البلوشي للقديمي : معبد الجهني لم يقتل فقط لكونه قدريا

3def9 alblushi

ما أوردته في موضوع معبد الجهني وغيلان بن مسلم القدري وأنّهما قتلا لكونهما قدريين فقط لا يُسلّم لك به يا قديمي

العلماء عدّوا الأشاعرة من أقرب المذاهب إلى أهل السنة كما هي طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية في تعامله معهم فقد نقل اتفاق المسلمين على أن الأشاعرة ليسوا كفاراً .
أخي الحبيب أبا أسامة:
قرأت سؤال الأستاذ نواف القديمي حيال موضوع الأشاعرة والمطالبة بتقديمهم للقتل بعد إقامة الحجة عليهم واستتابتهم، وثمة أمور في كلامه أرى أنها تستحق الإيضاح.
فما أورده الأستاذ نواف من موضوع معبد الجهني وغيلان بن مسلم القدري وأنّهما قتلا لكونهما قدريين فقط لا يُسلّم له به، فقد رجعت إلى ترجمتهما فوجدت فيها غير ما ذكره الأستاذ. 
أولاً: أمّا معبد الجُهني فهو من رجال سنن ابن ماجه وثّقه يحيى بن معين، وقال عنه أبو حاتم: صدوق في الحديث، وقال الدراقطني: حديثه صالح ومذهبه رديء، وقال العجلي: تابعي ثقة كان لا يُتهم بالكذب – تراجع ترجمته في تهذيب التهذيب 10/225-226 -، وظاهر حاله أنّه مقبول الرواية وإنّما أنكروا عليه بدعة القدر، وطريقة المتقدمين من علماء الحديث أنهم يقبلون رواية المبتدع إذا كان عدلاً ضابطاً ولا يكادون يلتفتون إلى نصره لبدعته أو دعوته إليها ما لم تكن بدعته مكفّرة، وفي الصحيحين رواية عن عدد ممن كانوا دعاة أشداء لبدعتهم كعمران بن حطان وابن أبي رواد وغيرهم، وفيهم أكثر من 30 راوية متهماً بالقدر وإن لم يكونوا من غلاة القدريّة كما في “تدريب الراوي” للسيوطي ص286.
وفي ترجمته ما يُشير إلى سبب مقتله فقد ذكر البخاري في “التاريخ الكبير” 7/399 عن مالك بن دينار قوله: لقيت معبداً بمكة بعد ابن الأشعث وهو جريح وقد قاتل الحجاج في المواطن كلها، فقال: لقيتُ الفقهاء والنّاس؛ فإذا (هو) كأنه نادم على قتاله الحجاج.
ويعضد هذا ما ذكره الذهبي في “سير أعلام النبلاء” 4/187 من أسلوب تعذيب الحجاج لمعبد، وأنّه كان يعذبه بأصناف العذاب ولا يجزع، ثم قتله.
ومن المعلوم في سيرة الحجاج وطريقته أنه كان ظالماً باغياً فقد تتبع الذين خرجوا مع ابن الأشعث وفتك بهم فتكاً ذريعاً وفيهم من هو خير من معبد وأعظم علماً وديانة وفضلاً وأكثر مكانة بين العلماء وأحظى لدى الناس فما شفع لهم ذلك بل قتلهم بأسوأ الطرق وصلب منهم من صلب، ومعبد واحد من هؤلاء الذين خرجوا وبالغوا في الخروج إذ قاتلوا الحجاج في المواطن كلها.
وممن قتلهم الحجاج بعد قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم ماهان الحنفي أبو سالم الكوفي الأعور العابد، قال أبو داود: قطع الحجاج يديه ورجليه وصلبه، وانظر ترجمته في “تهذيب التهذيب” 10/25، وقصته مع سعيد بن جبير وطريقة قتله المنكرة مشهورة وهي مذكورة في عامة كتب التاريخ والتراجم ومنها “وفيات الأعيان” لابن خلكان 2/373-374 وكذلك تُراجع ترجمته في المجلد الرابع من “سير أعلام النبلاء”، وفي “سير أعلام النبلاء” 4/542 ندم الحجاج على أنه لم يقتل عبدالله بن عمر الصحابي الجليل!
