كيف يحاربك ويغويك الشيطان يوميا وأنت غافل

هل تعرف الشيطان؟ هل تعرف كيف يحاربك يوميًا وأنت لا تشعر؟

– كتبه : سائح في الوجود

كيف يحاربك ويغويك الشيطان يوميا وأنت غافل
كيف يحاربك ويغويك الشيطان يوميا وأنت غافل

لو حدّثتك الساعات الطوال لوصلنا إلى طرف من عالمه الغامض. ..
‏وددتُ أن هناك آذانا صاغية حتى أقرّب الصورة عن هذا اللعين وعالمه الرجيم وحجم عداوته معنا .

سأبدأ من فوق… من هناك في الساحة العُليا فوق السموات بدأت القصة ذات التسلسل الممشوق والأحداث المثيرة… أعلم أني سآتي ببعض ما يُستنكر ولكن لأن المنكر هو الشيطان فبديهيّ أن يتصل بصاحب المنكر ما هو غريب وغامض…

‏كان الشيطان من أجمل الناس خلقًا (هل هو من الناس؟ نعم لأنه من النَوْس وهو الحركة) وكان من الملائكة على قول جمهور المفسرين، فلمّا خلق الله آدم أُمر بالسجود فاغتر بعقله وجماله ( أأسجد لمن خلقتَ طينا) فجاء الطرد؛ ( فاخرج منها فإنّك رجيم) فهنا انتشى الغيظ في قلب اللعين فأعلن العداوة فشرع يحاول قدر ما يكون في إخراج آدم من الجنّة حسدًا… وانتبه لما سأقول واستحضر القصة جيدًا…

مكث آدم في الجنّة والشيطان خارجها فاستخدم (الحيّة) لمحاولة الزلل، وهذا مشهور في التفسير ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في السنن عن الحيّة (ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ )، والحرب بدأت لما استعملها اللعين في الإغواء ولذلك تجد العلاقة الوثيقة بينهما حاليا في كل شيء .

‏وقع آدم في الزلل (فأزلهما الشيطان عنها ليخرجهما مما كان فيه) فلا يريد الشيطان راحة لآدم وبنيه، وبعد الهبوط من الجنّة إلى الأرض استهدف الرجيم (الجسد الطيني) بالمحاولات التي سأذكرها لاحقا… لكن أين هبط؟

‏كلام كثير من المفسرين يقول أنه هبط في شرق الأرض، وكلام من ينتسب إلى الماسونية التي يرأسها فعلا الدجال ومن خلفه الشيطان تقول أنه هبط في الشرق وخصوصًا في ما بين دولة ( إيران) و (أفغانستان) حاليًا وهذا ما صرحت به (هيلافاتسكي ) زعيمة حركة العصر الجديد…
‏لماذا أقول هذا؟
‏يقول صلى الله عليه وآله وسلم (الفتنة من قبل المشرق من قرن الشيطان)، والقرن هذا بمعنى قوة الشيطان ونفوذه من جهة شرق الأرض، فلذلك تجد أن أكثر الديانات المنحرفة المخترعة من هذه الجهة؛ فالهند أم الديانات عشعش فيها الشيطان وفرّخ وكلها ديانات أرضية.

‏وجاء إلى الديانات السماوية فأدخل فيها ما أدخل وحرفها عن أصلها الصحيح ولذلك قال الله (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا ) أهل الكتاب حُرّف كتابهم من قبل ديانات الشرق، وهذا ما تؤكده الدراسات الآن.

‏ ولاحظ النهي عن السجود وقت طلوع الشمس وغروبها لأن (الشمس تطلع بين قرني شيطان) كما صح في الحديث، وارتباط رمز الشمس بالشيطان ارتباط وثيق لأن الشيطان إله النور لذلك تُسمى الطبقة العليا في الماسونية التي تحكم العالم الآن بالمتنورين… وحركة التنوير التي قامت في أوربا له فيها يد…

‏والآن حقيقة دين اليهود ودين النصارى (الكاثوليكي) دين وثني، ترجع أصوله إلى عبادة الشمس التي كانت في مصر (الإهرامات)، وهذه العبادة حقيقتها عبادة الشيطان، والديانات الشرقية كلها تؤول لهذا الأمر .

‏والعجيب ارتباط الشيطان بقضية الدجال فالديانات كلها تُبشّر بمخلّص، فالبوذية تنتظر مخلصها بوذا والهندوسية كرشنا واليهودية الدجال والنصارى المسيح والرافضة المهدي المسردب؛ كلها تتفق في لحظة خروج المنقذ وحقيقة هذا المنقذ هو الدجال… فالشيطان أنشأ الانحراف والدجال سيحصد. ..

‏ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ما من فتنة إلا وهي تُصنع للدجال) أو ( تتضع للدجال) وكلا المعنيين صحيحان، فالفتن الدينية التي هي الديانات يؤول أمرها إلى الدجال وكل فتنة دون الدجال رحمة لأنّ فتنته أعظم فتنة .

هبط الشيطان إلى الأرض بعدما طُرد ممسوخا بعد جمال (طلعها كأنّه رؤوس الشياطين) فقد كان جميلا ثم مُسخ قبيحا، ومن هنا حقد على آدم وذريته الذي وُهب جمالا فريدا ويوسف أُعطي نصف جمال أبيه آدم كما في الحديث (أعطي يوسف شطر الحُسن ).

