الفرح بالتكاليف الشرعية : الوضوء نموذجا

أحيانا أتأمل نفسي وأنا أتوضأ، وأتأمل من حولي :

لو لم أكن مسلما، هل كنت سأنتظم في برنامج التنظيف هذا؟ هل سأغسل وجهي وقدمي في اليوم مرات؟

الفرح بالتكاليف الشرعية

هل هؤلاء الفقراء الذين يتوضئون من أصحاب الحرف والصنائع وعمال المجاري والنظافة والمجازر وغيرهم، كانوا سيعتنون بتطهير وجوههم وأيديهم وأرجلهم أكثر من مرة في اليوم؟ وبل والاغتسال مرات في الأسبوع الواحد لو لم يكونوا مسلمين؟

هل كان هذا الغني سيترك سياراته الفارهة خلف أسوار المسجد، ليدخل إلى ساحة الوضوء مختلطا بالفقراء، معتنيا بغسل أعضائه غير مكترث بوقوع البلل على ثيابه، لو لم يكن مسلما؟

هل كانت الفتاة ستضحي بمكياجها وكحلها والكوافير والمونكير والذي منه للتطهر وغسل وجهها ومسح رأسها مرات؟

هل كان لي ولغيري أن نرسم هذه المشاهد الفريدة، وننتظم في برنامج تنظيف وطهارة منتظم دقيق مثل هذا، ونضحي بأشياء لأجل التطهر … لو لم نكن مسلمين؟

رحم الله شيخ الإسلام ابن القيم الذي كان ينازع في تسمية أوامر الشرع بالتكاليف، بل كان يرى أنها قرة عين المؤمن وطهارة قلبة وبدنه وسرور نفسه

وصدق ربنا حين قال بعد ذكره لأحكام الوضوء والتيمم{ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}

فليست هذه الأحكام تكاليف وأعباء يستحق العبد الثواب عليها، بل هي تكميل وتشريف يستحق الرب الشكر عليها
ومع ذلك فرب العالمين يثيب عليها ويكرم أهلها … فهل تعلم له سَمِيا!

قال ابن القيم : فنعمته على عباده بإرسال الرسل إليهم وإنزال كتبه عليهم وتعريفهم أمره ونهيه وما يحبه وما يبغضه = أعظم النعم وأجلها وأعلاها وأفضلها بل لا نسبة لرحمتهم بالشمس والقمر والغيث والنبات إلى رحمتهم بالعلم والإيمان والشرائع والحلال والحرام .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × واحد =