متى سيبايع المهدي بالضبط ؟

كيف نفهمُ النبيّ في آخر الزمان؟(7/7) تطبيق عملي

متى سيبايع المهدي بالضبط ؟

الحديث الأول :عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم

” يـُبايع لرجل ما بين الركن و المقام، ولن يستحل البيت إلا أهله ، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ”

في هذا الحديث النبي صلى الله عليه و سلم يصور لنا ثلاثة مشاهد متعاقبة وهي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الأول :

رجل مجهول يـُبايع في الحرم المكي ما بين الركن والمقام

فالرسول -عليه الصلاة و السلام – قال رجل – بصيغة التنكير- ولم يعرف لنا ذاك الرجل أو يسميه أو يصفه لنا

هل هو المهدي الذي طالما ذكره في أحاديث كثيرة أخرى ووصف لنا شكله و نسبه؟

أم هو عبد الله بن الزبير الذي لاذ بالحرم في مطلع العهد الأموي وحكم مكة و الحجاز لعدة سنوات؟

أم هو رجل آخر؟

لننتظر قليلاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الثاني :

استحلال الحرم من قبل أهله

أي سـتحدث في البيت الأمين خلال هذه البيعة أمور منكرة و سفك للدماء تنتهك قدسية هذا المكان الطاهرومن سيقوم بهذه الأمور هم مسلمون من أهل بلاد الحرمين، و ليس غزاة من الخارج

ــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الثالث :

فلا تسأل عن هلكة العرب

بعد هذه الحادثة ستكون هلكة العرب قد اقتربت كثيرا و صارت قاب قوسين أو أدنىــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ماذا تحقق إلى الآن من المشاهد الثلاثة السابقة ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الأول :
مع بزوغ فجر اليوم الأول من محرّم ، أي في رأس السنة الهجرية ، و بداية القرن الهجري الجديد عام 1400 هجري الموافق لـ 21 نوفمبر -تشرين الثاني – عام 1979 ميلادي

دخل كل من محمد عبد الله القحطاني و نسيبه جهيمان العتيبي مع أكثر من 200 رجل آخر من جماعتهم إلى الحرم المكي يحملون نعوشاً مليئة بالأسلحة الخفيفة والذخائر

وما أن انفضّت صلاة الفجر حتى قام جهيمان وصهره أمام المصلين في المسجد الحرام ليعلنوا للناس نبأ ظهور المهدي المنتظر وفراره من “أعداء الله” واعتصامه بالمسجد الحرام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يؤمن المسلمون من أهل السنّة والجماعة بقدوم مجدد للدين كل مائة عام فالرسول -صلى الله عليه وسلم قال
“يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لأمتي دينها”

كما يؤمن اتباع السنة والجماعة بقدوم المهدي المنتظر والذي سيكون من آل بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم-
واسمه على الأغلب “محمد” واسم أبيه على الأغلب “عبدالله” كما في بعض الروايات..

ويلوذ المهدي بالمسجد الحرام هرباً من “اعداء الله”

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في أواخر العام 1399 أخبر محمد بن عبد الله القحطاني نسيبه جهيمان العتيبي بانه رأى في منامه انه هو المهدي المنتظر و انه سوف يحرر الجزيره العربية والعالم كله من الظالمين

محمد بن عبد الله القحطاني هو من دعاة الإصلاح و كان هو و جهيمان من طلاب الشيخ بن باز ، وهو أيضا يعود بنسبه إلى بيت النبوة ، ومن حيث الشكل هو قريب من الصفات المتخيلة لشكل المهدي التي أخبر عنها الرسول عليه الصلاة و السلام ، أجلى الجبهة و أقنى الأنف .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هنا بدأت أطراف المعادلة تكتمل في ذهن جهيمان الذي كان ضابطا في الحرس الوطني السعودي

اقتراب حلول القرن الهجري الجديد ، وكثرة الجور و الفساد في الأرض ، و صهر يسمّى “محمد بن عبدالله”

ولم يكن ينقص المعادلة الا بيت الله الحرام ليلوذ إليه “المهدي المنتظر”

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جهيمان كان يفكر بنفس منطق نظرية القميص مسبق الصنع في تحقيق النبوءة الإسلامية

وهو نفس المنطق الذي يتبعه حاليا اليهود الصهاينة لتسريع ظهور مسيحهم (الدجال) و المسيحيون البروتستانت الداعمين لإسرائيل لتسريع عودة يسوع و الشيعة الذين يحفرون الانفاق تحت حرستا لتعجيل فرج المهدي من سردابه

بل حتى (د ا ع ش) او الدولة الإسلامية تعتمد أحيانا على سياسة القميص مسبق الصنع في فرض جدولهم الزمني على حركة القدر و التاريخ و استفزاز الغرب للنزول في دابق !