‏ يعني جمال أبيه آدم فكان هدف الشيطان تخريب هذا الجمال بالمعاصي فمن شدة حنقه وحقده يريد لابن آدم ما كان له، فلذلك يكون المرء لطيفا جميلا أول عمره ثم بالمعاصي ينقلب محيّاه إلى قبح، يظهر للمتأمل وأحيانا يكون ظاهرا ومن هنا قال ابن تيمية أن الروافض بالكبر تنقلب وجوهم إلى شبه القردة والخنازير لأنه أهل نفاق ومكر بالمعاصي، وهكذا يقول ابن القيم في أهل المعاصي عموما ويؤيده قول ابن عباس ( إن للحسنة نورا في الوجه ) وهو معنى قول الله ( يوم تبيض وجوه ) وهذا جارٍ عليهم في الدنيا نعيم الوجه والروح وأتم ما يكون في الآخرة .

فمن أهداف الشيطان إيقاع ابن آدم في المعاصي وتلويثه بها وخصوصا معاصي (الأكل) كما وقع لأبينا آدم ( فأكلا منها ) وما علاقة الأكل بالشيطان ؟

‏ في الحديث الصحيح (يجري الشيطان من ابن آدم مجرى الدم) فقوة الشيطان من ابن آدم تكون بالدم وضخ الدم في الإنسان يكون بالأكل فتكون سرعته أكبر وأنشط حال وجود الأكل فيشرع في أعماله على ابن آدم من خلال هذا الدم .

‏ فحرصه على الأكل من باب القوة له ولذلك قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان) خطوات الشيطان تبدأ في الأكل وخصوصا الأكل الحرام .. ألا ترى قول النبي لما حث على النكاح ثم قال ( فمن لم يستطع فعليه بالصوم ) لأنه يضيّق نشاط الشيطان .

‏ ومن هذا حث الشرع على الأكل الحلال وربطه بإجابة الدعاء ( فأنّى يستجاب له ومطمعه حرام وغُذّي بالحرام ) لأن الدعاء الصادر من جسد مهزوم في الشيطان، ودمه صاف من نشاط الشيطان أقرب ما يكون لله تعالى بعيدا عن الشيطان فالإجابة له أحرى ممن تمكن الشيطان في جسده .

‏وتأمّل علاقة الأكل بانكشاف العورة ولباس السوء والعري، فلما يأكل المرء المال الحرام لقوة الشيطان من دمه ينزع كل ستر عليه ويقلب حتى مفاهيمه ويضطرب جسده ألا ترى قول الله عن آدم لما أكل من الشجرة ( فبدت لهما سوءاتهما ) وهكذا في عصر العري الآن نرى الانحلال والتفسخ لأن الرأسمالية العالمية والبنوك المركزية قائمة على الربا ومحاربة الله تعالى وأكثر ما ترى من تخبط المفاهيم وكثرة الأمراض من هذا الباب ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )، والتخبط اضطراب في البدن ويتبعه خلل في التفكير حتما وهذا سببه الشيطان.

هبط إبليس إلى الأرض فضادّ الله في صفاته وأفعاله، فاختار اللون الأسود كرمزية للظلام ضد نور الله تعالى الذي بنوره أنار السماوات والأرض وهذا سبب انتشار الشياطين في وقت الظلمة لأنها تنتشي فيه أكثر من النهار فلذلك تنتشر المعاصي الليلية أكثر من النهارية لبعث الشياطين.

‏ ووضع إبليس عرشه على البحر مشابها وندّا لله تعالى (وكان عرشه على الماء) فيريد مضاهاة ربنا جلّ وعلا في كل شيء لكن عرش الله تحفّه الملائكة وعرش إبليس تحفّه الحيات كما في مسند أحمد ( وحوله الحيّات) ولاحظ ارتباط ( الحيّة ) بالشيطان لهذا السبب…

‏والعجيب رمزية ( الأفعى ) في شعار الصيدلة والطب الموجود في الأسواق العالمية أنّه يشير إلى ارتباط الحية بالحياة، وهذا يرجع إلى أن الشركات العالمية في مجال الطب شركات ماسونية ترسل رسائلها الاعتقادية عبر شعاراتها وهذه الشركات ذات صلة وثيقة بعبادة الشيطان .

وأين عرش إبليس ؟ هل هو في مثلث برمودا أم في مكان آخر أم هو متنقل ؟
‏الله أعلم أين مكانه ولا يهمّ معرفة ذلك، وإن قلنا بعد تنقله فلا أميل أنه في مثلث برمودا فجهة الشرق وبحارها أولى أن يكون فيها خصوصا أنّ الدجال طفله المدلل في أحد جزائر المشرق .

ومن مضادّة الشيطان لله تعالى الواحد الأحد هو جمع المتناقضات، فيحب الشيطان الجمع بين الشيء ونقيضه فجلسته المحببة الجلوس بين الظل والشمس، كما في الحديث ويحب المشي بنعل واحد كما في الحديث لأنها تجمع بين المتناقضين …

ومن هنا تعلم رمزية ( الأرضية التربيعية ) في صالات الماسونية وصالات القمار والمؤتمرات الفخمة عالميا ذات الأسود والأبيض التي تدل على هذا الأمر (الشيء ونقيضه)، ولاحظ أن الرأسمالية والشيوعية التي كلها مفرّخة من ( الداروينية ) قائمة على المبدأ .

‏فالسياسة العالمية التي تديرها الماسونية قائمة على مناكفة الضد بالضد لكي يسود الشيطان فلا مانع بهذا المبدأ عند الماسونية أن يقوم الإسلام مقابل النصرانية مثلا ما دام أن الاقتصاد واحتكار القوة في أيديهم فلن يمانعوا بنشر الإسلام والسماح له ولأي ديانة لأنها تخدم القضية الرئيسة.

