حينما يتحول الخطاب الوعظي إلى مصنع للأمراض النفسية

حينما أنصت إلى هؤلاء الوعاظ خاصة ما يصطلح عليه البعض وعاظ السلاطين أو شيوخ الفضائيات ,,, أشعر بنوع من التعب وأنا أحاول تفكيك وتحليل خطابهم وطريقة تناولهم للقضايا والاشكالات والموضوعات.
مثلا يحدثك عن وجوب صلاة الجماعة (ونحن هنا لن ندخل في سجال فقهي حول الوجوب أوالاستحباب ووو) بل لنسلم بالوجوب ولنتأمل السذاجة التي يتناولون بها الظواهر :
في خطبهم ومحاضراتهم وخرجاتهم وجلساتهم يوجهون أفعال الأمر إلى المسلم المستضعف :
عليك بصلاة الجماعة
إياك وتضييع صلاة الجماعة
ستعذب إن أهملت صلاة الجماعة
صلاتك غير مقبولة إن لم تصل في جماعة وهكذا …
ذات الخطاب يسمعه هذا المستضعف عبر سني حياته منذ صغره لكن ظروفه الاجتماعية والاقتصادية ووو … لاتدعه ليقوم بهذا الواجب الديني رغم الجهد الذي يبدله ليقوم به فتتولد لديه حالة من الندم، من الاحساس بالذنب، حالة من الارهاق واللوم الذاتي المستمر التي يسببها التواجد بين الوعيد من العذاب الأخروي إن قصر في صلاة الجماعة الواجبة كما قال له الواعظ وبين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تحول بينه وبين هذا الواجب.
الواعظ المرتاح لايجد أي صعوبة في القيام بهذا لأنه عمله أصلا ويأتيه راتبه القار من الدولة التي استضعفت ذاك المسلم المسكين وحرمته حقوقه، فهو لايشعر بالعراقيل التي تواجه هذا المسكين ليؤدي ذات الواجب!!! فذهنه مرتاح ويتصور ان كل الناس مثله لديهم نفس التفرغ الوقتي ولديهم نفس المدخول المادي المريح شهريا !!!
ضربة استباقية : إننا بهذا لا ندعو للعزوف عن صلاة الجماعة بل القصد أن نطلب من هذا الواعظ ألا يتحول إلى مرض نفسي ينخر في نفوس هذه الجماهير المستضعفة أو إلى كابوس يؤرقهم في نومهم وينغص عليهم معيشتهم ، ونطالبه أن يغير خطابه الأحادي الذي لا يعرف إلا إلقاء اللوم على المستضعفين وإمطارهم بوابل من الأمر والنهي، بل عليه أن يوجه خطابا آخر موازيا إلى سياسات الدولة الفاشلة التي تحول بين هذا المستضعف وبين حقوقه ومن تم بينه وبين إتيانه بواجباته الدينية على الوجه الأمثل.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + ثلاثة =