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قدّم جهيمان صهره محمد بن عبدالله القحطاني بأنه المهدي المنتظر، ومجدد هذا الدين، في ذاك اليوم من بداية القرن الهجري الجديد

و قام و اتباعه بمبايعة ” المهدي المنتظر” وطلبوا من جموع المصلين مبايعته

وتمت البيعة ما بين الركن و المقام.

و رغم ان الرجل المبايع لم يكن هو المهدي الحقيقي

لكن ما يهمنا هنا ان المشهد الأول من الحديث قد تحقق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الثاني :

تدخلت قوات الأمن السعودية و حاصرت الحرم 3 ايام ، ثم جرى اقتحام للحرم، و حدث اشتباك بالأسلحة النارية و سفكت الدماء وقـُتل الرجل المبايع محمد بن عبد الله و قتل كذلك كثير من الناس الأبرياء الذين تصادف وجودهم و قت الحادثة ، وبعد مقتل المهدي المزعوم انهارت معنويات عناصر جماعة جهيمان و انتهت عملية احتلال الحرم بعد 16 يوم

في 16 محرم عام 1400 تمكنت القوات السعودية مدعومة بعناصر من الجيش الأردني ، وخبراء فرنسيين ، من اقتحام الحرم و القبض على جهيمان و إعدامه بقطع الرأس

وحدث استحلال الحرم من قبل أهله
و تحقق المشهد الثاني من الحديث أيضاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الثالث:

لا تسأل عن هلكة العرب !

بعد هذه الحادثة تكون هلكة العرب قد اقتربت كثيرا و صارت قاب قوسين أو أدنى

فالرسول -عليه الصلاة و السلام – يعطينا إشارة لتحديد زمن هذه الحادثة ، أو البيعة الذي سيستحل فيها البيت الحرام من قبل أهله ، و يخبرنا بشكل غير مباشر أن تلك الحادثة ستتزامن مع العصر الذي يكثر فيه الخبث و يؤدي إلى هلاك العرب ، حتى لو كان فيهم الصالحون

كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت:
استيقظ النبي صلى الله عليه و سلم من النوم محمرا وجهه يقول:

لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه

( وعمل حلقة بين إصبعيه الإبهام و التي تليها )قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟

قال : نعم ، إذا كثر الخبث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و بالفعل ، بعد هذه الحادثة شهد العالم العربي انحداراً متسارعاً
على كل الأصعدة السياسية و الإجتماعية و الأخلاقية
و كأن العرب صاروا جاهزين لتلقي الضربة الأولى من هلاك الإستئصال وستكون الضربة الأخيرة قبل خروج الدجال عندئذ سيكون العرب قليل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي جملة ” فلا تسأل عن هلكة العرب ” هناك إشارة غير مباشرة أيضا إلى أن هذا العائذ المبايع قبل حدوث هلكة العرب ليس هو المهدي الحقيقي
لأن هناك أحاديث أخرى و أثار تشير إلى أن مبايعة المهدي الحقيقي تحدث بعد هلكة العرب و ليس قبلها

ففي أثر مرفوع عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه

” لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلث ، و يموت ثلث ، و يبقى ثلث “

الأثر موجود في عقد الدرر ، و أخرجه المقري في سننه
و نعيم بن حماد في الفتن
لنستمع الآن إلى حديث آخر ضمن منهجية النظرة البانورامية الشاملة كي تتضح لنا معالم الصورة أكثر

الحديث الثاني
رواه مسلم في صحيحه و رقمه 2883

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

سيعوذ بهذا البيت – يعنى مكة – قوم ليس لهم منعة ولا عدة ، يبعث لهم بجيش حتَّى إِذَا كَانوا ببَيدَاءَ منَ الأَرضِ خُسِفَ بِهم

و في هذا الحديث يرسم لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مشهدين اثنين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الأول

هو بيعة تتم في بيت الله الحرام، لكن العائذون بالبيت هذه المرة ليسوا مسلحين، إنما هم أناس عزل ليس لهم منعة ولا عدة

