قراءة في الحوار الذي جرى بين المالكي والشويقي : حول إرادة الشعب وأثرها في مرجعية الحكم

1ddfb d981d8a4d8a7d8af2bd8a3d8a8d9882bd8a7d984d8bad98ad8ab
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، ومن والاه، أما بعد فقد :
اطلعت على المناقشة المفيدة التي جرت بين الشيخين الفاضلين الذكيين : بندر بن عبد الله الشويقي ، وعبد الله بن محمد المالكي – وفقهما الله ، ونفع بهما – بعد انتهائها ، وقد جمعتها في ملف واحد مرتبة ترتيبًا زمنيًا من بدايتها بمقال الشيخ عبد الله المالكي : ( أيهما أحفظ للشريعة .. أن تكون مرهونة بإرادة الحاكم الفرد .. أم بإرادة الشعب ..) إلى آخر تعليق في الموضوع ، وهو تعليق الشيخ بندر الشويقي الذي أعلن فيه أنه ( قد حزم أمتعته واختار الانصراف الطوعي ) عن الحوار .
ولم يكن السؤال واضحًا ، ولا سيما في أوائل الحوار ، على الرغم من صياغته بصيغ عديدة ؛ تنقسم إلى نوعين :
النوع الأول :
1- من يطبق ويجسد الشريعة في واقع الحياة ؟
2- الناس … أيهما أحفظ وأضمن .. أن يكون أمرهم بيد فرد واحد من بينهم أو عصابة أقلية لها الإرادة المطلقة والحكم المطلق .. أم يكون هذا الأمر الجليل العظيم بيدها .. بحيث لا يستطيع أحد (كائنا من كان) أن يعتدي على حقها في ذلك ؟ أيهما أضمن وأحفظ وأقرب لمقاصد الشرع ؟
3- أيهما أبقى للشريعة وأحفظ لها من التحريف والتزوير والعبث والاستغلال أن تكون / تبقى تحت ولاية الأمة المعصومة بمجموعها أو تحت ولاية الفرد الواحد المستبد ..؟
4- كيف نجسد هذا القانون الذي اكتسب شرعيته من الكتاب والسنة والإجماع في أرض الواقع : عن طريق الأمة أم عن طريق الحاكم الفرد الذي … أصبح هو الذي يحدد ما هي الشريعة ؟ .. أيهما أضمن وأبعد عن الهوى والتحريف والعبث.. الأمة بمجموعها أم الحاكم الفرد ..؟
5- ما هو الأضمن والأحفظ والأبقى والأصلح للشريعة : أن يكون تطبيقها مرهونًا بإرادة الحاكم الفرد المستبد أم بإرادة مجموع الأمة المسلمة .. ؟
6- من المكلف بتطبيق الشريعة ؟
النوع الثاني :
1- قول السائل (الشيخ عبد الله المالكي) في أول مقال : وللتنبيه فأنا هنا أتكلم عن تحديد الشريعة كمرجعية ، وليس عن تحديد تفاصيل الشريعة .. فتحديد الحلال والحرام هو من اختصاص الخبراء الذين شهد لهم الناس بالأهلية ..
2- من يملك القرار (من له الإرادة والقدرة) في جعل الشريعة مرجعية في الحياة ؟
3- ما هو الأصل في الشريعة : أن يبقى قرار تطبيقها : بيد الأمة المسلمة أو بيد الحاكم الفرد المستبد … الناس الذين آمنوا بها أم بيد واحد منهم .. بيد الأمة بمجموعها أم بيد الحاكم الفرد ؟
4- ما هو الأبقى والأحفظ للشريعة من التحريف والعبث : أن يكون قرار تطبيقها بيد الناس الذين آمنوا بها أم بيد واحد منهم .. بيد الأمة بمجموعها أم بيد الحاكم الفرد المستبد المغتصب .. أيها أحفظ .. أيهما أضمن ؟
5- من يجعلها مرجعية للدولة ودستورا لها ؟
6- من الذي يملك حق القرار في تطبيق الشريعة من عدمه ..؟
7- من يختار الشريعة كمرجعية للتشريع ؟
فهذه الصيغ تعني أن تحديد الشريعة مرجعًا للحكم من معنى تطبيقها ، وهو أول تطبيقها، والسؤال عمن يحدد الشريعة مرجعًا للحكم في المجتمع المسلم غير وارد ؛ لأنه أمر مفروغ منه، ولا خلاف فيه بين المسلمين ، ولا يجوز أن يختلفوا فيه .
