول كل عضو إلى الطول الكلي للإنسان.
وأعجاز النخل هي أصولها، أي جذوعها دون الرؤوس أعلاها، والخاوية والمنقعر
هي التي اقتلعت من الأرض. ويمكن تشبيه صورة قوم صرعى على الأرض بعد أن
أطاحت بهم الريح بالصورة في شكل (8)، مع فارق أن هذه النخلات ناشئات صغيرات
أعدت للبيع وإعادة زراعتها لمن يشتريها.
نسبة عرض النخلة إلى طولها ليست مثل نسبة العرض المعياري للإنسان المعاصر
إلى طوله، والتي نرى من شكل (7) أن عرضه على امتداد جسده يمثل 0.19 من طوله
الكلي. وهنا نستحضر حديث يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه أن
طول آدم [ستون ذراعاً في سبعة أذرع]. ورغم أن الحديث قد ضُعِّف من جهة
السند، إلا أن متنه يستقيم مع الآيات السابقات في شأن صفة قوم عاد.
والملاحظ في متن الحديث أن نسبة العرض إلى الطول = 7/60 أي 0.12، وهي تفيد
أن نسبة عرض آدم إلى طوله كانت ثلثي ما هي عليه الآن في أبنائه (بفرض صحة
الحديث أو الاستئناس به مع الآيات). وهذه النسبة أقرب إلى مشابهة أعجاز
النخل. ولو أقمنا آدم والنخل والإنسان المعاصر لوجدنا أن المشابهة تقتضي أن
آدم كان أنحف نسبياً كما في شكل (9) التالي:
تقتضي أيضاً المشابهة مع النخل أن الناس أيام عاد كانوا طوالاً بما يقارع
طولهم طول النخل. إذ لا يشبه جسد الإنسان المعاصر إذا ألقي على الأرض
النخلة الملقاة أبداً. ولا يستقيم التشبيه إلا إذا كان جسد الإنسان له
طولاً يضارع طول النخل. وقد استقصينا عن النخل في المنطقة العربية (شبه
الاستوائية subcontinental) فوجدنا أنه يتراوح بين 40 و 60 قدماً، أي ما بين 18 متراً و 24 متراً !!!
الدلالات السابق استنباطها من الآيات لطول آدم وأبنائه ونحافة أجسادهم
بالنسبة لطولهم دلالات لا يمكن إغفالها. وتفضي إلى أن جسم الإنسان لم يكن
متجانساً مع أبعاده الراهنة، بل كان أنحف بمقدار ثلثي ما هو عليه الآن.
(وهي نتيجة هامة في إعادة الحسابات).
والآن نُفند العلة الأخرى المحتمل أنها أوعزت لعدنان إبراهيم باستحالة أن
يكون وزن آدم 8000 ما عليه الإنسان الآن من وزن، أي 8000 * 75 كجم = 600
طن، رغم أن الحسابات ستؤدي بنا إلى غير هذا الرقم بعد قليل. قال عدنان
إبراهيم أن الجسد لا بد أن ينهار تحت وطأة هذا الوزن. وعلماً بأنه وصل إلى
هذا الوزن الهائل من تمديد نسبة الطول (20 ضعفاً) إلى الحجم (20*20*20).
وإذا كان كلامه صحيحاً، فلا بد أن يكون كل مخلوق تم مضاعفة طوله ووزنه بهذه
النسب ووصل إلى وزن 600 طن (بفرض صحة حساباته) فلا بد أن ينهار. واستجابة
للمقارنة، نطالع شكل (10) لنرى فيه حجم الأشجار المبينة، وبعض المعلومات
عنها، ولننتبه إلى حجم الإنسان الواقف عند قاعدتها!
إن من هذا النوع من الأشجار ما يتخطى طوله حاجز ال 109 متراً، وتتراوح
أعمارها ما بين 2300 إلى 2700 سنة، ويصل تعدادها في أحد الغابات في
كاليفورنيا إلى المئات كما يتضح من الفيديو الآتي:
وإذا قارنّا بينها وبين طول آدم (60 ذراع)، وطول الإنسان المعاصر، وبعض
الأبنية الشهيرة، فنحصل على الصورة الآتية (شكل (12)) التي يبدو طول آدم
فيها متواضعاً، ويختفي الإنسان المعاصر من الصورة إلا لمن أراد أن يستخدم
مكبراً يتعقب به وجوده!
ويساوي 24 أصبعاً وعليه يكون طول الذراع = 46.2 سم. ويكون طول آدم 27.72
متر، وبناءاً عليه يكون طول الإنسان الحالي حوالي 3.8 ذراع المكافئ لـ 1.75
سم.
