محمد السعيدي : يا معاشر الشيعة وأدعياء الليبرالية والتنوير : من يَرُد على هؤلاء؟

أصبح من السماجة الممجوجة في نظري أن نظل نُدافع عن المنهج السلفي وعن أحمد بن حَنْبَل وابن تيمية وابن عبد الوهاب ، ونُقسِم الأيمان المُغلظة أنهم ليسوا تكفيريين ولا دُعاة إرهاب وفتنة ، فقد كانت تلك الطريقة مبنية على قِسطٍ كبيرٍ جداً من حُسن الظن بالمُخالفِين على اعتبار أن اتهامهم لنا ولتراثنا الفكري كان من مُنطلق غياب المعلومة ،وأنهم سيتراجعون حين نبرهن على حقيقة الأمر ونُجلي لهم الحال . 
لكن ما حدث هو العكس وهو أننا كلما بَيَّنَّا لهم ازدادوا عتواً ونفوراً وعدواناً ومبالغة في إلقاء التهم وكأنهم لم يسمعوا منَّا شيئاً ، الأمر الذي يجب أن نصل معه إلى قناعة وهي أنهم لا يريدون الحق ولا يطمحون كما نطمح إلى القضاء على الإرهاب والتطرف ، بل كُل ما يُسيطر على مخيلتهم وآمالهم :كيف يشوهوان المنهج السلفي الغض الطاهر النقي ويَستَعدون العالم بأسره عليه ، بل منهم من تظهر بين أسطره الشامتةِ السعادةُ بأحداث التفجير والقتل لا لشئ إلا لأنها تبرهنُ في زعمه على صحة دعاواه ضد المنهج السلفي العظيم منهجِ رسول الله وآل بيته وصحابته أجمعين . 
لذلك أرى أننا ومن الآن يجب أن نعود إلى التراث الشيعي ونُجلي للناس حقيقة ما فيه من عدوان وتكفير واستباحة لأموال الناس ودمائهم ، وأن منهج الخوارج التكفيري المستبيح للدماء والأموال يخرج هو والمنهج التكفيري الشيعي من مُسْتَنْقَع واحد ، لذلك لا يجرؤ الشيعة على البراءة من تُراثهم التكفيري إلا احتيالاً بالكلام ومُخاتلة ، فيما تبرأ أهل السنة جميعاً من التكفير وأهله عبر ذوات علمائهم وجميع هيئاتهم العلمية ، فيما لم يَفْعَل الشيعة شيئاً من ذلك .
بل واقع الشيعة عبر التاريخ في كل بلد يُحْكِمُون السيطرة عليه لا يختلف أبداً عَمَّا تقوم به الجماعات التكفيرية ، فالميليشيات الشيعية في العراق تفعل الشيى نفسه الذي تفعله داعش ، وَمِمَّا يتشابهون فيه: أن عدوانهم في معظمه موجه إلى أهل السنة . 
استمع وَعِ ما يقول علي الطباطبائي متحدثاً عن دلالة قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا } :(وظاهر العبارة ونحوها وصريح جماعة: اختصاص التحريم بالمؤمن والأخ المؤمن في الدين، فتجوز غيبة المخالف، ولا ريب فيه، ودعوى الإيمان والأخوة للمخالف مما يقطع بفساده، والنصوص المستفيضة – بل المتواترة – ظاهرة في رده، مضافاً إلى النصوص المتواترة الواردة عنهم عليهم السلام بطعنهم ولعنهم، وأنهم أشر من اليهود والنصارى، وأنجس من الكلاب، لدلالتها على الجواز صريحا، أو فحوى كالنصوص المطلقة للكفر عليهم، مع زيادة لها في الدلالة بوجه آخر، وهو استلزام الإطلاق أما كفرهم حقيقة، أو اشتراكهم مع الكفار في أحكامهم).
رياض المسائل، لعلي الطباطبائي (٨/ ٦٨).
فنحن كما يقول أنجس من اليهود والنصارى بل والكلاب ، وتجوز غيبتنا وبُهتنا ، ونحن إما كفار حقيقة أو نشترك مع الكفار في أحكامهم .
واسمع وعِ ما يقول الخوئي : ( إنه ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم واتهامهم، والوقيعة فيهم ، لأنهم من أهل البدع والريب، بل لا شبهة في كفرهم؛ لإنكار الولاية والأئمة عليهم السلام – حتى الواحد منهم -).
مصباح الفقاهة، للخوئي (1/504).
فهو يرى جواز لعننا والبراءة منا والوقيعة فينا ، ودليله على ما يقول هو أننا بزعمه كفار. 
