0dfad kamalalmarzouki

مناسبة:
ـــــــــــــ

تعمّد الإغراب بلا مقتضى صحيح، وتتبّع شاذّ العلم، وتقفّر ملحه ونوادره، مع الإعراض عن متينه وما ينبني عليه العمل، لا يتلبّس به إلّا رقيق الدّيانة معلول الإخلاص.
وأقلّ قدر ممكن من التّفقّه في الدّين أو غيره من العلوم يمكنك أن تغرب به على عموم النّاس، أو تتصدّر به في مجالس الجهّال، قاصدا لمصادمة ما عرفوه وألفوه، بلا قصدٍ إلّا أن يقال (عرف ما لم نعرف) وأن يتشبّع بظنّهم (أحطت بما لم نحط به).

وأقسى ما يجده أمثال هؤلاء لمن شاء ردّهم لرتبتهم، وكشف عوارهم، أن يمتحنوا بأوّليّات العلوم، ومتينها الّذي ما تكاد شهوتهم للإغراب تخلّي بينهم وبينها، ولا حبّ الظّهور والتّصدّر واعتلال النيّة تاركاتٌ بركة العلم تربيه في قلوبهم.

فإن وجدت من هؤلاء من يتكلّم في العذر بالجهل وتسلسل الحوادث مثلا فامتحنه بإثبات الرّبوبيّة والنّبوّة كيف يكون أوّله؟
وإن ألفيته يتكلّم في البخاريّ ويفتات على المحدّثين ويردّد متناثرات من كلام النّقّاد فامتحنه بشرط الصّحيح وفرق ما بين مقبول ومردود كيف يكون ابتداءً؟
وإن لقيته يتكلّم في الفروع ويتتبّع شاذّ الفتوى وغريب الأقوال فامتحنه بمثل سنن العمرة ومندوبات التّيمّم، أيشٍ هي؟
وإن وقعت عليه يخوض في القواعد والمقاصد والأصول، فحرّكه بثمرة هذه وفائدتها أو تعريفها المرتضى وأطل معه النّقض وانظر جوابه ما هو؟
وإن رأيته يلوك بلسانه النّحو وعلله ويرجّح في الزّنبوريّة فامتحنه بمثل إعراب لا إله إلّا الله، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، وتأمّل فيم يرجع به إليك أين يكون؟
وإن ظفرت به يرمي رشاءه بين الصّرفيّين يقضي بقول هذا على ذاك، ويضيف نفسه لأحد القائلين، فاهمزه بسؤاله عن وزن الملائكة كيف تقول؟
وهكذا …
ولا والله ما رأيتها – هذه الطّريقة – مرّة في من تفرّست فيه مثل هذا – التّعالم أعني – خيّبتني، بل لا أرجع إلّا صفر اليدين من جوابه، أو مليئ الجراب ببهتانه، وفي كلّه هو عند العامّة قبل العلماء مفضوح، وقياس الفطرة عندهم سليم: من لم يدر هذا كيف يدري ذاك؟
ورأيي أنّ إحدى خير طرق معالجة هؤلاء الخرّاصين في المحاورات خاصّة في الإعلام القائم على الإبهار والتّسويق والإثارة هي هذه الطّريقة الّتي لا تكلّف وقتا وتأتي بنتائج نافعة للمحايد من المشاهدين، والله المستعان!
ربّ يسّر وأعن!

04/2015

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 + 16 =