لا يجب أن ترهبنا النسب نفسها ولا أن نلتفت إليها باعتبارها المعيار في
قبول أو رفض وجود الكائن الحي الذي يحمل هذه المواصفات. وما يجب أن يعنينا
هو قدرة المسطح العظمي على تحمل الوزن. وهذا ما لم يشر إليه عدنان إبراهيم
بشكل علمي ولا واضح، وكان جل اهتمامه مركزاً على الترويع من نسبة 8000 ضعف
في الوزن و400 ضعف في المقطع العظمي. وهذا العرض كان تشويشاً للمسألة أكثر
من كونه برهاناً على استحالة إمكانية هذه المواصفات.
كان المعيار في قدرة المسطح العظمي على الحمل هو الوزن المؤثر على وحدة
المساحات منه، فيجب قسمة الوزن على المسطح المساحي، فنحصل على الضغط.
أن الزيادة المطلوبة في قدرة الهيكل العظمي على حمل الوزن الزائد تتناسب
مع نفس الاستطالة في الطول. وليس مع مربع ولا مكعب الاستطالة. وهو الأمر
الذي لم يقف عنده عدنان إبراهيم أبداً، رغم أنه يُهوّن المسألة كثيراً،
وينفي مبدئياً القطع بالاستحالة إلا بعد اختبار احتمال وجود عظام القدم Femur لها من قدرة التحمل 16 ضعفاً مما هو للإنسان المعاصر من عدمه. (بافتراض صحة التضخم المتجانس).
قبل
الولوج في حسابات قدرة عظم القدم في الإنسان على تحمل الأثقال، سنشاهد
معاً قصة سريعة لخلفيات وثائقية لبناء برج إيفيل Eiffel Tower ذائع الصيت
في باريس، وكيف أنه لم يكن إلا محاكاة للهيكل النسيجي لعظم الفخذ في
الإنسان!
والآن نتناول الحسابات العملية لأقصى تحمُّل لعظم فخذ الإنسان للأوزان:
تتحمل عظمة الفخذ Femur ضغطاً عليها يصل إلى 170 ميجاباسكال، وذلك حتى تبدأ بالانكسار أو الانهيار(25) (أنظر شكل (13)). ويسمى هذا الضغط بـ (حد الإجهاد النهائي Ultimate Compressive Strain (UCS)).
هو الضغط الناتج على عظمة فخذ آدم بتأثير وزنه واقفاً على إحدى قدميه، ثم
ماشياً وجارياً؟ وهل سيتحمله العظم لو كان بنفس قسوة عظام الإنسان الحالي
(الذي له حد الإجهاد النهائي = 17.6 كجم/مم2) أم لا؟
ورغم أن آدم لن ينهار كما زعم عدنان إبراهيم، إلا أن هامش الأمان أصبح ضعيفاً لحد كبير.
نرى أن خلق آدم وأبناءه من بعده لم يسير في نسب أعضاءه على هذا النحو
المبسط الذي افترضه عدنان إبراهيم. وأن الخبرة الراهنة بعلوم الأحياء تؤكد
كل يوم على أن علاقة وظائف الأعضاء في الكائنات الحية بأحجامها المختلفة
تتبع علاقات غير منسجمة، أي تتبع توافقات حجمية متباينة allometric scaling،
وأن أهلية الأعضاء في أداء وظيفتها تتعدل بدرجة النشاط الذي ينخرط العضو
في أدائه. لذا سنُعدد الآن الأسباب التي تجعل من قانون التربيع والتكعيب
الذي وضعه جاليليو قبل عدة قرون، واستخدمه عدنان إبراهيم على حاله كما هو،
تطبيقاً بعيد كل البعد على الرصانة العلمية التي يجب أن تعالج بها المسألة.
