هذه بنات افكاري تزف اليكم وهذه بضاعتي اليكم وان كنت قليل البضاعة. فان صادفت قبولا فامساك بمعروف ،وان لم تصادف فتسريح باحسان والله المستعان وعليه التكلان.وارجو الله الا اكون ممن تخدعه الشمس بطول ظله او تغره النفس بكثره وقله. بضاعتي هذه هي كتاب عنونته ب ” شخص وشخصية ” وقد حاولت ان ابلغ فيه غاية الافادة ولم اذخر جهدا لبلوغ هذه الغاية لكني اعلم يقينا اني لست الا انسانا خلق ضعيفا ظلوما جهولا { وما اوتيتم من العلم الا قليلا} فكيف بي اذن ان ابلغ الكمال وهيهات هيهات ويابى الله الا ان يتفرد بالكمال، والنقص في اصل الطبيعة كامن {وما قدروا الله حق قدره}.فما وجدتم في كتابي هذا من صواب فخذ وا به وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه ولا تلتفتوا الى الكاتب بل الى الكتاب . اخوتي لكم غنم هذا الكتاب وعلي غرمه ، لكم صفوه وعلي كدره لكم نوره وعلي بوره ،فارجو ان تغفروا لي اي حشو او اطناب او ركاكة تعبيراو سهو او خطا ، فكل بني ادم خطاء.وها انذا اقولها صريحة : ما كان فيه من خطا فهو مني ومن الشيطان وما كان من صواب فمن الله الواحد المنان .

سيرة ذاتية

هذا الكتاب شانه شان بقية الكتب فيه من الاخطاء والنقصان وياتيه الباطل . ولو عرفتم الظروف التي كتبته فيها لغفرتم لي ركاكته وزلاته . لقد كنت استيقظ من الليل فاكتب سطرا او سطرين , ثم اعود نائما ، فاستيقظ فاكتب سطرين او ثلاثة… واحيانا التقي شبابا او شيبا فاحادثهم فاستقي من كلامهم افكارا شتى ، واني لارى مسكينا اوفقيرا او عابر سبيل او اما تبتسم لولدها او اطفالا بوجوه بريئة نيرة او انظر الى الطائفين والركع السجود في الحج…ارى هذا كله فاكتب.

كنت اداوم على قراءة القران والانصات اليه الى درجة اني اذا رايت مثلا البرق وسمعت الرعد اتذكر { ويريكم الرعد والبرق خوفا وطمعا }، واذا اويت الى الظل اقول { وما يستوي الاعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور}، واذا وقفت اتامل البحر اقول {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} وعندما اكون مريضا طريح الفراش لااستطيع الصلاة قائما بل يشق علي الركوع والسجود فاتذكر {وقد كانوا يدعون الى السجود وهم سالمون}…وهكذا كلما رايت اية من ايات الله الا وعاد بي قلبي وعقلي الى القران . كان القران ربيع قلبي ونور صدري رغم اني لا احفظه كاملا وكانت كتب اهل السنة والجماعة تسترعي اهتمامي خاصة كتب ابن حجر وابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم واحمد ابن حنبل وابن باز وابن عثيمين والالباني …احاول التشبه بهم وان لم اكن مثلهم…اين انا واين هم ؟… حقيقة الكلمة تقوى الله وكفى.

لم تكن لي خزانة ولا حاسوب ولا طاولة ولا مقعد ولا كرسي متحرك ولا مال كثير لشراء الكتب او للابحار عبر الانترنت او لمراسلة المعاهد والمنظمات الثقافية…هذه الاشياء كنت اراها عند بعض الاشخاص مع ذلك لم اكن احسدهم ولا اغبطهم لاني اومن ان المعاناة هي التي تولد الابداع والواقع يشهد . فلو كنت املك من المال الكثير وكان لي من متاع الحياة كل ما راته عيناي ما فكرت هذا التفكير وما اصررت هذا الاصرار لكتابة هذا الكتاب ، فالحمد لله على كل شيء.

قد ينعم الله بالبلوى وان عظمت ** ويبتلي الله بعض القوم بالنعم

ولو تراني وانا اعمل كاجير بسيط في احدى الضيعات الفلاحية ، فحينما اعمل تراودني افكار فاخاف ان تطير مني فاخذ في تكرارها مرات ومرات حتى احفظها ، وحين ينتهي الدوام اسارع الى غرفتي واخذ الورق فاكتب وحين افرغ احس براحة كبرى، اكتسبت تجربة وحكمة مدة عملي في تلك البيوت البلاستيكية مع شدة حر صيفها وزمهرير شتائها، سمعت فيها عقولا صغيرة تجادل في قضايا كبيرة ، التقيت فيها بشبان لم تسمح لهم الظروف المادية باكمال الدراسة ، كما كان حالي، بل ان اغلبهم لم يكمل مرحلة الدراسة الابتدائية …واغرب حادثة وقعت لي حينها ان شابا في تلك الضيعات قال لي يوما عندما حدثته عن البعث والنشور: وهل نعود احياءا بعدما بلينا ومتنا وصرنا عظاما ؟ سؤال لم يفاجئني لاني كنت اظنه يمزح لكن المفاجاة وقعت حين ابان عن جدية سؤاله ! {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون}؟

