كمال المرزوقي : تذوّق

![]() |
كمال المرزوقي : تذوّق |
تذوّق :
ــــــــــ
من تذوّق مثل هذا لا أدري كيف تطيب نفسه بتسمية “الإعجاز العلميّ”؟!
:::::::::
قال ابن أبي الإصبع: وما رأيت فيما استقريت من الكلام كآية استخرجت منها أحدا وعشرين ضربا من المحاسن، وهي قوله تعالى :
” وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين “
وهي:
– المناسبة التّامّة في ” ابلعي ” و ” أقلعي “
– والمطابقة بذكر الأرض والسّماء
– والمجاز في قوله : ” يا سماء “، فإنّ المراد – والله أعلم – يا مطر السّماء
– والاستعارة في قوله تعالى: ” أقلعي “
– والإشارة في قوله تعالى: ” وغيض الماء “، فإنّه عبّر بهاتين اللّفظتين عن معان كثيرة
– والتّمثيل في قوله تعالى: ” وقضى الأمر “، فإنّه عبّر عن هلاك الهالكين ونجاة الناجين بغير لفظ المعنى الموضوع له
– والإرداف في قوله: ” واستوت على الجودي “، فإنّه عبّر عن استقرارها بهذا المكان استقرارا متمكّنا بلفظ قريب من لفظ المعنى
– والتّعليل، لأنّ غيض الماء علّة الاستواء
– وصحّة التّقسيم إذ استوعب الله تعالى أقسام أحوال الماء حالة نقصه، إذ ليس إلا احتباس ماء السّماء، واحتقان الماء الذي ينبع من الأرض، وغيض الماء الحاصل على ظهرها
– والاحتراس في قوله تعالى: ” وقيل بعدا للقوم الظالمين “، إذ الدّعاء عليهم يشعر أنهم مستحقّو الهلاك، احتراسا من ضعيف العقل يتوهّم أنّ العذاب شمل من يستحقّ ومن لا يستحقّ، فتأكّد بالدّعاء كونهم مستحقّين
– والإيضاح في قوله: ” للقوم “، ليبيّن أنّ القوم الذين سبق ذكرهم في الآية المتقدّمة حيث قال: ” وكلّما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه ” هم الذين وصفهم بالظّلم ليعلم أن لفظة القوم ليست فضلة وأنه يحصل بسقوطها لبس في الكلام
– والمساواة لأنّ لفظ الآية لا يزيد على معناها
– وحسن النّسق، لأنّه تعالى عطف القضايا بعضها على بعض بحسن ترتيب
– وائتلاف اللّفظ مع المعنى، لأنّ كلّ لفظة لا يصلح موضعها غيرها
– والإيجاز، لأنّه سبحانه وتعالى اقتصّ القصّة بلفظها مستوعبة بحيث لم يخلّ منها بشيء في أقصر عبارة
– والتّسهيم، لأنّ أوّل الآية إلى قوله: ” أقلعي ” يقتضى آخرها
– والتّهديب، لأن مفردات الألفاظ موصوفة بصفات الحسن، عليها رونق الفصاحة، سليمة من التّعقيد والتّقديم والتّأخير
– والتّمكّن، لأن الفاصلة مستقرّة في قرارها، مطمئنّة في مكانها
– والانسجام، وهو تحدّر الكلام بسهولة كما ينسجم الماء
– وما في مجموع الآية من الإبداع، وهو الّذي سمّي به هذا الباب
فهذه سبع عشرة لفظة تضمّنت أحدا وعشرين ضربا من البديع غير ما تكرّر من أنواعه فيها.
04/2015