رأينا مثالاً حياً لأصغر وأكبر سلحفاة معروفتين على وجه الأرض، وما زالا
على قيد الحياة، (شكل (6)) وكيف أن النسبة بين طوليهما المتوسط يصل إلى
22.5 ضعفاً، ومع ذلك، لم تصل نسبة الأكبر إلى الأصغر في الوزن القانون
(22.5)3. فما الذي يلزمنا بتطبيقه على آدم والإنسان المعاصر والنسبة بين طوليهما (16 ضعفاً) للتنبؤ بوزن آدم وأنه حتماً (16)3؟
رأينا أن وصف قوم عاد في القرآن في ثنايا نزول العذاب بهم كان بأعجاز
النخل الخاوية والمنقعرة، وهو وصف لا يرتبط في جملته بظاهرة العذاب والتي
تتناول فقط كون المشبه به مقتلع من ثباته على الأرض كما تُقتلع النخلات،
رغم أن اقتلاع النخل غاية في الصعوبة، ولا يحدث حتى مع أعتى الرياح سرعة في
ما رأيناه من أعاصير مصورة. وربما في هذا كناية على عظيم ثقل أبدانهم من
جهة، وعظيم شدة الريح التي أتت عليهم من جهة ثانية. غير أن هناك وجه تشبيه
قلما يُنتبه إليه، ونقصد به تشبيه أجسادهم بالنخل لبيان عِظَم أجرامهم. أما
الأمر الجدير بالملاحظة هنا فهو في نحافة النخل بالنسبة لطوله على ما
نعهده منه. وإذا أرفقنا هذا الوصف مع الحديث (الضعيف سنداً) والذي يقرن عرض
آدم بسبعة أذرع مع طوله و الستين ذراعا، فسنجد (كما أشرنا إلى ذلك سابقاً
في الشكل (7))، أن نسبة عَرْض جسد آدم لطوله كان ثلثي ما عليه نفس النسبة
للإنسان المعاصر. وإذا طبقنا نفس النسبة على العمق، وإلا كان العمق أسمك من
العرض، فيجب أن يتعدل التكعيب الذي يقيس وزن آدم إلى الآتي:
يقول فيه: أن العظام لدى الحيوان أو الإنسان الصحي البدن يتآلف مع الأحمال
التي يتعرض لها. فإذا زادت الأحمال على حد عظام البدن، تتجه آليات النمو
إلى إعادة التشكل remodeling،
مع الزمن فتتقوى وتتواءم مع الحمل الجديد، وتقاوم الحمل الزائد الذي تجاوز
قدرتها الآمنة على التعامل معه. والعكس أيضاً صحيح، فلو أن الأحمال على
العظام انخفضت عن معدلات تحملها التي كانت قد تشكلت لتتحملها، تتجه آليات
التشكل إلى تخفيف مقاومة العظام وتصبح أضعف مما كانت، فتتخفف من العمليات
الأيضية التي كانت تتشكل بها بالقوة القديمة وتنحو نحو تخفيف الوزن والعبء
المستهلك دون حاجة عملية.
أن الرياضيين الذين يمارسون رياضتهم ببعض أطراف الجسد دون الأخرى ينشأ
لديهم عدم اتزان في عظام تلك الأطراف مقابل الأطراف الأخرى؛ ففي تجربة(34) أجريت
على عدد من لاعبي التنس الأرضي الذين مارسوا اللعب لفترات زمنية (20-32)
سنة، ولمدة ثلاث ساعات أسبوعيا، وُجد أن نسبة المعادن في عظام الطرف
المستخدم في اللعب قد زادت بنسبة 8% وأن مقطع العظامosseous area قد
زاد بنسبة 7% مقارنة بالطرف الغير مستخدم، هذا بخلاف ما طرأ على عضلات
الذراع والكتف من إعادة هيكلة. وتصدق نفس الظاهرة في الرياضات الأخرى(35).
من ذلك أن العظام في الكائنات الحية ليست ثابتة الكثافة المعدنية (وهو
العامل المسبب لقوة تحملها)، ولا ثابتة مساحة المقطع. وأنها تتأقلم مع
الحمل الملقى عليها، وأن آليات إعادة التشكل remoldeling تعمل دوماً إيجاباً أو سلباً لتحقيق أعلى اقتصادية في أداء العظام (والعضلات) لوظيفتها.
التي نصل إليها أن تثبيت كثافة العظام في المقارنة بين تحمل عظام آدم
وعظام الإنسان المعاصر مغالطة علمية في إطار علم وظائف الأعضاء.
يبدو أن عظام القدم أقوى عظام الجسد لحملها الإنسان أو الكائن الحي في حله
وترحاله وحمله الأثقال، ولكن الحقيقة أن أقوى عظام الجسد ليست القدم، بل
إنها عظام مينا الأسنان. ففي مقارنة في أقوى عظام الجسد تبين أن قوة صلابة
عظام الفخذ (والتي تقاس بمعامل يونج Y) تساوي 10.6 ميجاباسكال(36)، في حين أن عظام المينا enamel في المناطق ناحية الأضراس (second molar) تأخذ أعلى قيمة لها وتصل إلى 120 جيجاباسكال(37).
وجدير بالملاحظة أن هذه القوة تزيد عن 10 أضعاف قوة عظمة الفخذ. مما يفتح
المجال للنظر إلى قدرات حمل للعظام أفسح كثيراً ما ظن عدنان إبراهيم.
تحمل عظام الفخذ للإنسان المعاصر مع مواد صلبة أخرى نتعامل معها، تعطينا
مزيد من الرؤية عن قدرتها، وذلك في (حد الإجهاد النهائي Ultimate Compressive Strain (UCS)):
أن نتساءل: إذا كان هناك من الخشب ما خلقه الله تعالى ونمى حتى ارتفاعات
فاقت المئة متر، وحملت ثقلاً فاق 1900 طن، وتُعمِّر سنين تتخطى 2300 سنة،
وهي متاحة لمن أراد رؤيتها وتسلقها لو شاء، ورأينا بعضها أعلى، فما الذي
يمنع أن يخلق الله تعالى عظاماً تتحمل كائنا كآدم لا يزيد طوله عن 30 متراً
ووزنه يقارب وزن الديناصورات التي عثرنا على عظامها وتيقنا من وجودها؟!