كنت اعاشر اناسا لا يعرفون حتى كيف يكتبون اسمائهم ! انها امية قاتلة. وهذا ليس قدحا فيهم لانهم لم يختاروا ذلك لانفسهم ، وانما الظروف هي التي اضطرتهم اليه، فمن ذا الذي يكره ان يدرس ويتعلم ؟ مع هذا ليست لدينا حجة نبرىء بها انفسنا يوم نسال : أعلمنا ام جهلنا ؟

نفس الشيء لاحظته حين كنت اعمل في هاتف عمومي ، رايت الجهل رايت عقليات الناس الصغيرة والهمم الصغيرة والانشغالات البسيطة. كنت اجري احصاءا بسيطا على الذين يجرون المكالمات ، فوجدت ان اغلبهم يهاتف صديقة او عاهرة ، ونفس الشيء بالنسبة للفتيات . فيالها من همم !رايت اصحاب محلات الحلاقة والجزارين والبقالين …يضيعون اوقاتهم في لعب النرد والشطرنج والورق وسرد القصص التافهة والنكث او في حديث الغيبة والنميمة والهمز واللمز… كان كلامهم فارغا بسيطا فقلت في نفسي : لو ان كل صاحب محل يقرا في اسبوع كتابا لحدثت ثورة فكرية في السوق!

كانوا يسمونني بالمنغلق المعقد لان انشغالاتي واهتماماتي غير اهتماماتهم وهمتي غير همتهم، فاذا كانوا يضيعون اوقاتهم في الكلام الفارغ ، كنت اداوم على قراءة الكتب لكن ليس اي كتاب ، لاني كنت انتقي امهات الكتب وعيونها .

كيف ابدي باحرفي مااريد في مرحلة عملي في ناد للانترنت ،ايام فتحت علي الفتنة مصراعيها ورايت شباب الامة جنحوا الى جهالاتهم وانعزلوا مع دخانهم وتشبه ذكرانهم باناثهم واناثهم بذكرانهم رايت ضعف هممهم وقلة عزيمتهم ومسارعتهم في عصيانهم ،طول املهم وقلة خوفهم ، ماذا عساي اقول لنلمح ولانصرح فالحال ناطقة كما يقال ، فلاحول ولا قوة الا بالله.

كنت منشغلا منهمكا منذ سنوات في كتابة هذا الكتاب، اعدت كتابته لبضع مرات انقحه واصححه واضبطه وازيد فيه. كثيرا ما تخليت عن الكتابة لاني احسست انها فوق طاقتي وقدرتي بيد ان ايماني بالله وعلمي بما تعيشه الامة الاسلامية ومسؤولية الدعوة الى الله الملقاة على عاتق كل مسلم خاصة في هذا الزمان حيث الثورة التكنولوجية المعلوماتية التي حولت العالم الى قرية صغيرة فتنادى الكفار والمشركون والمنافقون على امتنا الاسلامية مصبحين وتداعوا عليها مصطلحين فجندوا جنودهم وصرصرت اقلامهم وانفقوا اموالهم ليصدوا عن سبيل الله فاصبحت ترى الباطل لكثرة اهله والداعين اليه كانه الحق عينه واذا التفت الى الحق وجدت اهله منعزلين خائفين قليلين حتى تكاد تظنه باطلا ويجدبك الى الباطل قرناء السوء ونفسك الامارة بالسوء والشيطان اللعين عليه من الله دائرة السوء ،والمعلوم انه على الطريق ان لم تدع الناس الى الحق سيجدون من يدعوهم الى الباطل ويتفننون في اظهاره على صورة الحق دعاة على ابواب جهنم فقلت مع نفسي

ولست بخالع درعي وسيفي ** الى ان يخلع الليل والنهار

لعلمي باني مسلم مكلف وان الدعوة من مقامات الانبياء وانها باتت فرضا على كل مسلم و كل واحد منا على ثغرة من ثغور الاسلام يدافع عنه ويجاهد في سبيل اعلاء كلمة الله ونشر دينه حسب قدرته واستطاعته برفق وعلم وحكمة وحلم ،وكل هذا جعلني اواصل الكتابة . أي نعم شعرت بالعجز وانا اكتب كتابي هذا لعلمي بالصعوبات التي مررت بها في الايام الاولى ولعلمي ايضا بالعراقيل التي قد تعترض طبعه ونشره وتوزيعه…مع هذا اراني كل مرة متحمسا الى الكتابة ولا ادري ما الذي يشدني اليها ؟