والأصل في المجتمع المسلم أن يختار أهل العلم وأهل الدين من ولاة أمور المسلمين من يحكم المجتمع بما أنزل الله ؛ لكن من استولى على الحكم بالقوة ، واستتب له الأمر ؛ فهو حاكم مطاع ؛ إذا حكم بكتاب الله ، ولا يجوز الخروج عليه ، وإن كانت الطريقة التي تولى بها الحكم غير جائزة .
قال العلامة الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/5) : ( وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب ، والجهاد معه ، وأن طاعته خير من الخروج عليه ؛ لما في ذلك من حقن الدماء ، وتسكين الدهماء ، وحجتهم هذا الخبر : [من رأى من أميره شيئًا يكرهه ؛ فليصبر عليه ؛ فإنه من فارق الجماعة شبرًا ؛ فمات إلا مات ميتة جاهلية ] وغيره مما يساعده ، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ، فلا تجوز طاعته في ذلك ، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها ، كما في الحديث الذي بعده [ قال عبادة بن الصامت : دعانا النبي صلى الله عليه وسلم ، فبايعناه ، فقال – فيما أخذ علينا – : أن بايعنا على السمع والطاعة ؛ في منشطنا ومكرهنا ، وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ؛ إلا أن تروا كفرا بواحًا عندكم من الله فيه برهان ] ) .
وقال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – كما في الدرر السنية (7/239): ( الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان، له حكم الإمام في جميع الأشياء ، ولولا هذا ما استقامت الدنيا ؛ لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ، ولا يعرفون أحدًا من العلماء ذكر شيئًا من الأحكام لا يصح إلا بإمام ) .
فطاعة المستولي على الحكم بالقوة استثاء ، ولا يصح أن تعقد مفاضلة بين الأصل والاستثناء ؛ فلا شك أن الأصل أفضل …
هذا إذا كان أكثر المجتمع ملتزمين بالشريعة (اعتقادًا وعملاً) ، أما إذا كان الملتزمون بالشريعة هم الأقل ؛ فإن عليهم أن يدعوا الناس إلى دين الله عز وجل ؛ فإن هم أطاعوا لذلك ، وصار الملتزمون بدين الله أكثر ؛ صار الدولة لهم بطبيعة الحال أو نتيجة لذلك كما يقول الشيخ عبد الله المالكي ، وقال بعد أن بين أن الحل في هذه الحالة ( هو دعوة هؤلاء الناس إلى الإسلام .. ومحاولة إقناعهم بمبادئ الإسلام وقيمه ) : (والناس بعد ذلك يقيموا الدولة) .
ولم يبين مصير الأقلية ، كما أنه لم يبين ما الذي يشرع عمله إن كان الملتزمون بالشريعة قلة ، ودعوا الناس إلى دين الله ، (فلم يطيعوا لذلك) ، وكان لهم قوة وقدرة على ( فرض شرع الله على الناس أو إزالة العوائق أمامهم حتى يسمعوا كلام الله أو (حتى لا تكون فتنة) أو حتى تكون كلمة الله هي العليا …) ، وقد قال : ( أما مسألة الجهاد والغاية منها [كذا ، والصواب : منه ] فهذا موضوع آخر ) . والظاهر أنها من الموضوع ، وأن تأخيرها عنه يسبب خللاً فيه .