ونجري هنا مقارنة أخيرة يتبين منها حكمة الله تعالى على توظيف العظام حسب
الوظيفة بالقدر الذي لا يخل ولا يزيد، وفي إطار قدرات لا يبدو معها خلق آدم
أمراً أمراً خارقاً مستحيلاً إلا عند من لا يعلم حقائق الخلق الواقعة
حولنا:
في حالة الأطفال، تقل كفاءة الحركة في الأهمية عن قدرة العظام على مقاومة
الانكسار، لذا فإن صلابة عظام الفخذ تهبط إلى الثلثين عند الأطفال مما هو
لدى البالغين، ولكنها لا تنكسر إلا مع طاقة تزيد بـ 50%! مما يؤكد أن هناك
إعادة توزيع للأدوار حسب قانون الأَوْلى.
ونجد أن عظام الأذن الداخلية عند الإنسان أعلى جساءة من عظام الفخذ، وذلك
لتمرير الموجات الصوتية بفاعلية عالية، إلا أن ذلك يتم على حساب مقاومة
الانكسار التي تضعف في المقابل، وهذا أمر لا بأس بها لأنها عظام محفوظة
داخلياً، ولا تتعرض للصدمات.](39).
وأخيراً نقارن في الجدول الآتي(40) بين ثلاث أنواع من العظام :
أن عظام القرن لا تنكسر إلا إذا زاد حد الطاقة المبذولة لكسرها عن 3.5 ضعف
من تلك التي تكسر عظمة الفخذ، ولذلك أهمية في معارك الوعول. كما نلاحظ أن
عظمة فقاعة الأذن قاسية بما يتطلبه دواعي لتمرير الصوت اتجاهياً داخل
الأذن، إلا أنها سهلة الكسر، وهو أمر غير هام لأنها محمية في قلب الجمجمة،
ولن تنكسر إلا بانكسارها!
أن هناك في الجسم ما هو أصعب على التهشيم والانكسار من عظام الفخذ. ولو
تطلب الأمر عظاماً أقوى منها لِتَحمل الكائن الحي، لما كان ذلك مستحيلاً،
ولتهيأ له من الخلق ما يدعم هامش الأمان، والأدلة الواقعية أكثر من أن تؤكد
ذلك.
مشكلته أن حجمه أصغر من أن يمد أنسجة الجسم كلها بالدماء، حين يضخ. …
(فهو) عضو صغير نسبياً وإلى حد بعيد. ولكن القلب يعوض هذا النقص في حجمه،
بماذا؟ بمطاطية ومرونة الشرايين، ولذلك، بهذا الحجم الصغير يمكن أن يمد هذا
الجسم، … (لكن)، كل كيلو جرام زائد في الوزن يقتضي أن يُنشيء الجسم عدة
كيلومترات من الشرايين الجديدة، ومن هنا خطورة السمنة على صحة الإنسان،
وعلى قلبه. الأخطر من هيك عاد، إرجعوا إلى قانون التربيع وقانون التكعيب.
إذا (كان) آدم أعظم منا بعشرين مرة، إذاً هو أثقل منا بكم مرة، 8000 مرة.
طبييياً مستحييييل أن يوجد هذا المخلوق على كوكب الأرض، وأن قلبه (و) قد
تضاعف 400 مرة فقط، يستطيع أن يغذي وزناً قد تضاعف 8000 آلاف مرة، طبييياً. “
أعضاء الجسم قد أصبح قاعدة مسلمة عنده يُحكّمها في قبول أو رفض أي رؤية
مختلفة قد تزاحمها في فهم الوقائع الغائبة عنا زمنياً، وبما يغيب معها من
بيئات مجهولة الملابسات.
يرى أن القلب لا بد وأن يكون قد تضاعف 400 مرة مما هو عليه لدى الإنسان
المعاصر، وهذه النسبة مثار استغراب شديد منا. فإذا قصد بالتضاعف هنا:
الحجم، فهذا غير صحيح. فالتضاعف الحجمي لا بد وأن يتبع قانون التكعيب، أي
مثلما يتضخم الوزن الكلي للجسم، أي 8000 مرة بتقديره ، وهو تقدير استخطأناه
كما أسلفنا من أنه ينبغي أن يكون 4096 مرة فقط.