وكنت اسال نفسي : اذا كانت كتابة هذا الكتاب خرافة ، فلماذا استمريت في كتابته لسنوات عدة؟

كنت اعيش في اسرة متوسطة الدخل ميسورة الحال ومضت سنوات على هذا النحو، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ، فحينما كنت في مرحلة الدراسة الثانوية بدانا نعيش ضيق العيش وشدته ، والمعروف ان المشاكل المادية تتبعها مشاكل اخرى لا حد لها ولا حصر خاصة اذا لم تجد اناسا ذوو ايمان راسخ ، رب ضارة نافعة ! فمنذ ذلك الحين تغير تفكيري واصبحت بعيد النظر ولعلي وهبت من العلم والحكمة والحمد لله.

فقد تنجو النفوس بارض جذب ** ويهلك اهله المغنى الخصيب

كنت فقيرا {يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف} ، لم اكمل دراستي لسوء حالتي المادية،كنت محبا للدراسة شغوفا بها خاصة عندما ساءت احوالي المادية والصحية ، نظرت بعد هذا الى الصغيرة والكبيرة ، كنت مرهف الاحساس كثير التدبر حركة او تصرف بسيط لا افلته بل اقراه و احلله. لقد ابتلاني الله بالفقر والمرض، في البداية ولقلة علمي وقلة تفقهي في الدين ظننت ان ذلك شيء سيء او اني اكثرت من الذنوب والمعاصي ، ولما طالت بى السنون قليلا وغربلتي الشدائد ونقتني ايما تنقية تغيرت نظرتي الى هذه الابتلاءات حيث صرت ارى فيها كنزا عظيما ونعمة عظيمة، لقد تحول الابتلاء الى حكمة في قلبي وعقلي والحمد لله .

التحقت بالجامعة لمواصلة الدراسة وعانيت خلالها من مشاكل جسدية ونفسية ومادية واسرية ودراسية ،وفوق هذا كنت اخطط لكتابة هذا الكتاب ،فكان الامر كاني احمل الكرة الارضية على راسي. قضيت بعض الاعوام في الجامعة وحالت الظروف المادية بيني وبين الاجازة التي لم يكن يفصلني عنها سوى عام واحد ،وكانت نتائجي الدراسية لاتعكس مستواي الثقافي لظروف عدة ، كما اني اعرضت عن المشاركة في الندوات الثقافية والحوارات والنقاشات الادبية الفكرية وتجاهلت الانضمام للاحزاب والهيئات الجمعوية…واخفيت افكاري وتتطلعاتي عن زملائي واساتذتي بل عن اسرتي.

وبالمقابل كنت احبذ فكرة كتابة كتاب اجمع فيه كثيرا مما اومن به وما اراه على الواقع،لاني لم اشأ ان اكون من المكثرين من الجدال ومن المتفيقهين ومن الرويبضة والتافهين ،ولاني خفت ان اكون من الذين يقولون مالايفعلون فهذا الامر دين قول فصل وما هو بالهزل

هل يطلب الماء ممن يشتكي عطشا**هل يطلب الثوب ممن جسمه عار

كحامـل لثـــيـاب النـاس يغسلهـــــا**وثوبه غارق في الرجس والنجس

– فعلى الداعية الى الله ان يستحيل هو اولا ترجمة عملية لما يقول عندها يصدقه الناس ويتاثرون به ويحاولون التشبه به ويعتبرونه قدوة لهم ويجعلهم يؤمنون بان الله لايزال يغرس غرسا يستعملهم في طاعته الى يوم القيامة ،اما الخطابات الباردة والمواعظ الحماسية المتكررة فلا جدوى منها ان لم تكن مقرونة بالعمل الواقعي الملموس على الارض- وكذا خوفا من العجب والتصدر قبل التفقه في الدين ،كي لا اظلم احدا ولا اجهل على احد متأسيا بقوله صلى الله عليه وسلم: * انما مثلي ومثلكم ومثل هذا الاعرابي كرجل له دابه فنفرت منه فذهب يطاردها فجاء الناس كلهم وراءه يطاردون فما زادت الدابه الا نفارا وشرادا ،فقال دعوني انا ودابتي انا اعلم بدابتي فاخذ من خشاش الارض ولوح به لهذه الدابه فما كان منها الا ان انساقت اليه وجاءت اليه فامسك بها ، اما اني لو تركتكم على هذا الاعرابي لضربتموه فاوجعتموه فذهب من عندكم على كفره فمات فدخل النار*.كما ان النقاشات والمناظرات،خاصة في مرحلة كنت فيها في اعين الناس شيئا تافها عديم الجدوى ستكون هي الاخرى عديمة الجدوى عديمة التاثير و الفعالية وكما قال الشاعر :

ولما رايت الجهل في الناس فاشيا ** تجاهلت حتى ظن اني جاهل

فيا موت زر ان الحياة ذميمة ** ويانفس جدي ان دهرك هازل

اما الكتاب ، فيمكن ان يشتريه اي انسان من اي مكان وياخذه فيقراه جالسا او قائما او مضطجعا … فاذا اقتنع بما فيه اخذ به ،وان لم يقتنع، انصرف عنه لساعات او ايام او شهور لكنه دائما امامه يمكن ان يرجع اليه انا شاء .فهذا كتابي { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } ، وخير جليس في الانام كتاب.