وهذه أيضا نصيحة نبوية عابرة للأجيال يقدمها النبي- صلى الله عليه وسلم – للمبايعين للمهدى الحقيقي أن لا يـُـدخلوا معهم أسلحة للحرم و يكونوا بلا عدة ولا سلاح عند المبايعة، حتى تكون بيعة سلمية و صحيحة، و أن لا يتبعوا نظرية القميص الجاهز مسبق الصنع فيما يتعلق بالوحي و النبوءات حتى لا تتكرر مأساة محمد بن عبد الله القحطانى السابق ذكره لأن الله كفيل لوحده أن يحقق وعده، وهو وحده من يحدد التوقيت وهو وحده من يملك القدر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الثاني

الرسول يخبرنا ان هؤلاء العائذين العزل من السلاح سيتم غزوهم من قبل جيش كبير، لكن الله -سبحانه و تعالى – سيخسف بهذا الجيش قبل أن يتمكن من الوصول إلى مكة، و لن يـُقتل الرجل المبايع كالمرة السابقة لأنه هو المهدي.

و هناك روايتان عن الجهة التي سيأتي منها الجيش الذي سيحارب المهدي في مكة ، واحدة تقول أن الجيش سيأتي من الشام وهي الاشهر و الأقوى و الثانية تقول جيش من الشرق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولننتقل الآن إلى حديث ثالث كي يكمل لنا الصورة و نعرف متى ستتم بيعة المهدي الحقيقي بالضبط

و هو في الواقع أثر مرفوع ، وقد تفرد في روايته نعيم بن حماد في كتاب الفتن و هو ذو سند حسن.

أي أن سلسلة الرواة انقطعت عند مستوى الصحابة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الثالث أو الأثر يقول:

“سيعوذ بمكة عائذ ، فيـُقتل ، ثم يمكث الناس برهة من دهرهم ، ثم يعوذ عائذ آخر ، فإن أدركته فلا تغزونه فإنه جيش الخسف”

و هذا الأثر يقدم لنا أربعة مشاهد متعاقبة

المشهد الأول:
رجل يعوذ بمكة فـيُـقتل بالحرم المكي

وقد حدث هذا عام 1979 كما سبق و ذكرنا في حادثة جهيمان، و قتل العائذ الأول محمد عبدالله القحطاني.
و تحقق هذا المشهد في الزمن الماضي القريب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الثاني:

يمكث الناس برهة من دهرهم

ونحن الآن لا نزال نعيش في هذا المشهد في الزمن الحاضر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشهد الثالث:
ثم يعوذ عائذ آخر بالحرم المكيلم يتحقق هذا المشهد المستقبلي بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشهد الرابع:
” فإن أدركته فلا تغزونه فإنه جيش الخسف”

وهذا أمر من رسول الله صلى الله عليه و سلم موجه للأفراد في العالم الإسلامي و لقوات الأمن داخل الحرم و خارجه وعناصر مكافحة الشغب و كل الذين سيدركون هذه الحدث يوصيهم بعدم اقتحام الحرم وعدم الانضمام للجيش الغازي القادم من الشام أو من الشرق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و في كل الأحوال أيا كانت الجهة التي سيأتي منها ذلك الجيش فسيخسف الله به الأرض

و الخسف هو أكبر العلامات التي ينتظرها عوام الأمة ليتأكدوا أن هذا العائذ الآخر هو المهدي والذي سيؤيده الله بنصره ولن يهزم بمعركة ، مهما حاولت وسائل الإعلام أن تشوه صورته، أو تعتم على خبر الخسف .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و لكي نعرف في أي عام سيظهر المهدي بالضبط علينا أن نركز على المشهد الثاني في هذا الحديث ، ففيه كلمة السر

” يمكث الناس برهة من دهرهم ”

كم يبلغ طول البرهة من دهر الناس بمقياس السنين ؟

فكروا قليلاً .. قبل أن أعطيكم الجواب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لكن قبل ذلك دعونا نحلل هذا الأثر لنتأكد من مصداقيته و أنه – حرفياً – من كلام النبي عليه الصلاة و السلام باللفظ و المعنى و ليس مجرد نقل للمعنى فقط قام به أحد الصحابة .