الأقرب لمقصده، أنه قد أتي بنسبة المضاعفة تربيعية (400 تمثل تربيع 20)
ومن ثم فلا بد أنه يقصد تضخم المساحات، وحيث أن المساحات المتصورة في مسألة
القلب هي مساحات مقاطع الشرايين، فلا بد أن يستقيم كلامه فقط مع تضخم
مساحة الشرايين، أي أن الشرايين الصادرة عن قلب آدم يجب أن تكون 400 مرة
أوسع من شرايين الإنسان المعاصر. وهذه النتيجة غاية في الغرابة، فرغم أنها
قد تستساغ مع الشاريين الرئيسية، إلا أن تمددها وراء ذلك يرتبط بسيولة الدم
عندئذ ولا يجب تعميم الحسابات القائمة على التضخم النسبي الخطي في قرارات
بهذه الخطورة نظراً للسذاجة المفرطة في اعتباره نموذجاً حسابياً يؤبه له في
أخذ قرارات مصيرية في وجاهة حديث نبوي والحكم بضعفه وبطلانه.
بالباحث في هذه المسألة أن يعود إلى الوقائع المرصودة لعلاقة القلب حجماً
وقوة في علاقته بحجم الجسم لدى الكائنات الحية، فيرى منها شواهد على نسبية
العلاقة بينهما.
نظرنا لهذه العلاقة بين القلب والأوعية الدموية من جهة ووزن الجسم من جهة
ثانية لدى الإنسان المعاصر، لوجدنا أن العلاقة بعيدة عن أن تكون خطية، رغم
أن نطاق الأوزان لا يتخطى مضاعفة الوزن مرتين. ففي دراسة(41) على
عدد (464) من الرياضيين الذين تتراوح أوزانهم بين 42 كجم و94 كجم، وُجد أن
العلاقة بين وزن البطين الأيسر في القلب ووزن الجسم كما يظهر في شكل (16).
ولما رُصدت العلاقة بين وزن البطين الأيمن ومساحة سطح الجسم ، أخرجت لنا الشكل الآتي (17):
تشتتت البيانات بصورة فجة حول المنحنى الذي كان يُتوقع له أن يكون العلاقة
بين الوزن (المكعب الأبعاد) وسطح الجسم (المربع الأبعاد) – بحسب عدنان
إبراهيم.
يُعد هذا الحيود الشديد عن تلك العلاقات المبسطة للنسب بين تضخم الجسم
وأعضائه بجديد على البحث العلمي، فالطعن فيه مشهور منذ عقود مضت(42). ومن الباحثين المتأخرين(43) من
يرى أن استخدام هذه العلاقات المبسطة مُشكل في أحسن أحواله، وأنه خطير على
نجاعة البحث العلمي في أسوأ أحواله. … وأن الرجحان العلمي قد تجنبه حتى
جانبه، وأبى أن يتجوز فيه حتى جاوزه، وحط رحاله عند التناسب اللاخطي allometric scaling .
أن التناسب اللاخطي قد استوعب وصف كثيرٍ من أعضاء الجسم ووظائفه في
تناسبها مع حجم الجسم، بما فيها القلب ونظام توزيع الأكسجين بكفاءة عبر
أنسجة الجسم، باعتباره العامل الحاسم(44)، إلا أن نظام القلب
وخاصة شبكة الأوعيه الدموية التي يغذيها – وما على شاكلتها من أنظمة تشعبية
– قد جنحت ناحية نوع خاص جداً من أنظمة التناسب الاّخطي، ونقصد به التناسب
اللاخطي التشعُّبي (الفراكتالي)(45) (أنظر شكل (18)(46)).
أن هذه الهيئة الهندسية الفراغية لا هي ثنائية الأبعاد فتخضع للتربيع، ولا
هي ثلاثية الأبعاد فتخضع للتكعيب، وإنما أصبح لها مقياس بُعدي جديد يقوم
مقام الأبعاد الهندسية التقليدية ويقع بين هذا وذلك حسب درجات التشعب، أو
التعقيد complexity. واصطلح على تسميته “بُعد هاوسدورف Hausdorff ”
وأصبح بُعد هاوسدورف مقياس لدرجة تعقيد/تشعب النظام، ويعطينا المكافي
البعدي الهندسي للنظام. فإن كان النظام في ثلاثة أبعاد مكانية (أي الفراغ
التقليدي) فيكون بُعد هاوسدورف له (بين 2 و 3) حسب شدة التعقيد، وإذا كان
النظام على سطح ما، فسيكون بُعد هاوسدورف له (بين 1 و 2)(47). وتُدرس هذه الأنظمة في علم جديد نسبياً يُسمى بالهندسة التشعبية أو التكسُّرية أو الفراكتالية fractal geometry.
