إحدى صور استغلال المستبد للخطاب الوعظي

02de0 d8a7d984d8aed8b7d8a7d8a82bd8a7d984d988d8b9d8b8d98a
إحدى صور استغلال المستبد للخطاب الوعظي

ليس كل خِطاب صالحا لكل مخاطَب ، وكل خطاب يحدد دائرة التحرك ،بمعنى الفئات التي يستهدفها .
فمثلا : الخطاب الاستخفافي (في ثوب وعظي) الذي ينظر له المستبد ويدعمه وينشره ويحدد منطلقاته ووسائله وأهدافه … يركز على الصفحات البيضاء كما يسميها أفلاطون أي الفئات الغير قادرة على التحليل والتفكيك والتي لاتزال في مرحلة التلقي الطفولية ، وهذه الفئات يسهل شحنها وحشوها وتدجينها بأي خطاب 

كما قال الشاعر :
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ** فصادف قلبا خاليا فتمكنا

فيتم تفريخها على الصبغة والهيئة والنمط الذي يريد صاحب الخطاب ، يمرر أمام عينيها صورا ويطرق آذانها بكلام ويشحن عقلها بأفكار وينفخ قلبها بالحماسة والولاء المطلق للخطاب وصاحبه .

والوهم إذا كان مريحا للإنسان إطمأن إليه وعاش له وفيه ونافح عنه ودافع …

ولا أظن أن فلانا المتمكن من آليا التفكيك والتحليل والنقد … مستهدف بمثل هذه الخطابات .

وكمثال :

الخطاب الاستخفافي (في ثوب وعظي) حينما يرسخ الرضا بالظلم والفقر والإستضعاف … – وهذا ما يريده المستبد السياسي – يخيّل للفئات التي يستهدفها نوعا من الإستعلاء والتعويض الوهمي للفقر والإستضعاف …

يقول لك :

وهل كان الصحابي الفلاني إلا فلاحا ..
وهل كان العالم الفلاني إلا خبازا ..

هذا وأنت المتلقي شاب بلغ ما فوق الثلاثين بشهادات دون عمل ولامسكن ولا زواج !!!
ويُمنّيك بالآخرة ويلطّف خاطرك بقصص الزهد والصبر ويفرغ إحتجاجك وغضبك على الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية … في أحلام غيبية عن الحور العين والتعويض الأخروي المنتظر …!!!

( وهذا الذي أخطه ليس ذما للآخرة وللجنة وكفر بهما ، إنما نقد للخطاب الوعظي البسيط الذي يشرعن للإستبداد والإستضعاف بدعوى التعويض الأخروي …)

ويمكنك أن تقف بسمعك ، بصرك وعقلك على أمثلة أخرى مثل هذه كثيرة.

وصفوة القول : أن تحترس من الخطابات التي تستقبلها أو التي ترِد عليك وتصفّيها وتخلخلها وتغربلها قبل أن تسمح لها بالدخول والقرار في قلبك وعقلك …

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × خمسة =