ومما يُستغرب حظوة اللون الأزرق لدى الشياطين أو بعضهم ولا أجزم بكلهم فآلهة الهندوسية التي هي أم الديانات في الشرق التي أنتجها الشيطان كل آلهتهم بمسمياتها ذات صبغة زرقاء وهذا يذكرنا بحديث في المسند ( إنه سيأتي إليكم رجل ينظر إليكم بعينيّ شيطان فجاء رجل أزرق )، ولهذا يقولون في المثل ( أخذه الجن الأزرق ) ويقصدون بالأزرق اللون الأزرق المختلط بالأسود، وليس الأسود الصرف وهذا مثل سائر نُدرك أن له أصلا وهناك طائفة من الشياطين هوائية زرقاء وهي أعلى طبقات الجنّ ومن أشدّهم بأسا وهذا سبب انتخاب اللون الأزرق لآلهة الهندوس. ..

‏ومن غريب الإطلاقات قولهم في وصف الطبقة الغنية أو الحاكمة في المجتمع ( أصحاب الدماء الزرقاء) ولا أظنّ هذا المثل جاء إلا من وراء ما ذكرته لك، فيُستبعد أن يوصف أحد بالدم الأزرق إلا لهذا الاعتبار، والأعجب منه أن حكام أوربا خصوصًا في بريطانيا وأمريكا وهولندا والنمسا خصوصا هذه البلاد من سلالة واحدة وشجرة واحدة، وهذا ما أثبته كثير من الباحثين الغربيين ويسمونهم بالسلالة الزرقاء وهم من الطبقة الماسونية الحاكمة وليست العليا، فلعل والله أعلم لهذا السبب وسموا بذلك.

ما علاقة الشياطين بخُلق الكبر الموجود في نفس الإنسان؟ وما علاقة الخوف بالشياطين؟

‏لأي شخص منا هالة نورانية لا ترى بالعين المجردة، وهذه الهالة مصدرها الملائكة ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه ) لا تترك الشخص حتى يموت ويسمونها في علم التنمية البشرية (الطاقة) ولنسمّها بالهالة تقريبا للأفهام. ..
هذه الهالة تقوى بأمور حتى تكون كالحصن الحصين من النورانية فلا يكاد أي جسم شيطاني اختراقه، وتضعف بأمور يستطيع الجسم فيها اختراقه والدخول في جسد الشخص وتلبسه وأزّه حيث يريد الشيطان؛ وللتوضيح ركّز على الآتي:

في الحديث عند أهل السنن (ثلاثة لا تقربهم الملائكة منهم الجنب)، فإذا أجنب الشخص ضعفت فيه هذه الهالة وليس من الصعب اختراقها إذا كان الشخص لم يُحصّن فيه، وإن كان الجن قويا فبإمكانه اختراقها ودخول الجسد لذلك كان النبي لا ينام إلا متوضأً تخفيفا لها.

ولذلك من الأسرار الشيطانية أن الشخص المبتلى بأحد الأمراض الروحية من عين أو حسد أو سحر أو مس قد يُبتلى بسعار جنسي يحثه فيه على الزنا أو إخراج المني، المهم أن يكون على جنابة وقد تزيد هذه الحالة الشاذة أثناء الرقية نتيجة تأذي الشيطان نفسه، المهم الجنابة محببة له.

‏ والأغرب من ذلك إذا كان ( العارض = الأمراض الروحية ) قويا يُحبب للشخص نفسه إطالة الأظفار أو إهمالها من غير تعمد لإطالتها لأن الشيطان يحب هذه الصفة = المهم أي شيء يُضعف الهالة يقتنصه الشيطان.

‏ألا ترى فوائد الثوم والبصل الكبيرة التي يُعبّر عنها بـ (الصيدلية) بأكلها تضعف الهالة لأن الملائكة كما في الحديث (تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)، فلذلك لم تكن مرغوبة عند نبينا مع فوائدها لأنها تضعف الهالة التي من خلال ضعفها يسهل على الشياطين استهداف المرء ..

‏والأعجب من ذلك أن الشياطين تقوى طاقتها وناريتها من ضعف هذه الهالة البشرية وهناك أوضاع بشرية إذا فُعلت تنشط فيها الشياطين منها (جلوس الشخص وسط حلقة ما) كما في بعض حضرات الصوفية أثناء الرقص أو الذكر… وهذه جالبة للشياطين بصورة لا يتخيلها عقل ومن هنا نعلم مدى تمكن الشياطين من هذه الطوائف البدعية خصوصا الصوفية ففيها باض وفرّخ الشيطان وأيضا نعلم عظمة هذا الوحي حين قال حذيفة مرفوعا كما في سنن ابن ماجه ( لعن الله من جلس وسط الحلقة).

‏وأيضا نعلم أن الشرع ينهى ويأمر بأمور لا تكون خاصة لنا الإنس فقط، بل لها ارتباط في عالم الجن لا يُدرك أكثرنا حكمتها ولكنّ الله عليم حكيم فسبحان الله العلي الكبير وبحمده، وصلى الله على نبيه وآله.

‏ومن العجب العجاب الذي أعلمه من هذا العالم المعقد الغامض علما يقينيا أنّ حضور ( مبدأ التلقي ) عندك حال وجودك عند ساحر مثلا يفتح الهالة على مصراعيها، ومن الممكن أن يتسلط شيطانه عليك وأنت لا تشعر؛ مثاله لو أتيت إلى ساحر فسألته مجرد سؤال وكان عندك رغبة في إشباع فضول فقط لا تصديق له، فهذا يعني أنك مكنت شياطينه من اختراق الجسد بسهولة وهذا مصداق قول نبينا في مسلم (من أتى كاهنا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما) مجرد سؤال لإشباع الفضول، ولماذا لا تقبل له صلاة ؟

‏عرجنا قبل قليل على الجنب وأن الجنب لا يقرب الصلاة لأن الشياطين أقرب إليه من الملائكة؛ وهذا بالسؤال اقترب منه الشياطين إن لم تكن تلبست به، فالصلاة المقبولة ممنوعة منه كما مُنع الجنب من صحتها والله أعلم.