فالأقرب في سبب مقتله هو خروجه على الحجاج وإمعانه في مقاتلته وليس قوله بالقدر، ولا يُستبعد أيضاً أن يُضيف إليه الحجاج القول بالقدر ويؤاخذه به من باب تضعيف العقوبة عليه وزيادة التنكيل به وتبرير المبالغة في تعذيبه فقد اشتهر القول بالقدر عن معبد واشتهر أيضاً إنكار الصحابة عليه كعبدالله بن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فضلا عن إنكار التابعين عليه ومثل هذا لا يخفى على الحجاج، لاسيّما أنه كان من العلماء المشهورين في زمانه كما وصفه الذهبي بقوله في ترجمته من “سير أعلام النبلاء” 4/185: “كان من علماء الوقت على بدعته”، وقد وثّقه أهل العلم العارفون بالرجال واحتملوا حديثه كابن معين والدارقطني وهؤلاء لا يخفى عليهم تكفير العلماء في زمانه له، لاسيّما أنهم مجمعون على عدم الرواية عن صاحب البدعة المكفّرة.
ثانياً: أما غيلان بن مسلم الدمشقي فمصادر ترجمته على نُدرتها شحيحة بذكر أخباره، وهو من المعروفين بالغلو الشديد في مسألة القدر ونفي علم الله المُسبق غير أنه جمع إلى ذلك مثالب عدة، فمن ذلك ما ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمته من كتاب “لسان الميزان” 6/314 – ط أبو غدة – نقلاً عن عبدالله بن المبارك أن غيلان كان من أصحاب الحارث الكذاب وممن آمن بنبوّته فلمّا قُتل الحارث قام غيلان إلى مقامه.
وفي طريقة تعامل العلماء مع غيلان القدري ما ينبئ أن الرجل كان يحوي جملة من الضلالات المختلفة وإن كان القول بالقدر اشتهر عنه، ولا أظن ذلك إلا لكونه جاهر به في زمن فنيَ فيه القائلون بالقدر فاشتهرت نسبته إليه، وما عدا ذلك فالظاهر من حمل العلماء عليه ومبالغتهم في النكير وفرحهم بمقتله ما يدل على أنه كان زنديقاً زائغاً ولم يكن قدريّاً داعيةً لمذهبه فحسب، وهو – أي الزندقة – النعت الذي وصفه به خالد بن اللجلاج كما في موضعه السابق من ترجمته في “لسان الميزان”.
ومما يؤكد زندقته وأنه كان على حالة ظاهرة من العناد والإصرار والتشبّع بالآراء الضالة ما في ترجمته من “الأعلام” 5/124 من توبته عن القول بالقدر على يد عمر بن عبدالعزيز ثمَّ مجاهرته به بعد موته وقد كان عمر بن عبدالعزيز قد دعا عليه إن كان كاذباً أن يقطع الله يده ورجله ولسانه وأن تُضرب عنقه، وانظر القصّة في “العقد الفريد” لابن عبدربه 2/323 ط صادر، وفي الموضع أخبار يسيرة أخرى عنه.
وفي كتاب “الضعفاء” للعقيلي 3/1126-1127 بعض الأخبار عنه وفرح العلماء بمقتله وتأييدهم لذلك، وفي موضع ترجمته السابق من “لسان الميزان” يذكر الحافظ ابن حجر أن الأوزاعي هو الذي ناظره وأفتى بقتله.
فالذي يظهر من مجموع هذه الأخبار أن العلماء سبروا حاله وعرفوا حقيقة أمره واعتضدوا بالقرائن الدالة على أن الرجل من الزنادقة لاسيّما أنه يظهر التوبة ثم ينكث عنها ولهذا وجدتُ في ترجمته من الحط عليه ما لم أجده في معبد الجهني مع أنّه الوارث لرأي معبد في القدر والنافخ في كيره والسائر على خطاه، ومع ذلك فلم يقل العلماء في معبد ما قالوه في غيلان مع وفرة الصحابة في زمانه وتواتر إنكارهم عليه وعلى القدرية وشدة التابعين في الحق وعدم خوفهم في الله لومة لائم، ممّا يؤكد أن غيلان كان على حالة توجب الحكم عليه بالزندقة والمروق من الدين.
فخلاصة حال هذين الرجلين أن سبب قتلهما لم يكن القول بالقدر المجرّد بل انضاف إلى ذلك عدد من الأمور الأخرى، فلا يصلح الاستدلال بهما ولا التعويل عليهما في تعميم حاليهما إلى الأشاعرة.
أمّا كلام العلماء في الأشاعرة فهو واضح بيّن فلم يكفّروا الأشاعرة بل عدّوهم من أقرب المذاهب إلى أهل السنة كما هي طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية في تعامله معهم فقد نقل اتفاق المسلمين على أن الأشاعرة ليسوا كفاراً كما في “مجموع الفتاوى” 35/101، وفي “درء التعارض” 2/102 كلام نفيس عن جهود الأشاعرة في خدمة الإسلام وردودهم الكثيرة على أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين، ومثله في “مجموع الفتاوى” 4/12 في ذكر حال أبي الحسن الأشعري ومتبعي مذهبه، وأيضاً في 13/ 99 وفي “النبوات” 220 – ط الكتب العلميّة – إشارة إلى أن خطأهم بعد الاجتهاد مغفور، وفي “مجموع الفتاوى” 8/230 مناقشة لأبي إسماعيل الهروي في ذمه للأشاعرة ولعنهم وأن ذلك من مبالغاته، وأنهم أقرب الطوائف للسنة.
