577a7 saaidi mohammad

كنت في مقال سابق تحدثت عن إن استحداث نظام للحقوق الاجتماعية هو المخرج العملي مما تعانيه كثير من النساء في بلادنا من ظلم يتمثل معظمه في تحميلهن من الواجبات ما هو متعلق في أصل الشرع بسواهن , كالنفقة على الأسرة والأبناء , وكتحملهن وحدهن أعباء تربية الأولاد في حال استهتار الزوج أو مفارقته لطلاق أو وفاة .
وعندي أن استحداث هذا النظام سيحقق أيضا للمجتمع وللدولة معا مكاسب أخر كالقضاء على الفقر والحد من نسبة البطالة والجريمة والتسرب الدراسي ووسد حاجات الأفراد الملجئة , كما أن من شأنه إحياء روح التكافل والتواد بين مكونات المجتمع وتنمية شعورهم بالمسولية تجاه بعض .
ويمكن تعريف الحقوق الاجتماعية بأنها : ما يستحقه أفراد المجتمع من بعضهم شرعا على سبيل الوجوب أو الندب .
ويدخل فيها نفقة الأقارب المعروفة في أبواب كتب الفقه , ونفقة الأبناء وتربيتهم وحقوق الجيران تجاه بعضهم ومسؤليات العاقلة المالية والتربوية تجاه أفراد العصبة , وحقوق الحضانة , وترتيب مسؤليات الآباء المطلقين عن أبنائهم , وأقارب المتوفين تجاه أيتامهم وأراملهم ومن تعلقت بهم رعايته .
والواقع المعاش هو أن هذه الحقوق لا تعطى- بضم العين – إلا مروءة أو قضاء , ولا يوجد طريق ثالث لتحصيلها حتى الآن .
ولا شك أن الاعتماد على المروءة في إعطاء الحقوق أو تحصيلها لم يعد أمرا عمليا في مجتمع متسع يساهم تمدنه كل يوم في زيادة إبعاده عن سلطته الطبيعية في رقابته على أفراده .
أما القضاء فإن مسؤليته منحصرة في الحقوق الواجبة دون المستحبة , كما أن ترتيب أخذ الحقوق على إقامة الدعاوى وإحضار البينات وصدور الأحكام إنما هو نتاج المشاحة على إعطائها واستيفائها إضافة إلى ما ينتج عن رفع الدعاوى القضائية من صرف للأوقات وتوسيع للشقة بين المتقاضين , وكل ذلك خلاف المراد وهو إيصال تلك الحقوق بشكل أقرب ما يكون إلى التلقائية التي تكفل سرعة التحصيل مع الإبقاء على اللحمة وزيادة المودة والشعور بالمسؤلية الإيجابي بين الأخ وأخيه .في المجتمع الواحد.
وهذا النظام الذي قد يبدو سحريا عند البعض لا بد قبل إقراره من إحداث بعض الترتيبات الهيكلية حتى لا يبدو كذلك , وحتى تتجلى واقعيته وقدرته على التغيير إن شاء الله تعالى .
ومن هذه الترتيبات المقترحة لإنجاح هذا النظام :
تفعيل دور مراكز الأحياء وذلك بإعطائها الصفة الرسمية إضافة إلى ما لها من صبغة تطوعية وإخضاعها مباشرة لوزارة الشؤون الاجتماعية التي يتوجب عليها إمداد هذه المراكز بالباحثين والباحثات المنوط بهم تكوين قاعدة بيانات تفصيلية عن ساكني الحي تشمل تعيين جيرانهم وأسماء أقاربهم الذين تتعلق بهم المسئوليات الشرعية غالبا , كما يناط بهم متابعة المستجد على المدرجين في تلك البيانات من زواج وطلاق وإنجاب وعسر ويسر وجوائح وتعليم واستقامة و انحراف وعمل أو بطالة , وذلك عبر التواصل المباشر مع أبناء الحي وعمد المحلات , ومن ثم يقوم مركز الحي بما له من سلطة معنوية وصلاحيات رسمية – تحققها له وزارة الشؤون الاجتماعية وإمارات المناطق كل فيما يخصه – بتبليغ المواطن بما ينطبق عليه من مواد نظام الحقوق الاجتماعية وفق ما استد من متغيرات ومتابعة تطبيقها دون الحاجة إلى أن يتقدم المتضرر من فوات الحق بشكوى رسمية إلا عندما تغفل إدارة مركز الحي عن توفير الحق له .
ومع الجدية في تطبيق هذا النظام فإن المجتمع مع مرور الأيام لن يعود بحاجة إلى سلطة تكفل تطبيقه حيث سينصرف الناس إلى تنفيذ ما تضمنه تلقائيا بدافع من فطرة الناس على الخير وجنوح المجتمع بشكل طبعي إلى حب الخير والتآلف والتعاون فيما يعود على مجموعه بالخير الدنيوي والأخروي .
وحتى تتضح الفكرة أكثر أقدم أنموذجا لمادة من مواد هذا النظام وكيفية تطبيقها كما وفق تصوري .
المادة .. : حين يكون متوسط دخل الأسرة أقل من 500 ريال للفرد الواحد بعد استثناء إيجار المنزل إن كان مستأجرا يلزم أقارب رب الأسرة من الدرجة الأولى والثانية والثالثة ممن تثبت قدرتهم على تأدية ما ينقص من دخل الأسرة إلى ربها شهريا .
أما آلية تطبيقها , فإن الباحثين في مركز الحي حين يتحقق لديهم العجز في مستوى دخل أسرة ما يقومون بالتحقق من مستوى دخل أقارب رب الأسرة من الدرجة الأولى والثانية والثالثة وفق ما يتوفر لهم من بيانات إن كان هؤلاء الاقارب من أبناء حيهم أو بالتواصل مع مراكز الأحياء التي يقطنها هؤلاء الأقارب , ومن ثم مخاطبتهم بما يترتب عليهم من نسب مالية من مجموع العجز في دخل قريبهم ومتابعة تنفيذهم لما يلتزمون به , ولهؤلاء الأقارب الحق في استبدال النسب المالية الشهرية بتأمين عمل لقريبهم يغطي دخله منه النسبة المطلوبة في النظام على أن يتحقق المركز من تسلم المستحق لمثل هذا العمل .
وفي حال عجز هؤلاء الأقارب أو كون هذا الأمر يترتب عليه ضيق مادي عليهم إما لمحدودية دخلهم أو لكثرة الفقراء من أقاربهم , فإن إدارة مركز الحي مسئولة عن تحصيل الزكاة له من المزكين من أهل الحي أو من الأحياء الأخرى .
وهذه المادة المقترحة وحدها في حال تطبيقها كما هو مقترح سينتج عنها من الخير الدنيوي والأخروي والمادي والمعنوي للمجتمع ما تمتلؤ منه الصدور غبطة وسرورا , فلا تحصى ثمرة ما ينتج عنه من رفع للحاجة وحفظ لماء الوجه وتحقيق عملي لما قصد إليه الإسلام من تكافل بين الناس .
الجمعة 08, أكتوبر 2010

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 − 4 =