‏والمعاصي عموما مضعفة للهالة وبعض الأعمال تفتح مناطق نفوذ للهالة، وإن كانت الهالة موجودة منها (المدح) في الوجه فمن أساليبب السحرة إن لم يتمنكوا من مرادهم من شخص مدحوه في وجهه عمدا لأن المدح يُسرّب (الكِبر) للممدوح أو ( النفخة ) له ( أعوذ بك من همزه ونفخه ونفثه)، فلذلك جاء النهي عن المدح مطلقا وقال ( احثوا في وجوه المداحين التراب ) تذكيرا بأصل الإنسان الذي بذكره يتقازم الكبر في القلب ألا وهو (التراب)، فهذا المدح يخلخل الهالة ويفتح ثغراتها.
وهذا المدح لأنه سبيل لباب الكِبر، والكِبر هو الخلق الذي بسببه طُرد الشيطان (إلا إبليس أبى واستكبر) يحبه هذا الرجيم جدا جدا فلذلك تجد الكبر خلف كل كفر .

هذا الكِبر يفتح ( الهالة ) ويغري الشياطين بالهجوم على الشخص أيّما لأنه مشابه للخلق الشيطاني وإذا تمكن الشيطان من المتكبر أعماه عن الحق وفسدت بصيرته وتأمل قول الله تعالى (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض) لماذا يُصرفون؟ لأجل الكِبر الذي به يتمكن الرجيم من إعدام البصيرة.

ألا ترى قول السلف ( الحكمة عند رأس كل متواضع ) لماذا الحكمة عند رأس كل متواضع ؟

‏لأن الحكمة تعبير عن البصيرة الشفافة التي تضع الأمور في نصابها الصحيح، والمتواضع بعيد عنه الشيطان بخلاف المتكبر الذي ضيّف الشياطين مجانا في قلبه حتى سكبوا الضلالة في بصيرته .

وتأمل قول نبينا في علامات الساعة (وإعجاب كل ذي رأي برأيه) الذي هو شُعبة من شُعب الكِبر، وذلك لتسلط الشياطين علينا في هذا الزمن فلذلك اختلف الأفهام حاليا وقلّ أصحاب البصائر لأنّ هذا الزمن هو زمن الشياطين، وهذا سأحكيه في تكملة السلسلة بإذن الله تعالى .

وانظر إلى ارتباط الحكمة بالنبي صلوات ربي وسلامه عليه (ويعلمهم الكتاب والحكمة) والحكمة هنا السنّة، ولماذا سُميّت السنة حكمة ؟ لأن باتباعها يصيب المرء ويقلّ خطأه .. وارتباط العبودية فيه (الذي أنزل على عبده الكتاب) (سبحان الذي أسرى بعبده) ولاحظ أن إنزال الوحي مدعاة للكبر وإسراءه ومعراجه أيضا مدعاة للكبر .. لذلك نفى الله تعالى عن رسوله هذا بقوله (عبده) كلفظ عالٍ في التذلل والتواضع، وهذا ما يبغضه الشيطان فلذلك كلما كان الشخص أكثر تواضعا كان أقرب للإيمان، وهذا قولهم (ما اتبع محمدا إلا ضعفاء مكة) وقوله ( الإيمان يمان والحكمة يمانية).

‏ولهذا من اتبع الوحي كان أكثر حكمة وبصيرة لأن الاتباع من لازمه ذلّ الباطن وخضوعه، ولهذا لما كثر الكبر في هذا الوقت بتسلط الشياطين كان العالم أكثر جنونا واضطرابا وأقلّ بصيرة ونورا.

ويأتي الشيطان لاستهداف ( الجسد الطيني ) الذي من أجله طُرد من الجنة ولُعن، ومن الأسرار ارتباط الماء والتراب بالشفاء من أمراض الشيطان كالعين والحسد (وإذا استُغسلتم فاغسلوا) ( باسم الله تربة أرضنا يُشفى سقيمنا )، فالماء والتراب سبب لطرد أمراض الشيطان كما أنّ الجسد الطيني لآدم سبب لطرده من الملكوت الأعلى حين أبى واستكبر ومن تلك اللحظة كان يقصد تدمير هذا البدن وإفنائه قبل وجوده كما مرّ سابقا في تشويه خلقته الجمالية بالمعاصي .

‏هنا وقبل تكوّن ابن آدم وحال كونه نطفة يحاول قتل الحيوانات المنوية، وهذا معنى قول الذكر الصحيح (اللهم جنبنا الشيطان) من أن يُفسد الممارسة ابتداء وحال سريان النطفة وبعد تكونّها هو معنى قوله (وجنّب الشيطان ما رزقتنا) من إضراره في دينه بعد ولادته وإضراره في بدنه قبل ولادته .

وهنا تعلم أن سبب الإعاقات البدنية التي تكون للمولود خصوصا الحالات العقلية سببها الشيطان لأن الله يقول (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، فكل مخلوق حال تكوينه يكون بأحسن تقويم وحالة الإعاقة طارئة بسبب تدخل الشيطان، أعلم أنك مستبعد هذا الكلام لكن هو عين الحقيقة.