وهذا غير قوله في الحل الثاني : ( أن تخرج الأقلية على هذه الأمة المعرضة عن شرع الله وتسلب منهم حريتهم وإرادتهم .. وتحكمهم بالشرع وفق رؤيتها بالقوة والعنف والسلاح ) ؛ لأنه لم يذكر أن ذلك يكون بعد الدعوة ، ولا مع استمرارها ، كما نبه على ذلك الشيخ بندر حيث قال : (بالإمكان أن تفرض نظام دولتك المسلمة (إن استطعت) على من تحت يدك من أهل الكفر، ولا يعني هذا أن تعرض عن دعوتهم للإسلام ) .
وقوله : ( وتسلب منهم حريتهم وإرادتهم ) لا يصح ؛ لأن الحكم الإسلامي لا يسلب حرية الناس وإرادتهم ، ولكنه يقيدها …
وقوله : ( وفق رؤيتها ) قد يفهم منه أن سبب الخروج الاختلاف في الرؤية ، والمفروض أن الخروج هنا بسبب المبدأ …
والصحيح في هذه الحالة هو كما قال الشيخ بندر الشويقي : ( فحين يكون المسلمون في قوة ومنعة وقدرة ؛ فهم مأمورون بإخضاع أرض الله لشرع الله. وهذا معنى قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله). فالمقصود هنا إخضاع الناس لشرع الله، وليس إجبارهم على الدخول في دين الإسلام. وقد كان هذا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده ، فهم حين فتحوا الفتوح أخضعوا البلاد للشرع، ولم يلتفتوا لنسبة المسلمين في تلك البلاد ، أقلية كانوا أم أكثرية. ولو علق الأمر حينذاك بالأكثرية، لانتظر الصحابة تطبيق شرع الله حتى يقنع أهل البلاد المفتوحة ويدخلوا دين الإسلام ) .
وقد أورد الشيخ بندر على كلام الشيخ عبد الله أسئلة مهمة ؛ لم يجب عنها الشيخ عبد الله ، وليته يفعل ، ومنها قوله : ( الحاكم إذا كان أمره نافذاً وسلطته مستقرة، هل يجب عليه أن يحكم رعيته بشريعة الإسلام دون التفاتٍ لرأي الأغلبية؟ أم أنه بفعله هذا يكون – في رأيك – ظالماً جائراً مستبداً مغتصباً للسلطة ؟
العقول والآراء تتفاوت…فمن الذي يملك حق فرض نظامه على الآخرين؟
وهل كون فئتك أكثر من فئة غيرك مما يعطيك الحق في فرض نظامك على الفئة الأقل؟
وبأي حق تتحكم الأكثرية في خيار الأقلية؟
وما الفرق بين استبداد الفرد واستبداد الأكثرية حين تصادر خيار الأقلية؟
وإذا حرمنا وجرمنا الفرد الذي يصادر رأي الشعب، فلماذا نبيح للأكثرية أن تصادر رأي جزء كبير من الشعب؟؟
هل الحاكم مأمور بداهة بالحكم بشريعة الله أو أنه مأمور بذلك حيث تكون أكثرية شعبه ترغب ذلك؟ ولو تجاهل رغبة الأكثرية وحكم بشرع الله، هل يكون معتدياً منتهكاً لحق الأكثرية في الاختيار؟ ) .
بل إنه استظهر الجواب فقال : ( أرى سياقات كلامك في تعليقاتك السابقة كلها تتجه إلى أن إخضاع الناس لحكم الله ورسوله يعد انتهاكاً وظلماً واعتداءاً ما لم ترض بذلك أكثريتهم. وأن نبذ حكم الله ورسوله استجابة لرغبة الأكثرية هو مقتضى العدل وحفظ الحقوق المأمور به شرعاً….هذا ما رأيتك تومي إليه وتأبي التصريح به. وهذه النقطة بالذات هي التي حملتني على الدخول هنا ) .