لايغرني ان كثر عنه المعرضون وسعى في مذمته الجاهلون وصد عنه الامعة الغافلون وسخر منه السفهاء والمجادلون والمنافقون وسعى في اذايتي والمكر بي الواشون وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ، وما ارى كل هؤلاء الا الارض مثقلون ومما جاء به المصطفى متقالون

يثْقلون الأرضَ من كثرتهم ** ثمَّ لا يُغْنون في أمرٍ جَلل

وكتابي لغير هؤلاء مفتوح ومسموح ووددت لو يعمر اكثر من عمر نوح فبادر اليه فلا اسالك عليه اجرا بل هو ممنوح وان فقدته بعد ان وجدته فلا اريدك ان تنوح ،فقد {يلتقطه بعض السيارة } فينفعهم ، {فصبر جميل والله المستعان} { ولتنبانهم بامرهم هذا } وعسى ان ياتيني البشير واجد ريح يوسف ولو بعد حين ،وحينها اقول لكم {الم اقل لكم اني اعلم من الله مالاتعلمون }. والله اسال الاخلاص في جميع الاقوال والاعمال ،فيارب اجعله خالصا لوجهك الكريم ،لاتجعل فيه حظا ولانصيبا للنفس ولا للناس ولا للشيطان الرجيم.

بعد سنوات في الجامعة تقهقرت وتراجعت وتغير مسار حياتي الذي كان الجميع يظنه سيكون موفقا و ناجحا خاصة بعد المجهود والمثابرة التي بدلتها في دراستي الثانوية والتي اثمرت نتائج دراسية لا باس بها

كم طوى البؤس نفوسا لو رعت ** منبثا خصبا لكانت جوهرا

كم قضى اليتم على موهبة ** فتوارت تحت اطباق الثرى

تغير مسار حياتي ،وعند تقلب الاحوال تعرف جواهر الرجال،سخر مني الصغير والكبير ،والقاصي والداني والموالي والمعادي والقريب والبعيد والعاقل والجاهل …تهاطلت علي المشاكل مرة واحدة في وقت كنت اتصور العسر سيكون فيها يسرا ، والامر ان اعمل في ضيعة كاجير بسيط _ من الاجازة الى الضيعة _ ! بعدما طردت من البيت لاني دعوت الى افكار اصلاحية تحوم كلها حول تغليب الايمان على المادية ، وهي افكار كانت غريبة عن عقليات تقليدية لاترى في الحياة الا الجانب المادي

اذا كان بعض المال ربا لاهله ** فاني بحمد الله مالي معبد

طردت من البيت كعادة الصالحين على مر العصور{كما اخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا من المومنين لكارهون } ،مع نحالة جسمي ومرضي وصدمة توقف مشواري الدراسي بكيفية مؤسفة.

وفي هذا الوقت بالذات رفعت شعار ^الثورة من اجل الثروة ^ لكن بمفهوم اسلامي وليس اشتراكي او راسمالي ثورة على العجز والكسل والهوى والتمني من اجل غنى يوفر الاستقالية والسكينة ، يساعد على بناء الشخص والشخصية ، ويطرح الفقر و الاكراه والظلم ، وكان هذفي من وراءه جعل الذين يسخرون مني ويستهزءون بالصحوة الاسلامية والذين هم اشد حبا للمال يؤمنون بان الاسلام هو الطريق الحق لمن اراد السعادة في الدارين ، واني آوي الى ركن شديد ولست احلم احلاما خرافية او ابني قصورا من الرمال على شاطىء البحر ولست اصارع طواحين خشبية ، بل اني اعرف يقينا { ان معي ربي سيهدين } وانه قد آن الاوان لنقول الله اكبر عوض التصفيق والتصفير {وماكان صلاتهم عند البيت الا مكاءا وتصدية} . معلنا حقيقة ان كل ملتزم بالاسلام ليس رهبانيا زاهدا بالكلية عن الدنيا منقطعا عنها للعبادة فقط ، كما يظن الذين يدعون العصرنة والحداثة و العلمانية { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون} … بل ان هذا الملتزم هو اكثر الناس نشاطا وعملا واشرحهم صدرا واسعدهم حالا ذلك ان الله سبحانه وتعالى ينهاه ان يكون { كلا } ; و *من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين * فالعالم بالقران والسنة هو اعلم الناس بالدنيا والاخرة هو اعلمهم بالمشاكل والحلول ، وكلما تحرى المسلم الصدق والاخلاص وخشية الله سبحانه في الدعوة و طلب العلم النافع كلما زاده الله من نوره وهداه سبله وجعل له القبول على الارض ،ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . اما المستهزءون بالقران والسنة وباللغة العربية فهم في ظلمات ثلاث وحالهم كقول القائل:

اتانا ان سهلا ذم جهلا ** علوما ليس يدركهن سهل

منطقهم جدال وكبر وجحود ولسان حالهم مازال يردده كل من يتلو القران {ماذا قال آنفا} او {قالوا لاتسمعوا لهذا القران والغوا فيه لعلكم تغلبون}.

يصدق فيهم قول الشاعر

فان عناء ان تفهم جاهلا ** فيحسب جهلا انه منك افهم

فآه ممن اغفل الله قلبه وطبع عليه،فيا رب زدني علما واجعل لي نورا.

كانت حيرتي تزداد عندما رايت شبانا كانوا اقل علما وحكمة مني يتسلقون السلالم الاجتماعية وتتحسن ظروفهم المادية رغم انهم من الذين اتبعوا الشهوات ،فعجبت لحالي وحالهم ، وانا الذي ادعو للالتزام تسوء احوالي ،فياله من تناقض ؟ ويالها من حيرة ؟ لم اكشف هذا اللغز الا حين قرات الحديث : * اشد الناس بلاءا الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل ،يبتلى الرجل على حسب دينه ، فاذا كان في دينه صلابة اشتد بلاءه واذا كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه .فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الارض وما عليه خطيئة * . فرحت لهذا فرحا كبيرا ، فاصبحت البلية عطية والمحنة منحة

رب أمر تتقيه ** جر أمرا ترتجيه

رغم ما مر بي ورغم اسرار اخرى كثيرة هي بيني وبين الذي يعلم الجهر وما يخفى كنت دائم الكتابة دائم التفكير في اخراج هذا الكتاب الى الوجود. كلما اخبرت احدا عن هذا الكتاب او طلبت منه بعض المصادر والمراجع او سالته رايه في كتابي عله يعطيني شحنة للاستمرار في الكتابة الا سخر واستهزا ، وما كان يحبطني اكثر ان ارى بسمات السخرية حتى على وجوه اعز اخواني في الدين ، فهم يتصورون ان الذي يؤلف كتابا يجب ان يكون دكتورا او باحثا معروفا او مثقفا مشهورا …اما انا فلا ارى ذلك لاني قرات كتبا تافهة منحطة وروايات منطلقة اباحية صفق لها وطبل وزمر ،فقلت :اذا لم يكن كتابي قيما فهو احسن بكثير من كثير من الكتب والروايات العفنة واحق منها بالنشر والتوزيع {ولااقول للذين تزدري اعينكم لن يؤتيهم الله خيرا} …{اهم يقسمون رحمت ربك} …{الله اعلم حيث يجعل رسالاته }….{ومااوتيتم من العلم الا قليلا}…{وفوق كل ذي علم عليم}…

قل لمن يدعي العلم منزلة ** علمت شيئا وغابت عنك اشياء

بسبب هذا كله تذبذبت رغبتي في مواصلة كتابة هذا الكتاب حتى ذهب بي الامر في يوم من الايام الى العزوف نهائيا عن الكتابة حين قرات في كتاب الله { وما انا من المتكلفين } ومن عجائب الصدف ان اقرا في نفس اليوم حديث *المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور* فاحسست حينها وكان الاية والحديث يخاطبانني فاقلعت عن الكتابة لايام عدة ،لكن الله شاء ان اعود اليها والحمد لله.

الدعوة الى الله مسؤولية عظمى تحتاج الى علم وحكمة وايمان وتقوى وصبر ومجاهدة ،تحتاج ان تكون بساما بالنهار بكاءا بالليل ، ان تفعل ما تقول فانت تحت الانظار واية زلة وان كانت مثل حبة خرذل تحسب عليك وتتناقلها الالسن هنا وهناك ويتم تضخيمها وتعظيمها حتى تبدو وكانك ارتكبت كبيرة من الكبائر والعياذ بالله .فالطريق اذن شاق طويل وانت مطالب بالثبات على الحق حتى الممات فكثير من يدعون الى الباطل وقلة او اقل من القليل من يدعو الى سواء السبيل ، والناس اشكال والوان وارضاءهم كلهم غاية لا تدرك : فان سكت لم يسالوك وان تكلمت لم يعوا عنك وان راوا حسنا دفنوه وان راوا سيئا اذاعوه وان يعلموا الخير اخفوه وان علموا الشر اذاعوا وان لم يعلموا كذبوا وان حاورتهم شتموا وعليك جهلوا…قد توسوس لك نفسك الامارة بالسوء وانت على طول الطريق ان تتنازل عن بعض مبادئك الالتزامية قصد تيسير دعوة الاخرين الى الالتزام لكن ستجد في الاخير انك وقعت في التمييع لا التيسير وحينها ستتذكر الحديث: * من أرضى الله بسخط الناس كفاه مؤنة الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا * ، فالزم الحديث تك من المفلحين،ولا تتبع الهوى تكن من الهالكين .

