2f4de ibrahiim

سأتحدث عن تقنية من تقنيات تدبر القرآن، يمكن تسميتها :  

«التدبر المركب»، أو «الاستنباط المركب»  

2_حيث يمكن تقسيم تدبر القرآن إلى قسمين: أولهما: تدبر المعنى المفرد وثانيهما: تدبر المعنى المركب

3_فتدبر المعنى المفرد هو الربط بين لفظ في الآية وموضوع مدلول عليه، بطرائق الدلالة المعروفة في أصول الفقه.

4_مثال تدبر المعنى المفرد: الاستنباط من آيةالوضوء وجوب الترتيب، لأن الله أدخل الممسوح بين المغسولات، وقطع النظير عن النظير لا يكون إلا لغاية

5_وأما التدبر المركب، فهو لا يقوم على استخلاص الدلالة من آية واحدة، بل يجمع المتدبر بين آيتين أو أكثر، ويركب معنى إضافيا بضمهما

6_وممن نبه إلى هذا النوع وعظّمه ونوّه به الإمام ابن القيم، حيث قال في إعلام الموقعين: (دلالة التركيب، وهو ضم نص إلى نص آخر)

7_وقال ابن القيم(وأخص وألطف منه ضم النص إلى نص آخر متعلق به،فيفهم من اقترانه به قدرا زائدا على ذلك اللفظ بمفرده،وهذا باب عجيب من فهم القرآن)

8_ويواصل ابن القيم تفخيم شأن التدبر المركب فيقول (ولا يتنبه له إلا النادر من أهل العلم، فإن الذهن قد لا يشعر بارتباط هذا بهذا، وتعلقه به)

9_لكن ما مثال التدبر المركب، أو الاستنباط المركب؟

10_مثاله: أن ابن عباس جمع آيتين(وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) واستنتج من ضمهما أن المرأة قد تلد لستة أشهر

11_وهاهنا سؤال دقيق: هل تقنيات الدلالة المذكورة في أصول الفقه متصلة فقط بالاستنباط المفرد؟ وهل الاستنباط المركب قدر زائد عليها؟

12_دعنا أولا نتذكر الطرائق الفنية لـ(الدلالة) المذكورة في أصول الفقه

13_دلالة اللفظ تنقسم في المستوى العام إلى: دلالة المنطوق، ودلالة المفهوم

14_ودلالة المنطوق تنقسم إلى مطابقة وتضمن والتزام، ودلالة الالتزام تنقسم إلى: اقتضاء وإيماء وإشارة

15_ودلالة المفهوم نوعان: مفهوم موافقة، ومفهوم مخالفة، ومفهوم الموافقة نوعان: فحوى الخطاب ولحن الخطاب، بحسب الأولوية والمساواة

16_ومفهوم المخالفة يسمى دليل الخطاب، وهو ستة أقسام: مفهوم الصفة، و مفهوم تقسيم، و مفهوم الشرط، ومفهوم الغاية، و مفهوم العدد، و مفهوم اللقب

17_هذه بشكل عام طرائق وتقنيات وآليات استكشاف الدلالة في أصول الفقه، وهي آليات في غاية العبقرية في تتبعها وسبك الاصطلاحات لها

18_فهل هذه الآليات الدلالية مختصة بالاستنباط المفرد، أم تشمل الاستنباط المركب؟

19_الذي يظهر لي: أن أصل وضع هذه التقنيات الدلالية روعي فيه الدلالة المفردة للفظ، وبالتالي فالاستنباط المركب هو حصيلة تركيب هذه التقنيات أيضا

20_ومما يدلك على هذا أن دلالة الإشارة (التي ذكرناها سابقاً) ذكروا في أمثلتها استنباطات مركبة هي حاصل ضم نصين وآيتين

21_المهم، وبعيداً عن هذه التفصيلات الفنية الأصولية، أقترح على إخواني حال تدبرهم للقرآن، أن يستحضروا النصوص ويضموها ويستنبطوا المعنى المركب

22_قرأت كثيرا من الاستنباطات القرآنية البديعة، لكنها غالباً يلحظ فيها العلاقة بين اللفظ القرآني، والحال الواقعية، ويقل فيها التدبر المركب

23_لكن ما الطريق إلى (التدبر المركب) ؟ وهل هناك إجراءات لتنشيطه؟

24_الطريقة باختصار:إذا وقفت أمام الآية، وتأملت معناها المباشر، وفهمت موضوعها، ابحث في ذهنك عن آيات أخرى تحدثت عن الموضوع نفسه،وضمهما لبعضهما

25_وإذا ضممت الآيات في نفس الموضوع، سيتكشف لك معاني إضافية لا تفيدها كل آية بمفردها، بل في المعنى المستنبط قدر زائد حاصل بضم النصين

26_شكر الله لكم تفاعلكم، وأستودعكم الله

2013

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 4 =