فهذا الأثر ذو سند حسن ، وهو أيضا محقق و صحيح تاريخيا ، ولكن هذان العاملان لا يكفيان لوحدهما كي نأخذ به ضمن منهجية النظرة البانورامية الشاملة التي نتبعها، فعليه أن ينسجم مع الحبل المنطقي الذي تشكل من الأحاديث الصحيحة السابقة

و كي نأخذ به يجب أن نتأكد أيضاً أنه تنطبع عليه البصمة البيانية للنبي الذي لا ينطق عن الهوى

وأنه صنع في معامل النبي العربي اللغوية و موشوم بختم من أوتي جوامع الكلم، و يستوفي معايير البلاغة الخاصة بالرسول عليه الصلاة و السلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لنقرأ مرة أخرى هذا الأثر

* سيعوذ بمكة عائذ فيقتل ثم يمكث الناس برهة من دهرهم ثم يعوذ آخر فإن أدركته فلا تغزونه فإنه جيش الخسف*

و لنسأل أنفسنا الآن هل هذا هو كلام النبي عليه الصلاة و السلام باللفظ و المعنى؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* سيعوذ بمكة عائذ *

دخول مباشر إلى الهدف، قمة البلاغة، لو حذفت حرف لأختلف المعنى، لو قدمت كلمة “عائذ” على كلمة “بمكة” لأختلف المعنى

أي لو قلت فرضا “سيعوذ عائذ بمكة” بدلا من “سيعوذ بمكة عائذ” سيختلف المعنى

لأن الغاية هي مكة وليس مكان آخر، فلا أهمية لأي عائذ الى غير مكة،
فالعنصر المفقود من معادلة جهيمان الذي يطبق نظرية القميص مسبق الصنع هو مكة من أجل ذلك جاء تقديم الجار و المجرور “بمكة” على الفاعل “عائذ”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أنه لو استخدم كلمة أخرى غير اسم الفاعل “عائذ” أيضا لأختلف المعنى

سيتغير المعنى لو استخدم مثلا صيغة المبالغة من اسم الفاعل مثل عوّاذ – على وزن فعّال- أو معواذ -على وزن مفعال- أو غيرها

لأن العائذ بمكة سيعوذ لمرة واحدة فقط ، راغبا في ذلك و قاصدا مكة
وهذه المعاني لا يعطيها إلا الوزن – فاعل – أي: عائذ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و لو استخدم الرسول غير كلمة “عائذ ” من الكلمات المتردافة أو الكلمات القريبة من المعنى مثل لاجيء، هارب، فار، مستنجد، لائذ أو غيرها ، أيضا لما تحقق المعنى المراد
لأنه سواء القحطاني أو المهدي فإنهما سيعوذان بالحرم والعوذ هو التوجه الى غاية ، لتحقيق امر ما ، وللتحصن من ردة فعل او خطر متوقع سيكون، و يعتقد الفاعل انه لن يحققها، ولن يتمكن من التحصن من ردة الفعل إلا فيها

لذا فإن عبد الله بن الزبير لم يكن عائذا أبدا بالحرم إنما كان هاربا ، لائذا و مستنجدا
كان هاربا من ملاحقيه، لائذا بالحرم، ومستنجدا بالله تعالى وبحرمة بيته الحرام
وهو لم يكن غريبا عن مكة بل ان حكمه فيها استمر سنوات وهذا بخلاف العائذين الأول و الثاني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* فيقتل *

قمة الاختصار والإيجاز مع دقة التعبير فالعائذ الأول سيقتل سريعا بعد أن يعوذ بمكة

استخدم الرسول حرف العطف (الفاء) للإشارة إلى أن العائذ الأول سيقتل سريعا – وقد حدث هذا في حادثة القحطاني فقط الذي قتل بعد 3 ايام

اما عبد الله بن الزبير – الذي هو أصلا ليس بعائذ- فلم يقتله الحجاج إلا بعد أن استمر حكمه في الحجاز لعشر سنوات تقريباً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ثم يمكث الناس *