وأحدثك بأمر يفهمه كثير من الرقاة الصالحين أنّ أحد موظفي (الأطفال المعاقين مبكرا) يقول إذا جاء وقت النوم في أوقات نادرة نُعلي على قناة القرآن فنمرّ عليهم ونرى أكثرهم في حالات تشنجية وبعضهم ينظر إلينا بعين لامعة تبرق في الظلام مما يجعلنا نغلق القناة قهرا.
هذا الأمر يقوله ولا يُدرك أبعاده لأنه غير مطلع على مثل هذه الأمور، ولو علم أن سبب هذا التسلط الشيطاني وكان بالإمكان التحصن منه بلزوم الذكر الوارد وأن الشفاء منه لو حصل بالقرآن لتقلصت مثل هذه الهيئات التي تُعنى بشأن الإعاقات المبكرة عافانا الله وكل مسلم .

وأثناء الحمل يحاول إسقاطه وله جنّ يختصون بهذا الشأن ويُسمون شرعا (أم الصبيان) إن ثبت فيها الحديث وفي عُرفنا تسمى (التابعة) وهم نوع من الشياطين يتتبعون الحمل لإسقاطه، وكلما كانت الأم غير مُحصّنة بالأذكار كانت لها الشياطين أقرب .

فالعداوة قائمة بيننا وبينهم، والحرب على قدم وساق ولا هازم لهم إلا (القرآن والأذكار واللجوء إلى الله) وبهذا نُدرك قول الله ( إنّ الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)، وبعد الولادة وأثناء خروج الطفل يطعن الشيطان في هذا المولود حتى يستهل صارخا من طعنة الشيطان ففي الحديث (ما من مولود يولد إلا ويطعنه الشيطان إلا ابن مريم) إلا عيسى عليه السلام لا يستطيع عليه .. لماذا؟

‏لأن الذي يقتل الشر الجسدي ( الدجال ) هو عيسى عليه السلام، ولن يستطيع على هذا الشر الجسدي إلا من لم يقربه الشيطان أبدا فهو (الخير الجسدي) فلم يُسلّط عليه وهو الذي يتسلط على الدجال .

‏ولا يزال الشيطان مترصدا لابن آدم في جميع تنقلات حياته ومراحل عمره وله في الأطفال نهم في قتلهم أو خطفهم ففي البخاري قال عليه الصلاة والسلام (إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن للجن انتشارا وخطفة) يعني أنها تنتشر في إقبال الليل وتختطف أيديهم الأطفال وتضرهم إن لم تأخذهم.

وقد نستبعد مسألة الخطف لأننا مأمون منها، ولله الحمد لكن في أجيال سبقت كان هذا مذكورا ويضربون فيها الأمثال الشعبية التي أصبحت في العصر الحديث عرضة للتندر والتفكه.

واستحضر معي مجامع الماسونية الحديثة التي في حقيقتها تعبد الشيطان مثل ( الفاتيكان – الجمجمة والعظام – النادي البوهيمي – المافيا لأنها تبع للماسونية) ومدى ارتباط قضايا اغتصاب الأطفال واللواط فيها، وهذا لأنها طقوس يُتقرب بها إلى الشيطان.

وسأذكر أمرا لعل الأكثر لا يفهمه لكني أراهن على استيعاب القراء والتنبه لها في قابل الأيام سيؤكد عليها، وهي أن بعض الشهور يحب الشيطان فيها سفك دماء الأطفال مضاهاة لذي الحجة الذي تُسفك فيه بهيمة الأنعام لله تعالى، فلذلك تجدون المجازر الدموية التي تتقصد الأبرياء من الأطفال كثيرا، في هذا الشهر الذي سأذكره من طرف الأمريكان باعتبار أنهم القوة الموجودة في بلاد المسلمين وفي نفس الوقت هم ذراع للطغمة الماسونية وتكثر هذه الجرائم في شهر (٤) تحديدا وكل هذا يُفعل باسم ملاحقة إرهابيين وحقيقته شهود الشيطان لسيل من دماء الأطفال كقربة له .

وقد يؤذي الشيطان الطفل بأمور أخرى لأنهم أضعف تحصينا، فيسلط عليهم العيون الحاسدة من الناس فلذلك يُشرع الرقية على الأطفال دوما لأنهم لا يعبّرون عن آلامهم ولا يفهمون ما بهم والرقية خير ما يُحفظ به الطفل .
‏ثم يُكمل الشيطان إثخانه في ( الجسد الطيني ) فيسحر عين الإنسان وركّز هنا على العين لأن العين هي البوابة إلى سحر النفس وانبهارها وذبولها؛ ففي السنن يقول صلى الله عليه وسلم ( إن المرأة تُقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان) يعني أن الشيطان يُزيّن للرجل شخص المرأة فيرغبها أكثر من رغبته لحلاله لأن الشيطان افتعل سحر التزيين في عينيه.

فلذلك يحرص الشيطان على عين الإنسان فبكثرة الالتفات والنظر أثناء المشي كي ينشغل فكره بما لا يقدر عليه ويتحسر على ما عنده، وهذا عام في كل زينة ولهذا كان هدي النبي قلّة الالتفات والتلفت في المشي ونهى الله نبيه عن التطلع (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم )، فالباب لوقوع التذمر في القلب والشح والحرص هو أن تسبح عينك في زينة الأرض وللشيطان هنا نفخ في قلب الرائي فإن العين ترى ما لا تقدر عليه على غير ما هو عليه فترى المرأة الفلانية أو المطمع الفلاني على غير حقيقته لأن الشيطان استطاع أن يسحرك عينك بتخييله .