هو: كيف تسنى لعدنان إبراهيم إخضاع نظام القلب والدورة الدموية لقانون
التربيع والتكعيب الذي طرق جاليليو بابه قبل أربعة قرون، على نحو أوَّلي،
ثُم قضى به على استحالة أن يتحمل قلب آدم الذي تضخمت أبعاده الفراغية (ستة
عشرة ضعفاً في كل بُعد خطي) على تغذية جسم تضخم حجمه 4096 ضعفاً، هذا في
الوقت الذي لم يحصر عدد الأبعاد التي تنتسب إليها الدورة الدموية في جسم
الإنسان، في تضخمها الفراغي، وظن خطءاً أنها تربيعية (256 ضعف)؟!
هذا لم يحصل على الحقيقة، وما حصل أن الدورة الدموية تضاعفت تضاعفاً
تشعبياً (فراكتالي) وأقرب الأنظمة الفراغية التي وجدناها مشابهة في
انتشارها لتشعبات الدورة الدموية هي تلك المُسمّاة بـ (التمدد الانتشاري Diffusion-limited aggregation)(48)، ومن أشكالها المألوفة أشكال لايشتونبرج(49) Lichtenberg figures (شكل (19)).
إذا اعتمدنا التمدد الانتشاري كأقرب ما يكون للأوعية الدموية المنتشرة في
جسم الإنسان، وقدرنا أبعاد نظام الدورية الدموية التي يغذيها القلب بأنها
(2.5).
كلا الحالتين، أسقط عدنان إبراهيم عوامل تغير كثيرا من هذه النسب، والتي
كانت في حالة العظام ازدياد كثافتها المعدنية وقدرتها على التحمل تبعاً لما
هو معروف بقانون ولف.
في حالة الدورة الدموية فمن هذه العوامل التي نقترحها أن اتساع الأوعية
الدموية – بسبب نمو حجم الجسم- في نسبة كبيرة منها سيستدعي إجهاداً أقل على
القلب لإيصال الدم إلى كامل أنسجة الجسم. والسبب أن سيولة الدم لن يتوقع
لها أن تزداد ثخانة إلا قليلا.
من المفترض أن يُثار إشكال قدرة قلب آدم على إيصال الدم إلى الرأس، وهي
مسافة متوقع لها أن تكون 8 أمتار ضد الجاذبية الأرضية، في حالة طول آدم ذو
الـ 28 متر. وأيضاً قدرة الدم على العودة إلى القلب من الأطراف الدنيا،
كالقدمين، في رحلة تبلغ في أقصاها 19 مترا.
بدى أن صعوبة الحل الأول، الذي يكون فيه القلب ضخماً بالدرجة التي تسمح
بضخ الدم مسافة 6-7 أمتار إلى الرأس ضد الجاذبية الأرضية (شكل (أ))، يمكن
أن يستعاض عنه بحل آخر هو وجود عدد من القلوب المساعدة التي تستقبل الدم من
القلب الرئيسي، وتعيد ضخه عبر الرقبة (شكل (ب)). ثم مال عدد آخر من
الباحثين إلى افتراض أنه ربما لا يكون هذا الديناصور بحاجة إلى رفع رقبته
إلى أعلى مداها، وأنه يظل ممتد الرأس بما لا يستدعي فرق ارتفاع كبير عن
مكان القلب (شكل (ج)).
وأبقى على وجود قلب واحد مع قدرة الديناصور على رفع رأسه بقدر استطالة
رقبته حسب ما يقتضيه طلب الغذاء، إلا أنه رأى أن القلب ربما لا يكون بحاجة
إلى أن يكون ضخماً كما نظن لأن الديناصور في تلك العصور كان يعيش في وسط
هوائي أعلى كثافة مما هو عليه الآن(52)، ومن ثم كان مدفوعاً إلى الأعلى بقوة طفوbuoyancy كالتي تتعرض لمثلها الأجسام إذا وضعت في الماء، مع الفرق بأن تلك
القوة كانت أقل مما هي في الماء بالطبع بنسبة كبيرة، لكنها كانت مؤثرة
ومساعدة على تخفيف وطأة الجاذبية الأرضية كثيراً. وهو الأمر الذي يجعل أكبر
الحيوانات الموجودة على الأرض ما زالت تعيش في الماء، ونقصد الحيتان،
والتي يصل وزنها إلى 180 طن أو تزيد كما هو الحال في حالة الحوت الأزرق، في
حين أننا لا نجد مثل هذه الأحجام العملاقة على اليابسة. وربما أن ذلك –
بحسب باحث آخر- كان سببا في كون تلك الحيوانات(53)(منذ 65 مليون سنة وحتى 200 مليون
سنة) كانت عملاقة في أحجامها وأوزانها، فلما انخفضت كثافة الهواء، كان ذلك
من العوامل المؤثرة سلباً على وجودها. غير أن هذه الفكرة لها معارضين
أيضاً ولم تحظى بالتأييد حتى الآن.