والأشاعرة في جملة كبيرة منهم يدخلون ضمن المعذورين بالتأويل، وهذا العذر لا يعني تبرير مذاهبهم أو الإقرار بها أو عدم الرد عليها واعتبارها من مذاهب أهل السنّة المقبولة، ولا يعني كذلك شمول الحكم بالعذر لجميع أفرادهم! لكنه ينفي عنهم المؤاخذة الشرعية بالحكم عليهم بالكفر أو الفسق، وفي ذلك قاعدة مهمة ذكرها الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” 12/304 بقوله: “قال العلماء: كل متأول معذور بتأويله ليس بآثم إذا كان تأويله سائغاً في لسان العرب وكان له وجه من العلم”، وقد سمعت الشيخ ابن عثيمين كثيراً ما يطبق هذه القاعدة ويعمل بها في حكمه على المذاهب والآراء الحادثة.
والخلاصة أن الأشاعرة ليسوا بكفار، إلا من انتحل منهم الآراء الفلسفيّة المناقضة لأصول الشريعة أو أتى بمكفّر صريح، فالرازي مثلاً – وهو من أسوأ المطوّرين للمذهب الأشعري والناقلين له من دفء السنّة إلى زمهرير الفلسفة والاعتزال وهو الذي حرف مسار الأشعرية فلم يعرف متأخروه إلا الأشعريّة بنسختها الرازيّة – كفّره بعض أهل العلم غير أنَّ مناط تكفيره ليست أشعريّته، وإنّما لما له من الآراء المعارضة للشريعة والمناقضة لأصل الدّين ومن جملتها ما ذكره في كتابه “السر المكتوم في مخاطبة النجوم” فقد حوى هذا الكتاب ضلالاً عظيماً ومعارضة لدين الرسل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في “الرد على المنطقيين” ص286: “والكتاب الذي صنّفه بعض النّاس وسمّاه “السر المكتوم في السحر ومخاطبة النّجوم” فإن هذا كان شرك الكلدانيين والكشدانيين وهم الذين بُعث إليهم الخليل صلوات الله عليه وهذا أعظم أنواع السحر”، وانظر أيضاً “درء التعارض” 1/311-312 وفيه قوله: “بل قوم إبراهيم صلى الله عليه وسلم كانوا يتخذونها أرباباً يدعونها ويتقربون إليها بالبناء عليها والدعوة لها والسجود والقرابين وغير ذلك، وهو دين المشركين الذين صنّف الرازي كتابه على طريقتهم وسمّاه “السر المكتوم في دعوة الكواكب والنجوم والسحر والطلاسم والعزائم” وهذا دين المشركين من الصابئين كالكشدانيين والكنعانيين واليونانيين وأرسطو وأمثاله من أهل هذا الدين”، وانظر ص 111 من الدرء، وأيضاً “مجموع الفتاوى” 18/55 وكذلك الرد على البكري ص 316 ط المنهاج.
وحسماً لمادة الخلاف حول كتاب “السر المكتوم في مخاطبة الشمس والقمر والنجوم” وثبوت نسبته للفخر الرازي أو عدمها، فإنَّ واحداً من أفضل الباحثين في رسالة علميّة جامعيّة لموضوع الفخر الرازي بتفاصيل حياته ومؤلفاته وآرائه الكلامية والفلسفية وهو محمد صالح الزركان أثبت صحة نسبة الكتاب إلى الرازي مستدلاً على ذلك بعدد من الأمور منها تطابق أسلوبه مع بقية مصنفات الرازي، ومنها إحالة الرازي عليه في عدد من كتبه ومنها “شرح عيون الحكمة” و”شرح الإشارات”، وللاستزادة يُراجع كتاب “فخر الدين الرازي وآراؤه الكلاميّة والفلسفيّة” لمحمد صالح الزركان ص 109-111 ط دار الفكر، وفي ص 52 من الكتاب تعليق خطير عن كتاب “السر المكتوم” إذ يقول عنه الزركان: “وهو من أشهر الكتب في هذا الباب، حتى إن السحرة ينقلون عنه كثيراً” وقد أكّد ذلك الزبيدي في كتابه “إتحاف السادة المتقين” 1/43-44 فقال: “السر المكتوم في أسرار النجوم” ونُسب هذا الكتاب إلى الإمام الفخر فأُنكر كونه له أيضاً، لكن أصحاب الروحانيين وأهل التصحيح ينقلون منه أشياء كثيرة بقولهم: قال الفخر الرازي في كتابه “السر المكتوم في أسرار النجوم” كذا وكذا. انتهى كلام الزبيدي.