وانظر في ذلك زينة السماء (ولقد زيّنا السماء) وكيف الناس تعرض عن التفاعل والتفكر والاستمتاع بها لأن الله يقول (وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون) لأن الشيطان غشى على الأبصار فلا ترى إبداع الله في الكون كما غشى البصائر فلا ترى الحقائق ..

وفي المقابل لاحظ كيف عمل الشيطان في أعين الناس حين قال ( لأزينن لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين ) وهذا الغواية طريقها زخرفة الأرض لجذب الناس لها، وهذا كما تشاهد مع الفارق بين زينة السماء والأرض تجد الناس مسحورة بزينة الأرض ..وهذا الانفجار الإغوائي في زينة الأرض تدبير شيطاني لا يشعر به، فكأن الأرض حين تراها من بعيد متلألأة كالنجوم كأنها تضاهي زينة السماء لكن هذه الزينة يراد بها الغواية وزينة السماء يراد بها الهداية…

وهذه سنوات الدجال وسحب الناس لهذه الحضارة رسم شيطاني حتى إذا حان وقت خروج الدجال تعطلت تلك الحضارة وعاد الناس كما كانوا في حيرة وجوع وضياع مما يحصل خرج الدجال بقوته ليخضع له الناس بعد دمار حلّ بها وكل هذا تخطيط شيطاني ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون ..

ولو بحثت عن علماء الثورة الصناعية في القرون الثلاثة الأخيرة لوجدت انهماك كثير منهم في أنواع السحر خصوصا السحر الأسود وارتباطهم بالشياطين وخذ مثالا على هذا نيوتن – سبينوزا – آينشتاين – داروين – وغيرهم من علماء الطليعة الأوربية في كل مجال.

ولا أنكر قيمة البحث الإنساني والجهد البشري في هذا لمصالح دنيوية بحتة فهذا متحقق في كثير منهم، لكن أيضا الكثير وخصوصا الدفة الحاكمة ( الماسونية ) كانت تهدف لهذا الأمر وانظر عين الشيطان في الدولار الأمريكي الذي يدل على رمزية المراقبة والتحكم في العالم، وهذا الدولار من ألغاز العصر وله شيفرة خاصة ذات مدلولات معيّنة والعين الموجودة فيه لها علاقة بالشياطين فمن أقوى أنواع السحر الشيطاني القتل بنظرة واحدة، وهذه لا تكون لأحد إلا لطبقات متقدمة جدا في خدمة الإنس للشياطين وقانا الله شرهم .

ولا يزال الشيطان يوجه ضرباته على ابن آدم فيكمش فاعلية ( الأذن ) بالسيطرة عليها وصدّها عن الذكر ففي الصحيحين عن ابن مسعود أن رجلا نام عن صلاة فقال صلى الله عليه وسلم ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه )؛ نعم بال الشيطان في أذنيه فأثقل الذكر في أذنه فلا يسمع إلا دبيبا وبعضهم يثقله الشيطان عن صلاة الفجر فيصمّ أذنه عن سماع أذانها، فلذلك أُمر المؤذن أن يرفع صوته بالنداء كي يقاوم مفعول الشيطان في أسماع الناس فيهزمه بإيصال الصوت (لا يسمع صوت المؤذن حجر ولا مدر إلا شهد له)، ولآلات المعازف نصيب الأسد في إرساء الثقل والصمم في الأذن فهي مزمار الشيطان ولبعض الإيقاعات الموسيقية خاصية في استدعاء الشياطين خصوصا أغاني الروك والبيتر الغربية ففيها إذا تم سماعها بالعكس ترانيم تمجد الشيطان .

ولبعض هذه الأغاني مصفوفة سحرية تسمى ( المخدرات السمعية ) بمجرد سماعها يتلبس سامعها بحالة من المتعة والنشوة وبمجرد تركها يحن لسماعها مجددًا، وهي حالة سحرية تتمكن الشياطين منه عن طريق السمع .

ويواصل الشيطان طريقه في حربه على ابن آدم فيتسلط على ( أنفه ) كي يحرمه عنصر الحياة في لحظة الراحة ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم من نومه فلينتثر فإن الشيطان يبيت على خيشومه )، يريد تعكير صفو النوم عن طريق تضييق قنوات الاستنشاق فلذلك أُمر المؤمن بالمبالغة بالاستنشاق حتى يصل الماء إلى مناطق مكث الشيطان فيطرده في حجرات الأنف ولذلك تكثر حالة الاختناق في الليل للمصابين من الشياطين من هذا الباب .

ومشكلة الجيوب الأنفية أو انسداد الأنف من غير علّة مرضية واضحة أحد أهم علاجاته البخور بالحبة السوداء، ودع عنك التحذيرات التي تقول إن البخور بالحبة السوداء يسبب السرطان لأنه السرطان أصلا سببه الشياطين وسآتي على هذه لاحقا بإذن الله .

‏ويقفز الشيطان من هذه الأعضاء إلى أعضاء أهمها (العقل) وشبكته المعقدة التي خلقها الله تعالى البديع فيركّز على ( الذاكرة ) فيحاول إضعافها، ولذلك تجد كثير من المصابين يعاني من تفلت المعلومات أو كثرة النسيان لدخول الشيطان في هذا.

‏يقول الله عن صاحب موسى (وما أنسانيه إلا الشيطان) فالشيطان يعمل على مركز الذاكرة ولذلك قالوا صاحب القرآن لا يخرف، لأن الشيطان بعيد عن صاحب القرآن فالذي يملأ عقله بخير كلام يهابه الشيطان ويخاف قربه خصوصا في مستودع الحفظ، والهدف من هذا التسلط على ( شبكة العقل) تغيير مسار التفكير الفطري الذي يُذّكر الإنسان بالفطرة التي تقر بالخالق والعبودية له والانجذاب إليه كما قال الله ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ) والاستحواذ تمام التمكن والسيطرة .