القول: أن الإشكال الذي أثاره عدنان إبراهيم في مسألة القلب كان أولى به
أن يتعلق بنفس إشكالات فهمنا لقلب الديناصورات العملاقة مثل براكيوسوراس،
خاصة وأن آدم عليه السلام – طبقاً لحساباتنا – كان في نفس معدل وزنه وحجمه!
(أنظر شكل (15)) – وإذا كان الأمر كذلك، فالمسألة لم تعد تتعلق بوجود آدم
أو عدم وجوده بهذا الحجم العملاق ذو الستين ذراعاً، لأن هذا الديناصور كان
موجوداً بلا شك بشهادة هيكله العظمي الأصلي الذي نراه وتُجرى عليه القياسات
الأحفورية من تركيب وعمر … إلخ إنما أصبحت المشكلة منحصرة في إحاطتنا
علماً بهذا الخلق العملاق (آدم – براكيوسوراس …)، والظروف البيئية التي
كانت قائمة أثناء وجودهم، ونِسب أعضاء أجسامهم بعضها ببعض. أي أن الإشكال
مفهومي يتعلق بقدرتنا على الإحاطة العلمية بالمسألة، وليست وجودية نستنكر
بها ما لم نحط به علماً.
وأخيراً: نرد على ما قاله عدنان إبراهيم في نهاية خطبة (مشكلتي مع البخاري) في الثانية (1:19:17) ولمدة عشر ثواني منها، حيث قال: [القرآن ليس فيه أن طول آدم ثلاثون متراً، لو فيه، لأشكل علينا جداً ماذا نفعل؟!!! (فهذا) ضد العلم تماماً!!]
فنجيبه:
نَعم، القرآن ليس فيه هذا النص الصريح، ولكن فيه أن عمر نوح لا يقل عن 950
سنة، وهذا يستلزم بالضرورة أن يكون طول جسم نوح، ومن ثمَّ يكون طول جسم آدم
وبنيه ما يتفق مع هذا الطول من العمر. وقد أقام العلم الذي يستنصر به
عدنان إبراهيم الدليل على طردية العلاقة بين طول العمر وحجم الجسم كما
رأينا أعلى. فيكون بذلك عدنان إبراهيم قد أخطأ في نفيه احتواء القرآن على
أي دلالة على طول آدم، والمُتضمَّنة في نفيه احتواء القرآن صراحةً على طول
آدم. هذا بخلاف ما وراء ذلك من أدلة أخرى ذكرناها أعلى في مواضعها مثل ما
حكاه القرآن عن أجساد قوم عاد، وكيف أنها كـ (أعجاز النخل) ودلالة هذا
التشبيه على أطوال أجسادهم.
ونستغرب من رهبة عدنان إبراهيم من أن يتعارض شيء في القرآن مع العلم الحديث، واستفساره (ماذا نفعل؟!!! (فهذا) ضد العلم تماماً!!)،
وكان أولى به أن يستشكل على العلم أنه ضد القرآن! باعتبار أن القرآن هو
المرجع وأن العلم (الغربي) هو المعارض والمشكل! وعليه عندئذ أن يسعى ليفعل
شيئاً بالعلم نفسه ليوافقه مع القرآن، لا العكس كما ألمح وتهيَّب وأخذه
الحرج!!! ونسأله: أوليست أعمار آدم ونوح التي تزيد عن 950 سنة مما يتعارض
مع العلم، والأخير منها صريح في القرآن؟! – نعم، التعارض صريح – فماذا أنت
فاعل إذاً؟!!!!!!!!
ونقول
أخيراً: سُحقاً لعلمٍ – مُدَّعى – يعارض كلام الله تعالى؛ الخالق البارئ.
وإذا كان هذا يُحرج عدنان إبراهيم أمام أوثان العلم الحديث، فإنه لا
يُحرجنا. بل إننا نتعالى على علمٍ – هذا شأنه – بما أنزل الله تعالى من علم
صادق وحكمة بالغة، ونعلم يقيناً أن مثل هذا العلم الزائف الذي يعارض صريح
القرآن ومتضمناته ومقاصده، وهمٌ مظنون، أو زيفٌ كاذب، أو إفكٌ مفترى، سرعان
ما ينكشف، ويتبدل، كما هي عادة علوم الغرب المتبدل أكثرها، وعلى النحو
الذي يعترف به عُبّادهم من العلمانيين، أمثال خالد منتصر، في مثل أقواله(54): [منهج العلم التساؤل الدائم والقلق المستمر، العلم مريض بالشك المزمن].