لطالما احسست ان الكتابة تستنزف 50 % من صحتي ، فالداعية الى سبيل الله لايحمل هم نفسه فقط او يسعى الى اطماع شخصية دنيوية بل غايته وهذفه مرضاة الله عز وجل واخراج نفسه و الناس من الظلمات الى النور ،فهو لاينتظر مدحا ولا ثناءا من احد _وكيف يتفق حب المدح والاخلاص في قلب مؤمن، وكل شيء يُطمع فيه بيد الله خزائنه – كما انه ليس مختالا ولا فخورا ولا مغرورا بل يشعر دائما بالتقصير ، ويرى ذنوبه وان قلت مثل الجبال ،ويكاد يقنع نفسه انه منافق كما تراه متمتما ذاكرا مستغفرا …هذا هو الداعية الحق الذي اجتمع في قلبه الصدق والاخلاص وخشية الله سبحانه وتعالى،لايسال ذوي السلطان اوسمة ومالا بل تراه يردد { ان اجري الا على الله } عكس كثير من المثقفين في هذا الزمان المناضلين في سبيل قضايا زائفة كاذبة منذ عقود ولم يحصلوا منها على اي طائل ، فما احمق الانسان وما اجهله حينما يناضل في سبيل غير سبيل الاسلام!! والخطر كل الخطر ان هؤلاء المثقفين المدعومين ماديا ومعنويا لحاجة في نفس شيخ النار انشغلوا بالتنظير حتى نسوا الذكر فهم في غفلة يعمهون .

ومَا كلُّ من جَر العَبَاءةِ سيدًا ** يُخْشى ولا كلُّ المَظاهر تبهرُ

الدعوة الى الله امانة عظمى وكل مسلم مكلف سيسال امام الله عز وجل ما قدمت لهذا الدين؟{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ، وانا من جانبي احسست بهذا الحمل الثقيل اذ كنت اشعر وكاني احمل هموم الناس على قلبي وعقلي ،فكنت نتيجة لهذا الارهاق الفكري نحيلا وكاني اعصر نفسي عصرا نعم وقد امثل نفسي بالذي يتبرع بدمه ويتصدق {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} {لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} .

ما انفككت ابذل مجهودا فوق طاقتي لملاحظة تصرفات الناس وقراءة افكارهم وعاداتهم واستنباط الاحكام والنظر في ايات الله في الكون وفي نفسي …والمقارنة بين ماهو كائن في الواقع وبين مايجب ان يكون اي ما في الكتاب والسنة الصحيحة وصدق الذي قال : من راقب الناس مات هما.وهذا من اصعب التكليف، وشتان شتان بين تكليف البدن وتكليف العقل.

وقد جاءني بعضهم ينهرني عن الاساءة لنفسي واهمال صحتي ،ودعاني الى شراء العاجل بالاجل والفاني بالباقي والحرص على طلب الدنيا والتخلي عن هم الدعوة والصحوة قائلا ان للبيت رب يحميه ،هذا مبلغ علمه . وشتان بين همم وهمم وشتان بين من جمع الهموم ومن تفرقت به الهموم… لقد راى من يظن نفسه مستغنيا وانه للدنيا فاهما ،من نحافة ونحالة جسمي واصفرار جلدي وقلة مالي فظن اني قليل الحيلة غير ملم بعلوم الشطارة والفهامة ،بل ذهب البعض الى وصفنا بالدراويش اي والله ومافهمت قصدهم بالدروشة حتى سالت بعضا من زمرتهم فاوضح فاتضح لي ان المعنى اننا نحن الملتزمون فقراء في حاجة الى الله لذلك نذكره ونتقرب اليه ، اما هم فاغنياء وليسوا بحاجة الى الذكر ولا الى الالتزام وصدق الله {كلا ان الانسان ليطغى ان راه استغنى} ،كان البعض يسخر من شظف عيشي ونحالة جسمي واستقامتي والتزامي ، والبعض الاخر علي مشفقا ومن اعراضي عن الدنيا بقلبي متعجبا متساءلا ،سواءا هؤلاء او اولئك اذا ولوا وجوههم قبل من وجوههم ممتلئة وبطونهم بطنة منتفخة وجيوبهم ممتلئة واملاكهم مترامية واسعة اشمازت نفوسهم من كفافي وعفافي واستقبحوا نحالتي واغلب صفاتي