ويزيد الإثبات صحة والقول تحقيقاً أن كتاب “المطالب العالية” يُعد آخر ما كتبه الرازي، قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: “وكذلك في “المطالب العالية” التي هي آخر كتبه” انظر “درء التعارض” 4/290، وأكّد ذلك محمد صالح الزركان في كتابه عن الرازي ص 94-96 حيث ذكر أنَّه آخر ما ألّفه الرازي وفيه ما استقر عليه رأيه نهاية عمره، وقد كتب الرازي في نهاية الجزء السابع منه أنه فرغ من ذلك الجزء سنة 605 هـ ومات في أثناء كتابة الجزء الثامن فقد كانت وفاته سنة 606 هـ كما هو مذكور في ترجمته، وهذا الكتاب طافح بتقرير السحر وتأثير النجوم والكواكب يقول الزركان في كتاب “الفخر الرازي” ص 382: “فالفخر كان يوقن بصحة التنجيم والسحر وجدواهما حتى في “المطالب العالية” آخر كتبه، مع أن التنجيم والسحر من ضروب الأباطيل والترهات” ونقل العلامة عبدالرحمن المحمود في “موقف ابن تيمية من الأشاعرة” في 2/666-667 شيئاً من كلامه عن التنجيم والسحر نقلاً عن “المطالب العالية” في جزء النبوات منه وهو مطبوع متداول، والكلام المنقول ممّا تقشعر لهوله الأبدان.
لهذا فمن الأخطاء التي تكثر لدى الباحثين أنهم ينزّلون كلام العلماء عن المذهب الأشعري وإنصاف القائلين به والتماس المعاذير له أحياناً على أمثال الرازي وغيره، فإن هؤلاء من أبعد الناس عن طريقة أبي الحسن الأشعري وطريقة كبار المنتسبين إليه كالباقلاني والبيهقي وابن عساكر والقشيري وابن فورك من المحبّين للسنة والمعظمين لها، فقد كان الرازي يسير على طريقة الفلاسفة ويقرر جملة من آرائهم، وفي “الوافي بالوفيات” للصفدي 4/251 نقلاً عن الرحالة ابن جُبير أنه دخل الري فوجد ابن خطيبها – يعني الرازي – قد التفت عن السنّة وشغلهم بكتب ابن سينا وأرسطو.
وكتاب “المباحث الشرقيّة” للرازي مطبوع متداول وهو طافح بذكر آراء الفلاسفة وأقوالهم لاسيما اعتماده على ابن سينا وإيراده لأقواله وآرائه.
ومثل الرازي بعضُ المعاصرين ممن يجمع بين المذهب الأشعري والتوجّه القبوري الموغل في الشرك والطرقيّة الصوفيّة الضاربة في الخرافة فهؤلاء لا يصح تنزيل الكلام عن الأشاعرة في حقهم، لأنهم جمعوا مثالب أخرى وأتوا بنواقض صريحة لأصول الإسلام فيناقشون فيما ضلّوا فيه نقاشاً مستقلاً بعيداً عن المذهب الأشعري.
إذن فطريقة علماء السلف مع الأشاعرة توجب مدحهم والاعتراف لهم بالعدل والإنصاف وتحرّي الحق وأنهم ليسوا بأصحاب هوى أو تكفير لمجرّد المخالفة في الأصول أو أرباب إقصاء وأفق ضيّق! وهذا لا يكاد يوجد في طائفة أو فرقة أكمل من وجودها لدى السلف، وهو ما يجعلنا نرفع رؤوسنا فخراً واعتزازاً بالانتساب إلى هذه الطريقة المباركة وما تتضمّنه من الموازيين الدقيقة المطردة.
وليعلم الأستاذ نواف أنَّ الأشعرية سوف تجد في السلفيّة وحكمها رحمة ويُسراً وسعةً ودفئاً لم يجد مثلها السلفيّون المتعاقبون في حكم قضاة الأشاعرة وأئمتها على مر العصور، ولعل من آخرهم بعض المشايخ التنفيذيين في مصر والذين جعلوا الوهّابيّة والسلفيّة جرثومة ضارة يجب الحرب عليها وتصفيتها بكل الطرق ومن ذلك إغلاق قنواتها الفضائية ومصادرة كتبها وسجن دعاتها والتعاون مع الغرب لوأدها!
هذا ما أحببت التعليق به على الموضوع، وللأستاذ نواف منّي التحية، وإلى روحه النديّة السلامُ.
والله أعلم

2010

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + عشرة =