ومعلوم أن علم هذا شأنه، لا يستقر أبداً على حال، إلا ما أيده الواقع
المطرد، والتجارب المعملية والرصدية القاطعة. أما خلاف ذلك، من تنظيرات
محتملة، وترجيحات متقلبة، واستقراءات ناقصة، تكشف عوارها المعلومات
المستجدة على الدوام، فلا تصح أن تكون أصلاً يُحَاكَم إليها كتاب الله
تعالى.
هذا والله تعالى أعلم، ..
أغسطس عام 2014- استفسار اعتراضي: يقول أن هناك ما هو أضعف من عظم الساق في
قابليته للانسحاق بتأثير وزن جسم آدم، وذلك هو مفصل الركبة. فإذا تحمل عظم
الساق الوزن، فلربما لن يتحمله مفصل الرُّكبة، لأنها الأضعف، ومن ثم
الأكثر قابلية لأن تنزلق أو تنفصم قبل أن يتأثر العظم نفسه.
والتي فيها يُمط الجسم، وتُشد أطرافه حتى تنخلع من بعضها. وفي دراسة على
هذا الموضوع شملت إجراء تجربة عملية، فوجئ القائمون بها بأن أربطة مفصل
الركبة ليست أضعف من النسيج العظمي كما كانوا يظنون قبل إجراء الدراسة،
وظهر بجلاء أن العظم هو الأضعف، وفي موضع بعينه داخل العظم، يقع بعد رأس
مفصل الركبة من أحد الجهتين. ويرى القارئ هذه التجربة في الفيلم الآتي
والمستخلص من كامل الفيلم المشار إليه:
الركبة ليست الأضعف، بل العظم نفسه. وما يقال على الخلع بالشد، يمكن أن
يقال على الانسحاق بالضغط، وذلك في مسألتنا التي تتعرض لتحمل عظم ساق آدم
لوزنه. أي أن ركبة آدم ستتحمل على الراجح أكثر مما سيتحمل العظم، وبناءاً
عليه لا ينبغي الاكتراث لما يمكن أن نتوهمه من أن مفصل الركبة أقرب إلى
الانسحاق من عظم الساق، حسب ما جاء في استفسار المعترض.
الهوامش والمراجع:
تنتشر أخبار العماليق في المصادر التاريخية العربية مثل: المنتظم في
التاريخ لابن الجوزي، والكامل في التاريخ لابن الأثير، والبداية والنهاية
لابن كثير، والتاريخ لابن خلدون، والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي، وقصص الأنبياء والتاريخ لرشدي البدراوي. وتوجد أيضاً في الأسفار التوراتية مثل: سفر التثنية، وسفر يشوع.
من إشكال طرأ في تفسير: من هم القوم الذين جاء ذكرهم بعد نوح والطوفان في
قوله تعالى: “ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) …
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا
لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) “(المؤمنون)، حيث نُقل عن ابن عباس أنهم
قوم هود، غير أن أكثر المفسرين (كما جاء في تفسير الفخر الرازي) قد احتجوا
عليه بحكاية الله تعالى قول هود عليه السلام : { واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ
خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } [ الأعراف : 69 ]، وقال بعضهم المراد
بهم صالح وثمود ، لأن قومه الذين كذبوه هم الذين هلكوا بالصيحة!
Takeda T, Sato Y.; “Interventions to prevent bone loss in astronauts
during space flight”, Keio J Med. 2005 Jun; 54(2):55-9.
Sanchis-Moysi et al., “Inter-arm asymmetry in bone mineral content and
bone area in postmenopausal recreational tennis players”, Maturitas,
Volume 48, Issue 3 , Pages 289-298, 15 July 2004.
Sharma S, Batterham A, Whyte G, McKenna W. “Allometric analysis of the
association between cardiac dimensions and body size variables in 464
junior athletes”. Clin Sci. 2001;100:47–54.
Rosenthal D, Murphy DJ, Jr, Froelicher VF, Ashley EA. Does size matter?
Clinical applications of scaling cardiac size and function for body
size. Circulation. 2008;117:2279-2287, [PubMed], p.2281.
PR. Allometric scaling of the maximum metabolic rate of mammals: oxygen
transport from the lungs to the heart is a limiting step. Theor Biol Med Model. 2005;2:31.
– West, G. B., Brown, J. H. and Enquist, B. J. (1997). A general model
for the origin of allometric scaling laws in biology. Science 276,
122-126.
JH. The origin of allometric scaling laws in biology from genomes to
ecosystems: towards a quantitative unifying theory of biological
structure and organization. J Exp Biol. 2005;208:1575–1592. (p.1578
(55) تم إضافة هذا الفيلم الوثائقي والمقطع الكلامي السابق له بتاريخ: 15
مايو 2014، لذلك جاء ترقيمه، أي: (شكل 23) غير متتابع مع ما بعده من أشكال.