واسمع وَعِ ما يقوله الخميني وهو يشرح معنى قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا..} : (فيكون خطاب (يأيها الذين آمنوا) متوجهاً إلى المؤمنين الواقعيين وإن اختلفت أركانه بحسب الأزمان، من غير أن يكون الخطاب من أول الأمر متوجهاً إلى الشيعة حتى يستبعد…. وأما الأخبار فما اشتملت على المؤمن فكذلك ، وما اشتملت على الأخ لا تشملهم أيضاً، لعدم الأخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم وعن مذهبهم وعن أئمتهم، كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب…
فغيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين فتكون تلك الروايات مفسرة للمسلم المأخوذ في سائرها بأن حرمة الغيبة مخصوصة بمسلم له أخوة إسلامية إيمانية مع الآخر، ومنه يظهر الكلام في رواية المناهي وغيرها، والإنصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن إثبات حرمة غيبتهم، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق (ع) مضافاً إلى أنه لو سلم إطلاق بعضها وغض النظر عن تحكيم الروايات التي في مقام التحديد عليها فلا شبهة في عدم احترامهم، بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن واللعن عليهم، وذكر مساوئهم)
وقال: (قيام السيرة المستمرة بين عوام الشيعة وعلمائهم على غيبة المخالفين، بل سبهم ولعنهم في جميع الأعصار والأمصار، بل في الجواهر أن جواز ذلك من الضروريات).
المكاسب المحرمة، للخميني (1/250- 251).
فالخميني يحاول أن يجمع بين روايات عن الأئمة التي لا تخصص الإيمان وحرمة الغيبة بالشيعة ، وبين روايات تخصص الإيمان وحرمة الغيبة بالشيعة ، فيرجح الثانية ويرى أن عدم اعتبارنا إخوانا لهم من ضروريات مذهب الشيعة ويرى جواز بهتنا والوقيعة فينا .
ويقول الخميني أيضا (بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم. فعن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم، فقال: الكف عنهم أجمل. ثم قال: يا أبا حمزة! الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا. والظاهر منها جواز القذف والافتراء عليهم)
المكاسب المحرمة، للخميني (١/٢٥٢).
فالخميني هنا وصل به الأمر إلى إجازة اتهام إمهاتنا بالبِغاء وينسب ذلك زوراً وبهتانا للإمام الصادق رحمه الله .
وهنا كلام خطير للخميني : ( والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم ، وتعلق الخمس به ، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وُجد ،وبأي نحوٍ كان ، وبأي نحوٍ كان ) تحرير الوسيلة ، ١/ ٣٥٢. 
فهذا الخميني يُجيز سرقتنا وأخذ مالنا على أي نحو كان وإخراج الخمس منه ، فهل من أحد من علمائهم يستطيع أن يقول إن الخميني أخطأ في هذا ؟! 
قد يأتيك من يقول لك :ما ذكره الخميني إنما هو في الناصب ، وأنتم لستم نواصب ، ومن يقول لنا ذلك إنما يُصَدِقُه من لا علم له بمصطلحات مذهبهم ، أما من لديه علم بهذه المصطلحات ، فهو يعرف أن الناصب عند الشيعة هو من أنكر إمامة أحد أئمتهم كما قال محققهم الكاشاني : ( من جحد إمامة أحدهم فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء عليهم السلام) الانتصار للعاملي٩/ ١٢٤.
نحن قوم نريد التعايش حقاً لذلك برئنا من كل الأقوال المتطرفة ونابذنا العداء كل المتطرفين ، لكننا نريد أيضا أن نأمن على أنفسنا ممن يعجزون حتى اليوم من أن يصنعوا صنيعنا ويبرأوا من كل هذه الأقوال الخبيثة .
وقد اقتصرت على هذه النقول عن الطباطبائي والخوئي والخميني وإلا فالأقوال عن مراجعهم في كل عصر متضافرة في هذا المعنى لا يخرج عنه أحد منهم وهي كثيرة كثرة جداً بحيث لا يستوعبها مؤلَف كامل كما قال ذلك عبدالله شبر ( وقد دلت أخبار كثيرة على كفر المخالفين يحتاج جمعها إلى كتاب مفرد) الأنوار اللامعة ،١٥٠. 
وللقارئ المنصف مراجعة كتاب : التكفير عند الشيعة حقيقة أم افتراء لمؤلفه عبدالملك الشافعي ، وكتاب علماء الشيعة يقولون وهو عبارة عن مصورات من كتب أئمة الشيعة ، وكتاب التكفير بين أهل السنة والشيعة للشيخ خالد الزهراني فسيد هناك حشود من أقوال أئمة الشيعة التي تؤكد إجماع علمائهم على ما تقدم .
وأختم المقالة بمقطعين لآية الله كمال الحيدري يؤكد في الأول منهما ما قلته آنفا ، ويحكي إجماع علماء الشيعة على تكفير أهل السنة ، وأنهم أنجس من اليهود والنصارى والكلاب ، فهل يستطيع أحد من علماء الشيعة الرد عليه ، أم هل يستطيع أحد من ناشطي الشيعة وأدعياء الوطنية البراءة من هذا القول جُملة وتفصيلاً ؟! 
أما المقطع الآخر فيؤكد فيه آية الله كمال الحيدري : أن مباني الشيعة العقائدية تؤكد أن الحديث عن إسلام السنة إنما هو حديث مؤقت وأن الأمر إذا كان بأيدي الشيعة فيتعاملون السنة معاملة سائر الكفار . 
فهل يستطيع عالم شيعي أن يُكَذِّب كمالاً الحيدري بالحجة والبرهان ، وهل يستطيع ناشط شيعي من أدعياء الوطنية أن يتبرأ من هذه الأقوال ؟! 
د.محمد بن إبراهيم السعيدي 
١٤/ ٩/ ١٤٣٦هـ

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 + أربعة =