وحتى أقرّب لك الصورة أكثر لاحظ ميل النفس إلى الهدوء والقرآن والطاعة إذا قام الإنسان من نومه خلاف ليله وسرّ هذا أن الروح أثناء النوم تصعد إلى الله تعالى مع اتصالها بالبدن ( فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى) فهذا الصعود تعود الروح فيها إلى جلائها ونقائها لقرب عهدها بربها بخلاف إذا اختلطت بالحياة والناس فتتلوث وهكذا العقل كلما كان مشحونا بكلام الله وبذكره كان تفكيره أقرب للصواب ممن ابتعد عنه .

ولهذا الأمر يحاول الشيطان تعطيل الراحة على الشخص وقت نومه ( وجعلنا نومكم سباتا ) فيحاول تعكير نومه حتى يُشغل عقله وإذا انشغل عقله كلّ وملّ فلا يستطيع تفكيرا صحيحا ولا تدبيرا رشيدا .
فيأتي يعقد العُقد السحرية على النائم ويعبث به في المنامات المزعجة أو يمده بنوم ثقيل كما في الحديث ( نم عليك ليل طويل ) فلذلك ينبغي المحافظة على أذكار النوم والوضوء والصلاة قبل النوم ما استطاع المرء حتى يفر منه الرجيم الملعون .

ولا يترك الشيطان الإنسان حتى يذره صريعا شقيّا فيحاول إمراضه وإضعافه في بدنه بأقوى الأمراض فقد قال أيوب (أني مسنّي الشيطان بنصب وعذاب) فقد كان مرضه بسبب الشيطان أما تسببا أو مباشرة وقد كان شفاؤه بالماء البارد (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) والشيطان يتأذى من الماء البارد غسلا وإذا رأيت الشخص يعتاد الماء الحار من غير سبب فاعلم أن هذا مؤشر مس لأن الشيطان يألف نوع هذا الماء، ويكره الماء البارد خصوصا التي لم تتدخل فيه يد الآدمي كالأمطار أو العيون ..

وقد يسبب الشيطان أمراضا في عرف الطب الحديث من الأمراض العصيّة التي يصعب علاجها بسهولة مثل الطاعون والسرطان وقد ثبت عن النبي (فناء أمتي بالطعن والطاعون) قالوا فما الطاعون؟ قال (إنه وخز أعدائكم من الجن) فهذه الأمراض من أمراض الجن وليست من أمراض الإنس ،وعلاجها الأول بالقرآن وخاصة سورة البقرة ففيها تدمير لخلايا الجن المنتشرة في الجسد ولها علاج طبي لكن لا ينشرونه لقصد انتشار الشياطين، وليس الهدف من التكتم عليه ماديا كما يروجون ..

وهذا العصر عصر انتشرت فيه الشياطين لأنها سنوات الدجال التي تسبقه فتكثر الشياطين ممهدة له وسيأتي زمن ستُرسل فيه الشياطين الملجمة والمقيدة في البحار وفي أجواف الأرض تكون بين يدي الدجال وأمام عينيه وهؤلاء هم أعتى أنواع الشياطين ..

وهذا الانتشار الموجودة في البلاد الإسلامية من قِبل الشياطين مقصود من أطراف الماسونية ويهود الكابالا وقد بثوا أنواعا من أسحارهم في مشاربنا وطعامنا وقد تستغربون هذه المعلومة أن نوعا من سحرهم وضعوه في علب (المشروبات الغازية بيبسي وكولا) وشربه كثير من الناس خصوصا في الجزيرة، هذا الأمر مما لا أستطيع إقامة الدليل عليه واضحا جليا لكن لاحظوا في أحوال الناس وتغيرهم المفاجىء وشيوع الأمراض المخوفة فيهم ستدركون طرفا مما ذُكر ..

‏ألا ترى قول النبي ( لا يدخل الدجال ولا الطاعون المدينة ) وفي بعض الروايات ( مكة ) وذلك أن الدجال رأس الشياطين والطاعون من أمراض الشياطين فلا يدخلها لأنها محمية بالملائكة الذين تنفر منهم الشياطين ..ولا يقتصر الشيطان بنشر أمراضه بل قد يتحكم بأعصاب الشخص إذا كان قويا ففي الصحيح قال النبي ( لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح لعل الشيطان ينزغ يده ) يعني قد الشيطان ينزغ عرقا في ابن آدم فيضرب أخاه في لحظة ذهول .

وقد يُسيّره وهو يعتقد أنه مسيّر بكامل إرادته وذلك لتحكم الشيطان فيه ففي الصحيحين في حديث السترة (فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان) بمعنى أن الشيطان دفعه لهذا الفعل وهذا من ضعف التحصين عند ابن آدم .ومن مواطن استهداف الشيطان لابن آدم ( إفساد التصورات بالتأويلات ) وهذا يضاد قول الله تعالى ( ووضع الميزان ) ومن الميزان تصور كل شيء على ما هو عليه بوجهه الصحيح، وتأمل كيف خرج آدم من الجنة حين قال له الشيطان (هل أدلك على شجرة وملك لا يبلى ) وزاد هذا الإغراء بنوع من الهالة الشرعية حين أقسم له ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) فزلّ آدم عليه السلام بسبب هذا التأويل الفاسد والتصور المخالف للحقيقة عن طريق تخيّلات شيطانية رسمت له صورة ومفهوما مغاير للواقع .