حرف العطف ” ثم ” هنا هو للإشارة للتراخي في الزمن

فالناس بعد قتل العائذ الأول سينتظرون مدة زمنية ليست بالقصيرة

و استخدام الفعل “يمكث” وليس يلبث او يبقى او يظل او يستمر او ينتظر او غيرها هو إشارة إلى أنهم سيستمرون يرتقبون و ينتظرون حدوث أمر مرغوب
أي هناك استمرار في (( الرجاء ))
وفيه إيحاء أن الناس يرجون حدوث الأمر راغبين التخلص من تسلط الحكم الجبري وظلمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما أنه لم يقدم كلمة ” الناس” على الفعل “يمكث”
أي لم يقل: ثم الناس يمكثون ، بل قال: ” ثم يمكث الناس” وهذا فيه إشارة إلى ان التركيز على فعل مكث الناس و ليس على الناس أنفسهم
أي التركيز على الفعل و ليس على الفاعل
كما أنه ذكر الناس بـ ال التعريف ، ولم يقل ناس بدون ال التعريف أو أناس ، وهذا دليل أن ( رجاء ) الخلاص انغرست لدى الجميع

و هذا يؤكده أيضاً عدم استخدام كلمات مثل : قوم او جماعة او امة او غيرها بل الناس إي جميع بني ادم ، وفيه إشارة إلى أن الأرض امتلأت ظلما وجورا و الجميع يتوقون إلى الخلاص بشكل أو بآخر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* برهة من دهرهم *

البرهة هي فترة زمنية او حين من الدهر فيه دليل او برهان على حدوث تغيير و بما أنها مرتبطة هنا بالناس ، لذا فهي تعني الجيل أي البرهان الزمني لحدوث تغيير جوهري في الناس ، لذا فإن البرهة من دهر الناس قد تعدل وسطيا 40 عاماًولأنها جاءت نكرة دون ال التعريف حيث قال “يمكث الناس برهة من دهرهم” و لم يقل يمكث الناس البرهة من دهرهم ، فهذا فيه إشارة إلى أنها غير مكتملة أي قد تكون اقل بقليل من 40 عاما حوالي 39 عاما أو اقل من ذلك بعام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولأنه قال “من دهرهم” ولم يقل يمكث الناس برهة من الدهر ، فهذا فيه دليل على أن بعض الناس التي كانت زمن العائذ الأول ستدرك العائذ الأخر في حياتها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ثم يعوذ آخر *

حرف العطف ” ثم” هنا يعود على العائذ الأول أي المعنى هو
يعوذ بمكة عائذ فيقتل ثم يعوذ آخر

أي أن بين العائذين فترة زمنية ليست بالقصيرة تقاس بالسنين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولم يكرر هنا كلمة “العائذ” الدالة على الفاعل بل قال “ثم يعوذ آخر” بدل ان يقول ثم يعوذ عائذ آخر

وهذه تعني إن كلا العائذين بدعوى واحدة ورسالة واحدة متشابه ظاهريا لذا اكتفى عنه بضمير الفاعل المستتر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما انه لم يكرر مع العائذ الآخر كلمة ” بمكة ”

وهذا يعني أن الأول عاذ دون هداية ربانية ودون توكل حقيقي على الله فهو عاذ بمكة يقصد هذا المكان بذاته ، ولا يقصد بيت الله الحرام، إنما يقصد ان تكتمل معه كل عناصر المعادلة ، اي كل عناصر مشهد البيعة لأنه يسير حسب نظرية القميص مسبق الصنع

لذا فإن أسلوب العائذ الأول هو أسلوب بعيد عن الحكمة و يستند على الأمور المادية كحشد الأعوان وتجهيز السلاح ومحاولة إجبار الناس على التأييد و ليس على الله

اما العائذ الآخر فسيعوذ قاصدا بيت الله الحرام الموجود داخل مكة ، و لن يعوذ به لأي سبب آخر الا اللجوء الى الله ، إنه لا يقصد مدينة مكة بذاتها ، انما قصده الله ، لذلك لن يحمل السلاح ولن يُجبر أحدا على بيعته و لن يقوم بحملة انتخابية او ترويجية لشخصه ولن يحشد الأعوان قبل العوذ بل سيبايع مُكرهاً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* فإن أدركته *

فيه إشارة لطيفة إلى أن الذي يُخبرُ بذلك الحديث لن يُدرك أمر العائذ الآخر بل ومن سيليه من أجيال كذلك ، ولكن لابد أن هنالك جيلاً ما ممن سيُنقل لهم هذا الحديث هم سيشهدونه ويدركونه

* فلا تغزونه *
إذا أدركت أمر العائذ الثاني ستشهد جيشاً غازياً يريد القضاء على هذا ( الإرهابي ) ، و سيتم دعوة المسلمين للالتحاق به عبر الإعلام ، و مفتي السلطان