ومما يلاحظ أيضًا في كلام الشيخ عبد الله المالكي ربطه بين حكم الفرد والاستبداد واغتصاب الحكم ، وترديده أنه : ( لا يسلم من الهوى والظلم والطغيان …)، وتفريقه في هذا بين من يغتصب السلطة ، ومن توليه الأمة بإرادتها ، كما في قوله عن عبد الملك بن مروان – رحمه الله – إنه : ( حين اغتصب السلطة دون الأمة وجرد الأمة عن ولايتها على الشريعة .. لم يسلم من الهوى والتبديل وحصل له ما حصل .. غفر الله له .. ولو أنه تولى السلطة كما تولى الخلفاء الراشدون عبر إرادة الأمة والولاية الشرعية بيدها .. لما استطاع أن يبدل ويغير ..) .
وهذا غير صحيح كما ( نقل ابن التين عن بعضهم : لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء ؛ فإن أحدث جورًا بعد أن كان عدلاً ؛ فاختلفوا في جواز الخروج عليه ، والصحيح المنع إلا أن يكفر ؛ فيجب الخروج عليه ) ؛ ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/8) ؛ فلا تلازم بين طريقة تولي الحكم والسلامة من الهوى والتغيير …
ومما يلاحظ أيضًا في كلام الشيخ عبد الله المالكي قوله : ( لا يتصور مجتمع يرفض الإسلام إلا إذا كان مجتمعا قد خرج من الإسلام بالكلية …) .
ولا معنى لهذا الاستثناء إلا إذا أراد التأكيد ؛ لأنه بمعنى أنه : لا يتصور مجتمع يرفض الإسلام إلا إذا كان مجتمعًا قد رفض الإسلام .
ولكن الإشكال ليس في تصور هذا ، وإنما الإشكال في تصور مجتمع يرفض أغلبه الحكمَ أو التحاكم إلى ما أنزل الله ، بدواع مختلفة ، وإن كانوا يتكلمون بالشهادتين ، وينتسبون إلى الإسلام ؛ فهذا ممكن أن يقع ، كما قرر ذلك في مقاله الأخير حيث قال : ( إذا كان ترك الأمة وإعراضها عن الشريعة أمر محتمل – مع أنه احتمال بعيد ومستحيل [ كذا ، ولعله أراد أو مستحيل ] – فترك الشريعة من جهة الحاكم الفرد وإعراضه عنها أقرب وأقوى بكثير .. بكثير جدا .. والصور التاريخية والمعاصرة تشهد بذلك كشهادة الحس ..
علما – وهذا نقطة مهمة جدا لو اتضحت لزال عندك الإشكال يا بندر – وهو أن ترك الشريعة والإعراض عنها أمر وارد ومحتمل من قبل الناس عموما سواء من الحاكم أم من الشعب .. فكما أن الناس آمنوا بالشريعة ابتداء فيحتمل أن يعرضوا عن الشريعة لاحقا ..).
هذا أهم ما في ذلك الحوار (الشيق) الذي (يملِّك) قارئه فوائد كثيرة مما آتى الله الشيخين الفاضلين أو الشابين الجميلين ، كما يقول أبو أسامة …
وفيه مسائل هامشية لا تؤثر في ذلك ( التشويق ) و( التمليك ) – إن شاء الله تعالى – مثل القول بأن الشيخ بندر الشويقي : ( لا يفهم من الديمقراطية إلا ما تذيعه قناة الجزيرة وقناة العربية .. وبأنه لم يجهد نفسه في قراءة الأنظمة والسياقات الديمقراطية المطبقة في العالم .. وأنه لا يتابع الجدل الفلسفي والقانوني حول آليات الديمقراطية وحول إشكاليات هذه النسب وكيفية الوصول إلى أقرب وسيلة لتحقيق إرادة الشعب بشكل سلمي وحضاري ومدني دون عنف أو قتال .. بعيد عن هذه الأجواء النقاشية .. لأنه غير مهتم أصلا .. بإشكالية الواقع السياسي الذي تعيشه الأمة الآن وكيفية الخروج من عنق الزجاجة ) ؛ فمقالات الشيخ بندر وردوده على أبي عمرو وغيره ترد على هذا القول ، وتشهد بأنه من أقوى طلاب العلم الشرعي معرفة وفهمًا لهذه المسائل .