ترى الرجل النحيف فتزدريه ** وفي اثوابه اسد هصور

لقد كبر البعير بغير لب ** فما استغنى بالعظم البعير

وانك لتلحظ ان اغلب اولئك المترفين يصدق فيهم قول الله { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو قاتلهم الله انى يؤفكون } اي نعم { لو خرجوا فيكم مازادوكم الى خبالا } وفي الحديث * إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لايحب ولا يعطي الإيمان إلا من أحب * بعد كل هذا وكاني بك تقول : قد عرفت الطريق، فاقول لك: ادلج اخي ومن ادلج بلغ المنزل ولاتلتفت فهو القائل { انا كفيناك المستهزئين }.

وما كان يحزنني بشدة ان ارى اهل الباطل يتفننون في دعوة الناس الى اتباع الهوى والظن ، بينما اهل الحق ساكتون وكانهم في مرية مما جاءهم من الحق ، فابشروا ايها المسلمون واملوا واعملوا فانتم على الحق وان استهزا بكم اهل الباطل فقولوا لهم : { وياقوم مالي ادعوكم الى النجاة وتدعونني الى النار } .

كنت اراقب من هم حولي من الشبان في صحة ووسامة وجمال وعمل ومال… اما انا فكنت فقيرا بسيطا نحيفا نحيلا معقدا كما يقولون،سخر مني القريب والبعيد والغبي واللبيب والصغير والكبير … كانوا ينعثونني بالحالة الخاصة او الانسان غير الواقعي ، وقالوا لي : اسمع للالباني وعلي القرني ومحمد حسان والحويني… حتى تجن وتفقد عقلك ،وقالوا لي ايضا : اهتم لطعامك وشرابك ودع عنك فكرة الصحوة فانما انت تحلم .

متى يبلغ البنيان يوما تمامه ** اذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

فلو كان سهما واحدا لاتقيته ** ولكنه سهم وثان وثالث

ومن اخر المضحكات العجيبة ان اوصف بالمتشدد ثم الشاذ واحيانا بسيء الاختيار لنفسه واحيانا اخرى بالمجنون… اسررت كل هذه الاقاويل في نفسي اسرارا وشكوت بثي وحزني الى الله وسجدت ودعوت : { ربي اني مغلوب فانتصر } .ويا ليت شعري لو ان هذه العبارات القدحية والابتسامات الساخرة والنظرات الحاسدة الماكرة التي تستهذف شخصي وشخصيتي ليتها كانت من لدن عامة الناس وسفهاءهم،بل الطامة انها تنطلق كالقذيفة من اقاربي الذين كان يفترض ان اجد منهم التشجيع والمساندة لكن لم اجد الا تثبيطا ومعاندة .

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ** على النفس من وقع الحسام المهنّد

كنت انظر ذات اليمين وذات الشمال لعلي اجد من يقول لي : { فتوكل على الله انك على الحق المبين انك لاتسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين وما انت بهادي العمى عن ضلالتهم ان تسمع الا من يؤمن باياتنا فهم مسلمون} ،لكن هيهات كل مرة يرتد بصري خاسئا وهو حسير فكأن الحال يقول:

^ودت الزانية لو ان كل النساء زواني^، أي نعم فحين تستقيم وتلتزم تصبح غير عادي عند الاخرين حالة خاصة متميزة لان الناس في جانب وانت في جانب اخر فيحاولون جاهدين ان يجعلوك تنصهر فيما هم فيه من الغفلة واتباع الظن والهوى{ ودوا لو تدهن فيدهنون} وما ادراك بمكر الليل والنهار !! لكن كلا والف كلا لايكون ابدا بل استقيم واثبت على الاسلام .

فياقدمي لاسرت بي لمذلة ** ولم ترتقي الا الى العز سلما

وازمجر قائلا :

يمنع الليث حماه ان يرى ** فيه كلبا عاديا ان زأرا

واجعل حالهم ينطق ب { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } ، واسوتي في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصف بالمجنون والشاعر والمعلم والكاهن والساحر … فاين الذين سخروا منه والذين كذبوه ؟! هاهو صلى الله عليه وسلم على اعلى الدرجات

علو في الحياة وفي الممات ** بحق انت احدى المكرمات

وهاهم في قاع من الظلمات والدركات ، وهاهو الاسلام قد بلغ ما بلغ الليل والنهار ،اما الشرك والكفر فاصبحا { كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف} ، فلا ضير اذن وينطق الحق سبحانه وتعالى { فاصبر ان العاقبة للمتقين} .

كانت حالتي الصحية والمادية المزرية وسخرية الناس مني واحباطهم من عزيمتي تعرقل بقوة هذف هذا الكتاب بل هذف حياتي كلها ، لاني كنت احس وكانما ولدت لاكتب هذا الكتاب ولا اعرف ما الذي يشدني اليه !!!