و هنا إشارة إلى أن الجيش سيأتيه من مكان بعيد وليس من داخل مكة وسيتم الإعداد له جيداً فهو يقصد الغزو
فاحذر أن تكون من بينهم لأن هذا الجيش هو الجيش الذي سيخسف الله به الأرض
ــــــــــــــــــــــــــ

* فإن أدركته فلا تغزونه فإنه جيش الخسف *

استخدام الضمير المتصل الهاء ثلاثة مرات في هذه الجملة هو في قمة البلاغة وجوامع الكلم وفصل الخطاب”فإن أدركته فلا تغزونه فإنه جيش الخسف”

الهاء الأولى في كلمة “أدركته” هي للزمن الذي ستتم فيه البيعة
و الهاء الثانية في كلمة “تغزونه” هي للعائذ
و الهاء الثالثة في كلمة “فإنه” هي لغزاة العائذ

فكل هاء منها تعود على المعرف الأخير قبلها في جزالة وفصاحة تشع منها بصمة من أوتي جوامع الكلم
أي إن أدركت زمن بيعة العائذ الثاني فلا تنضم للجيش الغازي لذلك العائذ الثاني فإن الجيش الغازي هو جيش الخسف

لكن متى ندرك ذلك الزمن الذي ستحدث فيه بيعة العائذ الثاني؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الجواب كما قلت لكم يكمن في جملة “يمكث الناس برهة من دهرهم ” ففيها رأس الخيط لمعرفة عام الظهور

الحادثة الأولى حدثت عام 1979

الحادثة الثانية ستحدث عام 1979+ برهة من دهر نفس الناس الذين كانوا أحياء وقت الحادثة الاولىفالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل يمكث الناس برهة من الدهر ، بل قال برهة من دهرهم
السر في الضمير المتصل بكلمة دهر(هم)

ـــــــــــــــــــــــــــــ

البرهة من دهر الناس ، كما سبق وشرحنا هي فترة زمنية تعادل جيل و تكون برهان على حصول تغيير أي حوالي 40 سنة وسطياً

وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال
لا عليكم أن لا تعجبوا بأحد ، حتى تنظروا بم يختم له ، فإن العامل يعمل زمانا من عمره ، أو ((( برهة من دهره ))) بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة ، ثم يتحول فيعمل عملا سيئا ، وإن العبد ليعمل ((( البرهة من دهره ))) بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار ، ثم يتحول فيعمل عملاً صالحا ، وإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته ، قالوا : يا رسول الله وكيف يستعمله قال : يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه
/ رواه البيهقي /

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فنجدُ أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر لفظة البرهة من الدهر كقطعة طويلة من عمر الإنسان يكون فيها عمله الذي هو مكلّف به
وهذا يقرّبُ لنا أكثر مفهوم لفظة البرهة عند النبي صلى الله عليه و سلم

فسن التكليف يبدأُ بالرّشد ، والرّشد يبدأ مابين 14 سنة – 18 سنة
ومتوسّط عمر الإنسان من أمة محمد هو 63 سنة ، وهو عمر النبي عليه الصلاة و السلام عندما حضرته الوفاة

لذلك البرهة من دهر الإنسان في هذا الحديث تشير إلى مدة زمنية أقل بقليل من 63 – 18 أي : حوالي 45 سنة

و الرأي الأشهر أن البرهة من دهر الإنسان هي تعادل جيل و الجيل يعدل 40 سنة
فاليهود بقوا في صحراء التيه 40 سنة حتى تغير الجيل القديم
كما ان عمر الرسول عليه الصلاة و السلام عند البعثة كان 40 سنة ، وهو ولد في عام الفيل ..السنة التي هاجم فيها ابرهة الحبشي البيت الحرام و حاول استحلال حرمته.
ــــــــــــــــــــــــ

الخلاصة:

((( إذا أردنا أن نحول عبارة ” برهة من دهرهم ” إلى أرقام ستكون مدة تتراوح ما بين 40 إلى 45 سنة )))

ـــــــــــــــــــــــ

لذلك المهدي -والله أعلم – متوقع أن يبايع في عام 1979 + ( 40- 45)

أي ما بين 2019 -2024 ميلادي
و حسب التقويم الهجري القمري مابين 1440 -1445

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نـور ـــــــــــــــ

هذا اجتهاد بشري قابل للخطأ و الصواب و الله تعالى أعلم

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 5 =