ومثل القول بأن : ( هذا التساؤل : [ من الذي يملك حق تحديد الشريعة كمرجعية للدولة المسلمة: الشعب أو الحاكم الفرد؟ ] لا يصدر إلا من قلب وعقلٍ تشرب صاحبه – مع فضله وسابقته- المسلك العلماني في التعاطي مع التشريعات والقوانين ) ؛ فهذا القول غير صحيح ، ومردود بأنه إذا قصد صاحبه أن الحاكم الفرد لا يستطيع أن يحكم بالشريعة إلا إذا كان أكثر الشعب مؤمنًا بها ملتزمًا لها ؛ فقد أخطأ ، كما سبق بيان ذلك ، ولكنه لم يسلك في هذا مسلك العلمانية ؛ لأنه لو سلك مسلكهم لقال : لا يصلح ، ولا يصح … معاذ الله أن يقول ذلك …
وقد بين الشيخ عبد الله – حفظه الله – مقصوده فقال : ( نأتي للخلل الذي دخل على بندر حينما أسأله : من يختار الشريعة كمرجعية للتشريع ؟
والحق أنني بدأت أشعر فعلا بأن كلمة (الاختيار) كلمة حساسة جدا عند أخي بندر .. وقد يكون لهذه الحساسية ما يبررها ..
…ولكن لو عرف بندر المقصود من (الاختيار) هنا .. لربما زالت عنه هذه الحساسية ..
فالمقصود بـ(الاختيار) هنا .. أي من جهة المشيئة والإرادة الإنسانية التي انعقد عليها ركن التكليف .. وليس من جهة التخيير الشرعي .. فالتخيير الشرعي منتف عن أهل الإيمان .. لأن مقتضى إيمانهم هو الامتثال للشرع .. (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) فحينما نخيرهم في الشرع فكأنما نخيرهم في الإيمان ..
أما من جهة المشيئة فهم مختارون فعلا .. وهذا ثابت فطرة وعقلا وشرعا .. ولا يمكن رفعه .. لأنه لو ارتفع لرفع عنهم التكليف .. فالتكليف قائم على مبدأ (الاختيار) .. أي الاختيار من جهة المشيئة (فمن شاء منك فليؤمن ومن شاء منك فليكفر) الآية .. بل إن اختيارهم للأيمان وللشرع المنزل ابتداء كان مبني على هذه المشيئة والإرادة .. وبالتالي فهي ثابتة معهم حتى يموتوا وإلا رفع عنهم التكليف ..
حينها يأتي سؤال أخي بندر: إذا كان للأمة الحق في اختيار الشريعة مصدرا للتشريع فهل لها الحق في أن تختار رفض الشرع مصدرا للتشريع ؟
الجواب بناء على ما تقدم .. ما المقصود بكلمة (الاختيار) .. إذا كنت تقصد بـ(الاختيار) أي جواز التخيير من جهة الشرع .. فلا يقول بذلك مسلما يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. وإذا كنت تقصد بـ (الاختيار) أي من جهة المشيئة والإرادة .. فلا أظن مسلما عاقلا يفهم الشرع ينكر ذلك .. لأن الله هو الذي خلق فيهم هذه المشيئة وهذا الاختيار .. وإلا لما انعقد التكليف .. ).
ليلة يوم عرفة 1431هـ

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرة − 1 =