في الوقت الذي كان فيه كثير من اقراني يصاحبون الفتيات ،كنت اصاحب كتب ابن حجر وابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم والالباني … وفي الوقت الذي كان في كثير من اقراني يسمعون الموسيقى كنت انصت للقران ، وفي الوقت الذي كان فيه كثير من اقراني يحلمون بلقاء المغني والمغنية او الممثل والممثلة او اللاعب واللاعبة الفلانية كنت ارجو لقاء علي القرني ومحمد حسان وغيرهم من الدعاة ، وفي الوقت الذي كان فيه كثير من اقراني يحلمون بالهجرة الشرعية او غير الشرعية الى الديار الاوربية او الامريكية كنت ارجو من الله ان ينعم علي بحج وعمرة ، وفي الوقت الذي كان فيه كثير من اقراني منصرفين الى التخييم والتسالي وقضاء العطل على الشواطىء وحضور الحفلات والسهرات والمهرجانات المختلطة… كنت منهمكا في التفكر في نفسي وفي الكون والتدبر في القران والسنة ومنشغلا بالقراءة والكتابة القيمة النافعة ، علما مني بان الحياة قصيرة ولا يجب اهدار الوقت في الامور التافهة واللهو واللعب وانه علي ان اشغل نفسي باعلى العلوم دون ادناها ،من ذا يساوي بين تغريد البلابل والنعيق؟!

وقد حدثتني نفسي حديثا فقالت : انك بشغوفك بطلب العلم واستكثارك منه، انما تستكثر من حجة الله عليك يوم القيامة! وكانها تقول لي: دعك من هذا والهو وتسلى كما يفعل غالبية شباب جيلك وانشدت :

من ذا يعيب هز البطون ** وذاك من روائع الفنون

الدين أن تبدوا ظريفا مرنا ** وإن عبدت نعجة أو وثنا

ما الدين بالعفاف والصلاة ** الدين خذ فيه خفة وهات

فنهرتها عما قالت واسكتها بحجة الجمت لسانها فهويت عليها بقول الله { انما يخشى الله من عباده العلماء } وقدمت المطمئنة على الامارة بالسوء واشرت ب * والذي نفسي بيده لو وضعوا الشمس عن يميني والقمر عن شمالي على ان اترك هذا الامر ماتركته حتى يظهره الله او اهلك دونه * لقرناء السوء ،وقذفت بالاستعاذة وباية الكرسي على الشيطان اللعين عليه من الله دائرة السوء،وقلت لهذا الثالوث: { انما هو اله واحد } . لما رأوا اني لهمتي رافع ومجتهد في طلب العلم النافع ومكثر من ذكر المعطي المانع ومتق يوما مالي منه دافع قاموا الي قومة واحدة { تحسبهم جميعا وقوبهم شتى } وقالوا : انك قد وصلت وبلغت اليقين فاستغني عن العلم ولايجذبك اليه حنين فحين الوصول يستغنى عن الدليل ولاتبتئس فنحن لك نعم القرين !!! فقلت ما انا من الرهبانيين المتصوفين المنقطعين انما انا من المتعلمين العاملين المعلمين على درب الانبياء والمرسلين عليهم صلوات وسلام رب العالمين،واني لأقول كل حين {‏ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً } ‏‏‏و { ان معي ربي سيهدين} و “اطلبوا العلم ولو في الصين” واني مع محبرتي الى ان ياتيني اليقين ،فذاك الموت ان كنتم متحققين، والله اسال ان يجعلنا من الذين قال فيهم {والذين هم من خشية ربهم مشفقين}، فتولوا عني مدبرين وحمدت الله الذي صرف عني كيدهم وجعلني من المسلمين.

هذه بعض المحطات من حياتي نقلتها اليكم كما هي دون زيادة ولا نقصان ولا كذب ولا بهتان ،تحريت التصرف وعدم الاطناب والاطالة حتى لا يمل القارىء.ولن اخفي عنكم اني لم اكتب عن الابتلاء الحقيقي الذي كان وراء هذا الكتاب لان ذلك بيني وبين الله سبحانه وتعالى.

فماذا عساي اقول بعد هذه المحطات والابتلاءات والمشاكل والشدائد ،اقول الحمد لله الحمد لله الحمد لله،فانا أومن بحديث : * لايقضي الله قضاءا للعبد الا كان خيرا له *، وحديث : *ومن يرد الله به خيرا يصب منه *، وحديث : * ان الله عند ظن عبده به *.

فكن ايها المسلم حسن الظن بالله تعالى.

تمت المقدمة بفضل الله ومنه وكرمه احمده واشكره

فرغ منه يوم الجمعة 07 جمادى الثانية 1428 هجرية الموافق22 يونيو 2007ميلادية

الحمد لله
والسلام عليكم

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 5 =