وهذه التأويلات الفاسدة التي سببها الشيطان هي أول فتنة في الإسلام حدثت بعد النبي عليه الصلاة والسلام ففي المسند لما أمر بقتل الرجل الذي يصلي فلم يقتله أبوبكر ولا عمر ولا علي لأنه لم يُدركه قال ( أما لو قتلتموه لكان أول فتنة لهذه الأمة وآخرها) لأنه من الخوارج الذين خرجوا على عثمان فكان هو أول الفتن وكما قال حذيفة (أول الفتن قتل عثمان وآخرها الدجال) وأخبر النبي أن الخوارج يخرجون في عرض الدجال يؤيدونه ويناصرونه لأن تأويلهم وتصورهم سببه شيطاني فيقاربون شيطان الإنس ويتبعونه الذي هو الدجال .

وتأمل قول النبي عليه السلام في أن الخارجي أول الفتن ورأسها لأن الخوارج همهم وهدفهم الحكم فيناهضون الحكام الشرعيين ويقاتلونهم وهذا عين ما نقمه الشيطان على آدم حين قال الله (إني جاعل في الأرض خليفة) فنقم عليه وحسده كيف هذا الجسد الطيني يُفضّل عليّ ويحكم الأرض ..فأتى إليه وإلى ذريته في باب الحكم وتأمل حال الإنسان في باب ( الحكم ) كيف يفعل وكمية الدماء التي سالت بسبب هذا الأمر .. حتى أن الإنسان يتجرد من إنسانيته ويصبح شيطانا لا حرمة لدم ولا لأب ولا لأي عنده في هذا الشأن ..

‏ومن فساد التصورات التي يسعى إليها الشيطان محاولة الخلط بين الحق والباطل في باب ( الرؤى ) فالرؤيا من الله كلها خير وحق فيأتي للبس الحق فيعرض أحلامه وتخاويفه وتشويشه على النائم ليُفسد تصوره ونفسه ولتغيب الحقيقة المنامية التي هي بشارة أو نذارة له فلا يميز النائم فيها .

ويلعب الشيطان أيضا على ( المشاعر ) و ( والأماني ) فيأتي إلى ابن آدم فيلمّه لمة شر وينفث في صدره ونتاج هذه اللمّة كما قال صلى الله عليه وسلم ( فلمّة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق ) فيُشحن الصدر بالمخاوف المستقبلية والشكوك في الله ..

‏فإذا اقترب من المعاصي وزاولها ذهبت تلك اللمّة واطمئن وهذه الطمأنينة مبعثها الشيطان وهي مخادعة سرعان ما تزول إذا حقت الحقائق ولو دافعها ابن آدم باليقين وحسن الظن بالله لانقلبت تلك المخاوف إلى طمأنينة ربانيّة، ومن تلك المخاوف التي يبثها في قلب ابن آدم ( الوعد بالفقر ) (الشيطان يعدكم الفقر) فإن استقر هذا الأمر في النفس عاش طول عمره لاهثا في سراب المال خشية الفقر وانظر إلى عصر الشيطان الآن (الرأسمالية) كيف صنعت هذا الأمر في نفوس الناس ..

‏وتأمل موقع آية ( الشيطان يعدكم الفقر ) تجدها بين آيات الإنفاق وبعدها آيات الربا فالإنفاق علامة الانحياز إلى الله والربا علامة الانحياز إلى الشيطان، فلذلك اقترن الشيطان بالربا ( كالذي يتخبطه الشيطان من المس ) وكيف أن عصر الشيطان الآن قائم على الربا ( الرأسمالية ) ومن خلال آيات الإنفاق قال الله ( والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم ) واسع في فضله واسع في كرمه واسع في خرائنه ولكن الشيطان ضيّق هذه السعة بتلك المخاوف والهواجس من الفقر وأشعل اسطوانة المستقبل في القلوب فلم تعد العيون إلى حلكة الظلام عن شعاع الشروق ..

‏وكم يحترق الشيطان من الإنفاق والصدقة وأبغض ما يكون عنده هذا الأمر وذلك أن الصدقة تطفىء غضب الرب وسبب إطفائها غضب الرب لأن الصدقة تطفىء حرارة جوف المسكين وحرقة حاجته فكان الجزاء من جنس العمل وهذا يُشعل الشيطان نارا على نار لأن الله يرضى وهو يغضب .

‏ومن جملة المخاوف التي يلقيها الشيطان في القلب ( الخوف ) من أصحاب المعاصي فإذا ذهبت شعيرة النهي عن المنكر تسلط الشيطان في قلوب المؤمنين فألقى في قلوبهم الوهن والخوف فلذلك أشد ما يكون فيه الشيطان فرقا وخوفا حال ( الأذان ) أدبر وله حصاص .. لماذا كل هذا الخوف ؟

‏لأن الأذان أمر برأس المعروف ونهي عن المنكر على وجه شعائري يعم الناس فلذلك يكرهه الشيطان، وكذلك الجهاد إذا تركه المسلمون ألقى الله في قلوبنا الوهن عن طريق الشيطان لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورة الجهاد غابت فهبنا العدو (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه )

أي يخوفكم بأوليائه، وكذلك إذا أراد الشخص النهي عن المنكر اعترضت عليه التأويلات والحكمة الجبانة والرزانة الخوارة بسبب ما ألقى الشيطان في قلبه من المخاوف (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) فكلما ارتفع الإيمان نفض الشيطان يديه وابتعد خوفا وفرقا من المؤمن .

‏نسأل الله الحفظ منه
‏تمت السلسلة ولله الحمد مراعاة للقارىء، واسأل الله النفع والسداد والهداية والرشاد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة − خمسة =